من بين أهم المؤلفات التي صدرت حول طبيعة المخدرات والإدمان عليها و ملابسات هذه الظاهرة اجتماعيا و نفسيا وماديا, كان كتاب الدكتور مصطفي سويف الذي صدر ضمن سلسلة دار المعرفة تحت عنوان' المخدرات و المجتمع: نظرة تكاملية'. والكتاب يقع في حوالي250 صفحة من القطع المتوسط ومقسم إلي سبعة فصول الأول عن المفاهيم الرئيسية في عالم المخدرات. و الثاني كتاريخ موجز للمواد النفسية المحدثة للادمان و الثالث: منشأ التعاطي.. عوامل متعددة. والرابع الاضطرابات النفسية المترتبة علي التعاطي و الادمان والخامس المشكلات الاجتماعية الناتجة عن التعاطي والادمان والسادس عن التصدي لمشكلة المخدرات و السابع جاء تحت عنوان العلم ملاذا و مسئولية. ولعل أهم ما يميز هذا الكتاب أنه يخاطب كل الأطراف المعنية في المشكلة سواء كانوا الأكاديميين و الأطباء والعلماء من ناحية أو الأب و الأم و مؤسسات المجتمع من ناحية أخري و الدولة ومسئوليتها من ناحية ثالثة. ويجيب الكتاب عن السؤال الذي يوجهه كل أب و أم لنفسيهما بمجرد معرفة الكارثة التي وقع فيها ابنهما أو ابنتهما و هو: لماذا ؟! و السبب في ذلك, وفقا لما ورد بالكتاب, قد يكون وراثيا أو بيولوجيا أو اجتماعيا. فعامل الوراثة لا يمكن انكاره كأحد أهم عوامل الوقوع في براثن الادمان خاصة إذا ما اقترن بظروف اجتماعية خاصة و تفاعل معها. و في غياب هذه الظروف قد لا يحدث الادمان أساسا رغم وجود الأسباب الجينية. و يستشهد الكتور سويف طوال رحلة الكتاب بالعشرات من الأبحاث و المؤلفات والدراسات التي أجريت عن الادمان علي جميع أنواع المخدرات, محاول استخلاص نتائج مجمعة لأهم ما توصلت إليه هذه الدراسات. وفي الصدد نفسه, أشار الدكتور سويف إلي وجود العديد من العوامل التي يجب أن تنتبه الأسرة لوجودها حتي لا تفرز شخصا مدمنا دون أن تدري منها العوامل النفسية التي يمر بها الابن و درج الصلة بالأقارب الذين أصبحوا مدمنين والمادة الادمانية و مدي توافرها و قربها من الأبناء و توافر الأموال في أيدي الأبناء و المام الأبناء بالقواعد التي يجب أن يلتزموا به في حالة احتكاكهم بمجتمع الادمان, و تبريرات التعاطي و التعاطف مع المتعاطين. والمثير في الأمر أن الكتاب يتناول في عدد لا بأس به من صفحاته مسألة التدخين و تأثير السجائر في مسألة الادمان, واستشهد في سبيل ذلك بالكثير من الدراسات العلمية والميدانية, و التي تشمل عددا مختلف الفئات العمرية. و يطلق الكتاب صافرة انذار مهمة في الفصل الرابع حيث يسلط الضوء فيه علي أهم الآثار النفسية المترتبة علي ادمان المخدرات. و من بين ما ذكره عن ادمان الحشيش و هو الأكثر انتشارا في مصر أنه يهدد صاحبه بالاصابة بمرض الفصام و هو من أخطر الأمراض النفسية وأشدها تعقيدا. وأخيرا, يمثل الكتاب أهمية شديدة لأولي الأمر في الدولة طالما أن لديهم نية صادقة في القضاء علي هذا الوباء الذي ضرب البلاد في أعز ما تملك وهو ثروتها البشرية الشابة.