رغم محاولات بعض دول المنبع وتحديدا أثيوبيا فى عدم احترام تعهداتها وإلتزاماتها والإتفاقيات الدوليةالمنظمة للموارد المائية بمقولة كونها ثروات وطنية ، فإن القواعد والأعراف والإتفاقيات الدولية لا تزال تحظر ذلك ، حيث تتضمن من القواعد ما يحافظ على الحقوق المائية لدول المصب – كمصر، فإن هذه الإتفاقيات تصبح لها أولوية فى التطبيق إعمالا للقاعدة القانونية " الخاص يَجُب العام " هكذا يؤكد الدكتور عادل محمد خير أستاذ القانون الدولى قائلا: أن سلطات الدول على الأنظمة المائية الدولية سلطات مقيدة، وأن استغلال الدول للجزء الواقع فى أراضيها من النهر الدولى مشروط بعدم الإضرار بباقى دول النظام وضرورة الإتفاق على جميع شئون الاستغلال التى تنال من حقوق الآخرين، وتم تتويج تلك القواعد الدولية المستقرة بإتفاقية قانون إستخدام المجارى المائية الدولية فيالأغراض غير الملاحية،أوما يطلق عليها بإتفاقية ( قانون الأنهار الدولية ) الموقعة بالأممالمتحدة فى 21مايو1997،التى نقلت عنها أغلب نصوصها الإتفاقية الإطارية المسماة بإتفاقية عنتيبى الموقعة بين دول حوض النيل الخمس التى تتزعمها أثيوبيا فى 10مايو2010،بل أن المادة 28 من الإتفاقية تصدت لما أطلقت عليه ( حالة الطواريء ) – التى نقلتها أيضا إتفاقية عنتيبى فى الباب الثانى عشر منها ، والتى عبرت بالحالة التى تسبب ضررا جسيما لدول المجرى المائيأو لدول أخري، أو تنطوى على تهديد وشيك يتسبب بهذا الضرر، وتنتج فجأة عن أسباب طبيعية، مثل الفيضانات أو إنهيار الجليد أو إنهيار التربة أو الزلازل، أو من سلوك بشري، مثل الحوادث الصناعية، كبناء السدود مثلا. كما تضمنت إتفاقية قانون الأنهار الدولية وسائل تسوية المنازعات – وهو ما خلت منه إتفاقية عنتيبى – بدءا من المفاوضات ومروراً بالوساطة والتوفيق، وأجازت تشكيل لجنة لتقصى الحقائق، ووصولا إلى عرض النزاع على محكمة العدل الدولية أو التحكيم أمام محكمة تحكيم قائمة وعاملة،وشدد المعهد على إقرار مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة فى الموارد المائية ،فالحقوق التاريخية المكتسبة لمصر فى نهر النيل قننتها إتفاقية أديس أبابا الموقعة فى 15مايو1902، بين بريطانيا ممثلة لمصر وأثيوبيا حيث تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني، ملك أثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أى منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل, وإتفاق لندن – 1906- الذى تضمن تأكيدا على مبدأ عدم نقصان المياه الواردة لمصر من هضبة الحبشة ؛ بل أن أثيوبيا – وهذه سياستها الثابتة – لم تحترم الإتفاق الإطارى الذى وقعته مع مصر فى الأول من يوليو 1993، حيث تعهدتا رسميا بتوقيع "مبارك وزيناوي" ، بعدم المساس بمصالح كل منهما فيما يتعلق بمياه نهر النيل، كما تضمن تأكيد كل منهما على إلتزامهما بمواثيق الأممالمتحدة ومنظمة الإتحاد الإفريقى ومباديء القانون الدولى وخطة لاجوس، وتأكيد الإستخدام المنصف والعادل لمياه النيل وإقرارهما بعدم إحداث ضرر لأى طرف . هيئة الانهار الدولية تعارض سد النهضة هيئة الأنهار الدولية بالولايات المتحدةالأمريكية، عارضت ولاتزال تعارض بناء سد النهضة الأثيوبي، ووزعت تقريرا أعدته لجنة الخبراء الدوليين على الحكومات المصرية والسودانية والأثيوبية فى مايو 2013، تضمن تداعيات بناء سد النهضة الأثيوبى وخطورته، فهو سد يهدف إلى تخزين المياه وليس توليد كهرباء، فسدود الكهرباء فى العالم صغيرة تحتاج تخزين ما بين 8 مليارات و 15 مليار متر مكعب من المياه، وليست بحجم سد النهضة الأثيوبى الذى سيقوم يتخزين أكثر من 74 مليارا متر مكعب من المياه . وتجدر الإشارة إلى أهمية المادة 11 من إتفاقية فيينا 1978 الخاصة بالتوارث الدولى للمعاهدات والإتفاقيات التى أكدت الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر فى نهر النيل الذى يحظر المساس بحصتها فيه، فهذه الإتفاقيات تأخذ حكم معاهدات الحدود بالنسبة لإلتزام الخلف بما إرتبط به السلف، ولا يجوز الدفع بالنسبة لها بأنها إتفاقيات إستعمارية ، وقد أخذت بذلك محكمة العدل الدولية عام 1997، فى نزاع بين المجر وسلوفاكيا . وقد طبقت هيئات التحكيم قاعدة إحترام الحقوق المكتسبة فى كثير من المنازعات التى عرضت أمام هذه الهيئات، ومن بينها هيئة التحكيم المشكلة سنة 1941 للفصل فى النزاع بين ولايتى السند والبنجاب، وقد صاغت الهيئة ستة مباديء تحكم توزيع المياه بين الدول المعنية أهمها الحقوق المكتسبة، فالهدف منها هو حماية الإستقرارالإقتصادى والإجتماعى لجماعات ومجتمعات قائمة بالفعل، فالإدعاء بأن إتفاقيات نهر النيل «1902/1906/1929» غير ملزمة للدول التى كانت محتلة، يمكن الرد عليه بأن مباديء القانون الدولى والعرف الدولى تقضى بأن الإتفاقيات التى تمس الوضع الإقليمى لا تتأثر بتغيير السيادة فى تلك الدول.
تهديد لأمن مصر المائي استمرار أثيوبيا فى بناء سد النهضة، بل والإسراع فى الإنتهاء منه لفرض الأمر الواقع على مصر، يخالف إتفاق إعلان المباديء حول مشروع السد الموقع بالخرطوم فى 23/3/2015 وعرقلتها فى إستكمال تشكيل المكتب الإستشارى الدولى لإصدار الدراسات المائية والبيئية يعد إخلالا جسيما بمباديء التعاون والسلامة الإقليمية وحسن النية، بل هو تهديد مباشر وصريح لأمن مصر المائى السدود، لذلك فالأمر الذى يستلزم معه سرعة اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لايقاف البناء فى السد لحين الفصل فى النزاع، وصولا لتأكيد حق مصر قانونا وتاريخا بمقتضى الإتفاقيات الدولية فى حصتها من مياه نهر النيل التى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب قابلة للزيادة.