«اللاجئون يتحرشون بالألمانيات ويرتكبون أعمال عنف حتى ضد بعضهم البعض ويسرقون من المحلات فى وضح النهار..» هذه فقط عينة من بعض الشائعات التى تروجها جماعات اليمين المتطرف فى المانيا على مواقع التواصل الاجتماعى لإثارة مخاوف الألمان من الوافدين الجدد. وهى اتهامات تلتقطها بعض وسائل الإعلام وتروجها عن قصد لجذب المشاهدين والقراء مستغلة الاهتمام الشعبى الطاغى هنا بأزمة اللاجئين وكيفية مواجهتها. وتنتشر هذه الشائعات المغرضة كالنار فى الهشيم بين الألمان خاصة فى المدن والقرى الواقعة فى ولايات الشرق الالمانية التى لم يعتد مواطنوها على وجود الأجانب بينهم ، فيصدقها البعض وينضمون للتظاهرات المعادية للاجئين مثل تلك التى تنظمها حركة «بيجيدا» فى دريسدن كل يوم إثنين. ولدحض هذه الشائعات اعدت القناة الاولى فى التليفزيون الألمانى تقريرا حول ابرز الإتهامات الموجهة للاجئين السوريين خصيصا وتقصت مدى صحتها. الشائعة الأولى : معدلات الجريمة ارتفعت فى المانيا بسبب مئات الآلاف من اللاجئين. بالرجوع لإحصاءات الشرطة فى الولايات تبين ان بعض المدن التى تستوعب عددا كبيرا من اللاجئين تشهد بالفعل ارتفاعا طفيفا فى نسبة الجريمة العامة مثل الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة واستخدام العنف ضد الأخرين ومعاكسة الفتيات والنساء إلخ ، كما فى ولاية ساكسونيا التى تشهد ايضا اكبر عداء للاجئين الموجودين هناك فارتفعت نسبة الجريمة من 3 إلى 4٪ فى فترة وجيزة وهو ما تفسره وزارة الداخلية بارتفاع عدد اللاجئين انفسهم وبالتالى تزداد تلقائيا نسبة الجريمة ولا يمكن اعتبار ذلك دليلا على انهم اكثر ميلا للعنف وانتهاك القانون من الألمان انفسهم، كما تقول شرطة الولاية! وفى مدينة ميتسن التى لا يزيد عدد سكانها عن عشرة آلاف وإستقبلت وحدها ثلاثة آلاف لاجئ، لاحظت الشرطة بعد قياس معدلات الجريمة فى محيط دور اللاجئين، ان معدل السرقات البسيطة لأطعمة او مشروبات او اشياء لا تتعدى قيمتها 20 يورو قد ارتفع وهو ما تصفه الشرطة ب«سرقات الفقراء» وتعتبر هذه السرقات « طبيعية» وتحدث وسط اى تجمع من البشر لا يملكون ما يكفى من المال. اما اكثر المخالفات التى يرتكبها اللاجئون فى انحاء المانيا فهى ركوب القطارات والمواصلات دون سداد ثمن التذكرة او شراء تليفونات محمولة بعقود وهو ما يوقعهم سريعا فى فخ الديون لانهم لا يملكون سداد قيمة الفواتير الشهرية. ويعود السبب إلى ان الغالبية العظمى من اللاجئين لا تعرف اللغة وهو ما يستغله احيانا بعض اصحاب المتاجر، بالإضافة إلى الجهل بقوانين التعامل فى المانيا، فلا يعرف كثيرون ان شراء تذكرة المترو مسئوليتهم الشخصية وان من يتم ضبطه بدون تذكرة يسدد غرامة مالية ضخمة. وكشفت القناة أن العنف يزداد فعلا ولكن بين اللاجئين انفسهم داخل دور السكن وليس ضد الألمان وذلك بسبب الزحام الشديد والتنافس على اسبقية الحصول على الطعام واستخدام المراحيض واحيانا بسبب الحزازات العرقية والمذهبية للاجئين. اما ما يجب ان يؤرق السلطات الألمانية فهو زيادة اعمال العنف العنصرى تجاه اللاجئين والتى تضاعفت فى الاشهر الثمانية الأولى من العام الحالى مقارنة بالعام الماضى لتصل إلى قرابة الخمسمائة اعتداء يمينى عليهم وعلى مساكنهم. الشائعة الثانية: اللاجئون يتحدون اصحاب المتاجر ويخرجون بالبضائع دون سداد ثمنها امام الجميع! تنتشر فى مدن شرق المانيا مثل مايسن ودريسدن ونويبراندنبورج قصصا عن لاجئين يدخلون سلاسل السوبرماركت ومتاجر الملابس ذات الماركات العالمية ويحملون ما يشاءون ويخرجون بدون سداد ثمنه متحدين البائعين وأفراد الأمن دون ان يتعرضوا للمساءلة من قبل الشرطة لأن هناك تعليمات لاصحاب المتاجر بعدم الإبلاغ عن اللاجئين وان تعويضهم يتم من قبل السلطات والبلدية! وبسؤال الشركات وسلاسل السوبرماركت اكدت هذه بدورها للمحطة الألمانية ان هذه شائعات مغرضة هدفها تشويه صورة اللاجئين وقد علقت إحدى سلاسل السوبرماركت الكبرى فى ألمانيا لافتات على مداخلها تؤكد كذب هذه الإدعاءات وتؤكد ان التعامل مع اللاجئين يتم بسلاسة. الشائعة الثالثة: اللاجئون المسلمون يسرقون الماعز والخراف من حدائق الحيوان لذبحها واكلها! فى مدينة ايرفورت فى الشرق يسود اعتقاد ان هذا يتكرر فى حديقة حيوان المدينة فى حين ان هناك حالة واحدة فقط معروفة وقعت فى مدينة ايندلار فى شمال الراين وستفاليا وسلطت وسائل الإعلام الضوء عليها بكثافة، حيث قام احد اللاجئين بسرقة نعجة من حديقة مخصصة للاطفال وذبحها فى منزله وتم إلقاء القبض عليه وترحيله من المانيا حيث ارتكب اكثر من مخالفة كما تقول الشرطة ولم يحترم القوانين الألمانية. الشائعة الرابعة: اللاجئون يحتلون صالات الألعاب الرياضية فى المدارس والتلاميذ لا يمارسون الرياضة ! هذه الشائعة صحيحة إلى حد ما حسب كل ولاية والأماكن المتوفرة فيها لإيواء اللاجئين. ففى بافاريا مثلا التى تنتشر فيها هذه الشائعة إضطر التلاميذ فى 40 مدرسة للبحث عن اماكن بديلة للقيام بالألعاب الرياضية بسبب إيواء اللاجئين فى الصالات الرياضية التابعة لمدارسهم حماية لهم من البرد القارس مع عدم توفر مساكن خالية لهم ولكن عدد المدارس فى الولاية هو خمسة آلاف مدرسة وبذلك لا يمكن اعتبارها ظاهرة ففى ولاية هامبورج لم تضطر السلطات للجوء لهذا الحل مثلا ولديها اماكن كافية للاجئين الوافدين. الشائعة الخامسة: اللاجئون يحصلون على دعم من الحكومة الألمانية اكثر من العاطلين الذين يعيشون فى المانيا تحرص مواقع الأحزاب اليمينية على نشر صور اللاجئين الوافدين وهم يرتدون ملابس باهظة الثمن ويحملون هواتف حديثة لتدعم بها إتهامها للاجئين بأنهم لا يحتاجون الدعم الذى تقدمه لهم الحكومة هنا فمعهم اموال كثيرة. واوضح التقرير التليفزيونى ان هناك بالفعل من بين اللاجئين السوريين اطباء ومهندسين واساتذة جامعات واسر ميسورة الحال ولكن الغالبية العظمى ليست كذلك وحصلوا على ملابسهم ذات الماركات هنا كتبرعات فى المانيا من المواطنين انفسهم. اما الهواتف الحديثة فهى ضرورة لكل لاجئ اثناء رحلة اللجوء عبر اربع او خمس دول فهى تدلهم على الطريق ووسيلة تواصل مع المهربين ومع اسرهم ولمعرفة الطقس ايضا. والأكيد هو ان اللاجئين يحصلون على مأوى وطعام وملابس وادوية وما يحتاجونه فى المعسكرات المخصصة فور وصولهم وبعد توزيعهم على دور اللاجئين او المساكن الخالية يحصل اللاجيء على 216 يورو للغذاء والملبس و143 يورو كمصروف نقدى أى يحصل شهريا على 359 يورو فى حين تبلغ المعونة الاجتماعية للعاطلين فى المانيا 400 يورو شهريا لكل فرد. الشائعة السادسة: 30 % من اللاجئين السوريين ليسوا سوريين اصلا! هذه الشائعة تستند إلى تصريحات من وزير داخلية المانيا دى ميزيير الذى صرح بأن 30 % ممن يدعون انهم سوريين ليسوا كذلك ولكن القناة الالمانية تؤكد ان هذه النسبة مبالغ فيها ولم يقدم الوزير إحصاء رسميا يوثق ما يقول. هناك بالتأكيد عدد كبير من اللاجئين من دول عربية او إسلامية لا تعانى من حروب اهلية يتسللون ضمن اللاجئين السوريين لضمان منحهم اللجوء. غير ان الرقابة التى تفرضها المانيا على حدودها حاليا وعمليات تسجيل اللاجئين تكشف هذه الحالات سريعا نظرا للإستعانة ايضا بخبراء فى اللهجات العربية وإجراء اختبار معلومات لمن يشكل فى امره او لا يحمل هوية سورية.