محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    «إسرائيل: السحر الدين الدم».. كتاب جديد يكشف الأسرار الخفية للدولة العبرية    أمطار غزيرة تغرق خيام النازحين في عدة مناطق بقطاع غزة (فيديو)    الجيش السوداني يستعد لصد هجوم لميليشيا الدعم السريع من الأراضي الإثيوبية    قفزة لليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز مان سيتي وآرسنال وخسارة تشيلسي    نيجيريا تهزم تونس 3-2 وتصعد لدور ال16 بأمم إفريقيا    إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    الأرصاد تحذر من أمطار ليلة رأس السنة ومنخفض جوي يضرب السواحل الشمالية    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    النيابة العامة تُجري تفتيشاً ل مركز إصلاح وتأهيل المنيا «3»| صور    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    يوفنتوس يعبر اختبار بيزا الصعب بثنائية ويشعل صراع القمة في الكالتشيو    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    بيزا ضد يوفنتوس.. السيدة العجوز تحسم المواجهة بثنائية نظيفة    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    إصابة 10 أشخاص فى حادث انقلاب مينى باص بمنطقة مدينة نصر    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    كأس أفريقيا.. نيجيريا تتأهل بثلاثية في تونس    مدرب المصرية للاتصالات: لا أعرف سبب تفريط الأهلى فى مصطفى فوزى بهذه السهولة    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: «نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي»    انتخابات النواب 2025 بسوهاج.. إقبال كثيف ورقابة شعبية منعت أي تجاوزات| فيديو    خبير اقتصادي: تحسن سعر الصرف وانخفاض التضخم يحدان من موجات الغلاء    تفاوت بين روايتَي واشنطن وأبوجا بشأن الضربات الأمريكية في نيجيريا    أول رد من نيللي كريم على شائعة زواجها من شريف سلامة    رونالدو يشيد بأداء النصر بعد ثلاثية الأخدود: الطريق ما زال طويلًا    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الأهرام" يعيش المتعة مع رحلة " إعرف بلدك "

يعملون في صمت ، لكنه صمت مبدع ، ورغم أنهم جزء من كل ، فإنهم يتميزون بروح الاسرة الواحدة ، التي جمعتهم في هذا الكيان الصغير ، لكنه كبير بروحه ، وفكره ، وتماسكه كالبنيان المرصوص . انهم جنود إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي بالجيزة ، بقيادة المثقف الراقي الروائي محمود حامد ، رئيس الادارة المركزية للإقليم القاهرة الكبرى ، ومساعدته مديرة الإقليم جهاد راغب ، وأذرعهم المتفانون شيماء الطويل مديرة إدارة الإعلام ، وزين عبد الصبور مدير إدارة الثقافة العامة ، وسامية شبل مشرفة حملة "إعرف بلدك" ، ومها عبد العال مسؤولة العلاقات العامة.
ولأنها - بالفعل و بدون مبالغة - معجزة القرن الحادي والعشرين ، في الوقت القياسي لحفرها ، الذي لم يستغرق سوى سنة واحدة فقط ، وكم الرمال الهائل الذي تم تكريكه ، لتتحول من حلم على الورق ، لحقيقة ملموسة على أرض الواقع ، فقد وقع عليها سهم الاختيار ، من إدارة الإقليم ، لتكون وجهة أطفال ، ونشء الجيزة ، في زيارة شاملة لها ، يتعرفون من خلالها على حجم هذا الإنجاز الضخم ، الذي تحقق بآياد ، وأموال مصرية ، مائة بالمائة ، ويلمسون فعليًّا مدى عظمة بلادهم ، وحضارتها ، وقوة إرادة شعبها .
وبالفعل ، استعدت إدارة الإقليم لتلك الزيارة المهمة ، التي تأتي في إطار الحملة القومية للهيئة قصور الثقافة "إعرف بلدك" ، ودعت الاسرة الصحفية لتكون ضيفًا ، وشاهدًا عيانًا على العائد الإيجابي المعنوي من تلك الرحلة على نفوس أولادنا ، وبناتنا ، من الأجيال الجديدة ، وقد تشرفت بأن أكون أحد أفراد الاسرة الصحفية ، التي ضمت معي ، "جوكر" جريدة "القاهرة" ، الصادرة عن وزارة الثقافة ، الصحفي الشامل الموهوب سامح فايز ، ومحرر مجلة "حريتي" محمد الصناديلي ، وصاحبنا مديرة الإقليم ، وفريق عملها المخلص ، ومعنا الضيف الكبير الفنان التشكيلي الدكتور حمدي عبد الله ، الذي ترك مشاغله كلها ، ولبى دعوة الوطن ، ممثلا في إقليم ثقافة القاهرة الكبرى ، ليكون مايسترو فرقة مواهب الجيزة في الرحلة ، الذين رافقونا في باص آخر مع الفنانتين التشكيليتين فدوى عطية ، ووفاء هاشم ، إلى قناة السويس الجديدة .
وفي الموعد ، انطلق الباص يقل الجميع ، إلى المعجزة المصرية الجديدة في العصر الحديث ، ورغم حرارة الجو ، طوال الطريق ، فإن حميمية اللقاء ، وروح الأسرة الواحدة ، كانت كفيلة بإطفاء الحر ، بمساعدة مبرد السيارة ، فارتفعت الضحكات ، والقفشات ، وأحاديث الأمل في المستقبل السعيد لمصر ، ومشاكل الاتصال بين الصحافة والثقافة ، واقتراح حلول لها ، والطريف أن الأمر لم يخل من عدة مكالمات هاتفية متوالية ، أجرتها مديرة الإقليم المتفانية ، التي لم تنس مسؤولياتها ، ومهام عملها ، مع موظفي الحسابات بالقصر ، والتشديد عليهم بالتعجيل في إنهاء مراجعة رواتب العاملين سريعًا ، تمهيدًا لصرفها في اليوم التالي مباشرة ، والتنبيه عليهم بعدم مغادرة القصر ، بدون تنفيذ الأمر المباشر ، احترامًا لمجهودات كل العاملين ، فأقل تقدير لهم أن يصرفوا رواتبهم في موعدها المقرر ، بلا تأخير ، وكنت أنظر إليها بإعجاب ، وصوتها يرتفع وينخفض ، مابين شد وجذب ، لحل الموقف بحكمة ، وبعد انتهاء المكالمة ، لم ننس - بالطبع - توثيق اللحظة ب"سيلفي" البسمة الصافية لنا جميعًا أثناء الطريق للذكرى .
وبعد ساعات معدودة ، دخلنا مدينة الإسماعيلية الباسلة ، وهي تستقبلنا بلافتة جميلة ، تتوسطها جملة "مرحبًا بكم في محافظة الإسماعيلية " ، ليخترق الباص شوارعها ، وخلفه باص الأطفال ، في هدوء ، ونحن نمتع أعيننا بجمال ، ونظافة شوارعها ، وتناسق مبانيها ، وحيوية أهلها السائرين في كل مكان ، لنطالع بعدها روعة الخضرة في مزارعها ، وتبدو عن بعد في الخلفية مياه القناة اللؤلؤية ، تنعكس على صفحتها أشعة الشمس الذهبية ، في لوحة بديعة من الجمال المصري الخالص .
انتهت دقائق المتعة التي تمنينا أن تطول ، ليتوقف الباص أمام قصر ثقافة الإسماعيلية ، حيث كان في انتظارنا محمود حامد رئيس إقليم القاهرة الكبرى - الذي سبقنا إلى هناك ، ووصل مبكرًا - مرحبًا بالوفد الصحفي ، والتشكيلي الكبير د. حمدي عبد الله ، ومتمنيًا لنا رحلة ممتعة ، ودلفنا جميعنا إلى الداخل ، حيث تجمع الأطفال ، ومعهم التشكيلية الجميلة فدوى ، التي انخرطت بمساعدة زميلتها وفاء ، وبعض العاملين بقصر ثقافة الإسماعيلية ، في تجهيز جدارية طويلة ممتدة بطول القصر ، بصبغها ب"اللاكيه" الأبيض ، تمهيدًا للرسم عليها ، في الوقت الذي كنا نطالع فيه المشهد بمنتهى الإعجاب ، وأكواب الشاي تتراص أمامنا ، لضبط المزاج ، و زميلنا سامح فايز منطلق في التقاط لحظات المحبة ، والود ، والسعادة تغمر الجميع .
انتهت مهمة تجهيز الجدارية ، على أكمل وجه ، ليتم نقلها بعد ذلك لباص الأطفال ، ودلفنا بدورنا للباص الآخر الذي يقلنا ، وانطلق الباصان مخترقين شوارع الإسماعيلية ، حتى وصلا إلى مشارفها ، لنواجه يافطة مكتوبًا عليها " قناة السويس الجديدة" ، يحوطها مجموعة من جنودنا ، وضباطنا البواسل من الجيش المصري ، المكلفين بحراسة ، وتأمين مشروع القرن ، وسريعًا ألقوا نظرة بالداخل في كل باص ، بوجوه باسمة مرحبة ، ليسمحوا للباصين بأن يستقلا صندلًا بحريًا مملوءًا بالسيارات الخاصة ، الذي نقلنا بدوره لصندل آخر ، لينتهي بِنَا المطاف إلى الضفة الاخرى ، حيث الحلم الذي يراود كل منا : "قناة السويس الجديدة".
ما إن رأى كل منا المشهد الساحر المهيب ، والقناة في مواجهتنا ، تبحر بها الناقلات العملاقة ، وعلى الضفة الأخرى انتصب تمثالان عملاقان ، للجندي المصري وهو يمسك بيديه معولًا يحفر به ، والآخر لمصر في صورة امرأة وقد فردت جناحيها ، وخلفها ترفرف أعلام دول العالم ، الذين شاركونا فرحة إطلاق القناة الجديدة ، حتى انطلق الجميع ، في رصد تلك الروعة بعدسات المحمول ، والتابلتات ، يملؤنا الفخر والفخار بمعجزة القرن الحادي والعشرين ، التي ستعيد رسم خريطة العالم ، وفي الوقت نفسه ، طفقنا نسخر من أوصاف الحاقدين ، والأرهابيين ، للنيل منها ، والانتقاص من هيبتها ، وعظمتها ، وجمالها ، قبل ، وأثناء ، وحتى بعد شقها ، وإطلاقها ، ونحن نرى بأم أعيننا مدى اتساع ، وعمق القناة ، لنستشعر المجهودات الخرافية في الوصول لتلك النتائج المذهلة ، في فترة قياسية لاتصدق ، لكنها لاتستعصى على المصريين ، أحفادًا ، وآباءً ، وأجدادًا ، عبر مختلف الأجيال .
بعدها سار الجميع ليصعد إلى المنصة الخالدة ، التي شهدت الاحتفال التاريخي بافتتاح القناة ، وتحدث منها رئيسنا المغوار عبد الفتاح السيسي لشعبه ، معلنًا تحول الحلم لحقيقة ، لتنتقل عدسات الوفد للتصوير في المنصة ، لتوثيق تلك اللحظات التاريخية ، والضحكات تعلو الوجوه ، ولم يفت كل منا أن يلتقط "سيلفي" مع جنودنا البواسل المسؤولين عن حراسة القناة هناك ، وهم يلبون دعواتنا بكل أريحية ، وبجانب كل هذا لايكف سامح فايز عن التقاط الصور الجميلة المتنوعة ، من كل اتجاه ، لجميع أعضاء الوفد ، ليرسم البسمات على الشفاه .
وخلال تجولنا ، كان يصاحبنا مرشد يحكي للوفد مسيرة حفر القناة طوال عام كامل ، ومجهودات الدولة لتذليل أي عقبات تحول دون إتمام العمل في الوقت المناسب ، ثم تحدث لنا عن النتائج المهمة لانطلاق قناة السويس الجديدة ، فحددها في عدة نقاط ، هي :
- إيقاف حفر قناة أشدود الإسرائيلية .
- جذب الحاويات والناقلات العالمية العملاقة التي كانت تسير من طريق الرجاء الصالح حول إفريقيا بعد توسيع القناة .. وبالتالي السيطرة على 30 ٪ من حجم التجارة والملاحة العالمية لترفع ايرادات القناة لأكثر من الضعف (من 5,2 مليار جنيه إلى أكثر من 13,2 مليار) .
- استثمارات عالمية متوقعة بالمليارات لتنمية محور القناة .. مما يعني حماية عالمية مضاعفة من دول تلك الشركات للقناة رعاية لمصالحها تساعد مصر على حماية قناتها .
- الآلاف من المشاريع في كل المجالات .. مما يعني القضاء على غول البطالة وتوفير فرص عمل جديدة للشباب على جميع المستويات المهنية والاجتماعية .
- وضع مصر على خريطة الاقتصاد العالمي بقوة .. مما يعني المزيد من الشراكات الاستراتيجية مع العديد من دول العالم الصناعية الكبرى .. تسهم في تحسين الاقتصاد المصري .
- رسالة للمصريين والعالم بأن مصر عبرت الصعب .. ووضعت قدمها بثبات على طريق التنمية .. مما يعني مضاعفة ثقة المواطنين في رئيسهم .. ويرفع معنوياتهم لعنان السماء .. وقد يسهم في تعديل سلوكياتهم الفوضوية والاستهلاكية للعمل والانجاز.
- زيادة شعبية السيسي .. محليًا وعربيًا وعالميًا .. بعدما وعد فأوفى .. وسيعيد المناهضون لسياساته التفكير في مواقفهم منه .. وزيادة ثقة المصريين في أنفسهم .. بقدرتهم في تحقيق البناء والتنمية المستدامة بسواعدهم .. بعد تصميمهم على تمويل القناة .. ونجاحهم في جمع 64 مليار جنيه في 8 أيام .. وبالتالي استعادة سمعة الحكومة محليًا في المواطن .. والتي فقدها عربيًا وعالميًا .. مما ينعكس بالإيجاب على المصريين المغتربين بالخارج .. الذين آن لهم أن يرفعوا قاماتهم فخرًا برئيسهم ووطنهم .
وفي نهاية سرده ، قال لنا : "إن القناة الجديدة تمثل لحظة احتشاد .. وتوحد للمصريين .. ستخرجهم من اليأس والإحباط والتشكيك في قدراتهم .. وتعيد لهم الأمل في أن روح الثورة مازالت تسري بداخلهم ولن تضيع أَبَدًا .. ولايحتاج الأمر سوى للثقة بالنفس .. والاخلاص والتفاني في العمل من أجل الوطن فقط .. كما تمثل نموذجًا للإعجاز في الإنجاز في وقت قياسي ، لايقل عن بناء الأهرامات .. ونصر أكتوبر المجيدة .. يرفع مستوى معيشة المصريين .. ويزيد ثقة العالم في سواعدهم وعقولهم" .
لم نشعر بعقارب الساعة ، وهي تتحرك سريعًا ، معلنة انتهاء دقائق المتعة ، لنعود سريعًا أدراجنا في السيارتين ، وننطلق بعدها إلى تاريخنا العريق ، حيث موقع "تبة الشجرة" ، الذي سقط في أيدي القوات المصرية ، في حرب أكتوبر المجيدة ، وكان عنصرًا فارقًا وأساسيا في النصر ، بعد الاستيلاء عليه ، وهناك استقبلتنا قوات تأمين الموقع ، وقائدها بحفاوة بالغة ، لندخل بصحبة مرشد عسكري ، صحبنا في جولة ممتعة بين مجموعة من الصناديق الزجاجية ، تحمل بداخلها أسلحة إسرائيلية ، وقعت في قبضة جنودنا البواسل في الحرب ، ليتم حفظها بعد ذلك لتكون شاهدًا على خسة العدو ، إذ كان بعضها محرمًا دوليًّا ، وفي كل مرة يلقي المرشد الشرح التفصيلي لكل سلاح على مسامعنا ، نصب اللعنات على العدو الخسيس ، الذي انتهك كل الأعراف الدولية ، والأخلاقيات ، والقواعد الإنسانية للحروب ، ولم يردعه ضمير ، ليحول القتال لحرب قذرة من ناحيته .
بعده ، تحرك السرب خلف المرشد إلى الخندق الشهير ، الذي كان العدو يدير منه الحرب ، وبداخله كانت دهشتنا جميعًا ، حينما شاهدنا الخندق ، الذي لم يكن مجرد خندق حربي ، بل كأنه فندق ، مجهز بأعلى مستوى من وسائل الراحة : غرف مريحة للإقامة ، بها كل سبل المعيشة ، لقادة جميع أفرع الجيش الاسرائيلي وجنودهم ، كل غرفة مخصصة لفرع معين من الأفرع ، بها أحدث أجهزة الاتصال ، والاشارة ، والتشويش ، فضلًا عن غرفة رئيسية للتخطيط ، وإدارة الحرب ، مزودة بخرائط لتجمعات الجيش المصري ، وعلى الجدران انتظمت الخرائط المنظمة للعمل ، أبرزها خريطة خط بارليف الشهير ، الذي اكتسحه المهندسون ، والجنود المصريون بمدافع المياه ، ليذوب تمامًا ، فاتحًا لنا أبواب النصر ، والعجيب أننا وجدنا غرفًا طبية مخصصة لاستقبال الجرحى ، والمصابين من جنود العدو ، مزودة بكل أجهزة ، وأدوية العلاج ، كان يستخدمها أطباء مقيمون طوال فترة الحرب ، لعلاجهم ، وتضميد جروحهم ، وخرجنا - والدهشة تعلو وجوهنا - في اتجاه باب الخروج ، لتزداد عندما شاهدنا بجانبه كوة صغيرة خفية ، بها سلم علوي موصل إلى السطح ، للهروب السريع.
وموقع "تبة الشجرة" من أشهر مواقع العدو الاسرائيلي ، في حرب أكتوبر المجيدة ، و به غرفة العمليات الرئيسية التي كان يدير منها الحرب ، كبار قادة اسرائيل ، كموشيه ديان ، وحاييم بارليف ، وكان الاستيلاء على هذا الموقع بداية النصر المبين للقوات المصرية ، وقد سمته بهذا الاسم ، لأنها اكتشفت سياجًا أخضر من الأشجار العملاقة تحيط به ، للتمويه ، وإخفائه عن العيون .. حقًّا كم كانت لحظات رائعة .. لحظات الانتصار على العدو ، وتحرير أرضنا الغالية .
وبعد الخروج ، حرص كل منا على التقاط صور تذكارية بجانب بابي الدخول ، والخروج للخندق ، وبعض اللوحات التي غرست حوله ، تحمل عبارات وطنية ، أشعلت الحماس فينا ، لننطلق بعدها في الصحراء المترامية الأطراف ، ونحن نشاهد بانبهار ، عددًا من الدبابات ، والمصفحات المتهالكة للعدو ، التي تناثرت في كل اتجاه ، شاهدة على قوة مصر ، لتتحول في ثوان معدودات إلى موقع تصوير، ويعلو كثيرون ظهور تلك الدبابات ، لالتقاط صور لن تمحى من الذاكرة .
ثم نتجمع من جديد في مبنى كبير ، كان مخصصًا للقيادة المصرية ، بعد الاستيلاء على الموقع ، ونشاهد فيلمًا تسجيليًا لمشاهد الحرب ، وإسقاط أخطر مواقع العدو ، عاد بذاكرتنا سنوات وسنوات ، وحينما ظهر الرئيس الراحل أنور السادات ، وهو يتفقد "تبة الشجرة" عقب سقوطه مباشرة ، حتى انطلقت حناجرنا ، بلا شعور ، تهتف "الله اكبر .. تحيا مصر" ، وكأننا جنود في معركة المصير ، وقبل أن نغادر الموقع ، حرصنا على شكر قائد التأمين ، وقواته ، والتقاط صورة تذكارية جماعية معهم .
صعدنا إلى السيارتين ، وتوجهنا مباشرة ، حيث موقع النصب التذكاري الخالد لشهداء حرب أكتوبر ، وكسابقيه القناة ، وموقع التبة ، تحلقنا حوله - وأنا في مقدمتهم - نأخذ صورًا مختلفة له كأثر ، ومعه ، للذكرى ، والفرحة تملؤنا ، ونحن نرى بجوارنا ، بعض الأسر ، وقد حرصت على التقاط نفس الصور ، مع أولادها أمام النصب ، مثلنا .
انتهينا ، لتحين لحظات الراحة والاستجمام في كافيتريا الجيش المخصصة لضيوف النصب ، وطار الجميع ، لتناول الغداء ، في وجبات شهية من المشويات ، والعصائر ، في حين كنت أنا في واد آخر ، إذ لم أدر بقدميّ ، وهما يقودانني ، كالمسحور ، حيث مشاهد الجمال الطبيعي الخلاب ، من الخضرة النضرة ، وقد تناسقت في شكل بديع أمام القناة القديمة ، وأنا التقط بهستيريا لقطات لكل جمال ، بل وأتفنن في التقاط الصعب ، والمميز ، وامتد بي المسير حتى المرسى ، لأجد نفسي أمام قناتنا الخالدة مبهورًا ، مسحورًا بروعتها ، وجمالها، والمحمول في يدي لايتوقف عن اصطياد السحر الكامن بها ، الذي طغى على كل ما حولها ، ومازادها جمالًا لحظات الغروب المذهلة.
لم أعلم كم استغرقت من الزمن ، وأنا التحف بكل تلك الروعة ، حتى استفقت فجأة ، أمام الكافيتريا ، فأسرعت لألحق بوجبتي ، والتهمتها سريعًا ، مع الصحبة ، لنتحتسي بعدها العصائر ، والشاي .
حانت اللحظة الأخيرة ، وأهم اللحظات ، قبل مغادرة آخر محطات الرحلة ، والعودة النهائية ، وهي رسم الجدارية في مواجهة النصب التذكاري للجندي المجهول ، وبالفعل انتشر النشء الموهوبون ، متحلقين حولها من كل اتجاه ، صبيانًا وبنات ، وقد أعدت أمامهم ، ألوان الزيت ، وأكواب الماء ، ليشرعوا في المزج ، ويتحول المزيج لألوان رائعة الجمال على الفرش المتنوعة ، مابين الرفيعة ، والسميكة ، وتتجسد الموهبة المصرية ، التي تحملها جينات المصريين ، من جيل لجيل ، بإرشادات الدكتور عبد الله ، والفنانتين فدوى ، ووفاء ، لكلمات ، وعبارات حماسية ، من أغانٍ وطنية شهيرة ، بأشكال جذابة مختلفة ، زادتها رونقًا مهارة الجيل الجديد في كتابتها ، مع خلفيات مبهرة كموج البحر ، واكتملت الليلة البديعة ، وقد مالت الشمس إلى الغروب ، والجميع يتفاعل مع الأطفال ، والنشء ، ويشاركونهم بالأفكار في الرسم ، لتخرج جدارية ولا أروع ، تليق باسم مصر ، ومواهب أجيالها التي لاتنضب أبدا .
وفي صالة الكافيتريا ، جلس الكل ، يعبرون عن سعادتهم الغامرة بنجاح الرحلة ، بكلمات لمديرة الإقليم ، ومشرفة الرحلة ، اختتمت بكلمة رئيس الإقليم ، الذي ثمن مجهودات الجميع ، وقرر أن تكون تلك الرحلة كل شهر ، ليرى أولادنا الحضارة التي قادت العالم ، والإنسانية للرقي ، والتقدم قرونًا ، وتراثنا الذي بات أيقونة كل العصور ، وكان ختامها مسك ، بتسليم درع الإقليم للدكتور عبد الله ، تقديرًا لمجهوداته الثمينة ، في الرحلة ، وسط التصفيق الحار .
انتهت الرحلة ، لنعود أدراجنا داخل السيارتين ، في مسيرة العودة إلى الجيزة ، وقد تحولتا لمظاهرة فرح ، قادها المواهب ، وهم يتبارون في إظهار مواهبهم في الرقص ، والغناء ، طوال الطريق ، والنشوة تلفنا جميعًا ، حتى وصلنا ، لنكتب بأشواقنا سطورًا عن تلك اللحظات التاريخية الخالدة ، وأمنيات بمستقبل مشرق لمصر ، ورحلة جديدة لمكان آخر ، صنع تاريخ بلادنا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.