محافظ الأقصر يوافق على فتح مقر للمجلس القومي لحقوق الإنسان.. صور    محافظ شمال سيناء: صكوك الأضاحي توفر اللحوم بالمجان للأسر الأولى بالرعاية    هل يساهم صندوق الإسكان في توفير بدائل لمستأجري الإيجار القديم حال إقرار القانون؟.. مي عبد الحميد تجيب    إصابة 3 فلسطينيين في هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية    محافظ الإسماعيلية يقدم واجب العزاء لأسرة الشهيد محمد سليمان    استثمارات رياضية جديدة في مركز شباب الشيخ ضرغام لتعزيز البنية التحتية بدمياط    رمضان صبحي وماييلي يقودان قائمة بيراميدز أمام صن داونز    محمد عامر: الرياضة المصرية تنهار بفعل فاعل.. وصمت هاني أبو ريدة "مدان"    ضبط 222 جوال دقيق مدعم خلال حملة بشمال سيناء    291 عملاً خلال 57 عاماً.. رحلة «سمير غانم» الفنية بالأرقام    مسلم عن إطلالته فى ليلة زفافه : أحب أكون مختلف ويا رب يكتر من أفراحنا    غرق ثلاثة أطفال داخل ترعة بالدقهلية أثناء الاستحمام    لامين يامال يغازل أرقام ميسي التاريخية    فرص عمل فى الأردن بمرتبات تصل إلى 22 ألف جنيه شهريا .. اعرف التفاصيل    جميلة وساحرة.. إطلالة لميس رديسي في مسابقة ملكة جمال العالم (صور)    "نعتذر وعبد الحليم كان يبحث عن ربة منزل".. بيان جديد من أسرة العندليب بشأن سعاد حسني    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    فيديو- أمين الفتوى: قوامة الرجل مرتبطة بالمسؤولية المالية حتى لو كانت الزوجة أغنى منه    حكم الاحتفال بعيد الميلاد.. أمين الفتوى: احتفل بما يفرحك واجعله فرصة للتأمل في حياتك مع الله    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    الحليب قد يسبب الصداع للبعض- إليك السبب    نقيب المحامين يحذر من القرارات الفردية في التصعيد بشأن أزمة الرسوم القضائية    جولة تفقدية لوزير السياحة والآثار بدير أبومينا ومارمينا بالإسكندرية    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    حملة مكبرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالقليوبية    طرح 15 ألف وحدة لمتوسطي الدخل في 15 محافظة (تفاصيل)    البابا تواضروس ووزير السياحة ومحافظ الإسكندرية ومديرة اليونسكو يتفقدون مشروع حماية منطقة أبو مينا الأثرية    موعد مباراة الزمالك القادمة أمام بتروجيت في الدوري المصري والقناة الناقلة    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية رشوة وزارة الري    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات بين الأهلي ووادي دجلة (مستند)    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    لتجنب الإصابات.. الزمالك يعيد صيانة ملاعب الناشئين بمقر النادي    الجيش الصومالى يشن عملية عسكرية فى محافظة هيران    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    «لسه بدري عليه».. محمد رمضان يعلن موعد طرح أغنيته الجديدة    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    وفاة عجوز بآلة حادة على يد ابنها في قنا    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    «السجيني» يطالب الحكومة بالاستماع إلى رؤية النواب حول ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العُودُ أَعْوَجُ

من الأقوال المأثورة للدكتور طه حسين تَحدُثُ فى مصر أمورٌ لم يسمع بها أحدٌ من أهل الأرض.. فى سنوات مبارك الأخيرة صار عُرفاً أن يقوم رؤساء المؤسسات العامة بتقديم هدايا عينية باهظة الثمن من المال العام إلى كبار المسئولين فى الدولة.. وكان المسئولين يقبلونها باعتبارها حقاً مُكتسباً وليس كسباً غير مشروع .. حَمَدنا الله أن ثورة يناير قامت قبل أن يتحول العُرف الفاسدُ إلى قانون (يتمنى البعضُ الآن لو استمر الفسادُ عُرفاً فقط كما كان).. وكان من أشهر القضايا بعد الثورة ما عُرِف إعلامياً بقضية (هدايا الصحافة والإعلام) وكان طَرَفاها فريقين .. الذين قدّموا الهدايا لأن ذلك (قَطعاً) تسهيلٌ لاستيلاء الغير على المال العام.. والذين قَبِلُوا الهدايا لأن ذلك (قَطعاً) كسبٌ غير مشروع .. بادر نحو أربعين شخصاً بِرَدِّ قيمة الهدايا، من بينهم زكريا عزمى وصفوت الشريف.. والسيد المستشار/ عادل السعيد رئيس المكتب الفنى للسيد النائب العام الأسبق.. لم أندهش لقيام الأستاذ/ أحمد الزند مؤخراً بتعيين المستشار/ عادل السعيد رئيساً لجهاز الكسب غير المشروع (!)، إذ أن تعيين السيد الزند نفسه وزيراً للعدل قبل ذلك كان قد استنفد كل مخزون الدهشة عندى.
فى مارس الماضى صدر القانون الكارثى المشهور بقانون (ادخلوها فاسدين)، أعنى القانون رقم (16) المُعَدِّل لقانون الإجراءات الجنائية، الذى أجاز لأول مرةٍ فى التاريخ المُعاصر (فى مصر والعالم) ما ظل محظوراً دستورياً، وهو التسوية الودية والصلح مع مُرتكبى جنايات الاعتداء على مصالح الدولة والمنصوص عليها فى قانون العقوبات مثل (جرائم اختلاس الأموال العامة والخاصة والاستيلاء عليها بغير حق/ جريمة الغدر أو طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً من غراماتٍ وضرائب/ جرائم محاولة التربح من أعمال الوظيفة والإخلال بتوزيع السلع/ جرائم إحداث الضرر بالأموال والمصالح عمدًا بالإهمال/ جرائم الإخلال بتنفيذ بعض العقود الإدارية وعقد المقاولة/ جريمة استخدام العمال سُخرةً/ جريمة تخريب الأموال الثابتة والمنقولة) وأن يكون هذا التصالح خارج ولاية القضاء حتى لو صَدَرَ حُكمٌ جنائىٌ بالإدانة والعقوبة، وبالقيمة التى تُقَدرها لجنةٌ حكوميةٌ يشكلها رئيس الوزراء ويشارك بها محامو السادة اللصوص(!) ولا يوجد ما يمنع مشاركة السيد اللص شخصياً لكى تكتمل البَرَكةُ .. أعتقدُ أن طه حسين لم يخطُر بِبالِه أن الأمور التى تَحَدّثَ عنها يمكن أن تصل لمثل هذا القاع.
هذا هو القانون الأصلى وكل ما ينبثق منه مجرد فروع، لذلك يُدهشنى اندهاشُ البعض من التعديلات الأخيرة على قانون الكسب، فكلها تطورٌ طبيعى وتنويعاتٌ على اللحن الأساسى، وكما يقول عبد الله النديم (كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!).
كان القانون الأصلى (رغم ما به من عوار) لا يعفى من العقوبة شركاءَ اللص (كالموظف العام الذى سَهّل له السرقة مثلاً) لكن التعديل الأخير جاء ليشمل بعفوه كل العصابة، فيعود كلٌ مِن أفرادها (بالقانون) خالياً من الذنوب كيوم ولدته أُمُهُ.. يُخرجُ لنا لسانه.. ويمضى واثقاً نحو البرلمان.. ومن يدرى فقد يُصبح وزيراً.. شخصياً لن أندهش لو صَدَرَ تعديلٌ على التعديلات يَنُصُ على مكافأتهم بأوسمة (كوسام الجمهورية الذى حَصَلَ عليه محمد إبراهيم سليمان).
فى الأسبوع الماضى وَجّه وزيرُ العدل دعوةً لهؤلاء جميعاً للاستفادة من التيسيرات الجديدة وقد عدَدّها رئيس الجهاز نَصّاً (انقضاء الدعوى الجنائية وجميع الإجراءات التحفظية ومنها التحفظ على الأموال والمنع من السفر، ووقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وامتداد أثر التصالح إلى جميع المتهمين وإلى جرائم العدوان على المال العام وغسل الأموال المرتبطة بجريمة الكسب غير المشروع).. الخُلاصةُ أن الكسب غير المشروع قد صار مشروعاً.. كثيرٌ من الخبراء يؤكدون أننا بهذا القانون نمضى بِخُطىً سريعةٍ نحو نادى دول غسيل الأموال (لا كان هذا اليوم يا رب.. مصرُ أَكرمُ عندك من هذا وأشرف).
أدهشتنى صيغةُ البيان الصادر عن الجهاز مُبَرِراً صدور القانون بأنه جاء (تحقيقاً للمطالب الشعبية وتوعية المواطنين)، إذ على حد عِلمنا لم يحدث أن طالب الشعب باستباحة المال العام، فعن أى شعبٍ يتحدثون؟! كما أننى لم أفهم كيف سيؤدى القانون إلى (توعية المواطنين)!!.
الشئ اللافِتُ أن كل هذا التدليل الإجرائى يتركز على لصوص المال العام فقط ولا يمتد للصوص المال الخاص (كَقُطّاعِ الطُرُق ولصوص السيارات والمساكن وحقائب السيدات) مع أن القانون الأصلى يُساوى بين اللصوص . أم أن التمييز الطبقى حتى فى ذلك؟!.. رَحِمَ اللهُ طه حسين.. ورَحِمَ اللهُ عبدالله النديم.. ورَحِمَ اللهُ مصر.
لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.