\r\n \r\n وكان تشيني قد هاجم موسكو قبل ذلك بسبب احتكارها لتجارة الطاقة في الاتحاد السوفييتي السابق, تلك المنطقة التي تقف على قدم المساواة في انتاج النفط مع منطقة الشرق الاوسط. \r\n \r\n ففي خطاب له في العاصمة الليتوانية, فيلينوس, حذّر تشيني روسيا من تحويل صادرات النفط والغاز الطبيعي الى »ادوات تهديد وابتزاز, سواء أكان ذلك عن طريق التلاعب بالامدادات, ام بمحاولات احتكار عمليات النقل«. وتؤيد الولاياتالمتحدة الجهود التي تبذل من اجل اضعاف هذا الاحتكار, عن طريق بناء طرق توريد بديلة, لاحتياطات الطاقة الهائلة في اسيا الوسطى, التي يمر قسم كبير منها في الاراضي الروسية للوصول الى موانىء البحر الاسود. \r\n \r\n على ان زيارة تشيني لكازاخستان, الواقعة على الحدود الجنوبية لروسيا, تلقي الضوء على العمل المتوازن للمصالح الامريكية فيها, وهي الدولة الاسلامية المنتجة للنفط, مع سجل متفاقم لحقوق الانسان, وديمقراطية محدودة. \r\n \r\n في هذا الخصوص, قالت تانيا كوستيلو, المحلل لدى »مجموعة يوراسيا«, احدى الهيئات الاستشارية في قضايا المخاطرة, »ان الولاياتالمتحدة تحاول اقامة توازن صعب, وذلك بتشجيع النظام القائم في كازاخستان على السير باتجاه الديمقراطية, بينما تحاول الاحتفاظ بالعلاقات الاقتصادية«. مضيفة بان »توجيه الانتقاد على الجبهة الديمقراطية سيكون محدودا, اما موضوع الطاقة فسيحتل الاهتمام المركزي«. \r\n \r\n انتخب نور سلطان نزار باييف رئىسا لكازاخستان في شهر كانون الاول ,2005 وللمرة الثالثة على التوالي, لولاية رئاسية مدتها ست سنوات, وبنسبة اصوات بلغت 91%, في انتخابات قال عنها المراقبون الدوليون انها ناقصة. ويذكر ايضا ان اثنين من المعارضين السياسيين جرى اغتيالهما في الشهور الستة الماضية. ومن المعلوم كذلك ان كازاخستان انتجت 1.2 مليون برميل من النفط في العام الماضي, ومن المتوقع لها ان ترفع انتاجها منه الى ثلاثة ملايين برميل في اليوم بحلول عام ,2015 وقال مسؤولون امريكيون ان تشيني التقى, في لقاءات خاصة, مسؤولين في الحكومة الكازاخية, مختتما يوم زيارته بحفل عشاء مع نزار باييف. \r\n \r\n وفي رجع لصدى »اللعبة الكبرى« المعروفة في القرن التاسع عشر, المتضمنة حيازة الممتلكات الاستعمارية في اسيا الوسطى, تسعى الولاياتالمتحدة الان الى اضعاف سيطرة روسيا على صادرات النفط والغاز الطبيعي, من خلال طرق نقل تتخطى الاراضي الروسية, وتتجنب ايران ايضا. وفي الوقت ذاته, تعتمد شركة »غازبروم« الروسية, المحتكرة لصناعة الغاز الطبيعي, على الغاز الطبيعي لاسيا الوسطى, لان حقولها منه في القطب الشمالي آخذة في النضوب, الامر الذي يلقي الضوء على اهتمام موسكو بالطاقة الوفيرة في هذه المنطقة. وحيث ان لكازاخستان حدودا مع كل من الصين وروسيا, وتشارك ايران من الجنوب في بحر قزوين, اذا امام نزار باييف العديد من الخيارات. اما انابيب النفط الناقلة لنفط كازاخستان وغازها الطبيعي. فتمر عبر اراضي روسيا وتركيا وايران والصين والباكستان, وحتى افغانستان. \r\n \r\n وفي اليوم ذاته, الذي اعلن وزير الطاقة الكازاخي فيه بانه مهتم ببناء خط انابيب لنقل الغاز بالاتجاه الغربي عبر القفقاس, محييا في ذلك الولاياتالمتحدة واوروبا, لان هذا الخط سيخفف وطأة »غازبروم« على هذه التجارة, اصدر مشغّل خط الانابيب الوطنية ضمانة لروسيا لشحن نفطها الى الصين عبر خط انابيب نفط اتاسو-الشانكو الجديد. \r\n \r\n اما مساعد وزيرة الخارجية الامريكية, ريتشارد باوتشر, المرافق لتشيني في هذه الجولة, وكذلك غيره من المسؤولين الامريكيين, فطالبوا كازاخستان علنا بالتعهد بنقل المزيد من النفط غربا. وما يزال بعض اللاعبين المحدثين في اللعبة الكبرى يحاولون البرهنة على ان مبيعات الطاقة للصين تخدم ايضا مصلحة الولاياتالمتحدة. ذلك ان النفط الذي تضخه من كازاخستان, هو نفط لن تشتريه الصين من السوق في موانىء الخليج. \r\n \r\n وبعيدا عن الطاقة, تسعى الولاياتالمتحدة الى الابقاء على وجودها العسكري في اسيا الوسطى, بعد ان طردت اوزبكستان قاعدة جوية امريكية كانت تساند العمليات في افغانستان. كما ان القاعدة العسكرية الامريكية الاخرى في اسيا الوسطى تبدو في حال من التردد في اقامتها, لان حكومة قرغيزيا تطالب باجرة اعلى, اضافة الى انها بحثت مسألة ابعاد الامريكيين منها. \r\n \r\n كانت زيارة تشيني لكازاخستان آخر حلقة في سلسلة زيارات مسؤولين امريكيين رفيعي المستوى لذلك البلد, جرت فيها عملية الموازنة بين دعم سياسات نزار باييف الخاصة بالطاقة, وبين الانتقاد لحكمه الاوتوقراطي (الاستبدادي). وقال زعماء في المعارضة ان ملاحظات تشيني الدقيقة, التي وردت في خطابه في ليتوانيا, ومدح فيها الخطوات المتقدمة التي تحققت باتجاه الديمقراطية, في الدول السوفييتية السابقة, وبالرغم من الضغوط المناوئة من جانب روسيا, قد عززت مواقعهم. اذ قال تشيني ان الرئىس جورج بوش »سيوضح«, خلال لقائه الرئيس فلاديمير بوتين, في شهر تموز المقبل, »وبكل صدق وثقة, بانه ما من شيء على روسيا خشيته, بل انها ستكسب كل شيء من قيام دول ديمقراطية قوية ومستقرة على حدودها«. \r\n \r\n وقال اوراز ياندوسوف, الرئىس المشارك للحزب الديمقراطي في كازاخستان, في مقابلة اجريت معه, »سنحاول في لقائنا مع تشيني ان نشرح الوضع البائس في هذا البلد. فبعد خطابه في اليوم السابق, من الصعب عليه الا يكون متعاطفا معنا«. واضاف ياندوسوف يقول ان عددا من زملائه في قيادة المعارضة سينضمون اليه في هذا اللقاء, لكن السلطات الكازاخية منعت بعض المعارضين السياسيين من التوجه الى العاصمة للمشاركة في ذلك الاجتماع. \r\n