مدير حملة أحمد فتحي مرشح المنتزه يؤكد قبول الطعن بعد ثبوت الواقعة    هل ترتفع أسعار اللحوم بسبب السلالة الجديدة من الحمى القلاعية؟ شعبة القصابين ترد    زراعة الإسماعيلية تنظم ندوة حول الأساليب العلمية لرفع إنتاجية محصول الشعير    شيخ الأزهر يُعزِّي تركيا في ضحايا تحطُّم «الطائرة العسكرية»    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    أشرف داري يدعم قائمة الأهلي أمام شبيبة القبائل    قبل قرعة أمم أفريقيا.. تعرف على تصنيف منتخب مصر لكرة اليد    سموحة يسعى لتحقيق أول لقب في تاريخه بنهائى كأس السوبر المصرى أمام الأهلى    ديانج يدرس الاستمرار مع الأهلي رغم عرض سعودي مغري    «قلبي بيتقطع عليهم».. والد ضحايا حادث الفنان إسماعيل الليثي يكشف تفاصيل جديدة    عمر كمال وسعد الصغير وسمسم شهاب وشحتة كاريكا يقدمون واجب العزاء في إسماعيل الليثي (بث مباشر)    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    مجموعة السبع تسعى لتفويض أممي لتطبيق خطة السلام في غزة    الصحة أولوية قصوى فى استراتيجية الدولة    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    ستاندرد بنك: 30 مليار دولار حجم تجارة مصر مع دول جنوب الصحراء الأفريقية سنوياً    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    مبابي: ريان شرقي يمتلك موهبة فطرية مذهلة    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    أمم أفريقيا سر بقاء أحمد عبد الرؤوف في قيادة الزمالك    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    في ذكرى رحيله.. محمود عبد العزيز «ساحر السينما المصرية» جمع بين الموهبة والهيبة    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشيد الجديد!
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 11 - 2015

لالا..يا..لالا.. يا..للا.. لو.. أدركوني يا هووووه.. العقل مني سيحوووه.. والضمير مسحوووه.. والمنطق مسخووووه.. وقلبي البريء الطاهر سحلووووه... وهكذا صحونا ذات صباح, عندما شقشق الفجر ولاح, فسمعنا صديقنا الحمار, المثقف الجبار, يتغني بالأشعار, ويدندن تحت الأشجار. فلما أن انتصف النهار, وانقشع الغبار, سألناه في حذر,
بماذا تتغني يا قمر؟ فقال ضاحكا في استهزاء, غير آسف ولا مستاء: ذلكم يا أحباب, النشيد الجديد للغاب, ومن الآن وطالع, سوف تنشدونه في المجامع, والكنائس والجوامع, وأيضا في حفلات زفافكم, الأقوياء منكم قبل ضعافكم.. والفقراء كما الأغنياء. فهيا هيا قولوا معي.. كلكم دون استثناء: ماء.. ماء.. ماء!
فلما أن تعجبنا غاية العجب, وكاد يتملكنا الغضب, سألناه لاهثين: فمن ذا أمرك بتأليفه يا حزين؟ هيا اعترف يا لعين, وإلا فليلة أبيك طين! أجاب بعد تفكير, وبعد أن حرك ذيله الكبير: اعلموا يا أحبابي, ويا خيرة أصحابي, أن شيطاني الملعون, الذي هو بحب الهلث مسكون, وبالشعر مفتون, زارني قبل أسبوع, وعرض علي الموضوع, وقال لي إنه من غير اللائق, ألا يكون لغابتكم نشيد رائق, تباهون به الأمم, وتغنونه ساعة رفع العلم; ويجمعكم ساعة النزال, إذا كتب عليكم القتال.
وأضاف الحمار, بمنتهي الافتخار: أنا علي الفور استملحت الفكرة, وتعهدت بتأليفه اليوم قبل بكرة, وها أنتم أولاء قد سمعتموه, فهيا يا حلوين عن ظهر قلب احفظوه, وخلال يوم أو يومين جميعا رددوه. فكنا كل ظهيرة, نتحلق حوله في الحظيرة, وننصت للحمار, يراجع معنا نشيده المختار.
ومع ذلك فقد كان, في كل الأذهان, سؤال لئيم كالثعبان: لماذا يا تري هذا الموضوع الآن؟ لقد عشنا عمرنا المديد, نردد الأناشيد, التي حفظناها منذ الرضاع, وكم أمتعتنا غاية الإمتاع. فما السر ياتري وراء هذا التغيير, ولماذا هذا التحول الكبير؟
فلما أن أحس الحمار بلهفتنا, وقرأ في العيون مدي حيرتنا, جمعنا في الأصيل, تحت النخيل, وألقي علينا خطابه الطويل, فقال يا أبنائي الأعزاء, هناك شيء اسمه الانتماء, ولو أنكم نظرتم حولكم, في الغابات المحيطة بكم, فسوف تجدون الجميع, وكل قطيع, يعشقون أوطانهم غاية العشق, ويفدونها حتي آخر رمق, ويبذلون من أجلها النفيس والغالي, والأراضي والمال, بل وحتي نسوانهم والعيال. فهيا هيا اهتفوا بانفعال: بالروح والدم نفديك يا غابة الجمال, يا وطنا لكل الأجيال.
وهكذا هتفنا.. وصرنا كل يوم نهتف, بلا تعب أو ملل أو تأفف. وكنا إذا عضنا الجوع, وتساقطت من الأعين الدموع, أو إذا رأينا أبناءنا في الأسواق يباعون, وعلي الحدود بالشلوت يضربون, وتحت الكباري ينامون, وفي إشارات المرور يشحذون, أو إذا شممنا روائح الفساد, تتفشي في البلاد.
... أو قرأنا في الصحف والأسفار, وفي مواقع الأنباء والأخبار, عن تدهور غابتنا ليل نهار, أو إذا غرقت الحقول, بعدسها وقمحها والفول, أو إذا غمرتنا الأمطار والسيول, فأغرقت بيوتنا والمحصول, أو إذا عيرنا الناس, بمستوي تعليمنا المحتاس.. كنا آنئذ نردد نشيدنا العتيد, ذا المغزي المجيد, فتنزاح كل الهموم, وتتبدد الغيوم, وتزول آلامنا والمحن, وننسي الشجن.. ونظل نرقص حتي الفجر, دون تعب أو حسرة أو ضجر.
إلي أن أتي علينا نهار, دونما توقع منا أو انتظار, فرأينا شقيقنا الحمار, عيناه سوداوان كالهباب, ويلطم خديه بالقبقاب, وقد سال علي شدقيه اللعاب, وعفر وجهه بالتراب, وتاه منه العقل وغاب.
.. فلما أن سألناه بحسن نية, عن سبب تلك البكائية, والمحزنة الكونية, والدوشة اللي من غير لازمة, صرخ فينا ابن الجزمة: تعالوا يا ساكني البرية, شوفوا خيبة أبيكم القوية. لقد هجم علينا التتار ساعة السحر, وأنتم مشغولين بالرقص والطبل والنقر, ودوخكم السهر, فهزموكم في ست ساعات, ولقنوكم درسا لن تنسوه حتي الممات.. وذبحوا البشر, وسبوا نساءكم ذوات الخفر, وسلبوا الخيام والمحاصيل والبقر, ولم يتركوا عندكم أي بئر, إلا وسمموه يا غجر.
بكينا ما شاء لنا البكاء, وجادت العيون بكل ما فيها من ماء, وأدركنا بعد مضي الزمان, وفوات الأوان, أن الأناشيد والغناء, لن تعيد الزمن إلي الوراء, ولن ترجع ما ضاع, ولن توقف الأوجاع, ولن تصلح الأوضاع, وأن الطبل والزمر, والرقص تحت ضوء القمر, إن هي إلا علامات علي الخيبة الثقيلة, وانعدام الحيلة.
.. فلما أن سألنا الحمار العتيد, ذا العقل الرشيد, عن كيفية الخروج من الورطة, نهق نهقته الشهيرة, ونط له كام نطة, وزرط الزرطة, ثم ابتسم في مرارة, وقال: يا ألف خسارة, ليس أمامنا يا أبناء العبيد, إلا تأليف نشيد جديد, نردده معا في كل مناسبة وعيد, فنحن بالأناشيد نحيا ونموت, يالا يالا.. سيبوني أفوت!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.