تواجه صناعة السياحة فى مصر وليست شرم الشيخ فقط أزمة قد يطول مداها ولن تنتهى بين يوم وليلة كما يحاول البعض أن يصدر هذه الفكرة عن قصد أو دون قصد..هذه الأزمة غير المسبوقة فى حدتها تتطلب من قطاع السياحة مواجهتها أيضا بحلول غير تقليدية وجريئة تنتشلها من السقوط الى الهاوية.. فما هى إلا أيام قليلة وستشرق شمس شرم الشيخ بنسب إشغال تقل عن 20%..أما الغردقة عروس البحر الأحمر فستصل نسب الإشغال فيها الى 30% فى أحسن أحوالها..هذه الحقائق لابد لنا ان نواجهها ونعلنها بشفافية وأن نضع الحلول بجراءة دون الخوف من تأثر العلاقة بين السياحة والطيران. نعم هذه الأزمة تتطلب منا أن نفتح الملف المسكوت عنه والذى يمثل خطا أحمرا ممنوع الاقتراب منة..لقد آن الأوان أن يمتد التعاون بين وزارة الطيران والسياحة إلى حد الانصهار للعمل من أجل مصلحة هذا الوطن وهذه الصناعة التى نواجه دائما أزماتها بحلول كلاسيكية تقليدية لا تتعدى إلا إطلاق حزم تنشيطية هنا وحملات ترويجية هناك. ولننظر كيف استغلت شركات الطيران الأجنبية الحظر الذى فرضته بعض الدول على طائراتها المتجهة الى مصر عقب حادث الطائرة الروسية..فقد قامت هذه الشركات بإتخاذ قرارات فورية وسريعة بتيسير رحلات من مطار «فنيوكوفا» بموسكو إلى مدينتى شرم الشيخوالغردقة بأسعار خيالية تصل إلى 21 ألف روبل نحو 300 دولار أمريكى فقط وبما يوازى 2400 جنيه مصرى فقط لا غير..هذه الشركات اتخذت هذه القرارات من منطلق تفاعلها السريع مع متطلبات السوق والبحث عن المكسب دون الغرق فى حسابات أعداد الموظفين وأعباء لا ذنب لنا فيها. وهنا يطل علينا الحل السحرى للأزمة الراهنة للخروج منها سريعا دون استجداء للغرب الذى يتآمر على السياحة المصرية من وقت لآخر..وهو أن نمتلك أسطولا من الطائرات نوجهها إلى المقاصد السياحية العالمية لجلب السائحين الراغبين فى زيارة مصر دون انتظار لرضاء منظمى الرحلات أو رحمة الحكومات التى لا تريد الخير لمصر.. ويرى الخبراء أن هناك اتجاهين لتحقيق هذا الحلم الذى طال انتظارة..الأول هو أن تقوم وزارة السياحة بتوجيهه الدعم الذى كان مخصصا لشركات الطيران الأجنبية ومنظمى الرحلات إلى الشركة الوطنية للطيران وشركة «اير كايرو» التابعة للقابضة للطيران..لمساعدتها على تنفيذ رحلات إلى موسكو وإيطاليا وإنجلترا وكل دول العالم لكسر الحصار المفروض على مصر..ولنثبت للعالم أن مصر قادرة على نقل سائحيها ومواجهة أزمتها بفاعلية وجراءة.. وطالبوا أيضا بأن يستخدم هذا الدعم لتخفيض سعر تذاكر الطائرة وبحيث لا يزيد على 150 دولارا للتذكرة حتى يكون حافزا لجلب أعداد كبيرة من السائحين لتأكيد أمان المقاصد السياحية المصرية ..وهو الأمر الذى يفوق عائد الملايين من الدولارات التى تتكلفها حملات التنشيط وتضيع هباء بمجرد الإعلان عن حادث هنا أو هناك. وما يضيف مصداقية لهذا التوجه هو ما نشرتة صحيفة «الاندبندت» يوم الاثنين الماضي..عن قيام شركة «توماس كوك» بإعادة رحلاتها الى شرم الشيخ بداية من غد بتخفيضات تصل الى 49%..لتصل تكاليف الرحلة لمدة أسبوع شاملة الاقامة والطائرة إلى 373 جنيها إسترلينيا..وهو الأمر الذى يؤكد أن هناك حلولا متاحة لمواجهة الأزمة لم نلتفت إليها بعد. معاناة قطاع السياحة منذ ثورة يناير 2011 أما الاتجاة الثانى الذى يراة الخبراء هو ضرورة استغلال ما تمر به السياحة حاليا فى المطالبة بإنشاء شركة مصرية للطيران الشارتر..وهو ما تناولناه فى أعداد سابقة تحت عنوان «مطلوب سرعة تأسيس شركة مصرية للطيران منخفض التكاليف» وكان هشام زعزوع عندما كان وزيرا فى حكومة محلب قد بدأ فى إجراء دراسات لقيادة تحالف يستهدف دخول قطاع السياحة شريكا رئيسيا فى شركة «إيركايرو» ومجموعة من البنوك المصرية بقيمة 500 مليون جنيه..وهو رقم ضئيل بالمقارنة بما سيعود على صناعة السياحة..وقد أجمع الخبراء على أن نجاح وزير السياحة فى ذلك سيمثل نقلة غير مسبوقة لصناعة السياحة بالإضافة إلى أننا سنمتلك ولأول مرة فى تاريخنا عناصر النجاح والتفوق. أما تشجيع السياحة الداخلية ومبادرات» شرم ومصر فى قلوبنا«..فهى مبادرات حميدة لتشجيع المصريين على مساندة القطاع فى محنته وحماية للملايين الذين حتما سيفقدون وظائفهم ودخلهم الوحيد ما لم نتخذ إجراءات فاعلة وسريعة..ولكننا نعلم أيضا أن المصريين لا يسافرون إلا خلال الاجازة الصيفية أو اجازات نصف العام الدراسى فقط..فهل هذه الأيام المعدودة ستنقذ السياحة من الانهيار؟ وهنا أقول أنه لابد أن ينعقد المجلس الأعلى للسياحة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى لفتح ملف قيام وزارة السياحة بدعم الشركة الوطنية للطيران لزيادة قدرتها على الوصول إلى كل الدول الراغبة فى زيارة مصر وكسر الحصار المفروض علينا..أو اتخاذ قرار بإنشاء شركة مستقلة للطيران تكون مهمتها جلب الحركة إلى كل المقاصد السياحية..هذه القرارات لن يستطيع اتخاذها إلا الرئيس.