مئات القرى فى البحيرة استباحت مياهنا العذبة وأغرقتها بمجاريها السامة عن طريق عربات الكسح التى تلقى مخلفاتها القاتلة فى النيل والمصارف والترع المخصصة لرى الزراعات ومآخذ محطات مياه الشرب حتى تحول بعضها الى برك قذرة ومستنقعات آسنة مما ينذر بتدمير آلاف الأفدنة ويهدد صحة وحياة المواطنين فى ظل عجز كامل عن مواجهة هذه الجريمة المسكوت عنها منذ عقود . الدكتور فوزى الفحام استشارى التحاليل الطبية يؤكد ان البحيرة عاصمة مصر الزراعية على أعتاب كارثة بيئية وصحية خطيرة بعد ان واصل سائقو سيارات الكسح مخالفاتهم للقانون وقاموا بتفريغ الصرف الصحى فى المجارى المائية والأراضى الزراعية والطرق تحت سمع وبصر المسئولين الذين تعاملوا مع المشكلة بسياسة النعام وتجاهلوا صرخات الأهالى الذين لجأوا بالشكوى من تسمم محاصيلهم الزراعية وانتشار الروائح الكريهة التى أصابتهم بقائمة طويلة من الأمراض والأوبئة مؤكدا ان قسوة الحياة فى ظل انعدام الكثير من الخدمات خاصة الصرف الصحى فى القرى اضطر الأهالى لاستخدام (الطرنشات)، وأضاف الدكتور عصام القاضى عضو لجنة الصحة سابقا بمجلس الشعب أن فصول الأزمة تبدأ بترعة ساحل مرقص الممتدة بطول نحو 57 كيلو مترا التى تروى حوالى 143 ألف فدان وتقع على ضفتيها وبجوارها أكثر من 45 قرية حيث تلقى فى جوفها عربات كسح المجارى ليل نهار الى جانب بعض الأهالى الذين قاموا بمد خطوط للصرف الصحى من منازلهم لتصب سمومها هى الأخرى بالترعة والتى يستمر سريانها بقرى مراكز المحمودية والرحمانية وشبراخيت وايتاى البارود وتتجمع تلك المخلفات المدمرة أمام مداخل محطات تنقية مياه الشرب التى تغذى مياهها قطاع سكانىا عريضا تشغله كثافة ضخمة دون مساءلة من أحد وكأن ما يحدث من مخالفات جسيمة لا يعنى أى مسئول ولا يحرك له ساكنا رغم ما تحمله من أمراض لها أبلغ الضرر على صحة المواطنين وما تتكبده الدولة من أموال طائلة لعلاج أمراض الفشل الكلوى والكبدى التى تؤدى إلى خسائر هائلة تتمثل فى حصد الأرواح جراء الطعام الملوث والأكل الفاسد وشرب المياه غير الصالحة للاستخدام الآدمى .ويشير الدكتور علاء الدين حين رشدى الباحث بكلية الزراعة بجامعة دمنهور الى أن هذا المسلسل يمتد ليشمل مصرف كوم حمادة الدلنجات الذى يروى نحو 17 ألف فدان وهو مصرف زراعى الا انه تحول الى مصرف للصرف الصحى وملاذا لسيارات الكسح وكشف أحمد سليم صاحب عربة لكسح المجارى أنه يعانى وغيره من السائقين فى أثناء قيامهم بالتخلص من المخلفات لأن بعض مسئولى المحليات يحددون لهم أماكن بعيدة جدا للتخلص منها ولم يضعوا البدائل المناسبة والبعض الآخر لم يخصص أماكن وهو ما يحتاج جهودا فوق الاحتمال مما يتسبب فى خروجهم عن القانون كما تفعل سيارت الكسح بقري الرحمانية خاصة سمخراط ، مضيفا أن زميلا له ذهب للوحدة المحلية لقرية أورين بشبراخيت لاستخراج تصريح لالقاء مخلفات الصرف الصحى فى الأماكن المخصصة لذلك إلا ان المسئولون رفضوا بحجة أن الرى هو المسئولين والرى يرد بأن شركة المياه والصرف الصحى هى المسئولة وهى الأخرى ترفض وهكذا ندرون فى حلقة مفرغة. واجهت(الأهرام) الدكتور محمد سلطان محافظ البحيرة والذى أصدر قرارا فوريا بمصادرة أى جرار أو معدة تقوم بإلقاء مخلفات الصرف الصحى فى الأماكن غير المخصصة وتغريم وايقاف أى سائق عن العمل يقود سيارته بدون لوحات معدنية واحالته لجهات التحقيق ، كما قرر عزل أى رئيس قرية ومجازاة رئيس المدينة التابع لها فى حالة وجود سيارات تلقى محتوياتها بالترع الرئيسية والفرعية ونهر النيل، وأصدر سلطان تعليمات مشددة لرؤساء الوحدات القروية بمتابعة المجارى المائية وتكثيف الورديات واعداد الأكمنة اللازمة لضبط سيارات الكسح المخالفة حفاظا على البيئة وصحة المواطنين ،موضحا بأن وزارة الاسكان تبدأ حاليا فى تنفيذ المشروع القومى لصرف صحى القرى بقيمة مليار دولار بواقع 155 قرية للمرحلة الأولى بثلاث محافظات على رأسها البحيرة ومن المقرر الانتهاء منه فى غضون 3 سنوات ويمكن لهذا المشروع أن يوفر المليارات لميزانة وزارة الصحة .