تواجه أوروبا حاليا تدفقا غير مسبوق للاجئين من دول الشرق الأوسط، خاصة سوريا والعراق، ويمثل هؤلاء اللاجئون أكبر تحد لأوروبا فى القرن الحالى، بسبب الاحتياجات المالية الباهظة لتغطية نفقات إعاشتهم فى حالة قبولهم، إلى جانب إعادة تأهيلهم وإدراجهم فى أسواق العمل الأوروبية، وتتدفق موجات اللاجئين برا وبحرا، وينظمها مهربون فى عصابات دولية، وتتم برا من تركيا واليونان، وبحرا من شواطئ جنوب البحر المتوسط ، ويأمل اللاجئون الوصول إلى ألمانيا أو إحدى دول شمال أوروبا الغنية، ولذلك لم تقف أمامهم أمواج البحر المتوسط العاتية، أو أنباء حوادث غرق بعض من سبقوهم، كما لم يمنعهم تشييد جدران عازلة من الأسلاك الشائكة على حدود المجر مع صربيا، أو على الحدود بين بلغارياوتركيا، بل إن كرواتيا تتخذ إجراءات احترازية على حدودها لكى لايتخذها المهربون كطريق بديل للعبور لألمانيا وغرب أوروبا فى حالة إغلاق حدود صربيا والمجر فى وجه اللاجئين. والعجيب أن اللاجئين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك كوسيلة لتيسير وصولهم للمهربين فى رحلة المخاطرة لأوروبا، خاصة أن فيسبوك غنى بخرائط لأفضل طرق الرحلة البرية من تركيا وحتى ألمانيا، بل إن بعض المواقع توجه اللاجئين لحى «بسمان» فى ميناء أزمير التركى، حيث يوجد أفضل المهربين وأرخصهم سعرا. ولقد أدت أزمة تدفق اللاجئين إلى اشتعال الأزمات السياسية بين العديد من الدول الأوروبية التى فشلت حتى الآن فى استيعاب هذا العدد المتزايد من اللاجئين، وتم توجيه انتقادات عنيفة لبعض دول البلقان وشرق أوروبا بسبب عدم تعاطفها مع مأساة اللاجئين، وتسعى حاليا دول الاتحاد الأوروبى لوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الأزمة من أجل تحقيق توزيع عادل لأعداد اللاجئين بين الدول التى يفدون إليها.. ولكن للأسف ستظل أزمة هؤلاء اللاجئين متفاقمة، وسيظل البحر المتوسط يقذف بعشرات الجثث يوميا. د. عبدالمنعم بدوى عبدالوهاب القاهرة