السيد رئيس المجلس رجاء التكرم بالنظر فى شكوانا.. فنحن لا ذنب لنا سوى أننا حبينا نحلم فانقلب الحلم إلى كابوس.. ويمكن كان الغطا مكشوف.. والله لولا العوزة والحاجة والفقر والفاقة ما كنت تجرأت وأزعجت مزاج سعادتك، لكن والله وما لك علىّ يمين كل ما يهمنى هو «مزاج سعادتك».. لى جار اسمه «عم حسن» من يوم ما ابنه راح فى الميدان وهو لا يكف عن الدعاء على سيادتك وعلينا.. وشايف إن مصر كلها ضيعت منه ابنه الوحيد اللى كان بيجرى عليه وعلى أربع بنات وأمهم.. وبصراحة معه حق.. معلهشى سعادتك!. نفسى مرة يدعى لنا لكنه لا ينوى، وشاطر جدا فى الكلام فى السياسة، ولسانه كرباج فى سب لمؤاخذة سعادتك وبقية أعضاء المجلس - دا عم حسن، ولو حد اتكلم وحاول يهديه أبسط جملة يقولها «سيد ابنى عمل لهم إيه عشان يقتلوه؟!».. وينخرط فى البكاء. عم حسن سواق علبة سردين «طلعلها» بقدرة قادر أربع عجلات.. كل يوم الصبح بتحشر فيها بأدب وذوق.. ساعة ما يشوف الناس هاجمة على العربية يجرى والناس تجرى وراه، ولحظة ما يقف نتلم علي علبة السردين زى النمل، ولو حد زقك أو لزقك فى الباب لا ترد ولا تعلق وإلا مش هتخلص من اللعنات التى غالبا ما تصب كلها على دماغ لمؤاخذة سعادتك والنظامين القديم والحديث، والذى سيأتى بعد الحديث إن كان فى العمر بقية.. دائما حظى رابع لأنى رفيع، ودى الحاجة الوحيدة اللى بتنفعنى فى المواقف المزنوقة فى مواصلاتنا المخروبة.. لكن ما يؤلمنى ويعذبنى فى الروحة والجاية إن كرسى علبة السردين محشى طوب وضهره خشبة مشرشرة لزوم البهدلة، وكأن «عم حسن» ملتزم بالسياسة الماشية من 50 سنة على طريقة جرجر الشعب وشحططة يتلهى عنك وتعيش فى بحبحة.. أول يوم اختفى فيه البنزين وقبل ما العربية تتحرك خشخش «عم حسن» بصوته الجهورى «الأجرة غلية نص جنيه»، ولما اعترضنا كان رده جاهز «كل واحد يا حضرات يجيب فى بقه بقين بنزين يركب بيهم بدل الفلوس وأنا هعمله تعظيم سلام».. من يومين دبت خناقة فى العربية على مرشحين الرئاسة.. واحد قال إن أبو إسماعيل إخوانى وواحد قال سلفي، واشتد وطيس الخناقة، فدفع عم حسن الفتيس وشد على الرابع.. نط واحد مهندم وبابتسامة خبيثة «سيبك من أبو إسماعيل.. وقولى انت سلفى ولا إخوانى؟» فبهت الذى نزع فتيل الأزمة وفكر مليا ثم قال على استحياء وكأنه اكتشف شيئا غريبا «مس.... مسلم».. ضحك الجميع «إيه يا عم انت خايف تقولها!!».. لم يعجب عم حسن الكلام فترك الدريكسيون ملتفتا خلفه موجها كلامه للركاب، بينما علبة السردين تسير فى طريقها.. «علىّ الطلاق يا بيه البلد دى ما هيتصلح حالها إلا لما نبطل حشر مناخيرنا فى اللى مش لينا فيه».. وفجأة لبس «عم حسن» فى عربية أمامه، ولزقت مناخير عم حسن فى «قزاز» علبة السردين التى «توافقنا» مسبقا على أنها عربية.
أنا قلت أبلغ سعادتك إن «مناخير» عم حسن تحطمت.. وحرصا على مزاج سعادتك وحتى أرتاح من عم حسن وعلبة السردين التى أسماها عافية عربية.. عنوان عم حسن 25 شارع الثورة- متفرع من ميدان التحرير بجوار محطة الثورة مستمرة.. وتقبلوا وافر الحرص على عدم تعكير «مزاج سعادتك»!! لحظة: شىء مؤلم أن ترى درة الشرق تائهة بين الصادق والكذاب..!! المزيد من مقالات على جاد