«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغردقة 2016 .. مدينة عالمية
تربص تركى ..وقنصلية روسية جديدة

فى اللحظات الفارقة ، الكتابة العاشقة لأوطانها لا تساوم .. لا تلتحف الأغطية وقت العواصف، ولا تنشغل بتفسير الاحلام وقت انهمار سيول الكوارث، لاتهرب الى المسكنات وحقن المورفين وقت اشتداد الألم ، لا تكتفى بالفرجة على بلادها وهى تتعرض لأفعال شيطانية خبيثة ، لكنها تنتبه.. وبحبر مصنوع من الحقيقة والمعرفة والعلم والادراك الوطنى تكتب بمشرط جراح لاجتثاث جذور الوجع .
ويعرف كل من يكتب عن دعم السياحة وانقاذها من كبوتها، أنه ليس بالمسيرات واللافتات والتقاط الصور والشعارات وحدها يعود السياح الذين غادروا مقاصدهم السياحية، سواء منتجع شرم الشيخ أوالغردقة. فقد مللنا طوال السنوات الخمس الماضية الكتابة عن الحلول التقليدية المعلبة دون جدوى ، مما افقدها مصداقيتها وجاذبيتها وفائدتها وفرضت علينا نوعا من الخمول والكسل وطمس التشخيص السليم والدقيق للأزمة، لدرجة اننا صرنا نعيش حالة من الاحباط جعلتنا نفقد الثقة فى أن تستعيد سياحتنا عافيتها لتنافس فى وقت قريب.
فى الساعة التاسعة مساء الاحد الماضي، تأخر وصول اللواء احمد عبد الله محافظ البحر الاحمر عن موعده المحدد معنا بديوان المحافظة ، وعلمنا من الزميل على الطيرى مراسل بوابة الاهرام بالبحر الاحمر، الذى كان بصحبتنا فى هذا اللقاء ، أن السر وراء ذلك التأخير الذى استغرق 30 دقيقة هو انشغال المحافظ باجتماع مهم عقده فى منتجع سهل حشيش مع عدد من الوكلاء الاجانب لشركات جلب السياحة الالمانية والصينية، مما اشعرنا بأن شيئا ما يتغير فى طريقة المعالجة للأزمة، فمنذ تنفيذ قرار مغادرة السياح الروس بدت شوارع مدن الغردقة وسفاجا والقصير شبه خالية حزينة وصامتة باستثناء عدد قليل من السياح الالمان والصينيين والبلجيك ومن بيلاروسيا واوكرانيا فضلا عن الأجانب المقيمين اقامة دائمة هناك ويقدر عددهم رسميا ب 40 ألف أجنبى الغالبية منهم روس وفرنسيون ومن جنسيات اخرى ، ويكفى أن تذهب الى طريق الممشى وهو اشهر الطرق، حيث تقع به نسبة كبيرة من المنتجعات والفنادق التى يتوافد عليها السائحون من روسيا واوروبا لاسيما فى هذا التوقيت من العام او كما يقولون «فى عز الموسم» لتكتشف ان هناك ازمة بالفعل وأن الصدق والبحث عن حلول غير تقليدية ضرورة للمواجهة الحاسمة .
اللواء احمد عبد الله، فور وصوله الى مكتبه، لم ينتظر أن يرحب بنا بقدر ماكان حريصا على سرد تفاصيل مايجرى فى الغردقة وكيف تتم مواجهة ازمة السياحة الراهنة وكأنه يقرأ علينا نشرة من الاخبار والتى لانستطيع ان ننكر على الاطلاق انها كانت نشرة متفائلة ومفرحة .. وقال : طبعا انتم تعرفون لماذا تأخرت عن موعدى ، نستطيع ان نقول انه كان لقاء جيدا وضروريا، فلو رأيتم حماس الوكلاء الاجانب المتزايد لجلب مزيد من السياحة المتنوعة الالمانية والصينية والتوسع فى فتح منافذ سياحة جديدة لانتابتكم حالة السعادة والتفاؤل التى اشعر بها الآن، فالوصول الى جذب سياح بلدان اخرى مثل عدد من دول امريكا اللاتينية وآسيا هو مايشغلنا فعلا ونبحث فيه بجدية، ثم راح يكمل قائلا : لا تقلقوا فالسياحة الروسية سوف تعود قبل نهاية أعياد الميلاد ، ومع بداية العام الجديد سيتم افتتاح اول قنصلية روسية بالغردقة ، فإذا كانت هناك علاقة متينة وقديمة بين الشعب الروسى ولا نستطيع ان ننسى مشاركتهم معنا فى حرب الاستنزاف ، فنحن لدينا اكبر جالية روسية تعيش هنا عددها يتجاوز ال30 الفا وجنسيات اخرى معها ، والسياحة الروسية عموما تمثل 30 بالمائة من وضع السياحة هنا.
واضاف: نعم ربما تأثرت الفنادق بالغردقة بنسبة 30% لانها تعتمد اعتمادا رئيسيا على السائح الروسى ، ولكن هناك فنادق آخرى انخفضت فقط بنسبة 10% ، وفنادق لم تتأثر نتيجة اعتمادها على جنسيات آخرى ، بينما لم تتأثر مدينة مرسى علم إطلاقا لانه لايوجد بها سياحة روسية على الإطلاق بل تعتمد على السائح الألمانى والايطالى والإنجليزى . وعلى مسئوليتي، أستطيع ان اؤكد أن نسبة الإشغال بمرسى علم على وجه الخصوص تبلغ 58% وفى معدلها، ولا يوجد فندق أغلق ابوابه فى وجه السائح .
روشتة إنقاذ
سألناه : وماذا عن الحلول والخطوات الجديدة والمبتكرة التى تم اتخاذها لمواجهة الازمة ؟
قال : ما يشغلنا فى البداية هو حجم العمالة الكثيفة والحفاظ على حقوقها .. فاولا: وفى خطوة عاجلة تم إيقاف (وليس إلغاء ) المصروفات الخاصة بالكهرباء والمياه لاصحاب الفنادق لمدة 6 أشهر لحين تحسن السياحة سريعا وللحفاظ على هذه العمالة وعدم تسريحها ، ويكفى ان تعلموا أن هناك اكثر من مليار جنيه حوالات من مكاتب بريد محافظة البحر الاحمر الى أسر وعائلات هؤلاء العمال بالصعيد ، وفى العام الماضى 2014 تخطت المليار جنيه.
ثانيا: هناك اتصالات بين كبرى شركات السياحة لجذب الوكلاء الأجانب وزيادة نسبة السياحة الألمانية لأنهم يعشقون الغوص فى مياه البحر الاحمر.
ثالثا: نسعى الآن لجذب السياحة العربية الغائبة عن البحر الاحمر نتيجة عدم وجود خطوط طيران مباشرة بين الدول العربية والغردقة ونريد تكاتف الجهات وخاصة وزارة الطيران لتشغيل عدد من هذه الخطوط .
رابعا: بدأنا فى استضافة البطولات الرياضية والفنية وهى عناصر جذب سياحى وقوة ناعمة لتنشيط السياحة ، ومنذ أيام مضت كان ختام بطولة البلياردو والتى كانت تضم 48دولة وتم بثها على الإنترنت فى نفس اللحظة للعالم ، بالاضافة الى عقد مؤتمر صحفى تحضيرى لبطولة العالم للكاراتيه ، كل هذه الأدوات الناعمة (الفن والرياضة واستقبال الشركات ومندوبيها) هى المرآة لنا فى الخارج ولابد من استغلالها لجذب السياحة .
وكشف اللواء احمد عبدالله عن ان هناك إجراءات جديدة مكملة بالنسبة لمواطنى بلدان المغرب العربي، ففى الفترة الماضية كانت تأشيرات دخول مواطنيهم عن طريق السفارات ، أما الآن ومن قبيل الافكار الجديدة الداعمة لمزيد من التنوع السياحى ، يستطيع المواطن المغاربى أن يحصل على تاشيرته فى المطار مباشرة فى إطار ضوابط محددة أهمها ان يكون تقدمه بواسطة شركة سياحية او يقدم مايثبت جدية حجزه باحد الفنادق بالمدينة وهناك من ينتظره من ادارة الفندق ، بالاضافة الى تسهيل دخول الأجانب المقيمين بدول الخليج ماداموا يحملون الإقامة.
خامسا: وأما بالنسبة للسياحة العلاجية الغائبة عن البحر الاحمر .. فسيتم فتح مركز سياحى علاجى بالشمس والرمال وعرض احد المستثمرين عمل منتجع سياحى علاجى وطلب ان يكون العاملون به جميعا من الأجانب وهذا يخالف قانون العمل الخاص بِنَا ولكن عرضنا ان يقوم فريق العمل بتدريب فريق آخر مصرى حتى يصل لنفس الكفاءة وهو الآن محل الدراسة من جانب المستثمر .
- وانتم فى ظل هذه الازمة ألم يزعجك اهتمام الإعلام وكل مؤسسات الدولة بمدينة شرم الشيخ والسعى المكثف لانقاذها من كبوتها السياحية فى حين تم تجاهل الغردقة تماما ولم يأت احد على ذكرها وكأننا امام طبقية سياحية بين المدينتين مع ان ظروفهما وازمتهما واحدة؟
بحسم اجاب اللواء احمد عبدالله : إطلاقا لم يتبادر الى ذهنى هذا الاحساس وأنا ذهبت الى شرم الشيخ بنفسى متضامنا فكلنا بلد واحد اسمه مصر ، وفى هذه الأزمة هناك فرق بين المدينتين، فشرم الشيخ مدينة شبه مغلقة وتأثر العاملون بالسياحة بها أضعاف التأثير فى الغردقة وعموما شرم الشيخ منتجع والغردقة مدينة ، وقد لا يعرف البعض أن منظمة السياحة العربية فى يناير الماضى منحت الغردقة لقب المدينة السياحية العربية الاولى لعام 2015 بعد ان تفوقت على 17 مدينة عربية اخرى وحصلت على المركز الاول.
ولكن نعرف انك غاضب من الإعلام ومازلت تتمسك برأيك انه واحد من اهم اسباب الأزمة الحالية التى تعانى منها السياحة المصرية هل مازلت على هذا الاعتقاد؟
نعم الإعلام هو رقم واحد فى هذه الأزمة ، وإعلامنا إذا كان قد بدا متعاطفا واتجه الى تنشيط السياحة أخيرا ، إلا انه ارتكب اخطاء فادحة عندما كان حريصا على إظهار السلبيات طوال الوقت والتركيز عليها وفى اثناء الأزمة ، وقد طالبت بعض الفنانين بالكف عن مسلسلات وأفلام المخدرات والعشوائيات، وقلت لهم: ألم تنظروا الى المسلسلات التركية وكيف كان لها دور فى تنشيط السياحة التركية حتى تخطت ال30 مليون سائح نتيجة إظهار جمال الطبيعة وجمال التصوير هناك؟.. نحن نريد من إعلامنا ومسلسلاتنا أن تكون كذلك، فالفن هو القوة الناعمة لتنشيط السياحة وعليه قمت بتوجيه الدعوة لنقيب الممثلين أشرف زكى لتصوير المسلسلات او الأفلام فى المنتجعات السياحية واستضافتهم فى فنادق الغردقة وإظهار اسم الفندق فى الفيلم أو المسلسل يعد نوعا من انواع الدعاية والتنشيط السياحي.
عاطلون ومشردون
ولأننا نريد ان نعرف المزيد عن تفاصيل الازمة والمسكوت عنه واسرارها غير المعلنة كان علينا ان نذهب الى المرشدين السياحيين اهم اركان الازمة ومفاصلها الميدانية ، توقفنا عن استكمال الحوار الذى اجريناه مع المحافظ ، فمازالت لدينا تفاصيل وحكايات متفردة عن هموم ومعيشة سكان المحافظة ومشكلاتهم ومشروعات التنمية البديلة للسياحة افصح عنها اللواء احمد عبد الله سننشرها الاسبوع المقبل.
كانت الساعة قد دقت الثامنة مساء الاربعاء الماضى عندما التقينا بهم وهم فى حالة انعقاد طارئ بمقر نقابتهم واستمر اللقاء حتى ساعة متأخرة ، كشفوا لنا خلاله عن العديد من المفاجآت والاسرار وكيف أن البطالة تتربص بحياتهم بل ان حصولهم على لقب عاطل صار قدرا محتوما ، ولم نكن نتوقع أننا بمجرد جلوسنا سينهال علينا المرشدون السياحيون بحكايات ومآسى اطفالهم المهددين بالتشرد والطرد من مدارسهم جراء هذه الازمة وعدم قدرتهم على سداد المصروفات متسائلين: إذا كان المحافظ والدولة والجميع مشغولين بحقوق وحماية العاملين بالسياحة ، فأين موضع المرشدين السياحيين البالغ عددهم 18 الف مرشد على مستوى مصر ومستقبلهم من هذه الجملة المفيدة؟
قلنا لهم .. قبل ان نعثر معكم على اجابة لهذا السؤال ..هل ترغبون فى مواجهة الاطراف الاخرى من الازمة .. قالوا فورا: «نعم فما افضل المواجهة بالحقيقة» .. قلنا: اذن اجيبونا اين يكمن سر ازمة السياحة واسرارها المسكوت عنها وهل نحن فعلا جادون فى علاجها أم أن الامر مجرد حالة من الانفعال المؤقت ورد الفعل ثم تعود «ريما لعادتها القديمة» وتظل حال السياحة على ما هى عليه مجرد امراة مكسورة الجناح مشردة على ضفاف ارصفة السياحة العالمية.
سر الأزمة .. تركى
نحن نعانى كارثة كبيرة ، فبعد ان كانت شركة السياحة الواحدة تستقبل فى المتوسط 30 الف سائح فى الشهر اى نحو 8 آلاف سائح فى الأسبوع .. انخفض هذا العدد بعد سقوط الطائرة الروسية واصبحت الغردقة تستقبل نحو 500 سائح فى الشهر فقط لاغير أى بما لايتجاوز 140 سائحا كل عشرة ايام ، قالها بشار ابوطالب نقيب المرشدين واتفق معه الاخرون .. وراحوا جميعا يتبارون فى كشف اسباب الازمة، وأخطرها هو الوسيط التركى الذى يكاد يتحكم فى مفصل العلاقة بين مصر والسائح الروسى ، ويكفى ان تعرف انه من شدة سيطرته واحتكاره جلب السائح الروسى الى مصر بدأ فى تأسيس شركات سياحة لاتجلب الا السياحة الروسية ، ومن كثرة الارباح التى حققها من وراء هذا الاحتكار نجح الوسيط التركى فى شراء الطائرات الخاصة وتأجير فنادق باكملها لمصلحة السائح الروسى وكأنه يقوم بتأجير المدن السياحية مفروشة.
ويقولون: بمعنى آخر صرنا لانفعل شيئا سوى توفير الاماكن وتقديم الخدمة بالسعر الذى يحدده هذا الوسيط وحسب البرامج التى يحددها ، ونجح هؤلاء السماسرة فى تطبيق نظام (أول إنكلوسيڤ) وهو نظام السائح الحصرى اى يكتفى السائح بالاقامة الكاملة داخل الفندق او القرية ليأكل ويشرب ويغوص على مدار ال24 ساعة وبمقابل هزيل للغاية قد لايتجاوز 25 دولارا عن الليلة الواحدة ، مما دعا السائح الى عدم التفكير فى الشراء من الخارج، فحينما تمشى فى شوارع الغردقة لا تجد سائحا يدخل مطعما لتناول وجبة العشاء مثلا ، أما الاخطر بسبب هذا الاحتكار وغياب الوكيل المصرى وعدم وجود شركات سياحية وطنية فهو انفراد اصحاب شركات السياحة الروسية والتركية بتورتة السياحة الشاطئية فى مصر ، ومع اشتعال صراع الشركات السياحية وهؤلاء السماسرة صار سعر مصر سياحيا رخيصا للغاية لدرجة بلغت تخفيض قيمة الليلة بالفنادق الى ان وصلت بها الحال بأن تباع الليلة فى اكبر فنادق الغردقة (هيلتون بلازا) ب 8 دولارات فقط ، وفى هذا السياق حكى لنا احد المرشدين حكاية سائح المانى كان يقف امام محل للاحذية فى برلين ليشترى حذاء وفجأة وقعت عيناه على اعلان سفر للسياحة فى مصر ، المفاجأة ان هذا السائح الالمانى اكتشف ان ما سيدفعه فى رحلته الى الغردقة يعادل سعر الحذاء الذى سيشتريه ، فقرر دون تفكير ان يؤجل عملية الشراء وسافر سائحا الى مصر.
توجهنا لهم بالسؤال: وأين رجال الأعمال المصريون وخبراؤنا السياحيون من هذا الاحتكار والسمسرة، أو بالأحرى هذه الاهانات؟
قالوا : العاملون فى مجال السياحة اغلبهم اصحاب رأس المال وغير متخصصين ، تركوا الامر للسماسرة الاتراك والروس الامر الذى أدى الى أن 10 بالمائة فقط تحصل عليها السياحة فى مصر والباقى يدخل جيوب السماسرة.
إذن انتم تريدون القول بأننا لا نتحكم فى ادارة حركة السياحة وتشغيلها وأن خيرها وارباحها ليست لنا ولا لبلادنا وأن مصيرها بيد السماسرة.
نعم هذه هى الحقيقة ويكفى ان مصر واحدة من البلدان التى تسمح بان يكون المرشدون السياحيون بها من الاجانب ، وهؤلاء يقومون بتشويه تاريخنا ومساجدنا وديننا ويقومون بتزوير العديد من الحقائق التاريخية ، المفارقة أن المادة الثانية من قانون الإرشاد 121 لسنة 1982 تنص على ضرورة أن يكون المرشد السياحى مصرى الجنسية ومن أبوين مصريين ، فى اشارة واضحة الى أنه يجب ألا يتحدث عن مصر سوى المصريين ، فهذه مسالة أمن قومى ، ولكن مع هذا الانفلات القانونى أصبح المرشد السياحى المصرى فى حالة صراع دائم ضد العمالة الأجنبية التى غالبا ما تعطى معلومات خاطئة مثل ان اليهود هم الذين بنوا الاهرام! وان مصر لم تكسب حرب 1973، ولعل فى ذلك اكبر دليل على تقصير الدولة فى حق السياحة المصرية.
ولكن ماذا عن روشتة الانقاذ لديكم.. وماذا تقترحون للخروج من هذا المأزق لانقاذ مستقبلكم وحماية مهنتكم وسياحة بلادنا باعتبار ان ذلك من صميم واجبكم ؟
أجابوا جميعا بصوت واحد .. هى ثلاث نقاط .. الاولى تتمثل فى ضرورة اتباع منهج جديد لاقامة الشركات السياحية المصرية الجالبة للسياح، ووضع التسهيلات الدبلوماسية من جانب وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة السياحة... فهناك 65 مليون دولار سنويا تدفعها خزانة وزارة السياحة لدعم طيران الشارتر فلماذا لا تدعم الدولة شركة مصر للطيران بدلا من خسارتها مع الشركات التركية والروسية .
والثانية أن تتوقف وزارة السياحة عن ارسال مندوبين غير متخصصين لها فى البورصات العالمية ببرلين وغيرها فالذين يمثلون مصر فى هذه البورصات غالبا لايجيدون التحدث بأى من اللغات الاجنبية كما انهم لايمتلكون اى معرفة ثقافية او اثرية ، فالامر كله لايخرج عن اطار المجاملات ، بل لابد من إرسال متخصصين فى هذا المجال والمرشد السياحى افضل من يقوم بهذا الدور.
أما الثالثة والاخيرة فهى فتح الطرق الصحراوية المغلقة التى خسرت السياحة الثقافية بإغلاقها اهم روافدها وتراجعت ، فالدولة تجبرنا على السير فى طريق زراعى يمر ب 20 1 قرية وغير مؤمن (به 161 مطبا) ، مما يعرضنا للحوادث ويتم اغلاق الطريق الصحراوى بحجة أنه غير مؤمن .. فهل يعقل ذلك؟ ، ولماذا لا يتم تأمين هذا الطريق لتجنيب السياح خطر الحوادث التى لا تتوقف فى الطريق الزراعي. وهناك طريق ممتاز «القصير - قفط» يستخدمه المصريون بصفة مستمرة يمكن السير فيه وتوفير زمن الرحلات السياحية من الغردقة الى الاقصر فضلا عن إنعاش السياحة الثقافية الفرعونية، من ناحية أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.