تفاوت ملموس بين كل من الذكور والإناث فى معدلات المساهمة فى النشاط الاقتصادى ليبلغ مساهمة الذكور 72.3% مقابل 23.9 للإناث، أى أكثر من ثلاثة أضعاف مثيلاتها بين الإناث.. هذا ما أقره أخيرا الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لافتا الى أن هذا التفاوت هو النمط السائد فى سوق العمل المصرية. كما أوضح التقرير أن نتائج بحث القوى العاملة لعام 2014 سجلت عدد العاملين بأجر دائم نحو68.3%، لترتفع النسبة بين الإناث لتبلغ 87.3% مقابل 64.3٪ للذكور، ولفت الى أن نسبة العاملون فى عمل دائم بالقطاع الحكومى استحوذت على أعلى نسبة والتى سجلت 96.6٪ يليها العاملون فى القطاع العام والأعمال العام بنسبة 95.4 % فى حين سجلت أقل نسبة للعاملين فى عمل دائم بالقطاع الخاص خارج المنشآت بنسبة 15.8 %، وأظهر أيضا الجهاز أن توافر العدالة الاجتماعية والصحية للعاملين له أثر كبير فى إحساس العدالة بالاستقرار والأمان ليبلغ عدد العاملين بأجر ومشتركين فى التأمينات الاجتماعية نحو 59.2% من العاملين لترتفع بين الإناث مقارنة بالذكور لتصل الى 83.9% مقابل 54% للذكور.. فما أسباب ذلك وكيف يمكن تفادى هذا التفاوت الكبير بين الذكور والإناث فى المشاركة الاقتصادية.. تجيب عن هذا التساؤل وتحلل التقرير من الناحية الاقتصادية د. يمنى الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس فى السطور التالية : هذه النسبة الخاصة بالمساهمة الاقتصادية للمرأة المصرية ليست بجديدة فمنذ عشر سنوات ونسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة تتراوح مابين 20 و 30 % وتكاد تكون نسبة ثابتة وتعتبر من أدنى مستويات المشاركة الاقتصادية للمرأة فى العالم.. وتعلل الحماقى ذلك قائلة: هذه النسبة ترتبط أيضا بوضع المرأة لقوة العمل لأن من كل مائة شابة قادرة على العمل هناك 22 منهن فقط يطلبن فرصة عمل، بمعنى أن إقبال الفتيات على العمل ضعيف جدا، ويرجع ذلك إلى العادات والتقاليد فى المناطق الريفية والمناطق العشوائية وخاصة فى الطبقات الفقيرة نتيجة للنمط الثقافى الموجود فى هذه المناطق، والذى يكرس فكرة الزواج المبكر والوظيفة الإنجابية.. وإن كان ذلك يختلف بالنسبة للطبقة المتوسطة الأعلى دخلا، واللاتى يقبلن على العمل.. أما السبب الثانى تلك الجهود التى تتم من قبل الحكومة والتى لا تخضع إلى سياسات واضحة للتمكين الاقتصادى للمرأة ولاتوجد آليات للتنفيذ ومتابعته لتحقيق الأهداف المرجوة.. رغم أنه منذ سنوات طويلة قام المجلس القومى للمرأة بالكثير من الجهود لإدماج المرأة المصرية فى خطة الدولة للتنمية الاقتصادية، وتم ذلك بالتعاون مع وزارة التخطيط، وكذلك تم إعداد مكون للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى خطة الدولة الاقتصادية، ولكن هذه اقتصرت على مجلدات مطبوعة طباعة جيدة تمت مناقشتها مع المسئولين خاصة المحافظين تمهيدا لتنفيذها ولكن لم يتحقق ذلك حتى الآن.. وتستطرد الحماقى قائلة: إن التمكين الاقتصادى للمرأة يتطلب التخطيط على المستوى الكلى لرفع قدرات المرأة المصرية لزيادة فرصها فى سوق العمل ومساعدتها على تحقيق التوازن بين الوظيفة الإنجابية ووجودها فى سوق العمل، وهناك آليات كثيرة فى تجارب الدول النامية وعلى رأسها الصين حيث تم وضع نموذج إنتاجى للمرأة ويتم إمدادها بالمواد الخام وتدريبها على عملية التصنيع ويمكن أن تنتج فى منزلها بمستويات الجودة المطلوبة مما يجعل من كل منزل فى الصين وحدة إنتاجية، وهناك مجالات كثيرة لنقل هذه التجربة فى الحالة المصرية.. فهناك الملايين من النساء المصريات يتمنين أن تتاح لهن فرصة الإنتاج من المنزل لزيادة دخل الأسرة ومواجهة أعباء المعيشة.. وتعلل حماقى ارتفاع نسبة العاملين بأجر ومشتركين فى التأمينات الاجتماعية من الإناث لتصل الى 83.9 % مقابل 54% للذكور الى أن المرأة أكثر استقرارا من الرجل فى العمل وخاصة فى الحكومة وقطاع الأعمال، لأن الرجل يبحث دائما عن المكاسب المادية وكثير الانتقال من عمل الى عمل وخاصة انتقال الذكور من الحكومة الى القطاع الخاص او العمل فى الخارج بحثا عن مكسب أكثر، كما ان الوظيفة الإنجابية للإناث تجعلها تميل أكثر إلى الاستقرار فى عملها والذى يحققه لها العمل فى الحكومة وقطاع الأعمال والذى له ساعات عمل محددة أقل بكثير من القطاع الخاص مما يشجع المرأة على الاستمرار فى العمل الحكومى من حيث نظام التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية .