أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أن الإرهاب لا دين له، ولا هوية له، ومن الظلم البين، بل من التحيز الفاضح، نسب ما يَحدُث الآن من جرائم التفجير والتدمير التى استشرت هنا أو هناك، إلى الإسلام، لمجرد أن مرتكبيها يطلقون حناجرهم بصيحة «الله أكبر» وهم يقترفون فظائعهم التى تقشعر منها الأبدان .. وقال فى كلمته للعالم امام الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس حكماء المسلمين أمس إننا ننتظر من الجميع - وعلى رأسهم المفكرون والمثقفون والسياسيون ورجال الأديان - ألا يصرفهم هول هذه الصدمات عن واجب الإنصاف والموضوعية ووضع الأمور فى موضعها الصحيح فيما يتعلق بالفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته، وبين قلة قليلة لا تمثل رقمًا واحدًا صحيحًا فى النسبة إلى مجموع المسلمين المسالمين المنفتحين على الناس فى كل ربوع الدنيا، وقد مررنا نحن المسلمون وما زلنا نمر بأضعاف أضعاف هذه الهجمات الإرهابية التى شنتها علينا جيوش وعصابات اتخذت من الأديان رداء وستارا. وسالت منا دماء لم تتوقف حتى هذه اللحظة التى أتحدث فيها إليكم. وأوضح أنه لم يحدث أن اختلط الأمر فى أذهان المسلمين بين هذه الجرائم وبين الأديان التى ارتكبت باسمها هذه الجرائم .. وعلى الذين أقدموا على ارتكاب جريمة حرق المصحف وحرق بيوت الله فى الغرب أن يعلموا أن هذه الأفعالَ هى -الأخري- إرهاب بكل المقاييس، بل هى وقود للفكر الإرهابى الذى نعانى منه، فلا تردوا على الإرهاب بإرهاب مماثِل، وليس من المنتظر أبدا ممن يزعمون التحضر والتقدم إهانة مقدسات الآخرين على مرأى ومسمع من الناس. وأضاف أن المجلس سوف يطلق ست عشرة قافلة سلام حول العالم ينشرون ثقافة السلام ويصححون المفاهيم المغلوطة ويحملون شعارا موحدا (كل شعوب العالم نظراء فى الإنسانية ومن حق الجميع أن يعيش فى أمن وأمان وسلم وسلام) وأشار الإمام الأكبر إلى أن الإرهاب هو أولا وأخيرا اعتقاد وفكرٌ، بل لعلِّى لا أجاوز الحقيقة لو قلت: إنه عند معتنقيه فلسفة حياة، يهون من أجلها الموت والانتحار، وإنه ليس إفرازًا لدِين سماوى أيًا كان هذا الدِّين، بل هو مرضٌ فكريٌ ونفسِيٌ يبحث دائما عن مبرِّرات وُجُودِه فى متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولِّين ونظرات المفسِّرين، ويُثبِتُ التاريخُ والواقعُ المعاصر أيضًا أن بواعث الإرهاب ليست قصرًا على الانحراف بالأديان نحو فُهومٍ مغشوشةٍ مُدلّسة، بل كثيرًا ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية بل سياسية، وراح ضحية الصراع والحروب من هذه المذاهب والفلسفات المادية التى لا تمت للدين بأدنى سبب الآلاف بل الملايين من الضحايا والأبرياء . ودعا شيخ الأزهر إلى التصدى للفكر الإرهابى بكافة صوره وأشكاله، ودعوة النخب العربية والإسلامية، كل فى مجال تخصصه، لتجفيف ينابيع هذا الفكر من خلال منظومة متكاملة تشمل التعليم والثقافة والشباب والإعلام وخطابا دينيآ معبرا عن حقيقة الإسلام وشريعته، ومحاربة ثقافة الكراهية والحقد، ونشر ثقافة الأخوة والمودة والزمالة العالمية.