مصر تنتظر إعلان النتائج .. الوطنية للانتخابات تُغلق باب الشائعات بالضبط والشفافية    فوز مدرسة الشهيد أحمد فوزى زيد الثانوية بنات بأبو حمص بلقب أفضل بالبحيرة    مؤشرات أولية تكشف خريطة انتخابية أكثر تنوعًا.. وتقدم مرشحين معارضين يعيد تشكيل توازنات البرلمان المقبل    الوزير الأول بالجزائر: بعض الشركات المصرية الناشطة في بلدنا أصبحت نموذجاً للنجاح    ارتفاع أسعار الذهب في مصر مع توقعات وصول عيار 21 إلى 5600 جنيه    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    مرسى مطروح تواصل تطوير السوق الحضاري ورفع كفاءة المظلات والباكيات    ضمن الفارس الشهم 3.. الإمارات تسير أكثر من 250 قافلة تحمل 1.6 مليون طرد مساعدات لغزة    أهم أخبار الكويت اليوم.. الأمير يشارك باجتماع الدورة العادية ال46 لمجلس التعاون    البحرين وعمان يتأهلان لنهائيات كأس العرب بالفوز على جيبوتي والصومال    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة بايرن ميونخ × آرسنال Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | دوري أبطال أوروبا 2025    "المصائب لا تأتي فرادى".. إيقاف رمضان صبحي 4 سنوات بتهمة تعاطي المنشطات    خبر في الجول - موعد سفر منتخب مصر إلى المغرب للمشاركة في كأس إفريقيا    القبض على 3 متهمين اعتدوا على طالب بسلاح أبيض في الجيزة بقصد السرقة بالهرم    القبض على سائق تشاجر مع سيدة في أسيوط    قطاع أمن المنافذ يضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متعددة خلال 24 ساعة    إلهام شاهين تنهار من البكاء خلال مهرجان شرم الشيخ.. لهذا السبب    خالد جلال: "كاستنج" يسوّق المواهب الشابة بعرضها على الملايين    هل تكون هنا الزاهد عروس الوسط في 2026؟.. الفنانة تجيب    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    رئيس هيئة الرعاية الصحية: استدامة التمويل الصحى ركيزة لجودة الخدمات    البورصة تخسر 16 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة الأربعاء    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    مؤشرات الفرز الأولية والحصر العددى لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد بالدقهلية.. فيديو    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    كشف حقيقة منشور تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى تضمن استغاثة القائم على النشر بتغيب شقيقه بسوهاج    أعمال تطوير كبرى بمحطة التنقية الغربية بالإسكندرية لرفع قدرتها الاستيعابية    الصحة الفلسطينية: حصيلة الشهداء بغزة ترتفع إلى 69,785 شهيدًا    وصول بعثة منتخب الطائرة إلى الأردن للمشاركة في بطولة التحدي العربية    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة آرسنال ضد بايرن ميونخ مباشر دون تقطيع | دوري أبطال أوروبا    جامعة عين شمس تشارك في اجتماعات معاهد كونفوشيوس وتعزز تعاونها مع الجامعات الصينية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    فون دير لاين: الاتحاد الأوروبى سيعمل على تسريع تقديم قرض ب140 مليار يورو لأوكرانيا    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    حكم الإدارية العليا يشرح الفرق بين إلغاء الشهادات المهنية وتثبيت الأكاديمية    التحليل المالي بالجامعات المصرية الحكومية.. دورة تثقيفية بجامعة حلوان    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق البساتين بشبين الكوم    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    حريق يحاصر أشخاصا في مبنى شاهق في هونج كونج وإصابة شخص بحروق خطيرة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    يوسي كوهين يكشف كيف اخترقت إسرائيل قلب حزب الله واغتالت عماد مغنية    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    قافلة من أسنان القاهرة للكشف على طلاب كليات القطاع الصحى بالجامعة الأهلية    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور على مين

ما يحدث فى سوريا يمثل متوالية حسابية من الأحزان. مثل كل مآسى العرب لا تنتهى المأساة بوقوعها بل تظل تفرز عدداً من المآسى الجديدة. حربٌ أهلية.. إرهاب يقيم لنفسه دولة..

مسيحيون نازحون.. مهاجرون يلقون بأنفسهم إلى البحر والموت والمجهول .. وطن عربى يتفتت. تراهن عليه قوى عالمية وإقليمية وكأنه مُمَدّد على مائدة «الروليت» وحوله يتلمظ المتنافسون والمراهنون والمرابون. آلة القتل تفرك حتى الآن ربع مليون ضحية.
أصبحت مسألة الاختيار فى سوريا عبثية وعدمية . عليك إذا كنت سورياً أو مهموماً بالقضية السورية أن تختار بين مُرّين (مثنى مُرْ) هما النظام المستبد أو الفوضى التى تقود إلى انهيار الدولة وتفتت الوطن. فوضى يختلط وسط كرنفالها الدموى وطنيون أحرار، وعولميون تابعون لقوى أجنبية، وممثلو قوى إقليمية من نفوذ إيرانى قوى، ودعم خليجى مالى، ومحاولات مصرية لمنع سقوط حصن عربى مع هؤلاء إرهاب غادر وفاجر قادم بليل من آشتات الأرض مدعوم من قبل (أشباح) دولية لا نراها يحاول أن يقيم لنفسه دولة مزعومة. لن تستطيع أن تميّز جيداً بين كل هؤلاء باستثناء قوى الإرهاب. كيف تفرّق مثلاً بين وطنيٍ حر وبين عولميٍ مجهول الانتماء والأجندة يحمل نفس شعارات الحرية؟ لقد عانينا وما زلنا من التفرقة ذاتها فى مصر.
أزمة الاختيار بين الاستبداد والفوضى ستظل تلاحق العرب لعقود طويلة مقبلة. بالطبع لا يمكن اختزال كل جوانب المأزق العربى فى ثنائية الاستبداد أو الفوضى. مازال ثمة من يعتقد فى إمكانية تخصيب الاستبداد بالعدل. نجحت عملية التخصيب بصورة ما خلال الحقبة الناصرية ، لكن يبدو أن الأزمة السورية قد تجاوزت تماماً هذه الرؤية. صعبٌ بل محالٌ تصور قيام العدل على أنقاض جماجم ربع مليون ضحية.
الوجه الحاضر للمأساة السورية يتجلّى اللحظة فى تدفقات اللاجئين السوريين إلى أوروبا. المشاهد الموجعة التى اقترنت بفرار هؤلاء اللاجئين وموتهم غرقاً وهم يبحثون عن ملاذ تمثل أحدث، وليس آخر، فصول المأساة. مشهد الطفل البريء إيلان كردى الذى مات غرقاً مع آخرين غيره يتجاوز الوصف. لكن ما يسهل ويجدر وصفه هو مشهد المقارنة بين رد الفعل الأجنبى فى دول مثل ألمانيا وفرنسا والسويد و رد الفعل العربي. هنا تبدو المقارنة موجعة بالفعل. بالطبع صدرت وستصدر ردود فعل عربية هى أقرب ما تكون لردود (الكلام) وليس (الفعل). وربما تتطور ردود (الكلام) إلى دفع أموال. لكن الأموال لا تنقذ وطناً من السقوط.
على الجانب الآخر تعالوا نرى ماذا (فعل) الآخرون؟ ألمانيا وفرنسا سلكتا مسلك الأمم الكبيرة وأعلنتا فى شجاعة استعدادهما لتحمل مسئوليتهما الأخلاقية فى استقبال اللاجئين. خرجت المظاهرات الشعبية فى أكثر من بلد أوروبى تطالب باستقبال اللاجئين السوريين. وصل الأمر إلى حد اشتراك وزراء أوربيين فى بعض هذه المظاهرات. رئيس وزراء فنلندا يعرض منزله الخاص بشمال البلاد لإيواء طالبى اللجوء طالباً من المواطنين والكنائس والمنظمات الخيرية تقديم المأوى للاجئين. وزيرة خارجية السويد تبكى فى برنامج تليفزيونى على الهواء. موقف بابا الفاتيكان بدا أشد تأثيراً وأكثر دلالة من موقف مؤسسات إسلامية كبرى. وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى يعقدون اجتماعاً فى لوكسمبورج لتنسيق جهود استقبال اللاجئين السوريين. ثم كانت المفاجاة حين طالب زعيم المعارضة الإسرائيلية «يتسحاق هرتسوج» من الحكومة الإسرائيلية استقبال لاجئين سوريين فى إسرائيل، التساؤلات المؤلمة تتوالى: أين العرب؟ أين الحكومات والشعوب ومنظمات المجتمع المدنى؟ أين الجامعة العربية؟
حسناً.. استقبلت الدول العربية المجاورة لسوريا مثل لبنان والأردن والعراق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. فى مصر نصف مليون لاجئ سورى يعامل الطلاب منهم نفس معاملة الطلاب المصريين. تبرعت الكويت بعدة مليارات. لكن ماذا عن الفتور العام فى الفضاء العربى من قضية اللاجئين السوريين؟ هل نفسر هذا الفتور بنقص الإمكانات والموارد؟ هل تخشى الدول العربية سياسياً من توافد اللاجئين السوريين عليها فى وقت تعانى فيه من أزمات سياسية؟ أم يتجاهل معظم العرب قضية اللاجئين السوريين لمخاوف أمنية مستقبلية؟ المفارقة هنا أن الدول الغربية التى تعانى من الإرهاب ومخاوف الأسلمة لم تتردد فى استقبال لاجئين مسلمين. وكان لافتاً تصريح «ميركل» الألمانية الشجاعة أن ألمانيا تستقبل هذا العدد من اللاجئين واعية بكم التحديات المستقبلية.
لكن لماذا يصد العربى بابه أمام شقيقه الملهوف بينما يستقبله ويغيثه الألمانى والفرنسى والسويدى؟ عالج الكاتب البريطانى روبرت فيسك هذا السؤال تحت عنوان قاس وساخر هو لماذا يلجأ العربى إلى بلاد «الكفّار» بدلاً من بلاد الخليج؟ يُعبّر «فيسك» عن دهشته من ان اللاجئين السوريين قد أبحروا بقواربهم لا إلى المكان الذى كان يفترض أن يبحروا إليه ولكن إلى المكان الذى كان يوصف بالغرب المسيحى ويُنعت بالكفر. يقول روبرت فيسك لقد فرّ مئات الآلاف من المسلمين من الشرق الأوسط إلى أوروبا رغم افتقارها للإيمان الدينى لأن فكرة الإنسانية فيها ما زالت على قيد الحياة. يتحدث العرب إذن ليل نهار عن الرحمة تاركين للآخرين ممارستها.
سؤال روبرت فيسك لا يضاهيه فى وجعه سوى سؤال آخر ألا تخشى الأنظمة العربية من أن ينتقل إليها السيناريو السورى فى الدولة التى كانت مثالاً للأمن والاستقرار؟ الواقع أن كل شواهد الحاضر العربى تقود إلى سؤال: بالأمس كان العراق واليوم سوريا.. فعلى من الدور غداً؟
قالوا... أُكِلتُ يَوْمَ أُكِلَ الثور الأبيض.
لمزيد من مقالات د. سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.