شهدت مكتبة الإسكندرية فعاليات اليوم الثانى من مؤتمر «صناعة التطرف: قراءة فى تدابير المواجهة الفكرية» وناقش المشاركون خلال ثلاث جلسات متوازية عددا من المحاور المرتبطة بالمواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب. وتحدث فيها اللواء مختار بن ناصر المتحدث السابق باسم الجيش التونسي، واللواء محمد إبراهيم مسئول الملف الفلسطينى الإسرائيلى السابق بالمخابرات العامة المصرية، والدكتور أنور عشقى مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الدولية والقانونية. وارتكزت الجلسة حول تداعيات صعود الحركات الإرهابية فى العالم العربى على الأمن القومى للدول العربية. من جهته أشار اللواء الزيات إلى أن العالم العربى يحفل بتطورات خطيرة على أمنه القومى حيث أصبحت العديد من الدول الوطنية على وشك التقسيم كما هو الحال فى سوريا والعراق وليبيا. فيما أكد اللواء مختار بن ناصر المتحدث السابق باسم الجيش التونسى أن هناك العديد من الشباب التونسى الذى التحق بالتنظيم فى سوريا ويقدر عددهم من 2000 إلى 3000 فرد من بينهم من تم احتجازه من قبل الأمن التونسى قبيل مغادرته إلى سوريا للجهاد. كما أن تونس تعانى من وجود بعض الجماعات المسلحة داخل تونس التى اختارت أن ترفع السلاح فى مواجهة الدولة. ومن ناحيته عقب الدكتور مجاهد الزيات قائلا: إن الحديث عن الأمن القومى العربى فى هذه المرحلة التاريخية هو بمثابة حديث مثالى خاصة أن الدول العربية أصبحت متنازعة فيما بينها ومختلفة على تعريف العدو الذى تتعداه كما هو فى تعامل هذه الدول مع إيران وإسرائيل. وركز اللواء محمد إبراهيم فى كلمته على تحديات الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء على الأمن القومى المصري، وأشار إلى أن تاريخ الحركات الإرهابية فى هذه المنطقة لا يتعدى العقد غير أنها شهدت عمليات مكثفة وخطيرة من حيث الكم والكيف اشتملت على تفجيرات واعتداءات. وتحدث خالد بن حمد المالك عن قيام بعض الكيانات بتغذية الإرهاب ورعايته، مبينًا أن الإعلام والتعليم والخطاب الدينى كلها عوامل لها دور فى العمليات الإرهابية لكن بنسب متفاوتة، وتظل المسئولية الكبرى واقعة على الدول الراعية للإرهاب. بينما تناول الدكتور محمد إسحاق تجربة موريتانيا فى محاربة التطرف والإرهاب. وقال إنه فى عام 2008 وضعت السلطة مواجهة الإرهاب ضمن أبرز أولوياتها، وفى نفس الوقت أدرك المسئولون أهمية تعزيز الحريات العامة لا القضاء عليها، فتم تحرير المجال الصحفي، كما دعمت الدولة الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى والنقابات. وتحدث سمير عمر عن سبع حقائق فى مجال الإعلام والتطرف. أولاها أن تعريف الإرهاب يرتبط بالجهة التى تطلق هذا التعريف أو المصطلح. أما الحقيقة الثانية فهى أن الإرهابيين أنفسهم يدركون أهمية الإعلام، فكل المنظمات الإرهابية تؤمن بأهمية العمل الإعلامى فى تصدير صورة ذهنية عن نفسها للمتلقي. من جانبه أكد الدكتور رفعت السعيد رفضه لاستخدام مصطلح «التطرف الديني» واستخدام مصطلح «التطرف المتأسلم» بدلاً منه، لأن التطرف هو الوصول بالشيء إلى منتهاه. فالتطرف الدينى هو الوصول إلى مرحلة الإيمان الشديد، ولذا فإنه يجب استخدام مصطلح «التطرف المتأسلم». وتحدث فى الختام الدكتور عبد السلام الطويل الذى قال فى مستهل كلمته إن ظاهرة التطرف وما يتصل بها من ظاهرة الإرهاب لا يمكن اشتقاقها مباشرة من النص الديني، بل فى ظل محددات أخرى سياسية، وتاريخية، واقتصادية، وسيكولوجية، واجتماعية، وخارجية، ولكن هذا لا يمنع من أن الصراع الحالى هو صراع تأويل النص الديني، مشيرا إلى أن هناك خلطا بين منطق العقيدة الثابت ومنطق السياسة المتغير، ففكرة الحاكمية فكرة قائمة على التشريع، الذى أصبح فى الدولة الحديثة وظيفة البرلمانات، لذا فإن إعمال العقل أصبح هو الأصل والتوقيف هو الاستثناء.