سيول غزيرة.. فيضانات غير متوقعة.. احتباس حراري.. تلوث بيئى .. كلها ظواهر فرضت نفسها فى الفترة الأخيرة، ليس فقط فى مصر بل على مستوى العالم، وهو ما عزز أهمية مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ الذى عقد فى باريس أخيرا، وحضره رؤساء الحكومات والدول، وانتهى بتوقيع ما عرف ب «اتفاق باريس». فى حوارنا معه، رأى الدكتور وفيق نصير- أستاذ الهندسة البيئية وممثل مصر فى البرلمان العالمى للبيئة أن «البشاير» المبدئية تشير لنجاح المؤتمر ،بما صدر عنه من اتفاق «ورقي»، لكن مربط الفرس هو الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق. ويتابع نصير الذى حضر المؤتمرات التحضيرية لمؤتمرى باريس والتنمية المستدامة بنيويورك، قائلا:» الأممالمتحدة ينبغى أن تفرض سيطرتها لتنفيذ البنود، ومن المفترض أن هناك إدارة معنية بتغير المناخ ستكون هى المكلفة بعمل المراجعات الدورية لمعرفة من التزم ومن امتنع. نصير أقر بصعوبة التزام الدول بالاتفاق، خاصة الدول الصناعية مثل الولاياتالامريكية ودول أوروبا بصفة عامة، فكل حكومة لها أجندة اقتصادية، ومعنى الالتزام بتقليل الانبعاثات الكربونية مثلا، فهذا يعنى تغيير تكنولوجيا الطاقة التى تعتمد عليها بالكامل، واستبدالها بالطاقات غير الملوثة للبيئة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية والرياح والأمواج، لكن عملية الإحلال ستستغرق عقودا من الزمان. انتقلنا الى مصر والاجراءات التى من المفترض أن تتخذها الحكومة، فأوضح نصير أن 100 مليار دولار قد وضعت فى صندوق المؤتمر لتستفيد منها الدول النامية ومنها مصر، حيث تم تخصيص 5 مليارات دولار للقارة الافريقية وكانت مصر ممثلة لها فى المؤتمر إلا أن نصير طالب الحكومة المصرية بالاعلان عن الإجراءات التى ستتخذها فى الفترة المقبلة، وكيفية الاستفادة من الدعم المقدم لها، والمشروعات التى تم الاتفاق عليها، خاصة أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة قد أعلنت من خلال الاعلام ، أنها تطمح فى رفع نسبة الاعتماد عليها إلى 20 %، بينما لاتتعدى الان 2% وهى نسبة لاتذكر فى بلد لا تغيب عنه الشمس. وعن السيول غير المسبوقة التى غمرت الكثير من دول العالم ومنها مصر وتحديدا فى الاسكندرية والمحافظات ، ففسرها نصير بأمرين، أولهما الاحتباس الحراري- وهو بالمناسبة بدأ منذ 100 عام تحديدا مع الثورة الصناعية- و تزامن هذا الاحتباس الحرارى مع ظاهرة النينو التى تظهر بالتبادل مع ظاهرة «النينا» كل فترة زمنية تتراوح بين 10 و15 سنة، وهى ظاهرة لم يتضح تفسيرها العلمى حتى الان، ففى وقت ما ،ومع حركة الكواكب، ترتفع درجة حرارة مياه المحيط الهادى تحديدا، ومن ثم ترتفع درجة حرارة الهواء أعلاه، فتحدث ظاهرة «النينو» ، أما «النينا» فتحدث عند انخفاض درجة حرارة المحيط الهادى ، والان نحن فى وقت «النينو»، فشهدنا صيفا من أقسى شهور الصيف فى درجات الحرارة، ومازالت مستمرة، ولذلك لا أتوقع أن تنخفض درجة الحرارة كثيرا هذا الشتاء ، بينما سنشهد أمطارا وسيولا بمعدلات غير طبيعية وفى أوقات وأماكن غير متوقعة ، ربما يصعب على هيئة الارصاد أحيانا التنبؤ بها، فى حين أنه منذ سنتين تقريبا كانت ظاهرة النينا موجودة وشهدنا سقوط الثلوج فى القاهرة وفى أماكن غير معتادة مثل «الرحاب والتجمع». نصير حذر المصريين من الاستعمال المفرط للهواتف المحمولة، وخاصة الاطفال، داعيا للاقتداء بالغرب وهم من اخترع تلك التكنولوجيا، إذ لا يستعملونها إلا للضرورة، رغم أنه غير مكلف بالمرة، وفى الغالب يعتمدون على الرسائل المكتوبة بدلا من الاتصال. نصير حذر أيضا من اتساع سوق السيارات التى تغرى العملاء بالشراء والتقسيط، مشيرا إلى أن عوادم السيارات هى السبب الرئيسى فى تلوث الهواء والسحابة السوداء، واقترح أن يفرض المسئولون نظاما جديدا لمن يريد شراء سيارة بأن يحصل على «ترخيص» سيارة قديمة، لا ترخيص جديد، مثلما حدث مع سيارات الاجرة. وأخيرا نبه نصير إلى أن التلوث غير المادى يشكل خطورة مماثلة على المصريين، كالتلوث السمعى المتمثل فى استخدام آلات التنبيه المزعجة ورفع أصوات الاستريو فى السيارات، وكذلك التلوث البصرى المتمثل فى القبح العمرانى وتلال القمامة، مشفقا على الأجيال الجديدة التى نشأت على هذا القبح، وهو ما جعلهم »ملوثين بيئيا»، وإذا عاشوا فى بيئة جيدة فسيلوثونها بسلوكهم.