عندما كتبت عمود الأمس حقائق علي الأرض لم يكن مقصدي أن أمس من قريب أو من بعيد قضية زيارة مفتي الديار المصرية د. علي جمعة إلي القدس. ولكن الهدف الأساسي لا يزال هو أن الرئيس المصري القادم أيا ما كان سوف يكون عليه أن يقرر إما بناء مصر, أو يشتبك مع القضية الفلسطينية التي يوجد لها نقطة ساخنة الآن علي الحدود المصرية الفلسطينية ومن ثم ندخل إلي طريق صعب له تبعاته وتكلفته. والحقيقة, سواء كان الرئيس المصري القادم من الإخوان المسلمين, أو أنه سوف يكون رئيسا آخر عليه أن يتعامل مع حكومة وبرلمان غالبيته منهم فإن القضية المركزية سوف تفرض نفسها بإلحاح حيث الجماعة حاكمة علي جانبي الحدود التي علي سطحها نقطة عبور, ولكن تحتها عشرات الأنفاق. دعوتي للرئيس وللإخوة في الجماعة أن إسرائيل قامت علي إستراتيجية وضع الحقائق الديمغرافية والمؤسسية والجغرافية علي الأرض; ولا يفل هذه الإستراتيجية إلا إستراتيجية مثلها تقيم دولة فلسطين وتعترف أن إسرائيل باقية علي الأقل بحقائقها علي الأرض, وتحالفاتها الدولية من الهند والصين وروسيا وأمريكا وبقية الغرب, وأخيرا وليس آخرا سلاحها النووي الذي يجعل دمارها مصحوبا بدمارنا أيضا. وللعلم أن الفلسطينيين أقاموا أول حقائقهم علي الأرض عندما بدءوا في بناء الجامعات والمؤسسات, ومعها قامت أول سلطة فلسطينية لها مجلس تشريعي. ومن ساعتها عاد الفلسطينيون من الشتات لكي يكونوا حقيقة علي الأرض تبحث عمن يعينها لكي تمتد بأسرع مما تمتد المستوطنات الإسرائيلية. وخلال التسعينيات جاء فيصل الحسيني صاحب بيت الشرق يطرق الباب المصري طالبا نجدة المصريين قائلا إن زيارة المسجون ليست تطبيعا مع السجان. وجاء ساري نسيبة عميد جامعة القدس التي كانت وقتها تحتوي علي 11 ألف طالب, طالبا رفعها إلي 30 ألف طالب حتي يزداد عدد العرب في القدسالشرقية التي اختل توازنها السكاني لصالح الإسرائيليين ولكن لم يكن هناك مجيب. لم تكن إسرائيل بعيدة عن مراقبة أي من هذه الحقائق, وفي وقت ازدهار عملية السلام كان هناك بين الإسرائيليين من يخاف من زيارة مليون عربي وكيف سيؤثر ذلك علي المطاعم والموسيقي ولغة الكلام في فلسطين التي يوجد بها بالمناسبة مليون ونصف منهم. ولكن إسرائيل كانت لديها رؤوسا باردة توجد الحقائق والمستوطنات علي الأرض, وتترك للعرب بقية المهمة فسوف يمزقون إربا كل المقتربين من فلسطين والمسجد الأقصي متهمين إياهم بالذنب والمعصية والخيانة. أما البطولة فستبقي دائما من حق محرري القدس بالكلمات. المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد