إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    النقابة العامة للأطباء تعقد اجتماعًا موسعًا لمناقشة تطبيق قانون المسؤولية الطبية الجديد    محافظ الجيزة: توزيع طني لحوم صكوك أضاحي على الأسر الأولى بالرعاية    أسعار الفاكهة والخضراوات اليوم السبت 13-12-2025 بأسواق أسيوط    لحظة بلحظة، سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه في المركزي    رئيس التعاون الإفريقى: زيارة الوفد المصرى لأنجولا خطوة لتعميق الشراكات الصناعية    كمبوديا تعلن تعليق جميع المعابر الحدودية مع تايلاند    بين الفيضانات والحصار.. وزيرة التنمية الفلسطينية تكشف حجم الكارثة الإنسانية في غزة    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في خطط التنمية    الصحف العالمية اليوم: مطاردة من القبر.. صور جديدة من تركة ابستين تقلق الكبار وأولهم ترامب.. ستارمر يستعد لاختيار سفير جديد لواشنطن وسط توتر العلاقات مع ترامب.. والإنفلونزا والإضرابات تهددان قطاع الصحة البريطانى    الفوج الثاني من بعثة مصر يطير إلى أنجولا للمشاركة في دورة الألعاب الأفريقية    فليك يعلن قائمة برشلونة لمواجهة أوساسونا في الدوري الإسباني    عبد المنعم إمام يُسائل وزير التعليم عن واقعة انتهاك جسد أطفال بمدارس النيل المصرية الدولية    السجن 15 عامًا وغرامة 100 ألف لعاطل بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة سلاح بالخصوص    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ الغربية يتابع أعمال كسح مياه الأمطار    ضبط 121 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    السجن المؤبد وغرامة مالية في قضية مخدرات بقسم ثان العبور    محمود الليثي ينتهي من تسجيل أغاني مسلسل "الكينج"    غدا.. إزاحة الستار عن تمثال الملك أمنحتب الثالث في كوم الحيتان بعد 3 آلاف عام من الدفن    تنفيذ 67% من مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    روتين صباحي صحي يعزز المناعة مع برودة الطقس    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    هل الجدل حوله يمنح فيلم الملحد إيرادات كبيرة؟    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    بي بي سي: الجالية العربية في ليفربول تدعم صلاح وسط أزمته مع سلوت    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    خبراء: لولا مصر لتمت تصفية القضية الفلسطينية.. وتحذيرات من كارثة شتوية    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية لضمان جودة الأمصال واللقاحات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    السكك الحديدية تعتذر للركاب لهذا السبب    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    المشاركون في ماراثون الأهرامات يلتقطون الصور التذكارية في المنطقة التاريخية    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميكى ماوس يتحدث فى السياسة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 09 - 2015

لعل من أهم جوانب ضعف صناعتنا السينمائية غياب أفلام التحريك، وهى ما كنا نعرفه صغارا باسم أفلام الكارتون، أو توم وجيرى، أو ميكى ماوس، بينما كان فن التحريك السينمائى فنا وصناعة مزدهرين طوال تاريخ السينما، ومن المؤكد أنه أصبح الآن يحتل مكانة مهمة أكثر من أى وقت مضى، حتى لا يكاد أن يمر أسبوع فى أمريكا دون أن تشهد دور العرض أفلاما طويلة جديدة من هذا النوع، بفضل التقنيات شديدة الإتقان التى ظهرت فى هذا المجال، لكن الأهم هو أن ذلك أتاح لصناع هذه الأفلام أن يمارسوا تأثيرا «سياسيا» عميقا لدى المتفرجين، والأكثر أهمية هو أنها لم تعد مقتصرة على مستوى تذوق الأطفال فقط، بل إنها تتوجه برسائلها إلى الكبار أيضا.
لكن مفهوم أفلام الكارتون ظل بالنسبة لنا مرتبطا بالطفولة، منذ المحاولات البدائية الأولى التى ظهرت فيها شخصية تدعى «مشمش أفندى» على يد الأخوين فرانكل فى الثلاثينيات، مرورا بمحاولات الفنان مهيب فى مجال الإعلانات بفن التحريك فى الستينيات، حتى انتهى الأمر إلى «بكار» ورفاقه من الشخصيات الكارتونية الأخرى. وهذا التجاهل من ذلك الجانب المهم فى السينما هو الذى أدى فى فترة ما إلى انتشار أفلام يابانية متواضعة بين أطفالنا، مثل «جريندايزر» أو «كابتن ماجد» أو «سلاحف النينجا». والمفارقة هنا أن فن التحريك اليابانى يمثل نوعا بالغ الرقى والنضج بين أقرانه فى الصناعات الأخرى، لكننا استوردنا أكثر ما فيه سذاجة، لنؤكد لأنفسنا مرة أخرى وليست أخيرة أن أفلام الكارتون ليست إلا لتسلية الأطفال.
وربما وجد بعض من يعملون بصناعة السينما مبررا لغياب هذه الأفلام بسبب صعوبة تنفيذها، أو استحالة تحقيق النجاح فى التنافس مع الأفلام الأمريكية، ولعل هذا سبب وجيه فى جانب من الأمر، لكن لماذا إذن أقسام التحريك فى معاهدنا السينمائية؟ ولماذا لا نستفيد حقا من السهولة النسبية التى تحققت بفضل الإمكانات الكومبيوترية الجديدة؟ ليس مهما أن تصل إلى الكمال فى الإبهار التقنى، بقدر ما يجب عليك أن تحاول الوصول إليه فى الأفكار، وهذا ما حدث على سبيل المثال فى فيلم الفنانة الإيرانية المهاجرة مارجان ساترابى «بيرسيبوليس» (فى إشارة إلى بلاد الفرس أو إيران)، الذى قامت بتنفيذه بالأبيض والأسود بأسلوب يحاكى فن خيال الظل القديم، لتحكى فيه بنضج بالغ تجربتها الذاتية المريرة، التى أدت بها إلى المنفى الاختيارى فى أوروبا.
وإن كنت تبحث عن مثال آخر، من المؤكد أنه أكثر خبثا، فهو الفيلم الإسرائيلى «رقصة الفالس مع بشير» (فى إشارة لبشير الجميل)، والذى يحكى من وجهة النظر الإسرائيلية قصة مذحة صابرا وشاتيلا، ليختار المخرج أسلوبا خاصا فى التحريك، لكى يضفى على الفيلم غلالة تشبه الحلم، لأنه يزعم كاذبا أنه لا يتذكر التفاصيل تماما، ليمثل الفيلم رحلته لاستعادة ذاكرة الحقيقة الصهيونية الزائفة.
نسوق هذه الأمثلة لنشير إلى الإمكانات السياسية الكامنة فى فن التحريك، وتخرج به من دائرة الأفلام الطفولية. وحتى فى الأفلام الموجهة للأطفال تجد رسائل سياسية بالغة الأهمية، وهو ما يمكن توضيحه فى وجهتى النظر السياسيتن المتناقضتين لاثنتين من الشركات السينمائية الأمريكية، وهما وجهة النظر الرجعية لشركة دريم ووركس وأفلامها، وتلك التقدمية لشركة بيكسار وأفلامها.
ففى عام 1998 ظهر فيلمان يتناولان حياة النمل، وفيلم الشركة الأولى يدعى «النملة زى»، والآخر للشركة الثانية هو «حياة حشرة». فعلى حين كان الفيلم الأول يتسم بالنزعة الوجودية الخالصة، فى تركيزه على البطل النملة الذى يشعر بالانسحاق لأنه لا يشعر بالفردية وسط ملايين النمل الذين يشبهونه، كان الفيلم الثانى يتحدث عن بطل نملة أيضا يشعر بخطر سرب مهاجم من الجراد، فيدعو الحشرات الأخرى للوحدة وضم الصفوف معا لمواجهة العدو.
أنت هنا أمام رسالتين سياسيتين مختلفتين تماما، تدعو الأولى للنزعة الفردية والبحث عن الخلاص الذاتى فقط، بينما تقول الثانية إن الوسيلة الوحيدة لنجاة الصغار، فى مواجهة توحش الكبار، هو التوحد والوعى. ولقد ترددت هذه الرسالة التقدمية الأخيرة فى كل أفلام شركة بيكسار، حتى إن فيلما مثل «شركة الوحوش» يرمز إلى أمريكا التى تستمد قوتها من بث الخوف فى نفوس الأطفال الصغار، الذين يجب عليهم ألا يخافوا من قوة الوحوش التى تعتمد على الإيهام أكثر مما تعتمد على قوة حقيقية، كما أن فيلم «البحث عن نيمو» يحكى عن طفل السمك الصغير (بل المعاق أيضا) نيمو الذى ينتهى به الأمر حبيسا فى حوض زجاجى مع مجموعة متنوعة من الأسماك الأخرى، وهو لا يتوقف عن الحلم بالحرية، التى لا يستطيع تحقيقها إلا بتكاتف السمك كله لتحقيق الانعتاق.
الجميل فى هذه الأفلام أنها لا تلجأ أبدا إلى أسلوب تلخيص رسالتها بالنصائح المباشرة، كما قد نفعل نحن أحيانا حتى فى أفلام الكبار، والأجمل أنها أصبحت تتوجه إلى مستويات مختلفة فى التلقى، بما يشجع كل أفراد العائلة على الذهاب إلى الفيلم، فهناك ما يدركه الصغار بسهوله، وهناك أيضا ما يفوت على إدراكهم ولا يتذوقه إلا المتفرجون من الكبار.
هل تدرى ماذا نجحت هذه الأفلام فى تحقيقه؟ إنها توقظ الطفل فينا، بقدر ما تساعد الطفل على النضج. فهل نطمع فى أن تعاملنا أفلامنا معاملة مثل هؤلاء الأطفال؟!
لمزيد من مقالات أحمد يوسف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.