الحاجة مريم أبو العينين، من عشاق بورفؤاد، تقطن منذ سنوات طويلة فى إحدى فيلاتها الجميلة الخاصة وتكافح منذ 2004 لمقاومة تشويه الشخصية المعمارية للمدينة الباريسية الطراز. هى ليست الوحيدة التى تقف فى وجه معاول الهدم فى المدينة المتميزة والتى تفقد شيئا فشيئا من تراثها وطرازها لصالح المبانى العشوائية الحديثة والأبراج السكنية القبيحة التى تصنعها أيادى التجارة الجشعة ورغبات الربح السريع. ...................................................................................... جمال وتناسق و شخصية معمارية خاصة ارتبطت بوجود قناة السويس ولخدمتها، واليوم تقف فى مواجهة بلدوزرات التجريف بدلا من التفكير فى مد تراثها المعمارى والاحتفاظ بروحها وطرازها المعماري الفريد في المبانى السكنية والخدمية التى سوف تنشأ لخدمة المشروعات المرتبطة بالقناة الجديدة فى الاسماعيلية و شرق بورسعيد و مناطق القنطرة؟ إنها بورفؤاد، بحكم الموقع والموضع والمرحلة صنعت شخصيتها الفريدة :جو معتدل و موقع متميز وطرازمعمارى خاص أضفى على المدينة البورسعيدية سحرا وجمالا منذ أن خرجت للنور عام 1920. فهى تتربع فى مكانة خاصة بين قارتى آسيا وافريقيا، شرق مدينة بورسعيد على المدخل الشمالى للقناة، وصممت على الطراز الفرنسى بغرض خدمة قناة السويس ولتكون موقعا سكنيا للعاملين. وافتتحها الملك فؤاد عام 1926 الذى وصل إلى بورسعيد على يخت «محروسة». باريسية الطراز، فى معظمها على شكل فيلات متراصة فى تناغم جميل ..وحدت شركة قناة السويس فى مبانيها وامتازت بميادينها و شوارعها الفسيحة الوارفة. الآن هى مدينة متنوعة السكان..فيلات ومبان تراثية تابعة لهيئة قناة السويس و فيلات خاصة مازالت تحتفظ بطرازها المعمارى وتقاوم التشويه وأخرى انهارت امام إغراء السطوة والمال و تحولت إلى أبراج سكنية تنال من طابع المدينة وتراثها و تفسد جمالها. وهو ما تحاول الحاجة مريم الوقوف فى وجهه بالتمسك بالاقامة بفيلاتها الجميلة بشارع دمشق رغم احاطتها بالأبراج من كل جانب. وتصف الموقف قائلة : « أبراج تحجب الرؤية والهواء وتعوق أيضا الارسال التليفزيونى وشبكة المحمول، لكنى لن اتنازل عنها حتى نهاية عمرى.» خاطبت المسئولين السابقين والحاليين ورفعت قضايا ضد كل من يحاول حرمان بورفؤاد من كنوزها التراثية المعمارية وتشويه وجهها الجمالى، لكنها لا تستطيع وقف زحف عشوائية البناء وسطوة ونفوذ رأس المال الذى لا يبالى بتراث أو ذوق أو جمال وما يهمه هو المكسب. ساعدها عدد من شباب بورفؤاد وبورسعيد، عشاق مدينتهم مثل وليد منتصر، أحد ابناء رابطة شعبية للحفاظ على التراث الذى يتساءل: كيف يكون بين ايدينا مثل هذا الكنز التراثى المعمارى ولا نحافظ عليه و نقوم بمحاكاته فى المدن و المناطق الجديدة التى سوف تنشأ حول محور القناة قائلا: « يمكن اضافة بعض التعديلات لكن مع الاحتفاظ بفكرة الطوابق القليلة بدلا من الأبراج الفارهة مع الامتداد الأفقى لتحقيق الراحة النفسية والاجتماعية للسكان. يشاركه هذا الراى محمد حسن، مهندس معمارى ومؤسس فريق « بورسعيد على قديمه». فهم يشنون حملات وينظمون وقفات ويقومون بحصر المبانى ومخاطبة المسئولين للحفاظ على تراث محافظتهم الجميلة. ويرى حسن أن بيوت بورفؤاد ببلكوناتها الخشبية وأسقفها الأرميز تحمل جمالا خاصا نتباهى به أمام زوار بورسعيد، وتعتبر ابداعا تراثيا يمكن أن يكون مصدرا للجذب السياحى اذا ما احسنا العناية به، لكن ما يحدث هو استمرار الهدم فى المدينة الجميلة فى مقابل العمارات السكنية العشوائية البناء. ويطالب محمد بضرورة اصدار قانون يمنع هدم هذه الفيلات التراثية وتشويه طابع المكان بكل ما هو عشوائى البناء مشيرا إلى إنهم كفريق يحاولون ايجاد حلول لاصحاب الفيلات الخاصة كوسائل للربح عن طريق التأجير للبنوك او لشركات معروفة بدلا من بيعها لمقاولى « البناء العشوائى». ويتبنى محمد وفريقه أيضا فكرة وجود رؤية خاصة وطابع مميز للمبانى فى مخطط مشروعات القناة الجديدة. المعمارية الشهيرة داليا السعدنى تشارك أبناء بورسعيد وبورفؤاد غيرتهم على تراثهم المعمارى و تؤكد أن الامر يحتاج لقرارت حكومية رادعة. فمن غير المعقول أن نفقد طرازنا لتحقيق مكسب مادى لبعض الاشخاص ، مؤكدة ضرورة وجود كيان متخصص لترميم هذه المبانى وإلا فنحن نمحى التاريخ. قائلة إن مصر بوتقة تاريخية مرت عليها كل الطرز والحضارات، و مدن القناة لها صبغة معمارية خاصة و طراز جميل و ملفت جدا يجب الاستفادة منه سياحيا لا هدمه، ومن يهدمه يطمس التاريخ ويقضى عليه. مشيرة إلى ضرورة الاستفادة من هذا الطراز الجميل والشخصية الخاصة فى المبانى المرتبطة بالمشروعات الجديدة. قائلة : لماذا لا نعود لاستخدام نظرية التدرج البنائى كما كان يفعل أجدادنا بدلا من الابراج العالية واذا أردنا استيعاب اعداد كبيرة و تنمية المناطق الجديدة، فما علينا إلا الامتداد الأفقى مع الاحتفاظ بالموتيفات الجمالية و تناغم العمائر والشخصية الخاصة بنا . فنحن مازلنا نشغل 7 c/o من المساحة المتاحة ولدينا أراض شاسعة و مسطحات كبيرة، فالأكثر فائدة من الناحية الاقتصادية و الأمنية هو التوسع الافقى، مع الاحتفاظ بالشخصية المعمارية الخاصة و الطابع الجمالى لبورفؤاد. فالمطلوب كما تؤكد داليا السعدنى هو الحفاظ على تراثنا المعمارى و امتداده إلى المناطق الجديدة، لأن العمارة هى مرآة الحضارات ومصر حباها الله بحضارة عريقة، فلماذا الإصرار على طمس معالمها واهدار كنوزها؟