فى ظل أجواء الفوضى والحروب التى تضرب عدة دول عربية وتهدد استقرارها، وربما تفضى إلى تفتتها وتقسيمها كما فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، مما فتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية، تقف جامعة الدول العربية فى موقف شديد الصعوبة يتطلب منها مجابهة تلك التحديات، «الأهرام» التقت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة العربية، وناقشتها حول أبرز التحديات التى تواجه الجامعة للقيام بدورها وقضايا الإعلام العربي: - احتفلت جامعة الدول العربية هذا العام بعيدها السبعين، فهل ما زالت الجامعة قادرة على القيام بدورها فى ظل التغييرات الإقليمية والدولية المتلاحقة؟ تعد جامعة الدول العربية أقدم منظمة إقليمية فى العالم، حيث سبقت إنشاء الأممالمتحدة بأشهر قليلة، وطبقا للمادة الثانية من ميثاق الجامعة فإن الهدف من إنشائها توثيق الصلات بين الدول الأعضاء فيها وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة استقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة فى شئون البلاد العربية ومصالحها. وفى هذا السياق، استمرت الجامعة فى العمل منذ نشأتها دون توقف على الرغم من التحديات والأزمات التى واجهتها والتى لا تزال ممتدة، فقد بذلت الجامعة جهودا كبيرة فى دعم نضال الشعوب العربية حتى نالت استقلالها وما زال جهدها مستمرا لدعم القضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطينى من نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، كما استطاعت الجامعة العربية أن تحقق العديد من الإنجازات فى شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والآن وقد أصبحنا فى القرن الحادى والعشرين، فقد بدأت الجامعة فى حركة تطوير شامل لأنظمتها بما يمكنها من الارتقاء بأساليب عملها، ومواكبة المستجدات على الساحتين العربية والدولية، إذن فإن الجامعة العربية بدأت تخطو بخطى سريعة نحو الهدف المنشود وهو أن تنتقل من الجيل الأول للمنظمات الدولية لتصبح منظمة دولية حديثة حتى تتمكن من الاضطلاع بمسئوليتها التى تمليها عليها تحديات العصر بظروفه الدولية والإقليمية الراهنة. - وما هى أبرز التحديات الراهنة؟ هناك العديد من التحديات، ولا شك أن أبرز هذه التحديات التى تواجه الجامعة العربية فى الذكرى السبعين لإنشائها يتمثل فى القضية المركزية التى يلتف حولها ويجتمع عليها العرب، وهى القضية الفلسطينية، القضية المحورية، أما التحدى الآخر هو قضية الإرهاب، والتطرف الديني، وضرورة مواجهته ليس فقط بالقوة، وإنما أيضا بالفكر وخطاب دينى مستنير، ولا ننسي أخيرا أن التنمية الاقتصادية للمنطقة العربية هى أحد أبرز تلك التحديات. - كيف يمكن تطوير آليات فض النزاعات فى الدول العربية؟ فيما يتعلق باستحقاقات الأمن وتسوية النزاعات، وتحقيق الاستقرار، فإن الجامعة بدأت فى تطوير آلياتها فى هذا المجال، سواء تم ذلك من خلال مجلس الدفاع العربى المشترك أو من خلال تعزيز قدرات وصلاحيات مجلس وزراء الداخلية العرب ومكتب الإنتربول العربي، كما قامت الجامعة بتأسيس إدارة للأزمات بهدف العمل على مواجهة مختلف أنواع الأزمات فى المنطقة بطريقة فعالة. - بصفتكم رئيس قطاع الإعلام بالجامعة، ما هى أبرز التحديات التى تواجه الإعلام العربي؟ من المؤكد أن المنطقة العربية تمرّ بمرحلة دقيقة، وربما تكون من أصعب المراحل التى تمر بها شعوب المنطقة، وقد احتل فيها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى الحيز الأكبر والأهم فى حياة الناس، وانعكس ذلك واضحا على تأثير وتأثر كل دولة بما يحيط بها؛ ويتمثل أحد هذه التحديات التى تواجه صناعة الإعلام العربى فى مدى قدرته على مواكبة نظيره العالمى العصرى والمنفتح واللاهث وراء الخبر بجميع أشكاله وأنواعه. والمرحلة الحالية تتطلب من الإعلام العربي، مواقف صادقة يتم فيها مراعاة مصالح الأمة العربية العليا ومستقبل شعوبها، وأن يكون إعلاما عصريا يتصف بالمصداقية وإنصاف القضايا الإنسانية العادلة، انطلاقا من الإيمان بالحوار البنّاء، وأن السلم والسلام هما الرسالة الأسمى لشعوب الأرض. لذا فإن الخط الإعلامى الذى يجب أن تتبناه جميع وسائل الإعلام انطلاقا من الاستراتيجية الإعلامية لمكافحة الإرهاب التى أقرها مجلس وزراء الاعلام العرب ينبغى أن يقوم على نبذ ومحاربة الإرهاب، والدعوة إلى الحوار والإيمان بالرأى والرأى الآخر. - وكيف يواجه العالم العربى الهجمة الإعلامية الشرسة التى تكاد تعصف بهويته؟ من المهم تحصين الهوية الثقافية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وتوسيع الانتماء إليها خاصة لدى فئة الشباب، ويعتبر الإعلام من أهم المؤسسات التى تسهم فى تعزيز مفهوم الانتماء العربى والإسلامي، الذى يمثل هوية ثقافية موحدة، حيث تلعب اللغة العربية دور المعبر عن الثقافة العربية والحافظ لتراثها. وموقع العالم العربى لأهميته السياسية والاقتصادية والجغرافية يجعله مستهدفا فى كيانه وثقافته وعقيدته، فالهجمة الشرسة التى يتعرض لها الإسلام وربطه بالإرهاب تتطلب من كل صوت عربى أن يتصدى لها. فوسائل التواصل الاجتماعى سهلت تمدد الجماعات الإرهابية ووفرت فضاء لنشر أفكار هذه الجماعات فى ظل غياب التخطيط الاستراتيجى فى التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي. - وما هى المشروعات الإعلامية التى تتبناها جامعة الدول فى هذا الصدد؟ يقوم قطاع الإعلام والاتصال حاليا بالإعداد لعديد من المبادرات الهادفة للتصدى للحملات الإعلامية التى تستهدف صورة الإنسان العربى والمسلم من خلال خطة التحرك الإعلامى بالخارج التى أقرها مجلس وزراء الإعلام العرب، كما قام قطاع الإعلام بالانتهاء من دراسة إنشاء محطة إذاعية وتليفزيونية على شبكة الإنترنت، وأطلق القطاع البوابة الإلكترونية لجامعة الدول العربية، ويحضر الآن لإطلاقها باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مشروعات إعلامية أخرى ستظهر عما قريب.