مع تجدد الحديث عن الطاقة النووية وأهميتها كمصدر للطاقة الكهربية اقترن الاسم باختيار منطقة الضبعة لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء وصاحبها الكثير من المخاوف التي أدت إلي جدل انقسم معه الناس إلي مؤيد ومعارض.. حرصت جامعة عين شمس في الندوة التي نظمها قطاع شؤون البيئة بكلية العلوم تحت عنوان آفاق البرنامج النووي المصري لإنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة الفرص والتحديات تحت رعاية الدكتور علاء فايز رئيس جامعة عين شمس والدكتور محمد الحسيني نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع البيئة لاستجلاء الحقيقة علي أسس علمية وموضوعية وتوضيح الحقائق والإجابة عن التساؤلات والمخاوف المتعلقة بإنشاء محطات نووية التي أبداها الناس وتدور حول اماكانية غرس فيروسات كامنة في أجهزة التحكم أثناء إنشاء المحطة النووية ومواجهة خطر الإبادة بالتلوث الاشعاعي عند حدوث كارثة وعدم صلاحية الموقع من الناحية الجيولوجية, و ما أثارته بعض الجهات عن اعتراضات الجمعيات الأهلية والبيئية في أوروبا وأمريكا علي إنشاء المحطات النووية بسبب ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الدم في الأطفال وكذلك الغدة الدرقية للسكان القريبين من مواقع بعض المحطات النووية, بالإضافة إلي المخاوف من حدوث تسرب إشعاعي من الممكن أن يؤثر علي الملايين من سكان الدلتا والقاهرة. في البداية أكد الدكتور أحمد رفعت عميد كلية العلوم أننا في أشد الحاجة لمصادر جديدة للطاقة لمواجهة متطلبات الصناعة والتقدم الحضاري مع تزايد عدد السكان, وقال يوجد441 محطة نووية في العالم تنتج حوالي17% من الطاقة الكهربائية حيث تعتمد فرنسا علي توليد الكهرباء من الطاقة النووية بنسبة75%, أما في ألمانيا فتوجد بعض المخاوف وقد بدأوا في غلق جميع المحطات النووية وذلك بحلول عام2022 ويري الدكتور رفعت أنه لابد من دراسة من جميع الجوانب قبل إدخال الطاقة النووية في أي منطقة ودراسة التقييم العلمي للمؤيدين والمعارضين مع الوضع في الاعتبار أهمية مصادر الطاقة المتجددة وطالب الدكتور صلاح الدين عبد الوهاب وكيل كلية العلوم لشؤون خدمة المجتمع والبيئة بالتركيز علي دراسة معايير الأمان للطاقة النووية وتوضيحها للناس للتخلص من المخاوف التي تراودهم, ونشر الوعي عن مزايا وجدوي الطاقة النووية. وقال الدكتور سمير الخميسي أستاذ الفيزياء النووية بالكلية إن دول العالم الثالث لاتقدر قيمة وأهمية الطاقة النووية ومجالاتها المتعددة, وأننا في مصر لدينا العديد من العناصر الاستراتيجية التي يجب الاستفادة منها لإيجاد صناعة نووية وخلق ثقافة للطاقة النووية, وأضاف أن الصناعة النووية يصاحبها تطور كبير في مختلف الصناعات المعدنية كالصلب الماجيني و الزركونيوم و النيكل و الكوبالت و التيتانيوم و هي مواد أساسية تستخدم في مجالات أخري موازية كصناعة المركبات المدنية والحربية والسفن والغواصات والصواريخ و سفن الفضاء. ونبه الدكتور رياض مجاهد أستاذ الفيزياء النووية بهيئة الطاقة الذرية علي ضرورة امتلاك الأمة العربية برنامجا نوويا حتي تضمن مكانتها بين دول العالم وإلا ستفني كأمة الهنود الحمر دولة بدون برنامج نووي.. دولة تحمل بذور فنائها, مشيرا إلي أن الطاقة النووية أكثر نظافة من الطاقات الأخري القابلة للنفاد مثل الفحم والبنزين والغاز الطبيعي. وشرح الدكتور هشام شهبندر خبير أنظمة المفاعلات النووية ومدرس الهندسة النووية بالكلية مكونات المفاعلات النووية وأنواعها وأجيالها الأربعة, واكد ان المفاعلات النووية تكنولوجيا مثبتة جيدا ومن ارخص مصادر انتاج الكهرباء وان مصر تأخرت كثيرا في استخدام تكنولوجيا المفاعلات في حين انها ليست بدعة حيث تستخدمها حاليا29 دولة في العالم لديها435 مفاعل عامل و63 مفاعل تحت الإنشاء. وتحدث المهندس إبراهيم علي الشهاوي نائب الرئيس التنفيذي للمشروعات بهيئة المحطات النووية عن أبرز وسائل الأمان التي تعد أساسية في المفاعل ومنها الحواجز وخزانات المياه والصمامات التي تحد من خطر التسرب الاشعاعي, موضحا أن ضحايا حادثة فوكوشيما باليابان كانت من جراء الزلزال وموجات التسونامي مقارنا بين معايير الامان بمفاعل فوكوشيما ونوع المفاعل المقرر إنشاؤه في الضبعة بجودة معايير عالية الأمان للمفاعل. وقال الدكتور حمدي سيف النصر أستاذ الجيولوجيا والخبير الدولي ورئيس هيئة المواد النووية الاسبق الذي اكد ان الدراسات والابحاث الجيولوجية والجيوفيزيائية المستفيضة والماراثونية التي اجريت لموقع الضبعة بواسطة خبراء مصريين واجانب علي مدار ثلاثة عقود أثبتت صلاحية الموقع من حيث الزلزالية والجيوتقنية والمياه الجوفية والسيول بصفة نهائية لا تقبل الشك وتم اعتمادها من هيئة الرقابة النووية والاشعاعية. غاية الأمان تتلخص في اتخاذ تدابير من أجل التحكم في تعريض البشر لإشعاعات وفي إطلاق مواد مشعة إلي البيئة و تقليص احتمال وقوع أحداث قد تقضي إلي فقدان السيطرة علي قلب مفاعل نووي أو تفاعل نووي متسلسل أو مصدر مشع أو أي مصدر آخر للإشعاع و التخفيف من حدة العواقب المترتبة علي مثل هذه الأحداث إذا قدر لها أن تقع. وبعد مناقشات ساخنة اختتمت الندوة بعدة توصيات من أهمها سرعة البدء في إنشاء محطة القوي النووية بالضبعة طبقا للدراسات التي أجريت و أثبتت صلاحية الموقع و تطبيق معايير الأمان المتعارف عليها, ومشاركة مصر دول العالم في تطوير تكنولوجيا الاجيال القادمة من المفاعلات بدلا من الاكتفاء باستيراد التكنولوجيا الجاهزة عن طريق عمل خطة لتدريب الكوادر العلمية و شباب الباحثين, وعدم مخاطبة غير المتخصصين الجمهور في وسائل الإعلام دون الرجوع الي الهيئات المختصة لتفادي نشر معلومات مغلوطة ومضللة تؤدي الي انتكاس المجتمع.