بداية أقول وبكل الوضوح إنه ليس هناك مصري يعرف قدر مصريته يستطيع أن يتحدث عن الأمن القومي لمصر بعيدا عن الأمن القومى العربى، مثلما يستحيل تصور وجود إنسان عربي يعرف قدر عروبته يمكن له أن يتخيل إمكانية نشوء أمن قومي عربي في غيبة من وجود مصري مؤثر وفعال! ومن هنا تجيء أهمية إصرار مصر علي تفعيل مقترحها بإنشاء قوة عربية مشتركة لا تستهدف مجرد مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية، وإنما هدفها الأول حماية الأمن بكل دولة عربية علي حدة وبما يصب في خدمة الهدف الأوسع، وهو دعم أمن واستقرار الأمة العربية بأسرها لكي تكون أكثر قدرة علي مواجهة خدمة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وليس التحديات العسكرية فقط. وإذا كنا نعترف ونقر بصعوبة إدراك هدف البناء الكامل لأمن قومي عربي شامل في المنظور القريب بسبب تعقيدات ومصاعب وحساسيات عديدة، إلا إننا لابد أن نسلم بأن إنشاء قوة عربية مشتركة ليس بالأمر المستحيل، وأنه بمقدورنا العمل علي تخطي جميع الصعوبات والتعقيدات إذا خلصت النيات في التعامل مع المقترح المصري الذي ينطلق من رؤية استراتيجية تراعي المصلحة الوطنية لمصر أولا، والمصلحة العربية العليا ثانيا، والاعتبارات الإقليمية والعالمية ثالثا، التي زادت أهميتها بعد الاتفاق النووي الأخير بين إيران والدول الكبري! وفي اعتقادي أن إصرار مصر علي استمرار السعي لتفعيل مقترح القوة العربية المشتركة يمثل ردا قويا علي من يروجون لأوهام خاطئة تتحدث عن انكماش دور مصر ورغبتها في التحلل من التزاماتها القومية... وذلك أمر لم يكن صحيحا بأي مقياس في أي مرحلة مهما يكن حجم الأعباء التي تتحملها مصر برضا وعن طيب خاطر. إن مصر عندما تدعو لإنشاء قوة عربية مشتركة لم تقدم علي شيء جديد لأن توجهها العربي والتزامها القومي لم يهتز لحظة واحدة ولم تخلع مصر أبدا رداءها العربي، لأنها تري ذلك التزاما تاريخيا ليس بمقدورها أن تتخلي عنه... وإذن فإن الخطر واضح والالتزام المصري قديم قدم التاريخ ذاته. وليس أمام الأمة العربية من سبيل للحفاظ علي الهوية والقدرة علي مجابهة تحديات اللحظة الراهنة سوي الإسراع بالتجاوب مع المقترح المصري حتي يمكن بناء القوة اللازمة للتعامل مع تحديات الحاضر واحتمالات المستقبل كرقم صحيح يعكس حقائق القوة التي تملكها الأمة في مواجهة جميع المعادلات الإقليمية والدولية لتجنب إخضاع مصالح الأمة للابتزاز والترهيب! خير الكلام : إذا لم تكن جزءا من الحل فأنت جزء من المشكلة! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله