لابد أن اعترف ان حديث وزيرة الهجرة وشئون المصريين في الخارج نبيلة مكرم عن أطفال مصر المهاجرين قد أزعجنى..لقد ازعجنى كثيرا عدد هؤلاء الأطفال وانهم ثلاثة آلاف طفل.. وازعجنى أكثر سؤال حائر كيف خرج هذا العدد وما هى السفن التى حملته وما هو المدى الزمنى الذى تمت فيه هذه المصيبة..أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و13 سنة تحملهم سفن تجارية إلى أماكن مجهولة في عالم مجهول وأين قلوب الآباء الذين فرطوا في أبنائهم بهذه الصورة وفى هذا العمر..وأين رقابة أجهزة الدولة أين حراسة الحدود والمياه الإقليمية وسيادة الدولة وأجهزتها المسئولة..وما هى أسباب الظاهرة ان يفكر شاب ناضج في الهجرة أمام أحلام وردية بالعمل والثراء فهذا أمر منطقى أما ان يلقى الأب بأبنه الصغير في بطن سفينة لكى يسافر في رحلة موت فهذا شئ لا يمكن قبول.والسؤال الأخطر ماذا يفعل هؤلاء الأطفال في غربتهم ما هى مكوناتهم الثقافية التى ينشأون عليها وهم لم يدخلوا المدارس ولم يتحصلوا على اى قدر من التعليم وما هى الحرف التى يعملون فيها وكان من الممكن ان يخرج من بين هذه الألوف طبيب ناجح أو كاتب مشهور..وكيف يعيش هؤلاء في هذه المراكز ومن يراقب أحوالهم وأين حكومتنا الرشيدة من ذلك كله وقد غرقت في شبر ميه في الإسكندرية ..لقد قدرت كثيرا شجاعة وزيرة الهجرة لأن تعلن هذه الكارثة وبكل المسئولية رغم إنها وليدة عصور مضت من الفساد وغياب المسئولية..لابد ان تدرس الحكومة بكامل مؤسساتها هذه الظاهرة ان تقول لنا وزارة الداخلية كيف خرج هؤلاء الأطفال وكيف سافروا وما هى العصابات التى تولت مسئولية سفرهم وان تتابع وزارة الخارجية أحوالهم هناك وما هى الظروف التى يعيشون فيها والأعمال التى يمارسونها إنها ليست فقط سمعة وطن ولكنها قدسية علاقة بين طفل صغير من حقه على هذا الوطن الرعاية والحماية والأمن..ارجو ان تأخذ هذه القضية الصدارة في برنامج الحكومة وتناقشها على أعلى المستويات لأن مستقبل ثلاثة آلاف طفل مصرى هاجروا في ظروف غامضة إلى ايطاليا كارثة إنسانية بكل المقاييس لمزيد من مقالات فاروق جويدة