أرغب فى الزواج من فتاة أرى فيها الأخلاق الحميدة والتمسك بمبادئ الدين، إلا أن والدى يعترض اعتراضا شديدا على هذه الزيجة دون سبب معقول أو مبرر شرعي. هل إذا خالفت والدى وتزوجتها أكون بذلك عاقا لوالدي؟ أجاب فضيلة الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، قائلا: للسائل أن يستعمل حقه فيما يرضى الله سبحانه وتعالي، وذلك بأن يعصم نفسه من خشية الوقوع فى معصية الله، ومادام أن السائل يشعر فى وجدانه وقراره نفسه بأن هذه الفتاة المتدينة هى التى ستسعده وتحافظ عليه وعلى نفسها فلا مانع شرعا من أن يتم هذا الزواج ما دام أن الفتاة على دين وخلق لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ”، وإذا ما تم زواج السائل ممن يرغب فيها دون إرادة والده لا يعتبر ذلك عقوقا لوالده، وإن كان من الواجب عليه أن يسترضى والده ويستعطفه ولا يقطع الصلة به لقوله تعالي: «َوقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” [الآية 23 من سورة الإسراء]. هل يجوز للزوجة الغنية التى تساعد زوجها فى المعيشة حق عدم إطاعة الزوج وأن تتصرف فى المنزل كما تشاء بسبب هذه المساعدة فى المعيشة؟ وهل يجوز للزوجة أن تستضيف فى منزل الزوجية بعض أقاربها وتنفق عليهم بسعة مخالفة بذلك إرادة الزوج الذى لا يرغب فى وجود أحد معه فى منزل الزوجية؛ لأن هذا يضايقه ويجعله فاقدا الحرية مع زوجته مع ملاحظة أن من تستضيفهم أغنياء ولكنهم يستغلونها؟ أجابت دار الإفتاء: إن لكل من الزوجين قبل الآخر حقوقا تجب مراعاتها والقيام بها لتدوم رابطة الزوجية ولا تنفصم عراها، وتؤتى ثمراتها التى يريدها الشرع وتطلبها طبيعة الحياة الزوجية، فمن حق الزوج على زوجته أن تطيعه فيما هو من شئون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالي. أما شئونها الخاصة بها كأن يمنعها من التصرف فى مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص فلا تجب عليها طاعته فيه، لأنه ليس له ولاية على مالها، ومن حقه عليها أن تحفظ بيته وماله وأن تحسن عشرته ومن حقه عليها أيضا أن يمنعها من الخروج من بيته إلا لحاجة يقضى بها العرف، ولزيارة أبويها ومحارمها وأن يمنعها من إدخال أحد فى بيته والمكث فيه غير أبويها وأولادها ومحارمها فليس له منعها من إدخالهم ولكن له منعهم من المكث فى البيت. ومن حق الزوجة على زوجها أن يراعى العدل والإحسان فى معاملتها وأن ينفق عليها ولو كانت غنية وأن يسكنها فى بيت خالٍ عن أهله، لأنها تتضرر من مشاركة غيرها فيه وتتقيد حريتها إلا أن تختار ذلك، لأنها بهذا الاختيار تكون قد رضيت بانتقاص حقها، وكما يجب أن يكون المسكن خاليا من أهله يجب أيضا أن يكون خاليا من أهلها ولو ولدها من غيره، لما ذكر من التضرر وتقييد الحرية وللزوج منع أهلها من السكنى معه فى بيته. وطبقا لهذه النصوص لا يجوز شرعا للزوجة أن تخرج عن طاعة زوجها، وأن تتصرف فى المنزل بما تشاء مما لا يرضى عنه الزوج متخذة من مساعدته فى المعيشة ذريعة لذلك كما لا يجوز لها شرعا أن تسكن فى منزل الزوجية أحدا من أقاربها أيا كانت درجة قرابتهم بغير رضا الزوج. أما إنفاقها على أقاربها فإن كان الإنفاق عليهم من مالها الخاص فليس للزوج منعها منه، لأنها حرة فى التصرف فى مالها، وإن كان الإنفاق عليهم من مال الزوج فإنه لا يجوز لها ذلك شرعا.