أدهشنى فى حكم المحكمة أن القاضى الجليل فوزى على حسين شلبى يتباكى وهو يعلن أنه مضطر للحكم فى قضية إضرار ونهب من المال العام وفقا لقانون 47 لسنة 1978 الملغى وليس وفقا لقانون الخدمة المدنية الصادر بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى رقم 18 لسنة 2015 الأمر جعل العقوبة فى نظر القاضى الجليل لا تسمن ولا تغنى من جوع حتى وهو يجازى المتهمين المحالين للمعاش قبل صدور القانون الجديد بغرامة تعادل فى حدها الأقصى خمسة أضعاف الأجر الأساسى الذى كان يتقاضاه شهريا كل منهم وقت الإحالة للمعاش، فى حين أن العقوبة فى قانون الخدمة المدنية الجديد عشرة أضعاف المرتب وهى أيضا لا تسمن ولا تغنى من جوع عن نهب ما يصل الى مليار و370 مليون جنيه وهو ما أمكن حصره فى 6شهور فقط، مالم تقم الجهة الادارية الرشيدة بكل ما تملكه من سلطات وامكانات قانونية باسترداد اموال التأمينات التى صرفت بدون وجه حق باعتبار الدولة أو الحكومة نائبة عن الشعب فى ادارة أموال التأمينات التى هى مستأمنة فى الذود عنها وتنميتها بكل نزاهة وإخلاص! كانت هذه الفقرات من نص الحكم فى الدعوى رقم 115 لسنة 57ق بتاريخ 19 أغسطس 2015 المقامة من النيابة الادارية ضد على محمود على نصار وثريا فتوح عبد الحميد رئيسى صندوق العاملين بالتأمينات بالقطاع الحكومى وبقطاع الأعمال العام والخاص السابقين بالترتيب وهشام عبد المحسن قنديل رئيس قطاع الحاسب الآلى بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وقد فسر لى الحكم لماذا ثارت الدنيا ضد الحكومة السابقة عند صدور القرار الجمهورى بالقانون الجديد للخدمة المدنية وأطلقوا عليه قانون «محلب» خاصة فى «قطاعات النهب» فى التأمينات والضرائب قى حين تنتظر وتترقب آثار صدوره القطاعات «الشغيلة» الغلبانة فى دواليب العمل بالدولة! وإذا كان القاضى «يتباكى» وهو يعلن اقتناعه بأن العقوبة فى القانون القديم لا تساوى الجرم، وربما يتمنى لو يحكم بالعقوبة الأشد ولو كانت الإعدام على كل من تمتد يده لنهب المال العام، فماذا يقول اذا قرأ هذا الخطاب الذى لم يعد سرا ووصلتنى صورة منه مؤخرا والذى أرسله وزير المالية لوزيرة التضامن الاجتماعى بالموافقة على إقراض وزارتها مبلغا يصل الى 20 مليار جنيه ويقول فيه بالنص «بناء على اجتماع جرى بينه وبين الوزيرة ووزير التخطيط فى 27 مايو 2015 فى إطار فك التشابكات المالية وبناء على خطاب من الوزيرة فى 10 أغسطس 2015 بشأن طلب اصدار سند على الخزانة العامة لصالح صندوق التأمينات والمعاشات، وأتشرف بأن أرفق طيه أصل السندين الأول بمبلغ 11.9 مليار جنيه لصالح صندوق التأمين بالحكومة والثانى بمبلغ 9.1 مليار جنيه لصندوق العاملين بالقطاع العام والخاص، وذلك بفائدة 9 بالمائة يسدد خلال الفترة من أكتوبر الى ديسمبر لعام 2015 وذلك لتوفير السيولة النقدية للصندوقين المذكورين. فإذا كان «العجز» هو الوضع المالى لصناديق التأمينات والذى أكدته تصريحات صحفية للسيدة الوزيرة وقالت فيها إنها لا تستطيع أن تدفع 55 مليار جنيه من أصل 110 مليارات معاشات، وان الحكومة لن تستطيع تحمل هذا المبلغ فى المستقبل، فمن يضمن فى غياب المعلومات بالنفى أو التوضيح ألا تسود الدنيا وترتبك الحقائق فى وجوه 9 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات؟ أو فى وجوه 23 مليونا من المشتركين، خاصة عندما يقرأون تصريحات عمر حسن رئيس صندوق التأمين الحكومى والذى تباهى فيه بحجم استثماراته الضخم فى أكثر من 55 شركة منها بنك الاستثمار القومى وكيما وآموك للزيوت وأسمنت سيناء وحلوان وغيرها وبحجم الفوائد التى تحققها الهيئة، ورغم ذلك قال أن الهيئة لا تستطيع تسديد فروق العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات، وأن الحد الأدنى للمعاشات تتحمله وزارة المالية وأن الهيئة قد استثمرت 3 مليارات جنيه فى مشروع قناة السويس الجديدة لتوفير عنصر الأمان فقط وأن صاحب المعاش سيشعر بها من خلال قدرة الصناديق على الاستمرار فى دفع المعاشات؟ وبالتالى لا يستطيع تسديد فروق العلاوات التى لا تتجاوز 20 أو 30 جنيها للمستحق ولا يضمن صرف زيادة ال10% فى العلاوة الجديدة التى قررها الرئيس فى يوليو 2016! من يطالع هذه التصريحات المحيرة ويفك هذه الألغاز ويوضح هذه التناقضات? وكيف تتصرف الحكومة بمنطق «هات حسنة وأنا سيدك»، وأين أموال التأمينات التى لا يصرفها المسئول من جيبه بل هى حصيلة خصومات من مستحقات الموظفين طوال فترة الخدمة؟، وهل صحيح أنها خرجت ولم تعد منذ انضمام التأمينات الى وزارة المالية، وما هو حجمها الحقيقى الآن بعد أن قدرت فى عهد الدكتور بطرس غالى ب600 مليار جنيه، وفى عهد الوزير السابق ب 569 مليارا حسب أرقام الدكتور صلاح جودة و585 مليارا حسب ذاكرة البدرى فرغلى رئيس اتحاد المعاشات! وأليس هذا الارتباك حول مصير اموال التأمينات أحد المبررات الضرورية لذهاب المواطنين لانتخاب برلمان قوى قادر على وضع قوانين تكمل دستور الدولة وتضمن حقوق وكرامة كل المواطنين بما فيهم أصحاب المعاشات ويلزم الجهات الادارية بوضع تشريعات مشددة على الفساد فى التأمينات غيرها؟ وهل بعد هذه الحقائق والوقائع يصبح من حقى أن أندهش أو ألوم القاضى المستشار فوزى شلبى وهيئة المحكمة الموقرة حين يكتفى بالتباكى ولا «يلطم بحجارة» على ضآلة العقوبة التى قررها لأنه لا يستطيع أن يحكم بالإعدام أو العقوبة الأقسى على كل من يمد يده للمال العام فى دولة تواجه خطر الافلاس، وتخوض حربين على الإرهاب وعلى الفساد فى وقت واحد؟ لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف