** أثار خبراء القانون الجنائي والقضاة الجدل حول تعديل أحكام قانون الكسب غير المشروع الذي يهدف إلي الإقرار بجواز التصالح في جرائم الكسب غير المشروع بشرط أن يرد المتهم كل ما تكسبه من أموال غير مشروعة. أكد البعض أن التصالح يصب في مصلحة خزينة الدولة بإعادة الأموال التي تم التحصل عليها بالطرق غير المشروعة خاصة أن الدولة لن تستفيد شيئاً من حبس المتهم بالكسب غير المشروع والأهم في هذه الحالة هو إعادة أموال الدولة. بينما يري بعض خبراء القانون الجنائي أن التصالح مع كل جرائم الكسب غير المشروع يفتح الباب لتقنين جريمة الكسب غير المشروع ففي حالة اكتشاف الجريمة يتنازل المتهم عن الأموال التي كسبها بطرق غير مشروعة للدولة وينجو من العقاب والحبس والغرامة.. مطالبين أن يقتصر التصالح علي حالات بعينها وهي التي تحصل علي كسب غير مشروع أو هدايا بحسن نية وبدون تعمد وقصد مع عدم وجود أدلة وقرائن علي قيام المتهم بالسعي للكسب غير المشروع أو عدم توافر نية القصد في جمع المال بطرق غير مشروعة مستغلاً مكانته ومنصبه وصلاحيات الوظيفة التي يشغلها ففي هذه الحالة مانع من التصالح ولكن مع حالات لا تتوافر فيها نية ارتكاب جرائم الكسب غير المشروع. توضح الدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقاً أن تعديل أحكام قانون الكسب غير المشروع أمر ضروري لتسهيل حصول الدولة علي أموالها وإعادة الأموال التي تم التحصل عليها بطرق غير مشروعة.. منوهة إلي أن قبول التصالح خطوة في الطريق السليم ولكن لابد أن يقتصر قبول التصالح علي "حسن النية" والتكسب بطرق غير مقصودة ودون علم بالجريمة بالإضافة إلي عدم وجود أي دلائل أو قرائن علي قيامه بالكسب غير المشروع عن طريق وظيفته أو مهام منصبه وذلك مع ضرورة أن يرد المتهم كل ما تكسبه من أموال لخزينة الدولة. تضيف الدكتورة فوزية أنه لا يجوز التصالح مع المتهم الذي ثبت تكسبه من المال العام بطرق غير مشروعة وهو يقصد ذلك ويعلم ببشاعة جريمته وعقابها وهذا المتهم هو لص يجب حبسه ومصادرة أمواله ولا تصالح معه خاصة أن التصالح معه في هذه الحالة هو تقنين للسرقة ويشجع كل مسئول علي الكسب غير المشروع لأنه يقوم بإعادة الأموال للدولة وينجو من عقاب جريمته وهذا لا يحقق الردع ولا يحفظ هيبة وكرامة الدولة. طالبت د.فوزية أن تعود أموال الدولة بالقانون في جرائم الكسب غير المشروع ليس بالتصالح مع متهم يحقق غير مشروع مستغلاً وظيفته وصلاحيات المكانة التي يشغلها. يوضح المستشار أحمد عوض رئيس النيابة العسكرية بالسويس سابقاً أن تعديل أحكام قانون الكسب غير المشروع ضرورة حتي لا يحدث تخبط مرة أخري كما حدث خلال إعادة أموال الدولة في قضية حسين سالم مطالباً بتشجيع التصالح حتي تحصل الدولة علي حقها ويعود المال العام لخزينة الدولة وشرط التصالح هو إعادة المتهم كل مليم كسبه بطرق غير مشروعة. أضاف أن تحقيق الردع يتم بكشف جرائم الكسب غير المشروع للمتهم وليس حبسه خاصة أنه قد لا تكون هناك أية أدلة أو قرائن تجيز حبس المتهم وكذلك قد يكون الشخص المتهم حسن النية وتكسب بطرق غير مشروعة بغير قصد أو بالصدفة بسبب أهمية المكانة والمنصب القيادي الذي يقوم به وطالما لديه نية لإعادة أموال الدولة لا مانع من قبول التصالح. أشار المستشار عوض إلي أن التعديلات الجديدة تصب في مصلحة محاربة جرائم الكسب غير المشروع وتشجيع المتهمين بالكسب غير المشروع بطلب التصالح مع الدولة وهذا في حد ذاته شيء جيد يعيد هيبة الدولة وفي نفس الوقت يقلل من جرائم الكسب غير المشروع ويفتح الباب للقيام بالتصالح دون حبس المتهم لأن الحبس لن يعيد أموال الدولة ولن تستفيد خزانة الدولة منه شيئاً. يري الدكتور إبراهيم عيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس أن قبول التصالح في جرائم الكسب غير المشروع لابد أن يقتصر علي حالات نادرة وبعينها وهي التي تحدث بدون قصد ويكون المتهم "حسن النية" فيها أما أن نترك باب المصالحة مفتوح لكل من يتكسب من أموال الدولة وان توقيع عقوبة الحبس والغرامة فهذا تقنين لأوضاع خاطئة. طالب د.إبراهيم البنك المركزي بمراقبة كل الحسابات للأشخاص الذين يعملون في مواقع ومناصب عامة تسهل لهم الاستيلاء علي المال العام مع إعادة قانون من أين لك هذا.. ومن تثبت إدانته بالأدلة والقرائن يحظر قبول التصالح معه بل لابد من مصادرة أمواله التي تكسبها بطريقة غير مشروعة وتوقيع عقوبة الحبس عليه.. منوهاً إلي أن أموال الدولة ستعود بالمصادرة لكل من تثبت عليهم تهمة الكسب غير المشروع وهيبة الدولة تتحقق في الردع وتوقيع عقوبة الحبس والغرامة ومصادرة أموال الذين يتكسبون من المال العام بطرق غير مشروعة. طالب د.إبراهيم بان يتم وضع بنود في قانون الكسب غير المشروع الجديد تتيح مصادرة أموال الذين حققوا مكاسب غير مشروعة من وظائفهم التي تتيح لهم فرصاً للاستيلاء علي المال العام أو قبول رشاوي وهدايا لإنهاء مصالح المواطنين. يؤكد المستشار مصطفي جاويش رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة أن قبول التصالح في تعديلات أحكام قانون الكسب غير المشروع ترجع إلي حرص الدولة علي استعادة أموالها المنهوبة.. ومن يرد جميع الأموال التي حصل عليها بأسلوب وطريقة غير مشروعة لا فائدة من حبسه منوهاً إلي أن المشروع الجديد لقانون الكسب غير المشروع يهدف إلي الإقرار بقبول التصالح في جرائم الكسب غير المشروع أضاف أن الدولة لن تستفيد شيذاً من حبس المتهم طالما أن أموالها لم تعد إليها وتحقيق الردع يتحقق بالكشف عن كل الأموال التي تحصل عليها الشخص بطرق غير مشروعة أثناء توليه منصب عام أو وظيفة قيادية وإعادة كل هذه الأموال للدولة بنص القانون وذلك في مقابل عدم حبس المتهم. يوضح الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة سابقاً وأستاذ القانون الجنائي أن قبول الدولة التصالح أمر مهم حتي تحصل الدولة علي أموالها وأري أن من يقوم رد الأموال متهم أو غير متهم ترجع إلي توافر أدلة وقرائن منوهاً إلي أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع تهدف إلي إعادة أموال الدولة وقبول طلبات التصالح في جرائم الكسب غير المشروع طالما أن المتهم لا توجد ضده أدلة ولم يصدر حكم نهائي في اتهامه. أضاف أن عدم قبول التصالح يؤدي إلي إهدار المال العام وضياع حقوق الدولة وصعوبة إعادة الأموال التي تكسبها بطريقة غير مشروعة إلي خزانة الدولة. أشار الدكتور محمود كبيش إلي أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع توفق بين الحفاظ علي أموال الدولة وتحقيق الردع لكل من يتحصل علي كسب غير مشروع.