مع تزايد الغش الإلكترونى وارتفاع مكانة ضحاياه - التى تمثلت فى بعض الأحيان فى جهات حكومية كبرى - صار من المهم ضبط العملية التسويقية قانونيًا، والكلام للدكتورة نهلة الحورانى استاذ مساعد التسويق الإلكترونى بجامعة المنصورة وعلت الأصوات لإيجاد قانون يناسب اقتصاديات الإنترنت فى كل دولة، بينما تعالت أصوات أخرى تنادى بإيجاد قانون دولى موحد للتجارة الإلكترونية التى صارت مصبوغة بصبغة عالمية من أجل حماية المستهلك وضمان الكيان الأمين للهيئة التجارية التى تتعامل معه ، فظهر ما سُمى بالتعاقد الإلكترونى وهو ما تراه من شروط بيع وتوصيل سلعة أو خدمة ما للمستهلك حين تطلب شراء ما يقدمه موقع البيع الإلكتروني. اعتبر الكثيرون أن هذا التعاقد يحل مشكلة قانونية كبيرة إذ صار العقد هنا شريعة المتعاقدين ، ومن ثم يُلزم كل من البائع والمستهلك بما وقعوا عليه إلكترونيًا ، إذ يمثل العقد هنا قانونًا ، إلا أن الممارسة أثبتت أن المستهلك هنا هو غالبًا الطرف الأضعف لأنه الطرف المحتاج. ويرى البعض أن العقد الإلكترونى ينتمى لطائفة العقود الدولية عن بعد ، ويعتقد الدكتور أسامة أبو الحسن أن العقد يعد إلكترونيًا حين يشتمل على خصائص عدم الوجود المادى لأطرافه ،واستخدام الوسائط الإلكترونية فى إبرامه ، ووجود الطابع التجارى والاستهلاكى غالبًا ، والوفاء باستخدام وسائل الدفع الإلكترونية ، وأن تقام الحجة على هذا العقد بالمستند الإلكترونى والتوقيع الإلكتروني.وهنا يجب أن يلتفت المشرع لماهية التوقيع الإلكترونى لأن معظم الصفقات على الإنترنت لا تلتفت لتوقيع إلكترونى إلا فى شكل تبادل أرقام سرية يمكن اختراقها ببساطة عبر اختراق سرية الموقع التجارى ، لذا يمكن بكل بساطة الشك فى إقامة الحجة على العقد ، لا سيما أن التأكد من هوية المستهلك - كجانب مهم من جواب التعاقد الإلكتروني- هو أمر صعب وقد لا يتحقق بشكل كامل أبدًا ، إذ يعتمد الطرفان فى التأكد من الهوية على البيانات التى يقدمها كل منهما فى الأساس. تخصص الحكومات مبالغ كبيرة من أجل حماية المستهلك الإلكترونى ينصرف جانب كبير منها لحماية طرفى العقد الإلكتروني، مثلما خصصت الحكومة البريطانية مبلغ 4.5 مليون جنيه استرلينى لجهاز حماية المستهلك الإلكتروني، وتشير بعض الدراسات إلى أن نصف تعاقدات البيع والشراء يقترب خلال أعوام قليلة من شكل التعاقد الإلكتروني، لذا قدم البعض فكرة الكتابة على ما يُسمى ب (المحررات الإلكترونية) التى تحتفظ بمعلومات المستند المكتوب إلكترونيًا - الذى يمثل العقد - كما هو من أجل الرجوع لأصل عقد موجود لا يتغير أمام محاولات السطو أو التشويه له. أيًا ما كان الأمر فالتجارة الإلكترونية لا تتوقف عن النمو ، وليس هناك بديل للعقد الإلكترونى حتى الآن ، مما يجعلنا مطالبين بأمرين : أولهما الحذر من الاحتيال والثانى العمل على إيجاد عقود تحمى طرفيها إلى درجة أكبر مع الوقت.