كانت إحدى المشاكل الكبرى للفريق سعد الدين الشاذلى وهو يخطط لحرب أكتوبر 1973 هى كيف يمنع وصول الدبابات الإسرائيلية إلى قناة السويس قبل استكمال فرد الكبارى وعبور الدبابات المصرية إلى الشرق وأخيرا تقرر الاعتماد على رجال الصاعقة «الكوماندوز» لتنفيذ هذه المهمة الفدائية إغلاق المحور الساحلى بسيناء الموازى لشط البحر الأبيض المتوسط عند مضيق رمانة اعتبارا من الساعة السادسة صباح سبعة أكتوبر ولمدة 6 ساعات كاملة . وهكذا أقلعت ست طائرات هليوكوبتر مصرية من قاعدة انشاص يوم ستة أكتوبر 1973 فى الساعة السابعة مساء وعليها مائة مقاتل صاعقة بقيادة النقيب حمدى شلبى ضابط مصرى صغير السن ووسيم الوجه جسور القلب كما الفرسان , وكان معروفا أنها رحلة ذات اتجاه واحد ذهاب بلا عودة ذات محطتين فقط . الاقلاع من انشاص والهبوط فى رمانة للتزود بوقود دم كاف للوصول الى الوجهة الاخيرة حيث ما لا عين رأت ، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر وصلت سرية الأبطال محمولين فى ست مروحيات الى رمانة مدعومين بفصيلة مقذوفات صاروخية موجهة مضادة للدبابات, وفصيلة صواريخ سام 7 مضادة للطائرات والتى تطلق من على الكتف, وتم تكثيف الالغام على الطريق الرئيسى الموازى للبحر, كما تم اتخاذ أوضاع الكمائن بواسطة السرية بحيث تسيطر على الطريق وبعمق نحو كيلومترين, وتم الاعداد الهندسى الجيد لمواقع الكمائن خلال ليلة6 7 اكتوبر. وفى السادسة صباحا وصلت دبابات العدو، تحلم بالوصول للقناة ودارت معركة رهيبة بين قلوب يملؤها الايمان بعدالة حربهم ، وارادتهم فى تحرير أرضهم .. وبين مركبات صلب باردة ، يقودها الغرباء وتم تدمير 18 دبابة واثنتين من العربات المدرعة و4 عربات نقل وأتوبيس ملىء بعسكر الأعداء.، وانسحب العدو تحت النار . وأرسل طيرانه ليقصف المنطقة مع مدفعيتهم بكل ما يملكونه من قذائف ولما أيقنوا أنهم قضوا على كل رجال الصاعقة أرسلوا الدبابات مرة أخرى لتعبر المضيق ، ومرة تانية يطلع عليهم الأسود حمدى شلبى وبقية الشهداء الفدائيين وتدور معركة كبيرة ورهيبة الساعة 12 ظهرا ويفشل العدو مرة ثانية ، فتنسحب قطعانه بسرعة ، قبل أن يعاود قصف المنطقة بكل الأسلحة والقنابل إلى الساعة الرابعة عصرا ، بيقين أنهم لن يعبروا المنطقة وفيها أسد مصرى حي ويتقدم العدو مرة اخرى يتقدمه فى هذه المرة قوة مظلات اسرائيلية (100 فرد) ... وتدور معركة رهيبة اخرى يتوقف عندها التاريخ طويلا , معركة بالأيدى والخناجر بعد أن أيقن أبطالنا ان الذخيرة تنفد وان المهمة فى خطر ويصاب النقيب البطل على نجم برصاصة ، فيهجم على دبابة اسرائيلية ويصعد فوقها ويفجر نفسه فيها. ويراه المجند عبد الحليم مهني، فلا يفكر ثانية قبل ان يفعل ما فعله قائده ، ويفجر نفسه فى الدبابة . ثم يبدأ المشهد الرهيب , الجنود المصريون يطاردون الدبابات الاسرائيلية يجرون ورائها ويفجرون انفسهم فيها .. ومن هول الموقف يرتعب اليهود وتفر الدبابات من امام البشر ويفرون مرة اخرى ويفتحون نار المدفعية على المنطقة وبعد 26ساعة من بدء المعركة بدأ العدو عملية هجوم من الخلف قام به اللواء مدرع 109 بقيادة عساف ياجورى .فانسحب النقيب حمدى شلبى ومعه من رجاله 15 فقط لان الباقين وهم خمسة وثمانون بطلا فوق العادة قد استشهدوا .. انسحب الابطال فقط لان ذخيرتهم نفدت .. وانسحبوا لان المهمة تمت بنجاح كامل , كان مطلوبا تعطيل العدو و اغلاق الطريق لمدة 6 ساعات لكنهم أغلقوه لمدة 26ساعة .. انسحب الابطال لان المهمة نجحت ولأن العبور تم بنجاح والدبابات المصرية الان على الضفة الشرقية لقناة السويس , وعاد الخمسة عشر بطلا سيرا على اقدامهم من خلال سهل الطينة الذى تغوص فيه الأقدام حتى أعلى الركبة.خمسة وعشرين كيلو فى الملح . ولم يتمكن العدو من استغلال المحور إلا فى الساعة الثامنة من صباح 8 أكتوبر اى أن هذه القوة الصغيرة التى استشهد خمسة وثمانون بالمائة من أبطالها ، أغلقت هذه المحور لمدة ستة وعشرين ساعة مما يعد إعجازا عسكريا بجميع المقاييس وقد أشاد الجنرال الإسرائيلى أدان بهذه القوة فى مذكراته بعد الحرب، والحق ما شهدت به الأعداء ، وقال عنهم : لقد قاتل رجال الكوماندوز المصريون على المحور الساحلى بكل بسالة وكأنهم قد اقسموا على أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لمنعنا من الوصول لقناة السويس .