أكد محمد عمرو وزير الخارجية في حوار مع اسرة تحرير الأهرام أن ثورة25 يناير اعطت دفعة للدبلوماسية المصرية.وان مصر لا تنافس احدا ولكن الجميع يعترف بدورها الكبير خاصة في تلك المرحلة غير المسبوقة. وتحدث وزير الخارجية في اول لقاء يجريه مع صحيفة مصرية منذ توليه منصبه, عن مرتكزات السياسة الخارجية في المرحلة الحالية والمستقبلية, مشددا علي ان الحفاظ علي الامن القومي المصري من ثوابت الدبلوماسية المصرية. وتطرق السيد محمد عمرو الي دور مصر في إفريقيا وكيفية الاستفادة من مياه حوض النيل خاصة في ظل التوجه المصري الجديد بان حوض النيل سيكون عنصرا للتكامل والتقارب وليس سببا للمشاكل. وقال الوزير ان لمصر استثمارات حالية في اثيوبيا تصل الي نحو1.5 مليار دولار, مشيرا الي التعاون المثمر بين البلدين خلال المرحلة الاخيرة. وشرح الوزير بالتفصيل اسباب رفض مصر لتسليح المعارضة السورية خشية اشتعال حرب اهلية في سوريا تضر جميع الاطياف هناك. كما تطرق الوزير الي مستقبل العلاقات بين مصر و امريكا وتوجه مصر شرقا وجنوبا وغربا ونحو امريكا اللاتينية. وفي الوقت الذي اشاد فيه محمد عمرو بإيران كقوة إقليمية, دعا طهران إلي عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وعدم تهديد الآخرين لأن هذا يؤثر علي الامن القومي المصري. وقد حضر اللقاء الأستاذ محمد عبد الهادي علام رئيس التحرير, والوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية. وفيما يلي تفاصيل الحوار.. { الأهرام: ما هي ثوابت ومرتكزات السياسة الخارجية المصرية في ظل الظروف الدقيقة والحرجة التي تمر بها مصر حاليا والمنطقة خاصة في ظل ثورات الربيع العربي ؟ وهل من المحتمل أن تتغير سياستنا الخارجية في ضوء صعود تيار الإسلام السياسي وتشكيله للحكومة يوما ما ؟ الوزير: مصر تمر بمرحلة تاريخية غير مسبوقة, وليست هناك مقارنة مع أي مراحل مرت بنا في السابق.. وهو أمر صحيح.. إنما موقفنا في وزارة الخارجية يعتمد علي عنصرين الأول: هناك ثوابت للمصلحة المصرية غير قابلة للتعديل الجذري أو التغيير وهي تحافظ علي الأمن القومي المصري. ثانيا: السياسة الخارجية المصرية لايمكنها أن تتوقف انتظارا لتغيرات معينة. ثالثا: ثورة25 يناير أعطت بدون شك للسياسة الخارجية المصرية بعدا جديدا ودفعة جديدة لم تكن موجودة من قبل وهذه حقيقة واقعة.. من هنا كان التحرك الساسي المصري علي مدي الأشهر الماضية.. السياسة الخارجية علي مدي الستين سنة الماضية كانت أحد عناصر القوة المصرية وجودنا في الخارج والمشاركة في المحافل الدولية المختلفة( عدم الانحياز, المؤتمر الاسلامي, الدائرة الأفريقية ودورنا في إفريقيا), في الفترة الأخيرة لم يكن فيها زخما رغم أني لا أحب أن استخدم هذه الكلمة لأن اهتمامات سياستنا الخارجية اقتصرت إلي حد بعيد علي مناطق معينة خاصة في أوروبا وغربا في أمريكا, ومواقع تحركاتنا التقليدية فترت إلي حد ما. لكن في الفترة الأخيرة, كانت أولي الزيارات التي تمت لأوروبا الشرقية, كانت هناك زيارة مهمة لموسكو مثلا تم خلالها الحديث عن إعادة تفعيل العلاقات, وبعض دول أوروبا الشرقية مثل جمهورية التشيك, بولندا, لنا معها علاقات تقليدية قديمة. دول حوض النيل وأفريقيا التي كان لنا فيها دور كبير جدا, تعرض في الفترة الأخيرة للفتور, وقد ظهر جيل ليس لديه الخلفية التاريخية عن التأثير المصري.. في الحقيقة حرصنا جدا علي إعادة تفعيل الدور في إفريقيا وبدأنا بدول حوض النيل وقمت بجولة شملت ستا من دول الحوض مرة واحدة وهذا لم يسبق حدوثه من وقت طويل.. كل الرسائل التي تلقيناها من هذه الجولة تؤكد أن هذه اللقاءات الثنائية مطلوبة.. بالطبع موضوع مياه النيل كان له أهمية كبيرة أعطينا أهمية خاصة لاثيوبيا حيث أن85% من مياه النيل تأتي إلينا من هضبة الحبشة ولها اهمية استراتيجية, ولنا استثمارات في إثيوبيا تبلغ أكثر من مليار ونصف المليار دولار, وهناك مدينة صناعية مصرية و تم كل هذا في الفترة الأخيرة. العلاقات مع جنوب أفريقيا مهمة جدا, دولة لها وزن كبير, تملك أكبر إقتصاد في أفريقيا, من المهم أن يكون لنا معها علاقات قوية, ومن المهم جدا أن يكون هناك تواصل مصري- جنوب أفريقي. وبدأنا بالفعل في تفعيل هذه العلاقات وهناك زيارات كثيرة من مسئولين من جنوب أفريقيا ومن المقرر أن تقوم وزيرة خارجيتها بزيارة مصر قريبا. أفريقيا تحصل علي جزء كبير جدا من الإهتمام. منطقة آسيا التي كنا فاعلين فيها جدا وربما أغفلناها قليلا خاصة الدول التقليدية مثل الهند والصين وهي منطقة مهمة جدا لنا من النواحي الاقتصادية والاستراتيجية وتعمل علي إحداث نوع من التوازن في علاقاتنا الخارجية.. هناك إمكانات كثيرة للتعاون مع الصين غير مستغلة بالذات في مجالات الاستثمار والاستفادة من الخبرة الصينية التي حدث بها تطور مذهل خلال الثلاثين سنة الأخيرة, كوريا الجنوبية لديها أحسن نظام تعليم ثانوي في العالم الذي كان وراء النهضة الموجودة عندهم, كان دخل الفرد في مصر في الستينات يتفوق عليهم, كوريا تحتل المركز ال17 في مستوي دخل الفرد في العالم الآن. في الحقيقة بدأنا نتحرك في هذه المنطقة الجغرافية التي فترت علاقاتنا بها. { الأهرام: في ضوء مؤتمر القمة العربية في بغداد والأحداث المتلاحقة في سوريا ما هي رؤية مصر للأحداث المتلاحقة في سوريا ومهمة كوفي المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة؟ الوزير: الأهم الآن بالنسبة لمصر هو حل المشكلة السورية في إطار عربي, لأن اي تدخل أجنبي في المشكلة ستكون له آثار لا يمكن السيطرة عليها, فسوريا بلد استراتيجي مهم جدا والتركيبة العرقية والدينية فيها معقدة جدا, وتتلامس حدودها مع نقاط حساسة وبعضها ملتهب.. لذلك فإن أي تدخل أجنبي من الممكن أن يثير الكثير من المشكلات. مصر كانت إحدي الدول الخمس المفوضة من الجامعة العربية للتعاون من اجل حل المشكلة السورية, ومن هذا المنطلق زرنا دمشق والتقينا بالرئيس السوري بشار الأسد, كل مبادرات الجامعة العربية وآخرها كانت في22 يناير تدور بشكل أو بآخر حول النقاط التي تبنتها مصر منذ اليوم الأول. اليوم هناك دعوات لتسليح المعارضة السورية, نحن لسنا متفقين مع هذه الدعوات لأن تسليح المعارضة سيعطي فرصة لاستخدام العنف من جانب النظام بطريقة أشد قسوة, وقد يشعل حربا أهلية كاملة.. إننا نطالب بضرورة توحيد المعارضة, ومنطقنا في هذا الخصوص أن المعارضة في الداخل والخارج يجب ان تقدم جبهة موحدة يكون لها نوع من الحجية لدي أي طرف يتفاوض معها ويكون لها دور في أي حكومة وحدة وطنية مقبلة ومن هذا المنطلق نؤكد في إتصالاتنا مع كل أطياف المعارضة أنه يجب توحيد صفوف المعارضة في الداخل والخارج. بالنسبة لمهمة كوفي أنان نأمل أن تحقق شيئا, وقد طالبنا الأطراف في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي استضافته تركيا مؤخرا بأن يعطوا فرصة لهذه المبادرة لنري إلي أين ستصل بنا. بالطبع التطورات علي الأرض وتصاعد العنف كما حدث قبل ايام وسقوط الكثير من القتلي في حمص, مازلنا نأمل أن يستطيع كوفي أنان بوضعه الدولي والقبول الذي يحظي به من جميع الأطراف علي الأقل تهيئة الظروف لبدء الحوار الذي نرجوه بين السطات من ناحية وبين أطياف الشعب والمعارضة من ناحية أخري. الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر علي ما هو عليه, حان وقت التغيير, من الضروري أن يجلس الطرفان معا, الرئيس السوري يفوض سلطاته إلي نائبه وفي المقابل يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع الأطياف. الحكومة السورية نفسها تتحدث عن تغيير وعن دستور جديد وانتخابات, وكل هذه الأمور لن يكون لها تأثير إلا إذا شاركت فيها جميع الأطياف السورية, لأنه لا يمكن الاستمرار في الوضع القائم حاليا, فمن غير المقبول سفك الدماء بصورة يومية. وموقف مصر للوضع في سوريا واضح, وكما قلت إذا ما نظرتم إلي جوهر موقف الجامعة العربية هو نفسه عناصر الموقف المصري.. وهو صلب موقف الجامعة العربية وبدأ منذ أغسطس الماضي. { الأهرام: هل هناك ضغوط خليجية علي مصر للقبول بفكرة تسليح المعارضة السورية ؟ الوزير: لا استطيع أن أقول هناك ضغط, هم لهم رأي ونحن لنا رأي.. وقد عبرنا عن رأينا بوضوح في اسطنبول وهو أن تسليح المعارضة سينتج عنه مزيد من سفك الدماء وسيؤدي إلي حرب أهلية. ومهما تم تسليح المعارضة بالسلاح فلا يمكن مساواتها بتسليح الجيش النظامي او إعطائهم دبابات مثلا, في النهاية التسليح يعني مبررا أكثر لمزيد من القتل من الطرفين وهي دماء سورية سواء كانت من هنا أو من هناك. { الأهرام: هناك عدد من التقارير الإعلامية تتحدث عن إعادة تغيير سلوك النظام السوري مقابل زحزحة الأمور.. هل مصر غائبة عن هذه الصورة؟ الوزير: هذه هي العلاقات الدولية, كل طرف يحاول أن يستغل الوضع لصالحه, ونحن كدبلوماسيين محترفين في وزارة الخارجية نفهم هذا الوضع جيدا.. إيران, تركيا, اسرائيل المصالح الأجنبية في المنطقة, الوضع كله في المنطقة في حالة سيولة والتغيير المستمر, هناك فرص وتحديات, تفرض عليك أن تقطع خطوة للأمام باستمرار ولا تنتظر رد الفعل بقدر الإمكان, بالتأكيد التنبؤ بالمستقبل أمر صعب جدا خاصة إذا جاءت المتغيرات من الشارع. الأمر الثاني, يجب الاستفادة من الفرص بقدر الإمكان, كما نحاول التعامل مع التحديات, فمثلا يتحدث وزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كيسنجر عن الصفقة الكبري, الحديث عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي إلي أين يتجه خصوصا ونحن في عام انتخابات أمريكية وتأثير الركود علي المنطقة, أيضا المصالحة الفلسطينية بين غزة والضفة, البعد التركي في كل هذه الامور.. ماذا سيحصل إذا ما وقع هجوم عسكري علي إيران.. عموما كل هذه المسائل نحن علي دراية بها ونتعامل معها ولسنا بعيدين عنها, هناك سيناريوهات وبدائل كثيرة مطروحة لسنا غائبين عن هذه الساحة ونتابعها باستمرار, ونسعي أن تكون لنا خطوة متقدمة, لاشك أننا نمر بمرحلة إنتقالية بالقطع لا أقول أنها تؤثر سلبا إنما هي فترة انتقالية, معظم التصريحات الصادرة من القوي السياسية المصرية من كل الأطياف لا تختلف كثيرا عن الخط العام لثوابت سياسة مصر الخارجية كما تعبر عنها وزارة الخارجية المصرية. { الأهرام: وماذا عن التطورات التي تدور حاليا مع دول المغرب العربي ؟. الوزير: عندما نتحدث عن التحركات التي تتم في المغرب العربي, اقول ان أول زيارة لي كوزير خارجية كانت للجزائر والتقيت خلالها بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة واستمر اللقاء ساعتين ونصف الساعة, وكان هناك استغراب كبير جدا مفاده كيف يمكن أن تصل الحال بالعلاقات المصرية الجزائرية بتاريخها الطويل والدماء المشتركة التي سالت لهذا الحد بسبب مباراة كرة قدم, وكانت هناك دعوة لمصر أن توجد سواء باستثمارات أو عمالة, الجزائر لديها احتياطي نقدي كبير ومقبلة علي عملية بنية تحتية. بدأنا في الجزائر وفي تونس وليبيا والسودان. والجميع يعلم أن وجود مصر يضيف وزنا لها في أي منطقة, لذلك هناك حرص كبير علي مراعاة دور مصر, ونحن يجب أن نستغل هذا الأمر وهو ما نقوم به الآن, لا نتنافس مع أحد, لكن لمصر وزنها ولها دورها وهو واجبها وقدرها ويجب أن تقوم به.. هناك إعتراف من الجميع بهذا الدور صراحة أو ضمنا. { الأهرام: وكيف تري شكل التعاون مع دول الربيع العربي؟ الوزير: طرحت مصر مبادرة علي تونس وليبيا لعقد اجتماع ثلاثي لوزراء الخارجية عقد في تونس للنظر في إمكانيات التعاون بين هذه الدول صدر عنه إعلان تونس لزيادة التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث لأن هناك جهات مانحة كثيرة مثل شراكة دوفيل و دعت الي اقامة سوق واحدة تجعل للمعونات وقعا أكثر. كذلك التعاون الليبي المصري السوداني الذي أطلق عليه المثلث الذهبي حيث يوجد بين هذه الدول الثلاث عوامل التكامل.. سواء الثروة المادية والثروة البشرية والخبرة الفنية فضلا عن الثروات الطبيعية. هناك حماس كبير من جانب الرئيس السوداني عمر البشير للدخول في هذا التعاون, وبالفعل تجري حاليا اجتماعات تنسيقية في الخارجية بين الجهات المصرية المعنية خاصة في مجال الزراعة, هناك مليونافدان زراعية جاهزة علي الحدود المصرية السودانية لزراعة القمح, مصر اكبر مستورد للقمح في العالم, والميزة في هذه الأراضي ريها بالمياه الجوفية وليس من النيل وهي مياه متجددة باستمرار ولن تؤثر علي حصة المياه سواء في السودان أو في مصر. { الأهرام: ما وضع العلاقات بدول الخليج ؟ الوزير: العلاقات مع دول الخليج علاقات طبيعية, نحن علي اتصال مستمر بجميع دول الخليج, و لدينا جاليات كبيرة جدا, ومصالح اقتصادية متبادلة وهي علاقات تسير في مسارها الطبيعي الأهرام: لماذا يعول العرب علي المبادرة العربية التي إنطلقت في قمة بيروت منذ عشر سنوات علي الرغم من رفضها من جانب اسرائيل ؟ الوزير: المبادرة العربية مازالت موجودة ولم يحدث فيها أي تقدم. { الأهرام: الي أين وصل موضوع المصالحة الفلسيطينية.. في ظل عدم ادارة وزارة الخارجية لهذا الملف في الآونة الأخيرة ؟ الوزير: نحن لا ندخر جهدا لتأكيد اهمية تحقيق هذه المصالحة التي سيكون لها أثر كبير جدا علي القضية الفلسطينية- الإسرائيلية عموما, لأنه اذا كانت هناك جبهة فلسطينية موحدة, فهذا سيؤثر كثيرا في المشكلة لأن الطرف الآخر يستغل هذا الانقسام. والدور المصري معروف وله تاريخ, ولنا تنسيق كامل مع الأطراف المعنية في هذا الموضوع, لم يحدث تغيير في موضوع المصالحة, منذ ان حدث بعض التقدم في اجراءات بناء الثقة, انما لم يحدث التقدم المأمول ويبدو أن الازمة في سوريا ألقت بظلالها علي هذا الوضع في الجناح الخارجي لحماس والداخلي. والمؤكد أن الموقف الفلسطيني لن يكون بالقوة المطلوبة ما لم تتم المصالحة. { الأهرام: ما الاتصالات الجارية لوقف عمليات تزايد وتيرة الاستيطان الإسرائيلي ؟ الوزير: هذا موضوع خطير جدا, فما يحدث الآن من اسرائيل لا يمكن قبوله, فهي تستغل حالة الركود والغياب الأمريكي بسبب الانتخابات,, حتي وصل الأمر الي القدسالشرقية, موقفنا واضح ونعبر عنه بمنتهي القوة لكل الأطراف المعنية أو الفاعلة. { الأهرام: هل تم الاستقرار علي مكان جديد لمقر السفارة الإسرائيلية ؟ الوزير: من المفترض أن السفارة هي التي تحدد المكان, ثم بعد ذلك تبدي الجهات الأمنية رأيها, لكن حتي هذه اللحظة لم يتم الاستقرار علي المكان. { الأهرام: وماذا عن مستقبل العلاقات بين مصر وإيران؟ الوزير: أؤكد باستمرار أن إيران قوة إقليمية كبيرة في المنطقة لا يمكن تجاهلها, هناك إتصالات مستمرة بيننا, سواء من خلال مكتب رعاية مصالح في طهرانوالقاهرة وفي المحافل الدولية والإقليمية, سوف تستضيف مصر في شرم الشيخ منتصف مايو المقبل مؤتمرت لوزراء خارجية دول حركة عدم الإنحياز وستكون ايران الرئيس المقبل للحركة, أيضا توجد إتصالات بيننا علي مستوي ترويكا الحركة( مصر الرئيس الحالي والرئيس المقبل إيران), نجتمع ونتشاور.. المسألة مع إيران ترتبط إلي حد كبير بان نصل الي اتفاق تجاه بعض الأمور منها مثلا عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول, مصر لا تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة وهو موضوع مهم, كذلك مسألة التهديدات للأمن في المنطقة, وهذا أيضا أمر مهم لأنه ينعكس علي أمن مصر القومي.. لو تم الوصول إلي حل لمثل هذه الأمور, قطعا ستكون هناك ترقية لشكل العلاقات والتواصل أكثر وهو ما يحتاج إلي مجموعة من العوامل لكي نصل إلي هذا المستوي. { الأهرام: هل تتوقع ضربة أمريكية أو إسرائيلية للمواقع الإيرانية وكيف ستتعامل مصر مع هذا الوضع إن حدث ؟ الوزير: لو حدث هذا سيكون بالطبع أمرا كارثيا علي المنطقة والعالم كله, سيكون له تأثيرات اقتصادية علي اسعار النفط في العالم, ولنا ان نتصور ردود فعل الشارع, فهي خطوة سيكون لها آثار كثيرة علي المدي البعيد تتعدي إيران والدول المجاورة والإقليم وربما يكون لها آثار عالمية. { الأهرام: يتميز ملف العلاقات المصرية- الأمريكية بأنه ملف شائك, لقد شهدت العلاقات خلال الفترة الماضية عددا من الأزمات كان آخرها جنسية والدة المرشح الرئاسي حازم ابو اسماعيل.. كيف يمكن برأيك الحفاظ علي المصالح المصرية والأمريكية وهل هذه الأزمات حقيقية أم مفتعلة ؟ الوزير: العلاقات المصرية الأمريكية علاقات مهمة جدا واستراتيجية, هذه العلاقات استمرت علي مدي الأربعين سنة الماضية وهي علاقات مهمة للبلدين, ومثلما هي مهمة لمصر هي مهمة أيضا للولايات المتحدةالأمريكية من الناحية الاستراتيجية.. يجب إعادة النظر دائما في الأسس التي تقوم عليها العلاقات, ففي وقت من الأوقات كانت هذه العلاقات تدور حول كامب ديفيد و معاهدة السلام مع إسرائيل, في مراحل مقبلة ربما يكون هناك أسس أخري تكون فيه علاقات مصر هي المثال الديمقراطي في المنطقة بعد25 يناير, مصر يكون لها الدور القيادي بعد الثورة وبالتالي ستكون العلاقات قائمة علي العلاقات الثنائية وليس لها فيها أبعاد أخري تؤثر عليها سلبا أو إيجابا. أتصور أن يكون هذه الأمر مهما جدا في المرحلة القادمة وهي أن تبني العلاقات المصرية- الأمريكية علي علاقات تنبع من قوة مصر الذاتية التي أكتسبناها بعد25 يناير, ومن ثم يمكن التعامل مع كل المسائل الأخري مادامت بنيت العلاقات علي هذا الأساس السليم وأتصور أن هذا سيكون أساسا صحيا جدا في المرحلة المقبلة.. قطعا كانت هناك أزمة شهدناها في الفترة الأخيرة. { الأهرام: هل تقلص الدور المصري في دول أمريكا اللاتينية ؟ الوزير: علاقة مصر مع أمريكا اللاتينية عانت من الأعراض التي عانيناها لأنه مع الأسف حصرنا انفسنا في نطاق محدد لايليق بدور مصر التاريخي, واذكر أنني عاصرت الحوار العربي اللاتيني الذي بدأة الدكتور بطرس بطرس غالي, ومعايش لهذه الفكرة وكان يتم آنذاك تبادل الحوار اللاتيني العربي, وما اود قوله هو أننا مازلنا في السنة الأولي والتي لاشك أنه حدث فيها أشياء عده, وتحركت فيها مصر كثيرا, وسوف نتحرك صوب أمريكا اللاتينية بدون شك. فهناك أمثال كثيرة ناجحة في دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل, لكن المسألة الآن متعلقة بالأولويات التي بدأناها بدول الجوار ومن ثم انتقلنا الي أفريقيا وآسيا. { الأهرام: دائما كان هناك ما يسمي القوة الناعمة الموازية للدور السياسي.. أين هي الآن ؟ الوزير: مصر بحضارتها وثقافتها وموقعها الجغرافي خصوصا ما كان يسمي ب القوة الناعمة كانت دائما احد عناصر قوتنا حتي في الأوقات التي لم تكن فيها مصر قوية اقتصاديا وهذا ما لمسته حينما زرت الجزائر, حينما نقل لي الكثيرون مشكلة عدم استطاعتهم مشاهدة المسلسلات المصرية علي التليفزيون الجزائري بعد أحداث مباراة كرة القدم, حيث تمت مقاطعة حتي المسلسلات المصرية. و نحن الآن علي دراية بكل هذه الأمور من خلال الإتفاقيات الثقافية وجهد سفاراتنا في الخارج سواء في المغرب العربي أو المشرق العربي. واذا تحدثنا عن القارة الأفريقية, فلدي وزارة الخارجية صندوق مخصص للتعاون الفني مع أفريقيا, وعلي الرغم من ميزانيته القليلة نسبيا أري انه قادر علي الوجود في معظم الدول الإفريقية. فمثلا مع كل المشكلات التي تواجهها دولة الصومال تري أطباء ومهندسين زراعيين يعملون هناك بتمويل من الصندوق, وأذكر انه في زيارتي الأخيرة للست دول في حوض النيل الجنوبي وجدت في كل دولة خبراء وعلماء مصريين, وعندما ذهبت الي جوبا عاصمة جنوب السودان, وجدت مبني مكتوبا عليه العيادة المصرية, وعندما زرته, وجدت طبيبة تعمل هناك بمفردها في حين تقيم أسرتها في القاهرة, وتقدم العيادة الكشف للمرضي بخمسة جنيهات سودانية وتصرف لهم العلاج مجانا... فضلا عن وجود كل التخصصات من أطباء باطنه ورمد ونساء وولاده, وهذا هو تأثير مصر. { الأهرام: هناك تصريحات بأن الدول الموقعة علي اتفاق عنتيبي أمهلت مصر60 يوما للتوقيع, ما الموقف المصري من ذلك خصوصا أن القاهرة قد شهدت الفترة الماضية زيارات عديدة لمسئولين أفارقة من كينيا واثيوبيا.. ونكتشف بعد عودتهم انهم يصرحون بغير ما تم الاتفاق عليه ؟ الوزير: نحن نحاول الآن ان نجعل نهر النيل عنصرا للتقارب بدلا من أن يكون سببا للمشكلات, فمثلا قال لي احد وزراء خارجية دولة إفريقية في زيارتي للدول الست: انا لا أعلم أين يبدأ نهر النيل, و لكنني أعلم أنه بدون نيل لن تكون هناك مصر. ومن هنا بدأنا الحديث, فلا أحد ينكر حقوق الشعوب في مياهها فهذه الدول لها أحقية في التنمية لكن لا يكون علي حساب مصر وحسابنا التاريخي, فهناك كم كبير من الفوائض في المياه في حوض النيل الجنوبي, فمصر اذا دخلت في مشاريع مع هذه الدول للإستفادة من هذه الفوائض هذا في حد ذاته عنصر كبير جدا في التقارب, وسنثبت للجميع ان نهر النيل يستفيد منه الجميع وليس طرفا علي حساب آخر. وهذا هو مدخلنا في المرحلة المقبلة. فالجميع معترف بأن مصر في حاجة لمياه النيل نظرا لعدم وجود أمطار أو بحيرات الإشكالية أنه يجب أن تكون هناك قرارات علي مستوي سياسي. ولكن مع الأسف في الفترة الأخيرة غاب هذا البعد, وحصرت العلاقات فيما يتعلق بحوض النيل علي المستوي الفني فقط, اما اذا كانت هناك علاقات ومشاورات سياسية بالقطع ستنعكس علي المستوي الفني, فاليوم عندما عدنا للحديث مع أثيوبيا بدأ الحوار يتغير أصبحت هناك لجنة ثلاثية بين مصر والسودان وأثيوبيا لبحث آثار سد النهضة الذي تريد اثيوبيا بناءه, وقدمت لنا أثيوبيا كل المواصفات الفنية للسد, للتأكد من أنه لن يضر بمصر, وهناك خبراء أجانب أيضا مشاركون في هذه اللجنة, إذا أقول إنه يجب تغيير هذه الإستراتيجية التي كانت من قبل, فاليوم نركز علي المشاركة, فهناك ما يسمي بمبادرة دول حوض النيل, تهدف الي اقامة مشروعات علي النهر لدول الحوض للعودة بالفائده علي الجميع وهذا ما نركز عليه ونتأكد من أن هذه المشروعات لن تضر أحدا, { الأهرام: لاتزال عمليات تهريب الأسلحة من ليبيا الي مصر عبر الحدود موجودة الأمر الذي يتطلب تدخلا سريعا.. هل هناك استراتيجية للتعامل مع هذا الوضع ؟ الوزير: كنت أول وزير خارجية عربيا يهبط في مطار طرابلس بعد التحرير, فليبيا بالنسبة لنا دولة جوار واستراتيجية مهمة جدا, نحن نتحرك من خلال ذلك, والخارجية تنسق من خلال القطاعين العام والخاص والمشاريع, أما بالنسبة للنواحي الأمنية وضبط الحدود فهذا مجهود مشترك من البلدين, وتهتم به ايضا دول أخري مثل الجزائر وتونس, واخري افريقية مثل مالي وخلافه, كما أن هناك لجنة للأمن في دول الساحل, و مصر لم تكن تشترك فيها... أما الآن, فقدمت الجزائر لنا الدعوة للمشاركة في عملية ضبط الحدود, وهذه مهمة جدا لنا ننسق فيها سواء مع الجهات الداخلية المعنية أو مع دول الجوار. وهذا علي قمة أولوياتنا. { الأهرام: هل هناك نوع من التنسيق بين وزارة الخارجية وأكبر حزب موجود في مصر, حول الإتصال بالمسئولين الأمريكيين الذين قدموا الي مصر مثل جون ماكين وجون كيري ؟ الوزير: هناك تنسيق مستمر مع لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية وحقوق الانسان في البرلمان, لأن هناك تماسا كثيرا في عملنا, ونحن لدينا مساعد وزير للخارجية للشئون البرلمانية ومعه طاقم كبير جدا وموجودون باستمرار في المجلس ويلتقون بشكل شبه يومي مع رئيس وأعضاء تلك اللجان, و أي وفد برلماني يمثل تلك اللجان يسافر للخارج نقدم له الأوراق المطلوبة. فالتنسيق مستمر وفيه تقبل من الجانبين, وهذا يعطي قوة أكثر للسياسة الخارجية المصرية. { الأهرام: هناك مطلب ليبي بتسليم أفراد من نظام القذافي والأموال الليبية الموجودة في مصر؟ الوزير: قلنا إننا لن نسمح بأي نشاط معاد لليبيا من مصر, وهناك اتفاقية بين مصر وليبيا تحكم تسليم المطلوبين, وتنص علي ارسال أسماء المطلوبين ونفرض عليهم في البداية حظر السفر, ثم نناقش الأسباب القانونية للتسليم, واذا كانت مقبولة تتم العملية علي الفور. و كنا واضحين جدا مع الأخوة في ليبيا وأي طلب يقدم منهم ينظر فيه ولن نتردد في تسليم مطلوبين صدرت بحقهم أحكام قضائية. شارك في الحوار: محمد صابرين عائشة عبد الغفار يحيي غانم اشرف العشري جميل عفيفي محمد عثمان سالي وفائي جيهان مصطفي مصطفي غراب دينا كمال إبراهيم السخاوي مروة توفيق جيلان الجمل سامي القمحاوي