إنه اختيارك.. أما أن تستقبل العام الجديد بروح متفائلة ونفس راضية مفعمة بالأمل أو أن تبدأ أيامه بوجه مكفهر يرسل موجات سلبية تحجب رؤية نعم لا تحصى ومباهج فى الحياة بلا حدود، إنه قرارك، أن تنضم لفئة المتشائمين الذين يتكلمون دائما عن السلبيات ويبحثون ليل نهار عن الاخفاقات أو أن تدخل فى دائرة المتفائلين الذين يدركون أن الحياة أحيانا تكون قاسية لكنها تعطى ثمارها فى النهاية لهؤلاء الذين يرفضون الاستسلام ولا يسمحون لشىء أن يثبط همتهم أو أن يطفىء وهج عزيمتهم ويؤمنون بأنه عندما تتجمع الغيوم فى سماء حياتهم أو عندما تبدو الأمور معقدة للغاية يكون هذا هو الوقت الذى يحتاجون فيه إلى التسلح بقوة الأمل وإلى التطلع إلى هدف يسعون إلى تحقيقه بدلا من المكوث بغضب فى كهف الاحباط. واحد من هؤلاء المتفائلين هو «لوجيهريج» الذى كان يقلب فى ملاعب البيسبول الأمريكية ب «الحصان الحديدى» كان فى قمة نجاحه وتألقه عندما عرف أنه يعانى من مرض خطير وأن أيامه فى الحياة باتت معدودة وأدرك أن المباراة المقبلة ستكون الأخيرة بعدها لن يرى الملاعب ابدا، فقرر أن يودع الجمهور الذى يعشقه ونزل إلى الملعب الممتلئ عن آخره وأعلن عن مرضه وألقى خطبة وداع قال فيها: «لقد ظللت أسير على ملاعب البيسبول لمدة ستة عشر عاما تلقيت خلالها من المعجبين سيلا من المحبة والتشجيع وتشرفت باللعب مع أبرع اللاعبين وعملت مع اثنين من أعظم المدربين وحصلت على شهرة وتقدير أكثر مما كنت أحلم ولدى أب وأم كافحا لكى يوفرا لى حياة كريمة مريحة فى طفولتى وصباى وزوجة حنونة وقفت بجانبى وأظهرت شجاعة لم أكن اتخيلها وأصدقاء مخلصين منحونى الدفء والبهجة وأعرف أن بعض الناس بعد وفاتى سيقولون أن حظى كان عاثرا لكنى أقول لهم إننى أعتبر نفسى أكثر الناس حظا على وجه الأرض، وهكذا لم يفقد حتى آخر لحظة ابتسامته ومات لم يتجاوز وعمره 38 عاما. أما «هيلين كيلر» التى ولدت فى عام 1880 لتظل منذ ذلك الحين رمزا للصمود فى مواجهة المحن بعد أن فقدت البصر والسمع وعمرها 19 شهرا فقد اعطتنا درسا فى التفاؤل حين قالت: كانت حياتى ستصبح كارثة لو تأملتها من وجهة نظر المتشائمين كنت سأقضى وقتى أبحث عن الضوء الذى لم تره عينى وعن الموسيقى التى لن ترن فى أذنى وكنت سأبكى فى ليلى ونهارى ولا أشعر بالرضا أبدا كنت سأجلس فى وحدة مرعبة ليفترسنى الخوف واليأس لكن لأننى اعتبرت أن من واجبى تجاه ذاتى والآخرين أن أكون سعيدة فقد وفرت على نفسى شقاء أشد بأسا من أى حرمان جسدى. أما الكاتب والفيلسوف الفرنسى فولتير فقد قال: «أنا أصم قليلا.. وأعمى بعض الشيء وفوق كل هذا وذاك لدى اثنين أو ثلاثة من الأمراض العضال وبرغم هذا لا أسمح لأى إنسان أن يدمر أملي». وأخيرا.. ومع اشراقة العام الجديد فلنحمد الله الذى منحنا القدرة على الرؤية والسمع والحركة والاستيعاب ومنحنا وطنا ننام تحت سمائه ونتنفس هواءه ومنحنا جيشا يدافع ببسالة عن كل شبر فى أرضنا لنتذكر حين نأوى إلى فراشنا فى المساء ان هناك بشرا مثلنا كانوا يعيشون فى بيوت تشبه بيوتنا الآن ينامون فى خيام بعد أن تهدمت منازلهم وضاعت أوطانهم كما أن هناك أناسا بعد أن فروا من جحيم حرب مزقت بلادهم يتجهون فى هذه اللحظات صوب المجهول وهم يجلسون فى قوارب متهالكة تتقاذفها الأمواج لا يعرفون هل سينجون أم سيغرقون لا يملكون سوى التطلع إلى رؤية شاطئ قد لا يصلون إليه ابدا. [email protected] لمزيد من مقالات عايدة رزق