"صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    لشهر مايو.. قائمة أسعار جديدة للبنزين في الإمارات    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024    بدء صرف معاشات مايو ل11 مليون مستفيد بزيادة 15% غدا    البيت الأبيض يكشف تفاصيل مكالمة أجراها بايدن مع السيسي بشأن غزة    الجيش الأمريكي يعلن استهداف صواريخ الحوثيين لسفينة يونانية في البحر الأحمر    صدام ناري بين بايرن والريال في دوري أبطال أوروبا    نجم الأهلي يعلق على إلغاء هدف مازيمبي بنصف نهائي الكونفدرالية    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    الأجواء مستقرة مؤقتًا.. الأرصاد تعلن عن موجة حارة جديدة قادمة    بسبب خلافات الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    فصل قضائي جديد في دعوى إثبات نسب طفل لاعب الزمالك السابق    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    أول رد رسمي من «الصحة» بشأن حقيقة أعراض لقاح أسترازينيكا    «الصحة»: الانتهاء من إعداد حزمة حوافز استثمارية لقطاع الرعاية الطبية    كيلو الأرز ب 33 جنيها.. قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 30-4-2024    التعليم تنظم المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني.. اليوم    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    طريقة عمل طاجن البطاطس بقطع الدجاج والجبن    غدا.. "الصحفيين" تحتفل بميلاد رواد المهنة وتكرم الحاصلين على الماجستير والدكتوراه    ما أول ذنب في السماء والأرض؟.. عضو الشؤون الإسلامية يوضح    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء منتصف الأسبوع الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    "المونيتور": هذه تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ورشة عمل دولية لمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب «الأهرام»:«داعش» و«النصرة» أسرار عمليات التجنيد وسبل المواجهة
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2015

لا شك فى أن الجماعات المسلحة المتطرفة قد أصبحت مصدر خطر رئيسى يهدد الأمن على المستوى المحلى والإقليمى والدولى. وقد زاد من خطورة الظاهرة وما ينجم عنها من مخاطر تركزها فى السنوات الأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط بوجه عام وبالدول المطلة على حوض البحر المتوسط من أوروبا وأفريقيا على وجه التحديد. ولم تكن هجمات باريس الإرهابية الأخيرة، التى تمت بأياد فرنسية، وبتخطيط عبر أكثر من دولة، إلا نموذجا لما أصبح عليه الإرهاب الدولى حاليا. وقد إستدعى التطور الذى طرأ على الإرهاب بحث عوامل إنتشار الظاهرة، ودراسة وتحديد الأساليب والتكتيكات والوسائل والآليات التى تستخدمها تلك الجماعات والتنظيمات داعش والنصرة تحديدا فى التأثير على الشباب وعلى عقولهم وإرادتهم قبل إستدراجهم للإنضمام والتجنيد للعمل داخل تلك التنظيمات.
وفى محاولة للوصول إلى نتائج على أسس علمية بهذا الشأن نظم مركزالدراسات السياسية والإستراتيجية ب«الإهرام» برئاسة الأستاذ ضياء رشوان- ورشة عمل «مغلقة» بعنوان: «الجماعات الراديكالية المتطرفة: التهديدات الأمنية فى منطقة الأورومتوسط».. وذلك فى إطار مشروع بحثى يديره مركز الأهرام بالتعاون مع المعهد الأوروبى لدراسات المتوسط IEMED ، ضمن فعاليات المشروع المشترك الذى يحمل عنوان :»التهديدات الأمنية فى الأورومتوسط».
وشارك فى الورشة لفيف من الباحثين والخبراء العرب والأوروبيين والمعنيين بالشأن الأمنى فى دول حوض البحر المتوسط. وناقشت المحاور الرئيسية للورشة المغلقة التهديدات الأمنية، والأسباب التى تقف وراء جاذبية الجماعات الراديكالية المتطرفة (خاصة فى سوريا) لدى بعض مواطنى المنطقة الأورومتوسطية، والتكتيكات التى تستعين بها الجماعات الراديكالية المتطرفة فى تجنيد عناصر جديدة، ودور الفاعلين الدوليين والإقليميين تجاه الجماعات الراديكالية المتطرفة.
فى البداية أكد أ.ضياء رشوان مدير مركز الدراسات، والذى ترأس الجلسة الأولى، أنه كان هناك العديد من الدول التى ظلت تعتقد خطأً أن مخاطر الإرهاب الموجودة فى المنطقة العربية والبلدان الشرق أوسطية لن تنتقل إليها، وأن مثل هذه التهديدات لاتخص سوى تلك الدول، وفى واقع الأمر، ثبت خطأ هذه المقولة عقب هجمات الحادى عشر من سبتمبر، إلا أن الواضح والأكيد ماخلفته هذه الحادثة من آثار تبلورت، و أدت إلى بروز «داعش» بعد القاعدة، حيث أن داعش برزت بصورة كبيرة عقب الثورات العربية عام 2011.
وفى واقع الأمر، يمكن القول إن تهديدات الجماعات الإرهابية لمختلف دول العالم، تعكس تشابكاً بين مصالح الدول. إلا أن الموضوع أكثر خطورة وتعقيداً من ذلك، ويدلل على هذا الإختراق الذى يتعرض له الشباب الأوروربى ذاته. ولدينا أمثلة من الشباب الأوروبى الذين يتحولون إلى الإسلام، وفى الشهر ذاته نجدهم يرتكبون المذابح، ومن ثم، المخاطر حتى اللحظة يبدو أنها تطال الجميع وتهددهم.
والمفارقة التى من المهم ذكرها، أن كل الإحصائيات تؤكد أنه منذ بداية الإرهاب الدولى مع الإعلان عن فتوى فبراير 1998، تلك التى أفتت بقتل الأوروبيين والأمريكيين فى أفغانستان، فإن العدد الأكبر من الضحايا هم من المسلمين، وهذا مايشير إليه الواقع الإحصائى. ومن ثم، فنحن فى هذه البلدان الأكثر شعوراً بالخطر. وأكد رشوان أن هناك العديد من الأجهزة والدول التى فشلت فى مواجهة هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة كنتيجة لعدم المعرفة وعدم الفهم أثناء المواجهة. وقد أخطأت الدول الغربية أخطاء فاضحة فى فهم مايحدث. ومن ثم، تبنت سياسات خاطئة؛ الأمر الذى يعنى أننا فى النهاية أصبحنا كلنا فى موضع تهديد واحد.
وفى الجلسة الإفتتاحية قامت أمل مختار الباحثة بمركز الأهرام ومديرة المشروع بعرض مختصر للمشروع البحثى الذى بدأ فى شهر يونيو الماضى، ومن المفترض ان ينتهى فى ابريل 2016، واوضحت ان فريق العمل فى المشروع يتكون من تسعة باحثين من تسعة مراكز بحثية فى دول عربية وأوروبية مختلفة. وقد عرض كل من الباحثين التسعة أفكاره الأولية، ثم تم الاستماع لتعليقات المشاركين، بهدف إضافة التعديلات على البحث قبل كتابة النسخة النهائية مطلع عام 2016 على أقصى تقدير.
أسباب انجذاب الضحايا
الورقة الأولى للدكتورة باتريشيا ساسنال، مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بالمعهد البولندى للشئون الدولية، وقد ركزت ورقة العمل الخاصة بها والتى أدار جلسة مناقشتها أ. ضياء رشوان على تناول الأسباب الكامنة وراء جاذبية الجماعات الراديكالية المتطرفة لبعض مواطنى المنطقة الأورو- متوسطية العربية والأوروبية على حد سواء.
وقسمت الباحثة الأسباب إلى عدد من النقاط كما يلى:
أولاً: الأسباب السياسية والأيديولوجية فكلها جماعات راديكالية تقف فى مواجهة النظام.
وهناك أزمة الأيديولوجيات حيث ازمة الهوية لدى مواطنى أوروبا ذوى الأصول العربية. فالجيل الثالث من المهاجرين إلى أوروبا، لايتحدثون لغتهم الأصلية، بل لغة الدولة التى تستضيفهم. والإسلام بالنسبة لهم بمثابة صورة مشوهة، ومن ثم، فالثقافة العربية لم تعد موجودة بالنسبة لهذا الجيل، بل حلت محلها الثقافة الفرنسية أو غيرها على سبيل المثال. وهناك حالة الإشتياق للماضى عبر «تخيل» رخاء دولة الخلافة. وهناك الخلفية الأخلاقية، فهناك إتجاه قائل إن من يتبعون داعش يعتقدون أنهم أفضل أخلاقا من الآخرين.
وفيما يتعلق بالأسباب السياسية ذكرت الباحثة الإخفاقات فى السياسة الأوروبية الخارجية وتبعات الإحتلال الأمريكى للعراق عام 2003 والذى دمر ميزان القوى هناك، وأعربت الباحثة عن إعتقادها أنه لولا تدخل أمريكا فى العراق لما زادت قوة «القاعدة».
ثانياً: الأسباب الإجتماعية والنفسية : حيث أكدت الباحثة صعوبة التوصل إلى نتائج واضحة حتى الآن إلا أنها أدركت أن أزمة الشخصية تعد أحد العوامل الدافعة لإنضمام شخص ما إلى «داعش»، إنطلاقا من فكر خاطئ يرتكز على الحاجة لتحقيق الأمن وكفالة جودة البيئة الإقتصادية والإجتماعية. وأحياناً تكون الحرية عبئا، ومن ثم، يكون من الأفضل أن يقول لك الطرف الآخر ماستفعله وهو ما حدث للألمان عندما اختاروا النازيين بزعامة هتلر لتولى الحكم فى ألمانيا. وهناك فكرة الجذب المجتمعى، فداعش تجذب افرادا من طبقات متعددة، ويعانون من الرفض المجتمعى. . وكذلك نبهت الباحثة إلى عامل الإحباط الجنسى لدى الشباب العربى، حيث تحول الظروف الاقتصادية دون الزواج فى سن مناسبة.
ثالثاً: الأسباب الإقتصادية: وفى هذا السياق، أشارت الباحثة إلى الفقر الذى ضرب العديد من بلدان الشرق الأوسط مما قد يدفع البعض إلى محاولة إيجاد بديل عبر الإنضمام للجماعات المتطرفة مثل «داعش» التى تعد بتقديم الأموال.
كما نبهت الباحثة إلى عوامل أخرى، مثل غياب أى منظور مستقبلى واعد لبلدان المنطقة، وكذلك العوامل المناخية، فالجفاف يؤدى إلى إفقار العديد من الأقاليم مما يؤثر على الحالة المادية للبعض ويدفعهم إلى الإنخراط فى صفوف تنظيمات متطرفة أملا فى الحصول على مصدر للرزق. وكذلك صعوبة تكوين الأسرة وإرتفاع معدلات العنوسة وإرتفاع سن الزواج.
رابعاً: الأسباب التكنولوجية: فالشباب يجيدون التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعى، ويعرفون خباياها أكثر من الدول ذاتها، الأمر الذى يوضح ما يمتلكونه من مهارة فى إستعمال الإنترنت. فداعش تضم شبابا ينتمون إلى أكثر من 18 دولة مختلفة، يتحدثون سبع لغات على الأقل، يستخدمون التكنولوجيا الحديثة، وينتجون الأفلام عالية الجودة، يقومون بالدردشة عبر الإنترنت، ومن ثم، فهم يمتلكون أداة للإتصال والتواصل أفضل حتى من تلك الموجودة لدى بعض الدول.
تقاعس المؤسسات الدينية
وقد علق تحسين عبد مطر الحسينى (العراق)، برلمانى سابق ومستشار لوزير الداخلية العراقى سابقا، موضحا ضرورة الإشارة إلى أن أفكار الجماعات الراديكالية المتطرفة ليست سوى أفكار إزدواجية مأخوذة من الإسلام، ولاتعكس الإسلام الحقيقى. ومن جانبه، أشار الشيخ الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إلى وجود أسباب مؤسسية، تتعلق بتقاعس المؤسسات الدينية الإسلامية عن دورها حيث تسود تلك المؤسسات «ثقافة الموظفين»، فالمؤسسات تعمل من منظور العمل البيروقراطى الرتيب، وهو أمر غاية فى السلبية. وحذر من عدم جدية لمواجهة الإرهاب فى المنطقة العربية منبها إلى عدم وجود خطط علمية أكاديمية للمواجهة. وطالب بإقامة مركز دولى فى أوروربا وأمريكا للتعريف بصحيح الإسلام، وبإعادة هيكلة المؤسسات الدينية.
ونبّه السفيرعزمى خليفة- سفير سابق ويعمل حالياً بالمركز الإقليمى للدراسات السياسية والإستراتيجية- إلى ضرورة الإهتمام بالأسباب النفسية، وبأهمية أن يكون لدينا منظور مستقبلى للتطرف، وأن نسعى لبناء نموذج لفهم الظاهرة. وأكد سعيه البحثى لوضع مؤشر عالمى للعنف. وطالب بالدراسة الجيدة للعلاقات بين الثقافة العربية والإسلامية والأوروبية. وتحدث العميد متقاعد المختار بن نصر(تونس)، رئيس المركز التونسى لدراسات الأمن الشامل، مشيرا إلى أن من الأسباب الموضوعية لإنضمام الشباب إلى داعش، فقدان الشباب للأمل، فالجماعات الراديكالية المتطرفة تستدرج الشباب، على إعتبار أنها تقدم البدائل لهم. ونبه إلى أن فكرة «القمع يولد الإرهاب»، صحيحه «إلى حد ما»، ولكن لايجوز أن نعممها.
وعلقت د.فلورانس جوب (فرنسا)، كبيرة الباحثين بمعهد الإتحاد الأوروبى للدراسات الأمنية، بأن الكثير ممن أنضموا إلى «داعش» فى أوروبا كانوا قد غيروا دياناتهم. وفيما يتعلق بالسيدات المنضمات ل»داعش»، فأغلبيتهن من الأجانب الأوروبيين. وترى أن «داعش» تقدم وتعد بالدعم المالى للمنتمين لها ولأنصارها لاستدراجهم، فداعش بمثابة «مشروع نفسى».. وليس «سياسىا».
ونبهت إلى أهمية قضية عودة المقاتلين الأجانب فمن الضرورى التفكير فى كيفية التعامل معها، إلا أن الأمر المهم أيضاً وينبغى أن نفكر فيه، هو كيفية منع الآخرين من السفر للإنضمام للجماعات المتطرفة. ولم تقتنع جوب بعامل الفقر كأحد العوامل الدافعة للإنضمام إلى داعش.
وأكد اندريا بيلبانى (ايطاليا)، باحث الجامعة الكاثوليكية للقلب المقدس وباحث مشارك فى المعهد الإيطالى للدراسات السياسية الدولية، أن ضعف الدولة يدفع العديدين للإنضمام للجماعات الراديكالية المتطرفة، وكذلك، العودة والحنين إلى الماضى. وأشار إلى الأخطاء الغربية، خاصة فى العراق، وإلى ضرورة وضع إستراتيجية لمكافحة الإرهاب والتطرف. وحذر من أن أحد العوامل الجاذبة للجماعات الراديكالية المتطرفة، فكرة «الأخوة»، والحصول على عائلة واسعة جديدة.
أما هارولد فيانبوك (ألمانيا)، رئيس أبحاث بالتفاعلات الثقافية ببرلين وعضو مؤسس ورئيس مناوب بشبكة التوعية من الراديكالية والتطرف التابعة للإتحاد الأوروبى، فأكد أن العلم والمعرفة تكفلان لنا الوصول إلى حل الأزمات المختلفة، واقترح تنمية شبكة تضم عددا كبيرا من الخبراء، للمساعدة على الوصول إلى حل للأزمة.
جان باسكال ماريانى (فرنسا)، رئيس التعاون الدولى بوحدة التنسيق الوطنية لمكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية الفرنسية، يرى أن «داعش» تطور لكيان كبير، ومن ثم، نحن بحاجة للإتحاد فى مواجهة هذا الخطر. وتحدث عن مجموعة من الأساسيات حول داعش، وأكد أن الأمر لايتعلق بالدين، «فعندما نعتقل نحن كوزارة داخلية فرنسا - أناسا (من المواطنين الفرنسيين) فإنهم يسعون لهجمات إرهابية فى فرنسا، وغيرها نقوم بالتحقيق معهم واستجوابهم قبل تقديمهم للعدالة، فنجدهم لايعرفون أى شئ عن الإسلام. ونجد أن الكثير من الذين يتم إعتقالهم لايعرفون أنفسهم ب»المسلمين»، بل يعرفون أنفسهم ك»جهاديين». الأمر هنا يتعلق بالثقافة والحضارة فهو نقص ثقافة وقلة معرفة عن الحضارة. والجهاد، كلمة عميقة ذات مغزى إلا أن البعض يخشاها. وفى واقع الأمر، من الممكن القول أن الأمر لايتعلق بالإسلام، بل بمن يسمون أنفسهم بالمجاهدين. فعودة «المجاهدين» إلى الديار أكبر من قضية أمن قومى.
د.فؤاد عمور(المغرب)، مدير مركز جماعة الدراسات والأبحاث المتوسطية، يرى أن هناك العديد من العناصر الجاذبة لتجنيد الشباب ، على رأسها الجهل والأمية، وخاصة الجهل الدينى. فالإسلام الذى تدعيه الجماعات الراديكالية وتطبقه وتنادى به، بعيد كل البعد عن الإسلام الفعلى.
وعقب أ. ضياء رشوان مشيرا إلى لغز «جاذبية» داعش للتجنيد، فلايوجد منطقة رمادية فى هذا السياق، فلدينا إما مجموعة من الأناس يؤيدون داعش، أو لا يؤيدونهم، فلا يوجد احتمال ثالث. وحذر من تفسير البعض لظاهرة «داعش» بإختفاء الخلافة، والرغبة فى عودتها، فأغلبية «داعش» ذاتهم لايفهمون ماهى الخلافة. ولم يؤيد رشوان أن يكون الإحباط الجنسى مبررا للإنضمام إلى داعش بينما إستحسن فكرة جاذبية المعتنقين الجدد للإسلام وعوامل جاذبية القوة والوحشية. ويرى أن هناك علاقة طردية بين التعليم الدينى والإنضمام للجماعات. فالأزهر، بكل ما يتبعه من معاهد قبل جامعية وطلاب وأساتذة وكليات، لو بحثنا إحصائياً عدد الطلاب المنضمين للجماعات الراديكالية المتطرفة (مثل: تنظيم الجهاد، الجماعة الإسلامية، القاعدة، داعِش) نجده محدودا إلى درجة كبيرة. فأغلب هؤلاء المتطرفين ليسوا خريجى الأزهر، فكلما زدنا فى مستوى التعليم الدينى الحديث، قل العنف .وأكد أنه لايمكن أن نغفل أن «داعش» تمثل تراكم خبرات الحركات الإسلامية المسلحة. التراكم فى خبرة القدرة على العمل عبر الحدود منذ عام 1979، بداية من أفغانستان، والخبرة المكتسبة فى العراق، ومن ثم، فإن ما تقوم به الجماعات الراديكالية اليوم هو حصيلة تطور 35 عاماً من التحركات.
أساليب التجنيد
وفى الجلسة الثانية التى أدارتها د.هناء عبيد تناولت أ. أمل مختار فى ورقتها الوسائل والأساليب المتبعة فى جذب وتجنيد الشباب لدى داعش والنصرة. وأثارت الباحثة عدة نقاط كما يلى: النقطة الأولى هو كيف تقدم الجماعات الراديكالية المتطرفة نفسها للعالم الخارجى؟ وهذا التعريف يعد الرسالة الأولى التى يترتب عليها إما الانجذاب او الابتعاد عنها من قبل الافراد.
وداعش على سبيل المثال، تعلن نفسها أنها تتبنى مشروعا ضخما لإعادة الخلافة، وأنها تحيى دولة الإسلام أو الخلافة، بقيادة البغدادى. اما جبهة النصرة، فتقدم نفسها كبديل للنظام السورى باعتبارها تنظيم يهتم بالشأن السورى ومحاربة النظام السورى ويدافع عن اهل السنة هناك. وجبهة النصرة يقولون أنهم يتقبلون المذاهب الأخرى على عكس «داعش» التى تضع شروطا لذلك.
والنقطة الثانية: تكتيكات اتمام عملية ضم مقاتلين جدد وتنقسم إلى: قنوات الاتصال. ثم مضمون الرسائل التى تبث عبر هذه القنوات من اجل حشد الافراد خاصة الشباب. وبالنسبة للقنوات المباشرة، فمنها: السجون، المساجد، الجامعات وغيرها فكلها بيئات خصبة لنقل الأفكار التكفيرية، والتأثير على الشباب وإقناعهم بتنفيذ الأفكار على أرض الواقع، أما القنوات غير المباشرة فتتمثل فى العالم الإفتراضى أو الإنترنت، والتطور الحالى الذى أدى لطفرة فى عملية الحشد هو شبكة الإنترنت.
وأرجعت الباحثة الطفرة فى إستخدام هذه التكنولوجيا إلى سببين؛ الأول أن الشباب أساساً هم الأكثر إنضماماَ وهم يمتلكون خبرات تقنية عالية فى هذا المجال، الثانى أنه لا يمكن تجاهل الدعم السرى لعدد من أجهزة المخابرات لهذه الجماعات الإرهابية.
وتناولت الباحثة أدوار القائمين على تسهيل عمليات التجنيد مثل وكلاء التجنيد والسماسرة والوسطاء، والقائم بعملية الإقناع وهم غالباً نوعين : الدعاة والأئمة الراديكاليين ذوو التأثير القوى والكاريزما، أو مجموعة من النشطاء القادرين على التواصل مع الشباب من خلال الجامعات والتجمعات وعبر الشبكات الاجتماعية. وبالنسبة لتجنيد النساء، فنجد أنها الرسائل نفسها لكن بقدر من الخصوصية، فداعش تسعى لتأسيس دولة، ومن ثم، هم بحاجة لنساء (المهاجرات)، و رجال (المقاتلين). ومن ثم، تكوين أجيال جديدة.
وجاءت تعليقات المشاركين على ورقة الباحثة كما يلى:
فلورانس جوب: ترى ان البلدان الأوروبية لديها مشاكل فى مراقبة الإنترنت.. ويرى السفيرعزمى خليفة أن وسائل التعبئة والتجنيد فى الواقع تجمع بين أكثر من تكتيك واحد فى المرة الواحدة.
وتحدثت الباحثة رابحة علام عن تجربة التجنيد، حيث تم إعتقال مجموعة مراهقين لمدة ثلاثة أيام، يخرجون بعد ذلك وقد تم تجنيدهم بالفعل خلال تلك الفترة الوجيزة. وآخرين نجدهم قد تعرضوا لغسيل مخ عن طريق مخاطبة الغرائز الجنسية. وحذرت من أن شبكات تجنيد النساء فى «الرقة» أنخرطت فيها سيدات عملن فى شبكات البغاء، قبل سقوط الرقة فى يد داعش.
وأشار ناجح إبراهيم (مصر) إلى أن المجندين يذهبون تحت سمع وبصر السلطات. بحيث يمكننا القول أن العديد من الدول كانت ترغب فى أن يذهب الشباب للقتال فى سوريا كما حدث فى أفغانستان. ونبه إلى أن الإبهار عامل مهم فى عمليات الضم والتجنيد. أما جون باسكال مارينى (فرنسا) فيرى ضرورة عدم قصر كل شىد على الإنترنت.
أدوار الفاعلين الدوليين والإقليميين
وفى الجلسة الثالثة التى أدارتها د.أمانى الطويل عرض د.فؤاد عمور (المغرب)، النائب التنفيذى لمركز جماعة الدراسات والأبحاث المتوسطية، ورقته التى تناولت دور الفاعلين الدوليين والإقليميين تجاه الجماعات الراديكالية المتطرفة. وأكد عمور أن مواقف الفاعلين تتغير، فمنذ عام 2013، وحتى الآن، يتغير موقف الفاعل الواحد كثيراً. فاليوم توجه أمريكا خطابا يدعو بصورة غير مباشرة إلى التعامل مع «القاعدة» على حساب «داعش» على اعتبار أن ذلك أقل تكلفة.
ويمكن ملاحظة أنهخلال مرحلة بوش، كان يتم تبنى منهج تدخلى. أما عن إدارة أوباما، فإنها تتبنى منهج الواقعية الجديدة، والتى تريد من خلالها أمريكا أن يكون لها دور ولكن بأقل تكلفة. إذاً، فقضية «داعش» ليست من أولويات السياسة الأمريكية. وأما عن روسيا: فهى تدعم بطريقة لامشروطة النظام السورى، وتتبنى منهج الرجوع إلى المنطقة. بشار الأسد هو النظام الوحيد ذو العلاقات الوطيدة مع روسيا. وفى هذا السياق ترغب روسيا فى إظهار القوة فى المنطقة.
أما عن الفاعلين الإقليميين، فالصورة لا تختلف كثيراً عن مواقف الفاعلين الدوليين. فإيران: فى موقفها إزاء الظاهرة تعطي الاهتمام أساساً لأولوياتها الداخلية. فهى تسعى إلى إتخاذ موقع داخل المنطقة وإيجاد مكانة لها فى مواجهة السعودية، وتعتبر أن سوريا هى حليف إيران الوحيد.
وبالنسبة لتركيا، فهى تستغل المنطقة ومايحدث فيها لحل مشكلاتها الداخلية تجاه الأكراد. فهناك جماعات لديها تطلعات إستقلالية. وإسرائيل: الرابح فى المدى القريب، ونلاحظ إلتزام إسرائيل الصمت.
ونبهت د.أمانى الطويل إلى دور مصر فى القوى الإقليمية الفاعلة، فمصر تحارب من الشرق والغرب، ولايجب أن نتجاهل المصالح المصرية إزاء الإستقرار السياسى الذى تهدده داعش.
وعن دور الجامعة العربية تحدث السفير أنيس سالم الذى أعرب عن أعتقاده بأن اللحظة الحرجة كانت مع دخول داعش إلى سوريا. وفى هذا السياق، تأخر رد فعل الجامعة العربية، وكذلك الإعلام العربى لم يلعب دوراً مهماً. . وتساءل ، لماذا نركز على الفاعلين الدوليين، ونغفل الآخرين والفواعل من غير الدول؟ وأعرب العميد مختار بن نصر عن إعتقاده بعدم جواز التقليل من مكانة البترول، فهو من المحددات الإستراتيجية لكل النزاع الدائر. وحذرت د.أمانى الطويل من عدم تقديم أى ذخيرة فكرية، وغياب المداخل النفسية والفكرية للتعامل مع المراهقين والأطفال والمقبوض عليهم. ويرى اللواء عاصم جنيدى (مصر)أن البداية من المدرسة، فهناك أجيال لديها مشكلة بسبب الفكر المتأصل فى ذهنهم والحالة الإقتصادية فى مصر.
وعن الدور التركى تحدث سيزر اوزكان (تركيا)، دكتور مدرس بجامعة حسن كيلنسوه بتركيا، مشيرا إلى وجود عدد من المراكز البحثية التركية التى تقوم بعدد من المشاريع حول اللاجئين السوريين والأزمة هناك.
أبرز التوصيات:
كلما زدنا فى مستوى التعليم الدينى الحديث، قل العنف. إصلاح الفكر الدينى ليس وحده هو المهم، بل أيضاً المداخل الثقافية. - المنطقة تعانى أزمة قيم حقيقية. كما أن تعليم الناس، أمر مهم، ولكننا لاننتبه له. أن يتم تصحيح أفكار داعش، فأمام كل فكرة خاطئة لداعش، نضع مقابلها التصحيح فى جدول. وضع تدابير وقائية، فلايجب الاهتمام فقط بالجريمة بعد وقوعها، بل تدابير وقائية للمواجهة قبل الوقوع. الإرهاب ليس صناعة مصرية، ومن الضرورى إصلاح التعليم، والإتفاق على أطر التعايش والتسامح وقبول الآخر والحرص على جودة التدابير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.