على عتبة بيته، فى إحدى بنايات حى جاردن سيتى العريق، يمكنك أن تحلق بخيالك سريعا، ريثما ينفتح الباب، لتتساءل.. لو أتيح لى أن أضع هنا لوحة صغيرة، أكتب عليها ما أشاء، وأخط بمداد قلمى - وقلبى- ما أحب، فماذا سأسطر أو أقول؟.. كتبنا نحن على أوراق حبنا، فى خيالنا.. "هنا بقعة من النور". وبمجرد أن تخطو عتبة البيت، تستقبلك الأجواء الساحرة، حيث روائح البخور الهادئة، والاضاءة الخافتة، فى غرفة استقبال فسيحة، تنقسم الى نصفين: الأول لاستضافة الزائرين، ويغلب على أثاثه وديكوراته الطابع الشرقى الأصيل، أما النصف الثانى بالداخل الذى تغطى الستائر الأنيقة حوائطه، فتطل منه مكتبة خشبية، تقف شامخة، كما لو كانت تحتضن وليدها بجوارها بحنان.. إنه البيانو الشهير.. وكأنك فى مشهد من فيلم غربى قديم. وذلك هو عمر خيرت.. سحر الشرق وعراقة الغرب.
لحظات ويدخل الموسيقار الكبير.. يأتينا بخطى سريعة شابة وثابة، مبتسما ومرحبا، ليبدأ الحوار، وتدور عجلات الكلمات، تقطع بنا دروب السنوات، تمضى الى الماضى، فتستحضره، وتعود الى الحاضر، فتشخصه، ثم تنطلق الى المستقبل، لتستشرفه.. بحب وأمل.. بعلم وعمل.. فنراها قد بسطت أمامنا حصاد السنين.. وروت قصة نجاح وكفاح.. طالما جذبك - وجذبنا- الى صاحبها الحنين.
وفى البيت الصغير، بقعة النور، انطلقنا فى بداية الحوار من التاريخ، طوينا السنوات متسائلين، عن تأثير البيت الكبير، وكيف ساهمت تلك العائلة الموسيقية، شديدة الخصوصية، فى مسيرة الموسيقار عمر خيرت.. وعندئذ بدأت الكلمات تنساب، بعذوبة معتادة وصدق دائم، على لسانه، حيث قال: البيئة التى وجدت فيها كان لها تأثير كبير جدا على اتجاهى للموسيقى منذ سن 5 سنوات. جدى محمود خيرت كان محاميا وسكرتير مجلس الشيوخ وكان فنانا شاملا، فهو موسيقى ورسام وشاعر وأديب ومترجم، وهو مؤلف رواية "الفتى الريفى" التى تعد أول رواية عربية، وليس رواية "زينب" لحسين هيكل كما هو شائع، حيث سبقتها ب 12 عاما، وتم كتابة ذلك فى بحث منشور. ربما لم تنتشر هذه المعلومة على نطاق واسع؟ لم تعرف كثيرا، لكن البحث موجود، وهو وثيقة تؤكد ذلك.. وكان بيت جدى فى شارع خيرت الذى سمى على اسم الجد الكبير فى السيدة زينب، وهناك ولدنا جميعا. وهو البيت الذى كان صالونا دائما للفن والثقافة، يحضره أئمة الفنون فى ذلك العصر أمثال سيد درويش والمثال محمود مختار ومصطفى المنفلوطى فى الأدب وغيرهم، حيث يقيمون ندوات أسبوعية ويستمعون للألحان الجديدة. وكان جدى محمود خيرت موجودا مع محمود مختار فى أتيليه واحد. جدى يرسم ومختار ينحت تماثيل. ونشأ فى هذا البيت بالطبع أبى وأعمامى، ومنهم أبو بكر خيرت مؤسس معهد الكونسرفتوار ومن رواد الموسيقى السيمفونية فى مصر والمهندس المعمارى الذى صمم أكاديمية الفنون. ولى عم آخر هو عمر خيرت الذى سميت على اسمه وهو دكتور فى علم البكتيريا، وله اكتشافات عالمية فى الميكروبات، وكان يعمل مع ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين. وعندى صورة لهما معا فى معمل فلمنج بانجلترا. وفى الوقت نفسه كان من أفضل 10 مصورين "فوتوغرافيا" فى العالم. حيث كان من ضمن المحكمين العشرة الدائمين فى صالون لندن للتصوير الفوتوغرافى. ووالدى كان مهندسا معماريا متخصصا فى الهندسة الاسلامية ووكيل وزارة الأوقاف المسئول عن الشئون الهندسية للمساجد، وله تصميمات جميلة جدا لمساجد فى مختلف أنحاء العالم، وعازف بيانو فى الوقت نفسه، أى أن كلا منهم كانت لديه هواية فنية الى جانب عمله الأصلى، لأن جدى حببهم فى الفنون. ومنذ سن خمس سنوات، كنت أرى والدى يعزف على البيانو فى البيت لموزار وبيتهوفن وشوبان. "فكنت ألزق فيه بقى ولما يقوم أقعد مكانه وأحاول أطلع حاجة سماعى كده". وهذا شد انتباههم. ثم كان تأسيس معهد الكونسرفتوار عام 59 وكان عندى 9 سنين تقريبا فقدموا لى به، وكنت ضمن أول دفعة دخلت المعهد. وتوالى التعليم وحدثت لى تغيرات مفاجئة، فلعبت موسيقى "الجاز" مثلا مع "الدرامز"، بعيدا عن الموسيقى الكلاسيكية والبيانو، "فى فترة من فترات الشقاوة بقى فى الستينيات". وبعد عام 67 كانت هناك فرقتان أثارتا ضجة فى مصر، وهما فرقة "القطط الصغيرة" التى كنت عضوا بها، وفرقة أخرى لاسماعيل الحكيم ابن توفيق الحكيم. وكانت الفرقتان تعملان يوميا فى الصيف فى المنتزه بالاسكندرية، منذ عام 68 حتى 71، وكان يلتف حولنا الشباب، وزحام السيارات يمتد الى ميامى. "أيام جميلة جدا". كانت نوعا من الثورة على "الكلاسيك". واستفدت جدا من هذه المرحلة كمؤلف موسيقى لتعدد الاهتمامات بموسيقات مختلفة من الغرب والشرق، فأحببت الغربى والشرقى. درست بيتهوفن وموزار، وأحببت السنباطى وعبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم.. من هنا إذن جاء هذا الخليط الحالى الروحانى فى موسيقى عمر خيرت . أيوه من التركيبة دى طلعت مزيكتى شكلها كده. بدأنا من النشأة والتاريخ.. والآن نعبر السنين سريعا لنصل الى الحدث الكبير الأخير.. حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.. لنقول ان سؤال "ما شعورك؟" هو دوما من الأسئلة التقليدية غير المحببة.. لكن خصوصية هذا الحدث الوجدانى فى الأساس تدفعنا لسؤالك عن تفاصيل مشاعرك كانسان وفنان وانت تستعد لبدء الحفل أمام الرئيس والعالم؟ تلمع عينا الموسيقار الكبير ويقول: شعرت أولا بأن بلدى تقوم بتكريمى باختيارى لتقديم الحفل.. أما شعورى يوم الحفل نفسه فهو خليط من الفخر والخوف، "كل المشاعر ملخبطة مع بعضها.. عامل زى ما أكون رايح أحارب.. وأثبت حاجة للعالم لأنى بأمثل مصر". تحارب؟ حسيت بكده وبأنى رايح أعمل مهمة رسمية لتمثيل مصر أمام العالم.. ورايح أتكلم عن مصر بالفن، والشعور بالخوف يكون عادة قبل بدء العزف، وأقرأ الفاتحة والمعوذتين، لكن أول ما أطلع خلاص.. ربنا يدينى الهدوء والسكينة والتركيز. وبحمد الله فان أوركسترا القاهرة والأوبرا والمايسترو ناير ناجى والكورال قاموا جميعا بعمل عظيم.. الحمد لله كنا عند حسن الظن. ضيق الوقت قبل الحفل كان حائلا دون تقديمك عملا موسيقيا جديدا خاصا بالمناسبة.. فهل نتوقع ظهور هذا العمل خلال الاحتفال بالذكرى الأولى لافتتاح القناة العام المقبل؟ نتوقع طبعا ان شاء الله أن يكون هناك عمل جديد. ولكن أتمنى أن يكون العمل عن مشروع كبير آخر مثل القناة.. مش ضرورى القناة بقى تانى.. نعمل حاجة جديدة زى القناة وأبدأ أفكر لها.. بس أبقى عارف من الأول.. لأن كان فيه لخبطة شوية لحد شهر رمضان بخصوص مين حيقدم الحفل.. لكن بشكل عام أنا نفسى مفتوحة للتأليف.. ومصر دلوقتى أهم حاجة فى حياتنا كلنا خصوصا الفترة الجاية.. وبالنسبة لى فهناك الآن اتفاقات كثيرة لحفلات داخل مصر، كما سأقدم حفلات بالخارج، وهذا مهم جدا للانتشار عالميا. هل تعتقد أن موسيقاك بكل ما فيها من رقى لعبت دورا ضد محاولات تغيير الهوية فى مصر؟ شعرت بهذا خصوصا خلال فترة حكم الاخوان، حيث أقمت أكبر عدد من الحفلات بناء على طلب من الناس. فى ظل الحالة التى عشناها جميعا بضياع مصر وبأننا نمر بمرحلة فى منتهى الخطورة فى حياتنا. طبعا مصر عمرها ما حتضيع انما التهديد بضياعها كان كفيلا بأنه يخلينا كلنا نخاف ونتحرك. وأنا من ناحيتى أقمت أكبر عدد من الحفلات وقتها، وكانت نسبة الحضور كبيرة وغريبة، فالموسيقى علاج، ووصفة لرفع الغمة عن قلوب الناس وتفكيرهم، وتحببك فى بلدك، ولما بأسمع دعاء "ربنا يخليك لمصر" من الجمهور بأشعر بفخر بأن الله خلقنى مصريا وانى قدرت أعمل رسالة. هذا بالنسبة للمصريين عموما.. ولكن كيف يمكن للفن أن يغير أفكار المتشددين، الذين لايزالون موجودين فى المجتمع، اذا كانوا لا يستمعون أصلا للموسيقى أو يعترفون بها؟ أنا حاسس والله انهم لو سمعوا ولو بالخطأ ممكن يغيروا رأيهم فى اللى بيعملوه، لأن الموسيقى تخاطب الوجدان والروح، وهى ليست شيئا ملموسا يمكن الامساك به. هى كائن لا يرى ولا يلمس ولا يشم ولكن يحس ويؤثر، يعنى حاجة بتاعة ربنا.. فلو كانوا مؤمنين بجد حيعرفوا أن ده فن فى منتهى الأهمية للبشر. بالطبع كلنا نتمنى الخير لمصر.. ولكن كيف ترى المسار خلال الفترة المقبلة.. وكيف تغيرنا بعد تجربة السنوات الأربع الماضية.. هل فهمنا الحرية بشكل صحيح؟ الثورتان فى 25 يناير و30 يونيو تعلمنا منهما معنى الحرية، ولكن ليس الديمقراطية، فهذه تأخذ وقتا. والحرية هى أول خطوة مهمة جدا لحياة الشعوب، انما الديمقراطية ممارسة تأخذ وقتها. هذا رأيى. فنحن بدأنا فى الديمقراطية ونعتبر ديمقراطيين بسبب هاتين الثورتين. فعندما يقول شعب رأيه فى رئيس الجمهورية "ويشيله مرتين"، فلابد أن نقول ان هذا لم يحدث لأى شعب فى الدنيا، وانه يكشف لنا قيمة هذا الشعب وقوته، وكم هو عظيم ويستطيع رؤية مصيره جيدا، وانه لن يرضى أبدا بأى شئ "غير الصح له ولبلده". لكننا نحتاج فقط أن نعمل، لأننا اعتدنا خلال الفترة الطويلة التى مضت على أن الناس لا تعمل بل تشكو فقط وتطالب. ولكن العمل عبادة، ولا يمكن أن نخطو للأمام بدون عمل، وهذا ما أطلبه من شعبنا الحبيب، كما أطلب أيضا أن نحب بعضنا البعض جدا. فعلا.. وكنا سنسألك فى الحال عن الأخلاق. أيوه دى أهم حاجة.. وكنا مشهورين بأخلاقنا طول عمرنا. ماذا حدث.. ولماذا انقلبت الحرية لدينا الى «عدم أخلاق»؟ هناك أسباب كثيرة أهمها الفقر. الحاجة تقتل الانسان. والانسان لما يقعد فترة طويلة مش لاقى حاجة وماعندوش أمل بيخسر نفسه.. فيبدأ الجزء السيئ فيه يظهر.. انما احنا حلوين.. وجوانا حاجات حلوة كثيرة.. عايزين ننظف الوحش بس.. لكن احنا دلوقتى بنمر بوقت حلو.. الوقت اللى احنا فيه ده حلو وفيه تفاؤل وفيه أعمال كبيرة بتحصل.. بنرجع تانى مصر زى ما كانت وزى ما يجب أن تكون.. نحتاج فقط الى أن نحب بعضنا وأن نعمل. وبالنسبة للدولة فلابد من الاهتمام بالتعليم طبعا. هذا أهم شىء وقبل أى شىء. نريدك أن تدعوهم لهذا فالتعليم هو الأساس. التعليم هو الدولة.. والشعب يكون متحضرا بأن يكون متعلما. اذن فحال التعليم لا ترضيك؟ طبعا لا ترضينى. بخصوص المستقبل أيضا.. دائما يحب الفنان أن يكون محلقا فى سماء الحرية.. والبعض الآن يبدى قلقا بخصوص الحريات.. لأن الشعب عندما تجمع غالبيته على مسار معين فقد ينعكس هذا على مساحة الحرية فى الفن وغيره.. فهل أنت قلق على الحريات؟ «لا أنا مش قلقان خالص»، بل أرى أن دعوة الدولة ورئيسها للحرية كبيرة جدا جدا، والدليل على هذا أن الشعب يستطيع النزول فى أى وقت ليطالب بما يريد. وقد أثبت ذلك مرتين. وهذا لم يحدث فى الدنيا، فلا قلق اطلاقا على حرية الناس والشعب والدولة. كلنا عندنا الحرية مهمة ولكن لازم العمل.. ساعات الحرية لما تكون بدون هدف تصبح بلا معنى. فالحرية لها هدف. أنت حر لكى تنجز، وليس لكى تقلل من قيمة بلدك أو نفسك. فالموضوع ليس المطالبة بالحرية وحسب، ولكن لأجل الانجاز، ولتحقيق هدف سام. الفنان عمر خيرت هل هو فنان النخبة فقط؟ ما بحبش الموضوع ده.. أتمنى انى أكون فنان الشعب زى سيد درويش لأن دى صفة أحلى. هل تتجه بحفلاتك الى المحافظات؟ نعم أذهب الى الاسكندرية، وقدمت فى مهرجان القلعة، وأول ما بدأت أقمت حفلات فى صعيد مصر كله مرتين، فى المنيا وبنى سويف وقنا والأقصر وأسوان، وكنا نذهب ونعود بالأوتوبيسات. وعندما تأتينى أى دعوة من المحافظات أكون على استعداد للذهاب. كيف تحولت الى مؤلف موسيقى له كل هذه الجماهيرية خاصة أننا فى مجتمع يحب الأغنية لا الموسيقى؟ هذا سؤال جميل.. وهذا هو الهدف الذى أسس من أجله الكونسرفتوار، وهو أن يكون لدينا موسيقى مصرية وعالمية فى نفس الوقت، أى موسيقى محلية ولكن قائمة على دراسة، وأن يكون عندنا موسيقيون وعازفون على مستوى عالمى. وهذا هو مشروع أبو بكر خيرت. وقد نجح، والدليل أن الأوركسترا كله فى حفل قناة السويس كان من المصريين، ومنهم من يبلغ من العمر 17 سنة فقط. ولو عدنا للوراء 20 أو 30 سنة سنجد أن الأوركسترا كان أغلبه من الأجانب. "شوف الزرعة حلوة ازاى وطلعت مصريين على مستوى عالى.. كله بوقته.. أما مسألة القبول فهى بتاعة ربنا طبعا.. الناس شعروا أن موسيقاى فيها صدق وخاطبت وجدانهم.. أنا عملت اللى علىّ وذاكرت واشتغلت.. وربنا خلقنى مؤلف أقدر أتكلم بالموسيقى". هل الكونسرفتوار الآن مازال مؤهلا لتخريج دفعات جديدة على المستوى المطلوب فى التأليف الموسيقى؟ طول ما فيه كونسرفتوار مفيش خطر على الموسيقى. أنا مطمئن. وهو على مر السنين منذ انشائه فى 1959 يخرج لنا كل عام موسيقيين عالميين بدون أن يشعر أحد. هذا يطمئننى جدا. هناك مثلا رمزى يس وهو يشرفنا منذ سنوات بالخارج ويقوم بالتدريس فى الكونسرفتوار بفرنسا، وغيره مثل خالد الشويخ ومصطفى ناجى وحسن شرارة وأيمن الحمبولى وغيرهم من العازفين العالميين بالفعل. حاجة تفرح. ألا يقلقك أن الشباب الذين يحضرون حفلاتك هم ذاتهم الذين يسمعون أوكا وأورتيجا؟ والله مش بأقلق. طبعا أنا مش عاجبنى الحاجات دى، لكن هى "نكتة"، ولازم يبقى فيه حاجة تخلى البنى آدم يضحك أو يهزر. انما لا يصح غير الصحيح فى النهاية. والعمل الموسيقى من النوع ده يستمر شهر أو شهرين وبعدين يمشى وييجى غيره. لكن طالما هناك خط مواز لأعمال لها احترامها واحساسها الراقى فهى تجذب الانسان فى النهاية، حتى لو انجذب أحيانا للحاجات الأخرى. المهم أن تظل الأعمال التى لها قيمتها موجودة.. وان حياتنا ماتكونش كلها الهزار ده. بعيدا عن التأليف الموسيقى.. كانت لك بصمة كبيرة أيضا فى تلحين الأغانى. هذا لا يبعد عن ذاك.. فالصوت البشرى مهم جدا للموسيقى، والأغنية قالب من قوالب الموسيقى، والتى تضم قوالب عديدة كالسيمفونية والكونشيرتو والقصيد السيمفونى والافتتاحية والسوناتا وغيرها بالاضافة للأغنية. وقد اشتهرنا على مر العصور السابقة بالأغنية، لأنها لا تتطلب دراسات عالمية كالتأليف الموسيقى، الذى يحتاج الى دراسة علمية أكاديمية. ولكن كان لدينا نوابغ وعظماء فى التلحين كالسنباطى وعبد الوهاب والموجى وبليغ حمدى وكمال الطويل ومحمود الشريف. كلهم وضعوا بصمة كبيرة جدا فى وجداننا، ولا أقلل من دورهم أبدا، لكن التطوير العالمى للموسيقى هو ما اتجهت أنا اليه، حتى يكون هناك قوالب موسيقية، انما أنا أحب الأغنية جدا، ولذلك فعندما لحنت الأغانى وصلت للناس، وعندما أقوم بعزفها كموسيقى فقط، أجد أن الناس تغنيها ويقومون بدور المطرب. نعم ولكن ارتبط اسمك بأسماء معينة من المطربين مثل على الحجار وآمال ماهر.. فهل يعد هذا موقفا من نوعية أخرى مثل عمرو دياب وتامر حسنى؟ موسيقاى ماتليقش أوى عليهم.. أو على هذا النوع من الأغانى.. فأنا أعتبر أغانيهم مثل "الروك آند رول" فى أمريكا، أو "البوب ميوزيك". لا أعيبهم فى شىء لكن أنا شخصيا اتجاهى مختلف. فأنا أختار من يستطيع أن يخدم موسيقاى، فالحجار وآمال ماهر ومدحت صالح يستطيعون التعامل مع تعدد الأصوات والموسيقى التى أقدمها. أخيرا.. هل هناك أمل فى حل موضوع طريقة حجز التذاكر لحفلاتك بالأوبرا التى تغضب الجمهور؟ أنا مش عارف أعمل ايه، أنا بأعمل 3 حفلات فى الشهر، لكن دى مؤسسات تابعة للدولة، ولا أستطيع التدخل فى أسلوبهم، رغم أن هناك طرقا أخرى ممكنة كالحجز عن طريق الانترنت، بدلا من أن يذهب الشباب الساعة 4 صباحا ليقفوا فى طابور ويأخذ كل منهم "نمرة".. وقلت ذلك لهم فى الأوبرا فقالوا لى "احنا مش عارفين نعمل ايه".. وأنا ايضا لا أعرف لأن هذا دورهم.. لكننى غير راض عن هذا الأسلوب فى بيع التذاكر للجمهور! ..................................................................... وفى الختام.. كنا على موعد مع نهاية الرحلة.. اصطحبنا الموسيقار الكبير عمر خيرت، الى موطن عشقه، الى البيانو، هواه وحرفته، لعبه وجده.. صحبناه ثم ودعناه، قائلين بحب.. سنسمعك ما تحب أن تسمعه دوما.. "ربنا يخليك لمصر". أول شريط موسيقى لى نجح رغم أن البلد فى الثمانينيات «كانت طايرة» ما أقدرش أقول انى توقعت نجاح «ليلة القبض على فاطمة» أول شريط لى .. وقتها قلت أجرب.. وكان أول موسيقى لفيلم تنزل السوق كشريط موسيقى بس مش أغانى.. والمنتج رفض يدفع ولا مليم.. وقال لى حنسمع مزيكا لمين؟ أنا حعملها بس عشان انت رجل طيب وأعرفك.. حأطبع لك ألفين نسخة وكان الله بالسر عليما.. وكان وقتها برضه فيه المطربين اياهم.. وكانت البلد طايرة أوائل الثمانينيات.. لكن اتعرفت من خلال الشريط وبعدين بقى سى دى وعلى الانترنت.. ولحد الآن بيبيع لكن ما أخذتش ولا مليم برضه (ويضحك).. كنت خايف وكل حاجة بس كان نفسى الناس تسمعنى وتروح تقطع تذكرة عشان تسمع موسيقى بس.. ونجح الهدف.. لأن ده نوع الموسيقى اللى بتعيش بفضل الله.