سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    المقاولون العرب تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ سكان أوغندا من الفيضانات    أسعار الذهب صباح اليوم السبت 27 أبريل 2024    بمشاركة 3 آلاف فرع ومنفذ، استمرار فعاليات مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة    الكهرباء تحدد 3 أسباب لرفض كارت العدادات مسبقة الدفع الشحن من ماكينات الدفع الإلكتروني    أوكرانيا تعلن تصديها لصواريخ روسية، وموسكو: أسقطنا 66 مسيرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن 25 غارة جوية على غزة خلال اليوم الماضي    10 معلومات عن أهمية الزيارة التاريخية المرتقبة للرئيس السيسي إلى تركيا    مواصلة الاحتجاجات في جامعة كولومبيا للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة|شاهد    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    مسئول أمريكي كبير يزور لبنان.. تفاصيل    موعد مباراة بلدية المحلة وزد في الدوري المصري والقناة الناقلة    موقف محمد صلاح، تشكيل ليفربول المتوقع أمام وست هام في الدوري الإنجليزي    خروج جميع مصابي حادث حريق سوء الأحوال الجوية في الأقصر    تجديد حبس تشكيل عصابى تخصص في سرقة أجزاء من السيارات بالعجوزة    الإنترنت المظلم| كارثة اسمها "دارك ويب" بعد جريمة شبرا الخيمة البشعة.. ماذا حدث؟    تنطلق الليلة.. تفاصيل الدورة 39 من مهرجان المسرح العالمي    «شيخ أزهري اتهمها بالزنا».. انهيار ميار الببلاوي في بث مباشر    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    هتنام بسرعة| 4 آيات حل رباني لمن لا يستطيع النوم ليلاً.. داوم عليها    انخفاض أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل    بعد قليل.. الحكم في اتهام مرتضى منصور بسب عمرو أديب    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    اليوم.. الجنايات تنظر محاكمة متهمي "خليه المرج"    بورصة الذهب تنهي تعاملاتها الأسبوعية بخسائر تتجاوز 50 دولارًا | تقرير    تشكيل ليفربول المتوقع أمام وست هام.. صلاح ونونيز يقودان الهجوم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 27 أبريل    إسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت ومركبات مدرعة ودبابات "ليوبارد" إلى كييف    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    دينا فؤاد: مسلسل "الإختيار" الأقرب إلى قلبي.. وتكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. السبت 27 أبريل 2024    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    تحرير 17 ألف مخالفة مرورية متنوعة على الطرق السريعة خلال 24 ساعة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تعبر عن ثقافة «الحق والخير والجمال» وتنتصر للحياة في قضايا المناخ
نشر في صوت الأمة يوم 30 - 11 - 2015

لم يجانب الصواب احد كبار المثقفين في الولايات المتحدة والعالم وهو بول كروجمان - الاقتصادي الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008، عندما قال عقب الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس أن التغير المناخي هو الخطر الأعظم على العالم ويتجاوز حتى خطر الإرهاب.
ومن هنا يبدي هذا المثقف النوبلي الكبير تأييدا لانعقاد القمة العالمية في باريس لمواجهة آثار التغير المناخي ، معتبرا أن ظاهرة كالاحتباس الحراري تهدد الحضارة الغربية والحضارات الإنسانية كلها بأكثر مما تتهددها مخاطر الإرهاب ، مؤكدا على أن خطأ رؤية الاتجاه المحافظ وأصحاب النزعات اليمينية المتشددة والرأسمالية المنفلتة التي تسعى جاهدة للتقليل من خطورة التغير المناخي.
وهكذا يحق أيضا التنويه بصحة وصواب مواقف مصر حيال قضايا التغير المناخي التي تعبر بجلاء عن "ثقافة الحق والخير والجمال" وتنتصر للحياة فيما باتت هذه القضايا هما مصريا بقدر ماهي هم عالمي يتجلى في طروحات لكبار المثقفين وجديد الكتب التي تسعى لعالم افضل.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وصل بعد ظهر امس "الأحد" الى باريس في زيارة لفرنسا تستغرق ثلاثة أيام للمشاركة في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ والتي يحضرها نحو 150 من رؤساء الدول والحكومات من مختلف أنحاء العالم.
ويسعى "مؤتمر باريس للتغيرات المناخية" لبحث كيفية الحيلولة دون ارتفاع درجة حرارة الأرض اربع درجات مئوية كما هو متوقع بحلول عام 2030 وخفضها الى درجتين فحسب عبر تقليل الانبعاثات الكربونية.
وتعد مصر طرفا رئيسا في مؤتمر باريس حول تغير المناخ الذي يفتتح اليوم "الاثنين" حيث يتولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ ، كما تتولى مصر رئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة ومن ثم فهي معنية بالتعبير عن مصالح القارة الأفريقية وتوجهاتها حيال مختلف موضوعات وقضايا تغير المناخ في هذا المؤتم.
وتهتم مصر بالإعراب عن شواغل دول القارة الأفريقية وحقها في الحصول على التمويل والقدرات التكنولوجية والخبرات الفنية اللازمة لمساعدتها على التحول نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة اخذا في الاعتبار انها القارة الأقل تسببا في الانبعاثات الحرارية والأكثر تضررا من تداعيات تغير المناخ.
وقال المهندس خالد فهمي وزير البيئة إن الهدف من المفاوضات في باريس التوصل الى اتفاق ملزم للتخفيف من الانبعاثات التي تسبب الاحتباس الحراري بالاضافة الى تحمل الدول الكبرى مسئوليتها تجاه الدول النامية وعلى رأسها دول القارة الأفريقية لمساعدتها في التكيف مع الأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية بما في ذلك تمويل مشروعات تمكن الدول الفقيرة من التصدي للآثار السلبية الناتجة عن تلك الانبعاثات.
وكانت مصر قد برهنت على حضورها الفاعل لحل قضايا البيئة بمشاركتها في مؤتمر قمة المناخ الذي عقد على هامش الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك وفي سياق المساعي المبذولة للموائمة بين مواقف الدول المتقدمة والنامية حول قضايا المناخ وحماية البيئة.
وتضطلع مصر بمسؤولية دولية كبيرة منذ بداية العام الحالي في مواجهة آثار تغير المناخ والتعامل معها على الصعيد الدولي بعد أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة اللجنة الرئاسية الأفريقية للتغيرات المناخية في مطلع هذا العام الحاسم في المفاوضات الدولية النهائية لإقرار اتفاقية جديدة لقضية تغير المناخ.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اكد في كلمته بقمة المناخ العالمية بنيويورك بالإنابة عن المجموعة العربية أن التكيف مع تغير المناخ يمثل أولوية قصوى ، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود لخفض ظاهرة الاحتباس الحراري ولافتا الى أن المنطقة العربية من المناطق الجافة والأكثر تعرضا لآثار تغير المناخ وعلى رأسها التصحر.
ولا تدخر مصر جهدا للمساهمة في الجهود الدولية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي وكانت قد صدقت على اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية فضلا عن "بروتوكول كيوتو المناخي" ، مشددة في خطابها الرسمي على ضرورة حماية كوكب الأرض.
وأوضح الدكتور خالد فهمي وزير البيئة أن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي سيؤثر على إيرادات ماء النيل نتيجة لتحرك حزام المطر كما سيعرض مصر لزيادة معدلات التصحر وتغيير التركيب المحصولي وكذلك على وارداتنا الغذائية.
ومصر مهددة ايضا من البحر المتوسط الذى ينذر بتآكل واختفاء مساحات كبيرة من دلتا النيل ومواجهتها لمثل هذه المشكلة ليست بعيدة عن الجدل المحتدم بشأن قضايا البيئة والمناخ والدعوات التى تنطلق من هنا وهناك ، مؤكدة على الحاجة الماسة "لهندسة جغرافية جديدة".
وكان وزير البيئة قد أوضح أن الاتفاقية الجديدة والنهائية المزمعة حول قضية تغير المناخ سوف تحسم الجدل والصراع بين الدول النامية والمتقدمة على توزيع الأدوار وتحديد المسؤوليات بينها للتصدي لظاهرة احترار الأرض وما يمكن أن ينجم عنها من كوارث بيئية واقتصادية.
وبالتزامن مع هذه القمة العالمية حول التغيرات المناخية في باريس يستضيف "المعهد السويدي" بالإسكندرية معرضا فنيا بعنوان "مواجهة المناخ" ويتضمن العديد من الأعمال الفنية ورسوم الكوميكس لفنانين من السويد وغيرها من البلدان الأوروبية جنبا الى جنب مع فنانين مصريين وعرب إضافة لعرض أفلام وثائقية حول إشكاليات تغير المناخ والمخاطر البيئية.
كما يتضمن هذا المعرض "بعروس البحر المتوسط" محاضرتين حول مشكلات البيئة في مصر وتأثير التغير المناخي وندرة المياه العذبة ، فيما من المقرر أن يختتم يوم الرابع من ديسمبر المقبل بجولة صباحية بالدراجات التي تعد ضمن وسائل النقل الصديقة للبيئة.
وفي سياق اهتمام ثقافي عالمي بقضايا المناخ فان بعض الطروحات في الغرب توجه اصبع الاتهام بلا مواربة "لممارسات الرأسمالية المتوحشة" التي تغذي ما يسمى بحرب البيئة وإشكاليات الاحتباس الحرارى ومحنة الإنسان المعاصر فى علاقته بالكوكب الأرضى الذي يقدر بعض العلماء عمره ب4,5 مليار عام فيما يقول المفكر الأمريكى نعوم تشومسكى إن الفقراء كالعادة هم الأكثر معاناة وخسارة فى الحرب العالمية الجديدة حول البيئة.
واذ تعبر المسيرات الداعية لحماية البيئة والتي انطلقت في عدة دول بالتزامن مع انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي للمناخ عن قلق يجتاح البشر في كل مكان حيال التغيرات المناخية قال الكاردينال بيتر تركسون الذي يقوم بدور مستشار الشؤون البيئية للبابا فرانسيس بابا الفاتيكان انه من المتعين تشجيع البشر على ممارسة المواطنة البيئية.
غير انه حتى في الولايات المتحدة حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" من أن "ظاهرة النينو" أو ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط الهاديء تؤدي لارتفاع قياسي في درجات الحرارة مع سقوط امطار في غير موعدها بولاية كاليفورنيا.
وكانت هيئة الأرصاد الجوية الفيدرالية في الولايات المتحدة قد حذرت من خطورة ظاهرة النينو في الصيف الأخير والتي تشكل ارتفاعا كبيرا باثارها على منظومة الطقس والأنظمة البيئية على وجه العموم موضحة أن "النينو هذا العام سجل بالفعل ثاني اقوى موجاته على مدى زمني يتجاوز ال60 عاما".
وها هي مجلة "نيويوركر" المعروفة بمستواها الثقافي الرفيع تؤكد في دراسة لكاثرين شولتز على ان زلزالا عظيما سيدمر جزءا كبيرا من الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدة ، وان السؤال لم يعد يتعلق بما اذا كان هذا الزلزال المدمر سيحدث ام لا بل إن السؤال الحقيقي لابد وان يكون :"متى يحدث هذا الزلزال"؟!.
وحسب هذه الدراسة فان الزلزال القادم سيكون الأسوأ في تاريخ القارة الأمريكية الشمالية وعلى امتداد الحافة الشمالية الغربية ما بين كاليفورنيا وكندا والرصيف القاري للشلالات ليفعل أفاعيله في منطقة تقدر مساحتها بنحو 140 الف ميل مربع.
ولا يبتعد هذا الزلزال المتوقع حسب الدراسة عن التغيرات في المحيط الهاديء ويمكن ان يصل عدد ضحاياه الى 13 الف قتيل و27 الف مصاب ، غير أن عدد الضحايا حسب الدراسة سيزداد بصورة مخيفة لو وقع هذا الزلزال المصحوب بنوع من "التسونامي" في الصيف واثناء اكتظاظ الشواطيء بالمصطافين.
واذ شهدت مصر في سياق الارتفاع في درجات الحرارة اثناء الصيف الأخير بعض المناقشات حول "النينو" كسبب لهذه الظاهرة ، فان الخبراء يوضحون أن "النينو" ظاهرة طبيعية تحدث في شرق المحيط الهاديء حيث ترتفع درجة حرارة سطحه نصف درجة مئوية او اكثر عن المعدل العام لمدة ثلاثة شهور وتتكرر الظاهرة كل فترة زمنية تتراوح مابين 10 و15 عاما وتستمر كل مرة لمدة خمس سنوات في المتوسط.
وظاهرة "النينو" التي تؤثر على المناخ في العالم ككل تعود الآن بشكل أقوى بسبب تأثير الاحتباس الحراري الناجم عن ارتفاع نسب تلوث البيئة فيما تلازمها ظاهرة اخرى هي "النينا" كظاهرة مقابلة تعني انخفاض درجات الحرارة في مناطق أخرى بالعالم فتكون درجات الحرارة عالية بصورة غير طبيعية في بلد كمصر بينما تنخفض درجات الحرارة بصورة اقل من المعدل الطبيعي او حتى تتساقط الثلوج في مناطق بشمال روسيا .
وكما تقول صحيفة " نيويورك تايمز" نقلا عن خبراء فان ظاهرة النينو غير بعيدة عن موجات جفاف في استراليا والهند وأعاصير فى المحيط الهاديء وبصورة اقل في المحيط الأطلنطي فيما تعد سببا لارتفاع درجات الحرارة في العالم ككل ويمكن أن تتسبب في "مزيد من التداعيات المأساوية للبشر في كل مكان على ظهر هذا الكوكب الأرضي".
ومن المثير للقلق حقا ما قالته هذه الصحيفة نقلا عن خبراء وعلماء حول وجود احتمال مرجح لاستمرارية تبعات الموجة الحالية من ارتفاع النينو حتى ربيع عام 2016 ، ومن الطبيعي والحال كذلك أن يدخل مصطلح النينو ضمن سرديات الثقافة الشعبية الأمريكية !.
والقضية باتت موضع اهتمام واضح من جانب بعض ابرز المثقفين في العالم مثل الكاتب والروائي الاسترالي ريتشارد فلانجن الفائز بجائزة مان بوكر والذي يعارض بشدة السياسات البيئية لحكومة بلاده ودعها لمناجم الفحم.
وفي هذا السياق ، قال ريتشارد فلانجن :"اشعر بالعار كوني استراليا" منددا بالتلوث البيئي في القارة الاسترالية بينما ينطلق صوت ثقافي بارز من كندا ليشرح جرائم الرأسمالية المتوحشة في حق الإنسانية والعدوان الرأسمالي المستمر ضد البيئة كما يوضح الكتاب الجديد والهام لناعومي كلاين :"هذا يغير كل شييء: رأسمالية ضد المناخ"
والكاتبة الكندية ناعومي كلاين التي ولدت في مونتريال يوم الخامس من مايو عام 1970 لها كتابات مناهضة لما يعرف "بالليبرالية الجديدة" كما أنها دائمة التقصي لشرور الشركات متعددة الجنسيات ومن منظري تيار العولمة البديلة وتوصف طروحاتها في الصحافة الثقافية الغربية بأنها "جديرة دوما بالقراءة والتعامل معها بجدية" .
واذا كان المفكر العربي ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون قد أوضح منذ زمن بعيد أن "الإنسان ابن البيئة" ويتغير مزاجه بتغير المناخ فان ناعومي كلاين صاحبة كتاب "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث" الصادر عام 2007 تؤكد في كتابها الجديد الصادر بالانجليزية على أن الرأسمالية بوضعيتها الراهنة تتحمل مسؤولية أزمة المناخ وجرائم التلوث البيئي.
ويحوي الكتاب الجديد لناعومي كلاين صفحات دالة حقا على "سيكولوجية الإنكار" عندما تقوم هذه المثقفة الكبيرة بتشريح خطاب الرأسمالية المعاصرة ومحاولاتها إنكار جرائمها في حق الكوكب الأرضي .
وهكذا تلاحظ ناعومي كلاين ان الرأسمالية في نسختها الجديدة تستسهل إنكار الواقع وتعقد مقارنة طريفة بين الإنكار للجرائم الستالينية ضد المعارضين في الاتحاد السوفييتي السابق او ماكان يعرف وقتئذ "بالتطهير" والإنكار الرأسمالي الراهن للجرائم ضد الإنسانية عبر العدوان على البيئة والتسبب في أزمة المناخ.
وتكرس المؤلفة العديد من صفحات كتابها الجديد "هذا يغير كل شييء: رأسمالية ضد المناخ" لكشف النقاب عن مراكز أبحاث شهيرة وجماعات مصالح قوية تحظى بتمويل كبير من اليمين الرأسمالي لتمضي في حرب بلا هوادة تنكر فيها بصيغ وطرائق متعددة مسؤولية الرأسمالية المعاصرة عن تغيير المناخ بغازات الاحتباس الحراري خاصة في السنوات الأخيرة.
وفي المقابل تتكيء ناعومي كلاين على احدث المعطيات في مجموعة العلوم المعنية بهذه القضية لتوضح أن الأرض تتغير بالفعل وان تغييرا مناخيا واسع النطاق يجري على قدم وساق فيما لو استمرت الأوضاع الراهنة على ماهي عليه من انفلات بيئي فان كوكب الأرض سيتغير بصورة جوهرية ولن تكون الأرض بعد ذلك هي ما عرفها الإنسان من قبل.
والمؤسف حقا كما تقول ناعومي كلاين في كتابها الجديد أن الاستجابة السياسية لهذا التحدي الخطير تبقى في افضل الأحوال "غامضة وتفتقر للحسم" والحكومات في الغرب تتراجع او تتملص من التزامات بيئية سابقة مع تهميش فعلي لقضايا المناخ في العملية السياسية وصنع القرار في عواصم الدول الرأسمالية الكبرى بعالم الشمال .
والكتاب يفسر هذا التراجع المخزي بضغوط ومؤامرات الكيانات المؤسسية العملاقة للرأسمالية في "طور الليبرالية الجديدة" والنخب المرتبطة من حيث المصالح بهذه الكيانات فيما ازداد الأمر سوءا على هذا الصعيد مع الأزمة المالية العالمية وتداعياتها والتي تضمنت سياسات تقشفية أثرت سلبا حتى على الحركات المدافعة عن البيئة.
وتستخدم ناعومي كلاين مصطلحات جديدة في كتابها الجديد مثل "التفكير السحري" و"مخططات الهندسة الجغرافية الجديدة" كما تشير لأفكار غريبة مثل كسر أشعة الشمس قبل وصولها للأرض بغرض خفض درجات الحرارة الآخذة في الارتفاع بالكوكب الأرضي وهي فكرة خطرة في إطار افكار الليبرالية الجديدة " لإعادة هندسة منظومة الكرة الأرضية"!.
ويكاد القاريء للكتاب الجديد "هذا يغير كل شييء: رأسمالية ضد المناخ" يستخلص معادلة فحواها انه كلما تمدد اليمين الرأسمالي في ظل خطاب الليبرالية الجديدة كلما كان ذلك على حساب البيئة وخصما من مناخ موات للإنسانية حتى أن الأمر في جوهره تحول الى نوع من الصراع المدمر بين الرأسمالية وكوكب الأرض.
والتطرف في أفكار السوق العالمية الحرة أفضى على الأرض لصراعات جغرافية - سياسية شنيعة حسبما تقول ناعومي كلاين وهي تشير بأصبع الاتهام للقوى الكبرى وهي تتدافع بالمناكب من اجل السيطرة على الموارد الطبيعية لشعوب أخرى .
هذا عالم خطر على حد تشخيص ناعومي كلاين في كتابها الجديد واخطر ما فيه أن النخب التي باتت تمسك بمقاليده ليست فقط تغفل مسؤوليتها الأخلاقية وإنما أيضا ليس بالوسع التنبؤ بعواقب أفعالها وهي ذاتها عاجزة عن التحكم في تداعيات تصرفاتها والصراعات التي تشعلها سواء في الشرق الأوسط او أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي.
ولأنه من دعاة السلام فقد عارض الكاتب الالماني النوبلي الراحل جونتر جراس نشر صواريخ نووية في المانيا ثم انه أبدى في حديثه الصحفي الأخير قلقا ملحوظا حيال قضية التغير المناخي والانفجار السكاني.
وحرب البيئة والمياه على امتداد الساحة العالمية تثير إشكاليات تتجه للتفاقم بدلا من الانفراج وتتركز بؤرها الأكثر سخونة فى مناطق تعانى بالفعل من توترات سياسية حادة وأزمات غذائية مع أحاديث مسهبة حول إشكاليات البيئة التى بات الغرب مغرما بالحديث عنها مع انه هو سببها الأول ومصدرها الأصلى!!.
فالأقوياء والأثرياء الذين جاءت الليبرالية الجديدة لصالحهم هم انفسهم وراء ما يسمى بحرب البيئة وإشكاليات الاحتباس الحرارى ومحنة الإنسان المعاصر فى علاقته بالكوكب الأرضى وما حدث فى قمة كوبنهاجن العالمية حول المناخ عام 2009 اظهر بوضوح مدى سيطرة وتعسف قوى الهيمنة العالمية فيما حق القول أن الفقراء كالعادة هم الأكثر معاناة وخسارة فى الحرب العالمية الجديدة حول البيئة.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الصغير التى عبرت عن غلو وعلو الرأسمالية المتوحشة قد رفضت الالتزام بما عرف ببروتوكول كيوتو للحد من الاحتباس الحرارى.
فالأمر يبدو بالفعل وكأن البيئة تحولت الى ساحة مفتوحة لحرب عالمية جديدة يشنها الشمال ضد الجنوب والأغنياء ضد الفقراء!.. واذا كانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الصغير التى عبرت عن غلو وعلو الرأسمالية المتوحشة قد رفضت الالتزام بما عرف ببروتوكول كيوتو للحد من الاحتباس الحرارى فان إدارة الرئيس الحالى باراك اوباما - في رأي العديد من المثقفين في الولايات المتحدة والغرب - لم تفكك بعد الارتباط العضوى بالرأسمالية المتوحشة وأفكارها وان كانت تعالج هذه الأفكار الفظة بألعاب العلاقات العامة! .
وفي المقابل ففي دولة من دول العالم الثالث هى بنجلاديش ينذر الارتفاع المستمر فى منسوب المياه باختفاء مناطق كبيرة فى هذه الدولة ومن بينها لسوء الطالع المناطق الأكثر إنتاجية فى بلد يعانى من أزمة غذائية طاحنة .
وأوضحت الصور التي التقطتها وكالة ناسا الأمريكية للفضاء نقصا متزايدا في الكتل الجليدية الضخمة بالقطب الشمالي نتيجة لارتفاع درجات الحرارة بينما تواصل الطبيعة إطلاق إشارات الإنذار من أعاصير وفيضانات وانقراض لبعض فصائل الأنواع الحية مع تنامي التصحر في بعض المناطق وارتباك أحزمة الأمطار.
وحروب البيئة والمياه على امتداد الساحة العالمية تثير إشكاليات تتجه للتفاقم بدلا من الانفراج وتتركز بؤرها الأكثر سخونة فى مناطق تعانى بالفعل من توترات سياسية حادة وأزمات غذائية..وفى منطقة جنوب أسيا على سبيل المثال تواصل انهار الهيملايا الجليدية ظاهرة التلاشى وتختفى معها الأنظمة البيئية للنهر العظيم التى أبقت هذه المنطقة قابلة للحياة.
وهكذا تنصهر الأنهار الجليدية فى مرتفعات بجبال الهيملايا تحاربت عندها من قبل قوات هندية وباكستانية وكأن التاريخ يسخر الآن من الحروب بين الفقراء فى الجنوب ويطالبهم بالتضامن معا فى الحرب العالمية الجديدة التى يديرها بدهاء المركز الرأسمالى فى الشمال وتهددهم بالفناء! ، إنها رسالة موجهة لكل دول العالم الثالث حتى تختفي شواهد اصفرار الموت في وجه البشر!..الصمت لم يعد ممكنا والإنسان المعاصر يقف على حد منتصف الويل..من هنا فان تحرك مصر في قضايا المناخ يأتي دفاعا عن الإنسانية والتزاما بثقافة الحق والخير والجمال وانتصارا للحياة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.