بغير انفصال عن المقال السابق (خطة إفشال الدولة المصرية :جيش التنظيم يتحرك)، يأتى هذا المقال ليكمل فضح المؤامرة على مصرنا، غير أنه يستهدف بالدرجة الأولى وعى كل مسئول قرر البقاء فى موقع المسئولية، ليكون عند الوعى الذى تفرضه جسامة التهديدات، ومما لاشك فيه أن مشهد الإدارة داخل نسيج الدولة المصرية منفصلاً عن حجم الاستهداف الذى يترصد بهذا الوطن، وبعيداً عن الخوض فى علل المشهد الإدارية، فربما استيعاب حجم التهديد يكون الدافع للتطهر والمحرك للتنبه والمُجدد لأساليب إدارة وطن فى زمن استهداف بقائه. نحو هدف وحيد هو (إسقاط الوطن إفشالاً) سعى التنظيم الإخوانى خلال المرحلة السابقة إلى صياغة مؤشرات لنجاح أداءاته الهادفة ل(إنهاك وإرباك) الدولة المصرية، ومن ثم (الإفشال) الذى يستتبعه (حسم وإسقاط)، وتم تحزيم هذه المؤشرات فى حزمتين الأولى تشمل نصاً (تزايد الغضب الشعبى ضد الانقلاب مع قيام المجتمع بدور - زيادة الثقة فى المشروع الإسلامى والجماعة - تزايد الاحتشاد فى الميادين والشوارع - اختفاء بعض المظاهر الشرطية - تراجع وتضارب بعض القرارات - تراجع وتردد بعض الإعلاميين - تأجيل صدور الأحكام وتنحى القضاة فى بعض الدوائر - انسحاب بعض أطراف الانقلاب - تفاقم الأزمات وهروب الإستثمار وخصوصاً الخارجي). هذه المؤشرات استهدفها تنظيم الإخوان الدولى فى خطته تجاه مصر، ويجدر بنا هنا تأكيد توافق كافة قيادات الداخل والخارج حول الخطة العامة وآليات تنفيذها، ولا فرق فى هذا الصدد بين فريق وآخر، هذه النقطة جديرة بأن تؤخذ فى الاعتبار حتى لا تُغوى أحدنا حالة التراشق الإعلامى بزعم عدم وضوح مشهد قيادة المرحلة، فالثابت داخلياً وخارجياً أن الجميع يستهدف إنفاذ خطة الإسقاط الإخوانية للدولة المصرية . وبالعودة للحزمة الأولى من مؤشرات نجاح هذه الخطة، فإن التنظيم عَبَرَ هذه المرحلة نهاية يوليو من العام الماضي، فيما تؤكد تقارير الرصد الداخلية للتنظيم أن هذه المؤشرات قد تحققت على أرض الواقع بنسبة نجاح تعدت ال 75% ، وباستثناء مؤشر (اختفاء المظاهر الشرطية - تزايد الاحتشاد فى الميادين والشوارع)، فإن كافة المؤشرات تجاوز نسبة نجاحها ال 80% حسب رأى التنظيم، وهو ما يعنى أن عشوائية الدولة فى مواجهة تنظيم الإخوان خلال المرحلة السابقة قد منحته من أدوات الحركة ما يؤثر بهه على ثبات الدولة، ويمكن فى هذا الصدد مراجعة القرارات التى استثمرها التنظيم ليشوه علاقة المواطن بالنظام والحكومة، أو لينال من قدرات الحكومة مستخدماً (تراجع وتضارب بعض القرارات)، أو ليدلل على صحة موقفه الرافض للنظام مستثمراً (تراجع وتردد بعض الإعلاميين - تأجيل صدور الأحكام وتنحى القضاة فى بعض الدوائر - انسحاب بعض مكونات 30 يونيو من المشهد)، هذا بالإضافة إلى استخدام قواعد التنظيم وعلاقاته داخلياً وخارجياً للدعوة لمقاطعة الاستثمار فى مصر بدعوى (عدم استقرار أوضاعها الأمنية). ومما لاشك فيه أن هكذا خطوات شيطانية فى مواجهة (الجمهورية الوليدة) قادرة على إرباك أداء جهاز دولة مستقرة فما بالنا ونحن نتحدث عن بنيان إدارى ما زال يحبو على طريق الإدارة فى أزمنة الاستهداف، لكن هذا لا يعفى مسئولاً من واجبات وعى المرحلة، والأهم هو أن يستوعب تماماً مؤشرات نجاح المرحلة الحالية من مؤامرة إفشال مصر الإخوانية . حيث بدأ التنظيم من أغسطس الماضى خطواته نحو إفشال الدولة، محدداً مؤشرات نجاح هى (وجود كثيف للجماهير بالشوارع وتحت قيادة الثورة - التفاف المجتمع حول المشروع الإسلامى والجماعة - خروج الشرطة من المعادلة - فشل فى إدارة الدولة - استجابة وتنفيذ طلبات جزئية للثورة - تراجع الدعم الإقليمى والدولى مع ظهور مبادرات منهم - . هذه هى المؤشرات التى يجب على مسئولى الوطن قبل جماهيره العمل على إفشالها، وإطلالة الجماهير هنا مقصودة حيث إن التجبيه فى مواجهة مخطط شامل يستهدف الوطن فرض عين، فالتنظيم يسعى لاستثمار الأزمات المزمنة بل ويضغط عليها وربما يصنعها ليستنفر بها البطون التى طال جوعها، والأمانى التى طال تأجيلها، ويُغازل بها أحلام كل ساع للظهور أو لجزء من كعكة الوطن. إن مؤامرة الإفشال لا تستثنى أحداً من الاستثمار، ولا تبكى على أحد من تبعاتها، فالجميع رضوا بإسقاط حكم مرسي، وفى حواره مع كاتب هذه السطور يقول أحد قيادات التنظيم الفارة إلى قطر (الشعب الذى رضى بظلم الإخوان وقتلهم وتشريدهم لا بد أن يذوق من نفس الكأس)، ولهذا لا تندهش عندما تكتشف أن التنظيم يغوى نضال عمال مصر لنيل حقوقهم ليستخدمه حيث تقول خطته أن أحد أهم مستهدفاتها هو (تأجيج اعتصامات المصانع العمالية) وتحدد (20% من المصانع العمالية بحلوان والغربية والدقهلية). بالإضافة إلى استهداف (انضمام المعاشات للثورة)، باستخدام مطالب أصحابها تارة والشائعات تارة أخري، وذات الأمر ينطبق على الإضرابات المهنية لكن التنظيم يستهدف بالدرجة الأولة شرائح (أطباء /صيادلة /محامين)، باعتبارهم الأكثر قدرة على إظهار الدولة بمظهر العاجز، ومثلهم بحسب خطة التنظيم (أصحاب وسائل النقل تاكسي/ نقل). وسعياً لزيادة الهوة بين الشعب ونظام الحكم، فإن التنظيم يسعى إلى إشاعة حالة من السخط الجماهيرى على إدارة الدولة ثم استثمارها، لإسقاط الدولة . إننا أمام تنظيم يخطط بدقة ويرسم مساراته بعناية ويحدد مؤشرات نجاح مؤامراته بدهاء شيطاني، ويحدد آلياته التى تخدم أهدافه، وإن كان قدر مصر ابتلاءها بأن تكون مهد هذا التنظيم، فإن واجبها فى هذه اللحظة التاريخية الفارقة أن تحسم موقفها من هذا التنظيم بناءً وتحصيناً ومواجهة، ولذا فإن هذه الصورة الدقيقة لمؤشرات نجاح المؤامرة التنظيمية، تضع الجميع فى مصر عند حدود المسئولية الوطنية، كما تضع الشعب فى موقع المسئول المراقب، الذى يشترك فى مسئولية الهم الوطني، ويراقب أداءات متصدرى المشهد بما يمكنه من عدم الوقوع فى شراك الاستثمار التنظيمي، ويؤهله لمطالبة من يتصدر بأن يتسق مع مؤشرات نجاح الوطن لا نجاح خطة التنظيم لإسقاطه. وللحديث بقية إن شاء الله لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى