4 - فى حديثنا المتواصل عن أهمية تدريب الأجيال الجديدة على أساليب التفكير العلمى السليم باعتبار أن ذلك أحد أهم أسلحة المواجهة العلمية والتكنولوجية المتطورة يتجدد الحديث مرة أخرى عن دور المدرس خصوصا فى مراحل التعليم الأولي. إن استراتيجيات التعليم فى الدول الحديثة لم تعد تسمح للمدرس بأن يقدم لتلاميذه الأفكار والمعلومات التى كان من الممكن أن يصلوا إليها بأنفسهم حتى لا يتعود التلاميذ على الكسل والتوانى أو التخاذل عن التفكير، وينتظروا من المدرس - دائما - أن يفكر لهم وأن يقدم الحلول الجاهزة لأية مسألة مستعصية على الحل!. ومن هنا فلست أظن أن تحديات المنافسة المشروعة فى ساحات البحث العلمى تسمح لنا ببقاء ذلك النظام التعليمى الذى يحدد للمدرس منهجا بعينه يتحتم عليه تدريسه على مدار العام وإجراء الاختبارات الشهرية والدورية عن طريق طرح أسئلة «نمطية» لا تدعو إلى التفكير فالمدرس الذى يلقى على التلاميذ أسئلة لا تتطلب الإجابة عنها سوى سرد لما هو فى الكتب والمذكرات يقتل فى داخل التلاميذ منهج التفكير العلمى ومن ثم ينبغى إلقاء نظم الامتحانات التقليدية فى سلة المهملات والأخذ بنظم حديثة ومتطورة. ولا شك فى أن للامتحانات تأثيرا كبيرا على اتجاه التلميذ نحو اكتساب عادة التفكير العلمى أو عدم اكتسابها فالامتحانات التقليدية التى لا تتطلب من التلميذ أكثر من سرد الحقائق والمعلومات التى درسها إنما تقيس قدرة التلميذ - فقط - على حفظ المادة واختزانها فى عقله حتى يحين موعد إفراغها فى ورقة الإجابة يوم الامتحان وبالتالى لا يتعود التلميذ على منهج التفكير العلمى الذى نتحدث عنه والذى لا يمكن الوصول إليه بعيدا عن تغييرات جذرية فى نظم الامتحانات ترتكز على قياس مدى قدرة التلميذ على التفكير وحسن تصرفه فى استخدام المعلومات التى درسها.. بل إن النظم التعليمية الحديثة تضع فى برامج الامتحانات أنواعا متعددة من الاختبارات لكى تقيس مدى استقلالية الرأى وسلامة الحكم على الأمور عند التلاميذ فى سن مبكرة!. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: عندما تتحول الهواجس إلى ظنون يقع المرء أسيرا للشكوك!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله