ضعف المشاركة الشعبية بانتخابات الجولة الأول« المفضية لمجلس النواب، جعلت الكثير يعيد قراءة المشهد السياسي، بعدما بات توقيت تلك الجولة حاسما بهذا السياق. تعددت أسباب ضعف المشاركة والعزوف واحد.. هكذا بدأ حديثه عصام شيحة القيادى بتيار إصلاح الوفد، مؤكدا أن هناك أسبابا عديدة لعزوف الناخبين عن التصويت فى انتخابات البرلمان بالمرحلة الأولى منها ارتباك البيئة السياسية والانتخابية وبالتالى أصابها الكثير من الخلل والعطب. حدث هذا الأمر منذ بداية عام 2015 فقد تحدد موعد إجراء الانتخابات ثم تم تأجيلها بسبب الطعن على قانونى مباشرة الحقوق السياسة وتوزيع الدوائر الانتخابية، واستجابة المحكمة الدستورية بتأجيل الانتخابات. أضف لذلك قانون الانتخابات نفسه، الذى أحدث من دون أن يدرى القائمون عليه كم ونوعية العقبات والصعوبات التى وضعها أمام الناخب منها على سبيل المثال جعل الدوائر الانتخابية مختلفة عن بعضها البعض، فهناك دوائر بها مقعد واحد وأخرى اثنان، وأخرى ثلاثة، وأخرى أربعة مما اربك الناخب، كما بدا فى معدلات الأصوات الباطلة. وتابع شيحة قائلا: إن السبب الثالث هو عزوف القيادات السياسية والنخبة الفاعلة فى المجتمع عن المشاركة فى الانتخابات وهذا الأمر يرجع إلى أن الإعلام وبعض الساسة وبعض المقربين من النظام قدموا البرلمان القادم على أنه معرقل للرئيس، والسبب الرابع يرجع إلى فشل الأحزاب السياسية فى تقديم مرشحين يكونون قادرين على تمثيل ثورتى 25 يناير و30 يونيو. وحسب رؤية القيادى بتيار إصلاح الوفد، فإن قطاعا كبيرا من المجتمع عزف عن المشاركة لاعتقاده أن المنقذ « السيسي» سيتدخل فى أى وقت ويحل اى أزمة تواجه الشعب، مضيفا أن مشاركة الشباب كانت غير فاعلة فى المرحلة الأولى من الانتخابات على الرغم من أن الشباب يمثل نسبة 65% من المجتمع . ووضع شيحة حلولا لاستقطاب الناخبين فى المرحلة الثانية، منها أولا تصحيح الصورة الذهنية لدور البرلمان فى التشريع والرقابة، ثانيا أن الإعلام عليه دور هام فى تحفيز المواطنين على أهمية البرلمان، ثالثا لابد للحكومة أن تحدد بوصلة للانتخابات. وأشار شيحة إلى أن السلبية وعدم المشاركة لا تبنى الأوطان، وان الأوطان تبنى بالمشاركة والفاعلية، مضيفا أن نسب التصويت فى المرحلة الأولى تعادل معدلات التصويت بالانتخابات البرلمانية قبل 25 يناير، مؤكدا أنها نسب متوقعة لكثرة وجود وجوه جديدة على الساحة البرلمانية، موضحا أن المواطنين أرهقتهم كثرة الاستحقاقات السياسية. من جانبه يرى نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع، أن أسباب ضعف نسبة الإقبال ترجع إلى أن عددا كبيرا من المحللين والخبراء تحدثوا تكرارا عن أن المجلس النيابى سيتم حله، كما أن كثرة الأقاويل بأن البرلمان سيعيق خطط ومشاريع رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى أن النظام الانتخابى أعاق الناخبين حيث إن هذا النظام قائم على فكرة القوائم المطلقة، مضيفا أن بعض الناخبين رفضوا التصويت لقائمة ما لرفضهم اثنين من المرشحين، وبالتالى قد تنجح القائمة بالكامل أو تسقط بالكامل. وأشار إلى أن عددا من الأشخاص تحدثوا على أن المجلس النيابى القادم سيعدل من الدستور لتقليص صلاحيات البرلمان، وليس من المعقول أن ينتخب مرشحين لمجلس قد يحاولون تقليص سلطاته، بالإضافة إلى أن كثرة عمليات التصويت المتوالية أرهقت المواطنين حيث انه منذ مارس 2011 حتى مايو 2014 توجه الناخبون 6 مرات إلى صناديق الاقتراع،كما أن هناك مرشحين كثيرين بلا مواقف معروفة وبلا تاريخ وبلا انجاز يرتبط بأسمائهم وهذا ما جعل العديد من الناخبين يسألون لمن نعطى أصواتنا؟!، وبخاصة مع الافتقار إلى وجود قيادات سياسية شعبية، مضيفا أن من أسباب العزوف أيضا النظام الانتخابى حيث إن لجنة تعديل النظام الانتخابى رفضت العديد من مقترحات الأحزاب ومنها أن عدد القوائم 6 بدلا من 4 حتى يمكن تضييق المساحة الجغرافية الشاسعة التى تجعل الناخب فى أسوان يضطر لانتخاب مرشح فى الجيزة لا يعرفه، ثم ان البعض فهم خطأ فلسفة وجود الفئات المهمشة فى القوائم ووضعوا عددا من السيدات وعددا من الأقباط وقد تصوروا من جانبهم أن الناخب سيختار مرشحه بمجرد أنها امرأة وليس لكونها تمارس نشاطا ثقافيا أو اجتماعيا أو سياسيا أو خدميا، ونفس الأمر على الأقباط . وأوضح زكى أنه ما لم تحدث أى توعية سياسية بأهمية البرلمان القادم وكيف أن الناخب هو صاحب القرار فى نجاح أو سقوط اى مرشح، مطالبا الناخبين بالمشاركة بالمرحلة الثانية بالنزول بكثافة، لكون مشاركته تمنحه الحق فى محاسبة النائب عما يفعله من أجل تحسين أحوال المواطنين . وضع زكى روشتة لعلاج حالة عزوف الناخبين مطالبا جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى ان تشرح للمواطنين منذ هذه اللحظة أن رفع مستوى المعيشة ومكافحة الفقر والبطالة وتحسين الخدمات مرتبط بتركيبة البرلمان القادم، وهل سيختارونه من ممثلى الشعب الذين يكرسون طاقتهم لضبط الأسعار للسلع الضرورية ورفع مستوى المعيشة أم العكس ؟ مؤكدا أن مستقبل الحالة المعيشية للمواطن مرتبط بالدور الذى سيلعبه هذا البرلمان ومن هنا تأتى أهمية التصويت. وحسب رؤية زكى فإن انتخابات 2015 أنزه انتخابات فى تاريخ مصر،وان نسب التصويت تعد ضئيلة وترجع للأسباب السابقة وأيضا إلى أن الأحزاب شغلت نفسها على مدى شهور طويلة بالقوائم وكيفية وضعها وتغاضت عن توعية المواطن بحقيقة أن البرلمان القادم هو الترجمة العملية لثورة 30 وأهدافها . أما الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع السياسى فيؤكد أن نسبة الإقبال على التصويت فى المرحلة الأولى لم تكن مرضية ولا تتناسب مع ما كنا نصبو إليه من مشاركة إيجابية فاعلة تساهم فى تطوير الحياة الديمقراطية وتحقق المرحلة الثالثة من خارطة المستقبل . وأرجع يحيى عزوف الناخبين عن التصويت إلى الأسباب الآتية: قصر فترة الدعاية الانتخابية.و غياب دور الأحزاب عن الساحة السياسية وهواجس وشواغل الناس المعيشية. بجانب الصراعات السياسية بين أصحاب القوائم . وعدم حل المشكلات المعلقة بين الإدارة السياسية والشباب . مع ضعف دور الإعلام فى تحسين وتعبئة المواطنين نحو المشاركة، ولا ننسى حالة الإحباط العام نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية وتدنى مستوى المعيشة .