أخشى أن أقول أن جامعة الدول العربية أو «بيت العرب» كما كنا نسميه فى الأيام الخوالى لم يعد يحمل من اسمه شيئا مذكورا وأنه إذا لم تحدث معجزة لإصلاح وترميم وتنكيس هذا البيت العتيق فإنه سوف يصبح مجرد شبح من الماضي. أتحدث عن دور باهت ومحدود ظل طوال السنوات الأخيرة عنوانا للجامعة العربية بينما أوطان الأمة غارقة فى ظلام الخلافات والتقوقع على الذات. لقد تقاعست الجامعة العربية عن أداء أى دور إيجابى لمحاصرة نيران الفوضى التى اشتعلت فى العديد من الأقطار بل أنها ساهمت عن قصد أو غير قصد فى تبرير وتسهيل عملية إشعال وإنضاح هذه النيران وبالذات فى ليبيا وسوريا ولم تستشعر مسئوليتها فى السعى لصياغة استراتيجية عربية موحدة توفق ما بين ضرورات حماية الدولة الوطنية من ناحية وما بين تلبية تطلعات شعوب الأمة فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية من ناحية أخرى مما ترتب عليه نشوء مخاطر مرعبة لاتتهدد هذه الدولة أو تلك وإنما باتت تهدد كل الدول العربية دون استثناء تباعا! إن البيت العربى لا معنى لبقائه إذا لم يكن قادرا على مقاومة مخططات التفكيك والتقسيم والتجزئة وهى مخططات تهدد الوجود العربى ذاته والذى بات هو الحلم والأمل الأخير لشعوب هذه الأمة التى شطبت كل أحلامها الضائعة فى أروقة الجامعة ومؤسساتها. ما معنى استمرار البيت العربى إذا كانت الخلافات والصراعات مازالت تنخر فى جسد الجامعة لتظل عاجزة عن إيجاد الحلول وتحقيق المصالحات وتنقية الأجواء وأيضا لكى تظل قرارات الوحدة الاقتصادية وحلم السوق العربية المشتركة مجرد حبر على ورق مثلما أصبحت معاهدة الدفاع العربى المشترك اسما على غير مسمي. ومن الإنصاف أن أؤكد فى النهاية أن المسئولية لاتقع فقط على عاتق القائمين على إدارة شئون الجامعة العربية وإنما هى مسئولية الدول العربية مجتمعة وفى المقدمة الدول العربية الكبرى والرئيسية التى سمحت لبعض الأصفار أن تكون أرقاما صحيحة فى توجيه دفة العمل العربى المشترك باتجاه معاكس لأحلام الأمة وطموحاتها! خير الكلام : إحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة.. فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله