"هدية لترامب ولفته طيبة".. تفاصيل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر    لويس سواريز: برشلونة لديه مستوى عالي هذا الموسم.. وأداء لامين يامال يفتنني    غياب تام لمنتخب مصر.. كاف يعلن التشكيل المثالي لمجموعات بطولة أمم أفريقيا للشباب    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    العثور على جثة مجهولة الهوية في بحر الياس بالفيوم    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    جدول مواقيت الصلاة في المحافظات غدًا الثلاثاء 13 مايو 2025    السجن 5 سنوات ل3 متهمين بفض اعتصام النهضة    غدًا.. كورال «سلام» يحيي حفل جوائز مسابقتي «الرواية والتأليف المسرحي» بالهناجر    اختيار الدكتور محمود ممتاز خريج الجامعة الألمانية بالقاهرة بعضوية المجلس المُسيِّر لشبكة المنافسة الدولية    منظمة الصحة العالمية تطلق تقرير حالة التمريض في العالم لعام 2025    روسيا تسقط 230 مسيرة أوكرانية خلال أسبوع    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    جدل في واشنطن حول نية ترامب قبول طائرة فاخرة هدية من قطر    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    وزير التعليم العالي يعلن سياسات تنفيذ إطلاق الجامعات المتخصصة لدعم رؤية مصر 2030 ومتطلبات الثورة الصناعية الخامسة    الرئيس السيسى يجتمع بأسامة ربيع ويطلع على تطورات حركة الملاحة بقناة السويس    ما موقف من تضرر من أزمة البنزين المغشوش ولا يمتلك فاتورة؟.. البترول توضح    حبس متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بالجيزة    المشدد 6 سنوات لعاملين لاتجارهم في الهيروين بالقناطر الخيرية    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة قتل سيدة فى القناطر الخيرية للخميس المقبل    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    تكريم غادة جبارة ومنال سلامة في افتتاح مهرجان المسرح العالمي    وزير الأوقاف: شيخ الأزهر الإمام الشيخ حسن العطار شخصية مصرية جديرة بعشرات الدراسات    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والزيت والذهب وارتفاع الجبن    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    مجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    فابريزيو: ألونسو يوقع عقود تدريب ريال مدريد    حسام المندوه يكشف تفاصيل الوعكة الصحية لحسين لبيب    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نازار باييف يفرض كازاخستان «رقما صعبا» فى لعبة الأمم بآسيا الوسطى

ما أكثر الفاشلين فى هذا العالم، بل وما أكثر الدول الفاشلة والأمم التى تترنح على المسرح الدولي، تتقاذفها الأمواج وتلعب بأقدارها «قوى دولية» لاترحم الضعفاء، ولا تقدر سوى «الأقوياء الأذكياء».. فويل للمهزوم فى هذا العالم.
وفى المقابل ما أندر «رجال الدولة» الذين تمكنوا من بناء أمة، ووضعها فى المكان الذى تصبو إليه. ومن هذه القلة النادرة يأتى نور سلطان نازار باييف رئيس كازاخستان، الرجل الذى دخل تاريخ أمته بأنه الذى وضعها فى عقدين من الزمن ضمن ال 50 دولة الأكثر قوة وتطورا.

وربما تبدو المسألة سهلة الآن لمن يذهب إلى العاصمة الجديدة «الأستانة» إلا أن المرء عليه أن يستعيد التاريخ القريب. فقد تولى نازارييف مسئولية حكم كازاخستان بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وتحوله إلى «كومة من الرماد»، كما أن الأوضاع الاقتصادية لم تكن فى أحسن أحوالها. وكأن ذلك لم يكن كافيا، بل واجه الرجل «لعبة أمم ضارية» ما بين روسيا والصين والولايات المتحدة. فضلا عن الأوضاع المتفجرة فى أفغانستان، وبروز الجماعات المتطرفة فى جمهوريات آسيا الوسطى المجاورة، وبالأمس القريب كنت شاهدا على أمة فتية تخطو خطواتها بثقة، وذلك ضمن الاحتفالات بمرور 550 عاما على تأسيس الأمة الكازاخية (خانات الكازاخ). الأجواء أسطورية، والحضور لافت، والدلالة الوحيدة أن نازارباييف فرض بلاده «رقما صعبا» فى معادلات القوة ولعبة الأمم فى آسيا الوسطى وما بين القوى الكبرى فى هذا العالم.. وهنا محاولة لقراءة المشهد عن قرب.
فى البداية.. فإن ما تفعله كازاخستان يأتى مناقضا «لسيناريوهات قاتمة» كانت ولاتزال تتوقع أن تنزلق آسيا الوسطى «لفوضى ثورية» فى قلبها العناصر الجهادية المتطرفة مثلما ذهبت الكاتبة البريطانية ياسمين مسعود فى مقال لها بمجلة «أوبن سنترال آسيا». وأسبابها الوجيهة أن هناك العديد من الرجال والنساء من آسيا الوسطي، قد انضموا إلى صفوف داعش. كما أن العديد من الأوزبك والطاجيك يحاربون إلى جانب طالبان فى أفغانستان وباكستان القريبة. إلا أن الشواهد كلها تؤكد أن «اللعبة الأمريكية» لم تتمكن من إسقاط هذه المنطقة القريبة من الصين وروسيا فى الفوضي، فالمقصود مثلما يعرف المتابعون لشئون المنطقة هو «زرع فيروس» الصراع الدينى والمذهبى فى المنطقة، ثم انتقاله لتصدير المشكلات فى الصين التى بها أقلية مسلمة كبيرة فى غرب الصين، فضلا عن المساهمة فى تفكيك الاتحاد الروسى انطلاقا من أقاليمه التى بها مسلمون تتارسان والشيشان.. إلخ. وقد اعترف جيفرى مانكوف المدير المساعد والباحث فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن أخيرا بأن «آسيا أصبحت أقل أهمية بالنسبة لواشنطن«، وفى مؤتمر بالأستانة منذ أيام أجمع عدد كبير من الباحثين الأمريكيين على أن «العلاقات بين الولايات المتحدة والمنطقة لم تتطور بصورة ملموسة، وأن قدرة اللاعبين الخارجين على التأثير فى المنطقة محدودة».
إذن تماسك هذه الدول وفى المقدمة منها كازاخستان منحها الفرصة للاستقرار، وفى قصر الاستقلال أكد نازارباييف أنه من الآن فصاعدا سوف يطلق على بلدنا «بلد السهوب العظمي». وقال مخاطبا الوفود الأجنبية وممثلى الشعب، «إن أرضنا المقدسة منذ العصور القديمة تم تسميتها السهوب العظمي، ونحن كأبناء هذه الأرض والسماء فوقنا تعتبر الشاهد على التغيرات التى تحدث فى كل قرية ومدينة لكازاخستان الحديثة».
وأضاف: فى القرن الحادى والعشرين تزدهر بلادنا مرة أخري، وتتحول إلى الفضاء الهائل من السهوب الأوروآسيوية، نحن أضأنا منارة التاريح الجديد، من الآن فصاعدا وإلى الأبد بلدنا كازاخستان هى بلد السهوب العظمي». وأشار إلى أن الكازاخستانيين مرتبطون مع اخوانهم الشعوب التركية الذين يعيشون من المحيط المتجمد الشمالى إلى البحر الأبيض المتوسط.
وهذه لحظة كان الرجل يحاول أن يعمق الهوية لأمته، وأن يربط الماضى بالحاضر، خاصة أن الاحتفال شهد كذلك القمة الخامسة لمجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية، وذلك بحضور رئيس أذربيجان ورئيس قيرقيزستان ورئيس الجمعية الوطنية الكبرى التركية، ونائب رئيس وزراء تركمانستان والأمين العام لمجلس الدول الناطقة بالتركية. وكالعادة فإن نازارباييف رجل عملى ويستشرف المستقبل، فأكد أهمية تطوير قدرة بحر قزوين، وبصفة عامة جميع الطرق التى تمر عبر أراضى مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية. ووجه الانتباه إلى تطوير الطاقة النووية خصوصا مع تراجع أسعار النفط، وأشار إلى أن عنوان معرض اكسبو 2017 فى كازاخستان هو طاقة المستقبل، وأكد أن بلاده لاعب كبير فى صناعة الطاقة النووية، مشيرا إلى أن الطلب على هذا النوع من الطاقة سوف يرتفع كثيرا فى المستقبل.
وفى اليوم التالى لإقامتى كنت على موعد آخر لمشاهدة نازار باييف وهو يحتفى برواد الفضاء العائدين من آخر رحلة إلى المحطة الفضائية الدولية، وفى مقدمتهم الرائد الكازاخى كمليمبتوف، ووسط ترحيب هائل من نخبة من المواطنين والصحافة العالمية أكد رئيس كازاخستان أن هذه الرحلة سوف تسهم فى تطوير برنامج كازاخستان لاكتشاف الفضاء، وتعزيز صورة بلاده فى المسرح العالمي.
ومما لاشك فيه أن مصر وكازاخستان تجمعهما «علاقة قوية» تمتد إلى الظاهر بيبرس أحد القادة العظام والذى ينتمى بجذروه إلى الأمة الكازاخية، وهو ما عرض له الدكتور جلال الحفناوى خلال المؤتمر الدولى «البحوث والممارسة» فى جامعة نازارباييف، إلا أن الحاضر يشهد تناميا كبيرا فى علاقات البلدين، فقد صرح لى وزير خارجية كازاخستان يرلان أدريسوف بأن بلاده تتطلع لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وصفه بأنه «صديق مقرب» من كازاخستان، وأكد أن مصر دولة مهمة للغاية فى منطقة الشرق الأوسط، وعلاقاتنا تعود إلى زمن الاستقلال. وأشار إلى أمله فى أن يزور الرئيس السيسى كازاخستان فى هذا العام، وعلم مراسل »الأهرام« أن الإعداد يجرى بقوة لهذه الزيارة والتى يرجح أن تتم بنهاية العام.
ومن أبرز مجالات التعاون المرشحة بقوة لحدوث طفرة: استيراد القمح (القمج الكازاخى من أعلى الأنواع، وتنتج كازاخستان 20 مليون طن من الحبوب وتستهلك 4 أو 5 ملايين فقط للاستهلاك)، وبالإضافة إلى ذلك هناك مجالات التعاون فى الطاقة وعلوم الفضاء والأدوية والسياحة، وتجرى حاليا مشاوات لعقد اتفاقية تجارة حرة ما بين مصر ودول الاتحاد الأوراسى (يضم روسيا وكازاخستان وروسيا البيضاء، وقيرغيزيا أخيرا). وتأمل مصر فى أن تستثمر كازاخستان فى منطقة الدعم اللوجيستى بدمياط.
ومن جانبه أكد السفر المصرى لدى كازاخستان السفير هيثم صلاح إبراهيم أن العلاقات المصرية الكازاخية تشهد تطورا كبيرا، وآمالا واسعة فى تعزيزها فى جميع المجالات سواء فى تعظيم حجم الاستثمارات، أو التعاون فى مجال استيراد القمح من كازاخستان، أو التعاون فى مجال الطاقة، والعلوم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء. وأشار إلى أن كازاخستان تشهد نهضة كبيرة، حيث أصبحت واحدة من الدول الخمسين الأكثر تطورا فى العالم، كما أن إنشاء عاصمة جديدة خلال فترة وجيزة من أبرز الإنجازات.
وأحسب أن كازاخستان استطاعت أن تقدم نموذجا للتعايش السلمى ما بين أكثر من 100 عرقية مختلقة، فضلا عن نجاحها فى تحديد وتثبيت الحدود مع جيرانها. ومن أهم الخطوات قيامها بتفريغ البلاد من الأسلحة النووية لتقدم نموذج للدولة المحبة للسلام.
ويبقى أن التاريخ يكتبه القادة الكبار والأمم والصاعدة، وبلاشك فإن تجربة كازاخستان فى ظل قيادة نازارباييف سوف يتوقف أمامها الكثيرون. ودون شك فإن أى تجربة بشرية لها ما لها وعليها ما عليها، إلا أن ما تشهده كازاخستان من نهضة سوف يسجل لها ولقائدها. ويجعل من تقوية الأواصر مع هذا البلد الصاعد بقوة أمرا مهما للغاية لصالح مصر وأمنها ومصالحها القومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.