يعقد مجلس النواب غداً أولى جلساته ، حيث يتضمن تشكيله لأول مرة فى تاريخ مصر ما يقرب من تسعين سيدة وعدداً ليس بقليل من الأقباط ، وهذه هى المرة الأولى التى ينجح فيها من خلال الانتخابات هذا العدد من النساء والأقباط . ونحن مطالبون بتوفير مقومات النجاح لمشاركة النساء فى البرلمان علينا دعمها وتزويدها بخبرات تمكنها من أداء دورها البرلمانى بنجاح . ولكى يتحقق ذلك فان النائبات يجب أن تتاح لهن بوصلة محددة توجه نشاطهن البرلمانى، سواء فى مجال التشريع أو الرقابة على السلطة التنفيذية أو صياغة السياسات العامة التى تحكم أداء السلطة التنفيذية ، وفى هذا الصدد فاننى أقترح على النائبات أن يكون لهن مرجعية من ثلاثة مستويات ، المستوى الأول : هو الدستور وخصوصاً المواد التى تتناول قضايا المرأة، ووضعها فى المجتمع ، المستوى الثانى هو ما انتهى اليه مؤتمر القمة العالمى للتنمية المستدامة 2015 - 2030 الذى عقد فى سبتمبر 2015 فى اطار هيئة الأممالمتحدة وشارك فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى . والمستوى الثالث هو : نتائج أعمال مؤتمر المرأة العربية فى الأجندة التنموية 2015 2030 الذى عقد بالقاهرة فى نوفمبر 2015 لترجمة قرارات مؤتمر القمة العالمى بما يتناسب مع الأوضاع العربية ، واذا كانت النائبات سوف يتخذن من هذه المستويات الثلاثة المرجعية الأساسية فى أعمالهن النيابية فان ذلك لا يعنى أن يقتصر نشاطهن فى مجلس النواب على قضايا المرأة فقط ، فهن نائبات عن الشعب برجاله ونسائه، وعليهن أن يطرحن قضايا المرأة كجزء من قضايا المجتمع . وبالنسبة للدستور هناك عدة مواد من المهم أن تجعلها المرأة أساساً لنشاطها فى المجلس والاستفادة منها فيما تقدمه من اقتراحات أو مشروعات قوانين وخاصة المادة 11 التى تنص على ( تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور . وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية ، على النحو الذى يحدده القانون ، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها . وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف ، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل . كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً ) . وهناك أيضاً المادة 53 التى تنص على ( المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم بسبب الدين ، أو العقيدة ، أو الجنس ، أو الأصل ، أو العرق ، أو اللون ، أو اللغة ، أو الاعاقة ، أو المستوى الاجتماعى ، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى ، أو لأى سبب آخر . التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون . تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التميز وينظم القانون انشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض ) . وفى الدستور أيضاً المادة 180 التى تخصص للمرأة ربع عدد مقاعد المجالس الشعبية المحلية . يتضح من هذه المواد الثلاث كمثال للقضايا التى تهتم بها النائبات أن هناك العديد من القضايا التى يجب أن تكون موضع اهتمامها وأولوية لها فى نشاطها مثل الاسراع بانشاء المفوضية المستقلة لمناهضة التميز وتعديل التشريعات القائمة التى تتعارض مع المساواة الكاملة بين المرأة والرجل بالاضافة الى تعبئة المجلس للاسراع باصدار قانون المحليات وكيفية تنفيذ الاستحقاق الدستورى بالنسب الخاصة بكل فئة من فئات الشعب . أما بالنسبة لمؤتمر القمة للتنمية المستدامة الذى عقد فى اطار الأممالمتحدة فانه يمكن للنائبات الاستفادة من نتائجه خاصة وأنه تبنى خطة للتنمية المستدامة حتى 2030 بموافقة أكثر من 150 دولة وتسعى هذه الخطة التى تشمل سبعة عشر هدفا ومائة تسعة وستين من الغايات الى القضاء على الفقر والجوع ومكافحة أشكال عدم المساواة ، وبناء مجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع ، وحماية حقوق الانسان والعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات ، وكفالة الحماية الدائمة للأرض ومواردها الطبيعية . ومن هذا العرض للمؤتمر العالمى وبعض نتائجه يتبين أنه يمكن للنائبات المصريات أن يستفدن من هذه النتائج بما يتناسب مع احتياجات المجتمع المصرى . يبقى أخيراً مؤتمر المرأة العربية فى الأجندة التنموية، فهناك الكثير مما يمكن لعضوات مجلس النواب أن يستفدن منه واتخاذه مرجعية هامة فقد تناول هذا المؤتمر سبع عشرة ورقة عمل أعدها متخصصون تشمل كل منها متطلبات تحقيق واحد من أهداف التنمية المستدامة من منظور النوع الاجتماعى فى سياق واقع المنطقة العربية . وعلى ضوء ما نعرفه عن النائبات وما يملكنه من خبرات فاننا نتوقع لهن النجاح الذى سوف ينعكس على المجتمع ايجابياً، ويمهد الطريق لازدياد مشاركة النساء فى المواقع القيادية فى العديد من المجالات وخاصة الادارة المحلية . لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر