فى روايته الشهيرة «المعطف» يجسد الروائى الروسى الكبير وأديب الحياة الواقعية نيكولاى جوجول معاناة الطبقة الفقيرة فى روسيا. والرواية سيرة ذاتية لحياة البطل «أكاكى» وهو موظف بسيط وظيفته النسخ، مخلص وجاد فى عمله، ويأخذ ما تبقى له من عمل إلى بيته المتواضع لإنجازه. وذات يوم قرر المسئول ترقيته فى عمله، فلم يفرح معتبرا ذلك زعزعة للرتابة التى قد ألفها وكان زملاؤه يسخرون منه فلا يبالي. وكان يملك معطفا رثا أكل منه الدهر وشرب، وراتبه الضئيل لم يكن يسمح له بشراء معطف آخر، وعندما يتمزق منه جانب يذهب به إلى الخياط لترقيعه حتى جاء وقت أصبح فيه المعطف عصيا على الإصلاح. ورأى الخياط أن يخيط له معطفا جديدا، ولكن أكاكى لم يكن لديه المال الكافي، فقرر اختصار العشاء والمشى بحذر فى الشارع ليحافظ على الحذاء، والاستغناء عن شرب الشاي، وعدم إشعال شمعة فى المساء ليوفر المال. وأخذ يذهب إلى الأسواق لمعرفة أسعار القماش. وتحقق حلمه بتفصيل معطف جديد، وشعر بسعادة بالغة واندفع إليه الجميع لتهنئته، لكن الحلم سرق منه ونزع منه المعطف حين وجهت إليه ركلة وقع على إثرها فى الثلج مغشيا عليه، ونصحوه بأن يبلغ الشرطة. وعندما ذهب إلى مقر الشرطة أخبروه أن المسئول نائم وذهب مرة ثانية فأخبروه أنه غير موجود، وأراد زملاؤه أن يجمعوا له بعض المال، لكنهم أنفقوا نقودهم فى شراء لوحة شخصية لمدير المصلحة، ولجأ أكاكى إلى الواسطة عند شخصية مهمة للبحث عن المعطف. فقال له: أنت لاتعرف قواعد السلوك الإداري. عليك أن تتقدم بشكوى أولا إلى المحكمة ثم رئيس القسم، ثم رئيس الشعبة الذى يعطيها للمساعد ثم يرفعها المساعد للنظر فيها. ولما مرض أكاكى وصف له الطبيب دواء رخيصا، وقالوا لصاحبة البيت «لا تضيعى وقتك معه، ابحثى عن نعش من الصنوبر لأن نعش البلوط سيكون مكلفا»، ودفن أكاكى دون أن يعلم زملاؤه أن جوجول سعيد بالكشف عن كل شيء جميل وإنساني، وفى الوقت نفسه لا يتجاهل القبح والرداءة والرواية احتجاج غاضب على معاناة الطبقات الفقيرة وتسليط للضوء على سلبيات كثيرة مثل: الإهمال والنفاق والفساد والوساطة والبيروقراطية والتهرب من المسئولية والنظرة الدونية للفقراء والبسطاء، ورغم مرور زمن طويل مازلنا نرتدى المعطف الذى حكى عنه جوجول! محمد مدحت لطفى أرناءوط موجه عام لغة انجليزية سابق الشرقية