تتمثل أهم ضمانات حرية الصحافة في الوصول إلي المعلومات والحصول عليها وتداولها وتبادلها. والحق في نشرها وإذاعتها دون رقابة سابقة أو لاحقة وتضييق نطاق المحظورات إلي أدني درجة ممكنة في إطار بعض التحفظات الأخلاقية والعسكرية وما يتصل بالأمن القومي بمفهومه المحدود وكفالة الظروف الملائمة لحماية الصحفيين من كل الضغوط الداخلية والخارجية التي قد يتعرضون لها لإجبارهم علي عمل ما لا يتفق مع ضمائرهم أو حملهم علي تقديم تقارير غير صحيحة أو محرفة. والنص صراحة علي مايقابل كل حق من التزامات وواجبات يمثل ضمانة قوية لكل من هذه الحقوق كما يوكد أداء الوجبات والمسئوليات المقابلة لكل منها, وبمعني آخر فمن الحقوق الصحفية ما ينبغي ان تصاغ في نصوص قانونية واضحة تحقق التوازن المطلوب بين حقوق كل طرف مشارك في العمل الصحفي وحقوق الأطراف الأخري المشاركة في ذات العمل, والقراء أحد هذه الأطراف والتزام كل الأطراف ومراعاتها لهذه الحقوق يتمثل في الحق في المعرفة والحق في حرية الرأي والتعبير وحق استقاء المعلومات من مصادرها وحق الرد والتصحيح وحق النقد وحق الفرد في حرمة حياته الخاصة وحق المتهم في كفالة محاكمة عادلة له وحق الصحافة ككل في ممارساتها لحريتها. فتشريعات الصحافة العربية قد تم وضعها في ظروف استثنائية شابها التوتر والصدام, ولذا جاءت في معظمها تشريعات متعجلة غير مدروسة, مزدحمة بالتغيرات الغامضة التي تدل علي الميول السياسية التشريعية المتحاملة علي حرية الصحافة. واعتمدت التشريعات الصحفية العربية علي الصياغات الغامضة وغير المحددة المعني التي تزيد من مساحة التجريم وتوسع نطاقه, كما تجمع بين المحرر ورئيس التحرير والطابع والموزع والمستورد لتشملهم المسئولية الجنائية, بالاضافة الي توسيع نطاق المسئولية من خلال إلقاء مسئولية إثبات صحة الوقائع في جرائم النشر علي عاتق الصحفي وليس النيابة كما في الجرائم العادية. وأن التشريعات الصحفية العربية تتعامل مع حرية الصحافة علي اعتبارها منحة سياسية وامتيازا خاصا للصحفيين من السلطة الحاكمة حيث اتت معظم التشريعات برغبة ومبادرة من الحاكم لمواجهة ازمات صحفية معينة حيث صدرت قوانين الصحافة في ظروف استثنائية خاصة وفي اعقاب ازمات بين الصحافة والحكومة فلم تتح الفرصة لدراستها ومناقشتها وغلب عليها طابع التشدد التشريعي والميل نحوتغليظ العقاب والتهديد والردع. لذلك أرجو أن يتم مراعاة ما يلي: 1 ضرورة إلغاء جميع النصوص الجنائية المجرمة للتعبير عن الرأي والاكتفاء منها بجرائم أربع لخطورتها ولارتباطها بجرائم القانون العام وهي: جريمة السب وجريمة القذف وجريمة التحريض وجريمة نشر أخبار كاذبة, وماعدا ذلك فللمشروع ان يكتفي بالجزاءات المدنية والتأديبية لمنع حرية التعبير والنشر من الإضرار بمصالح المجتمع. 2 إلغاء ترسانة القوانين والتشريعات الإعلامية التي تحمي الصفوة الاعلامية والسياسية والاقتصادية ولا تراعي الحقوق المهنية للصحفيين ولا الحقوق الاتصالية والمعرفية للأفراد والجماعات. 3 منع احتكار ومركزية المعلومات وغياب التشريعات القانونية المنظمة لذلك والكفيلة بمنع احتمال إساءة استخدام بنوك المعلومات والأخطار المترتبة علي التوسع في استخدام تكنولوجيا المعلومات دون إعداد دراسات مسبقة تحدد الاحتياجات الفعلية والأهداف المتوسطة والبعيدة المدي وضمان عدم تحكم فئة التكنوقراطيين في هذا المجال. 4 التغلب علي محاولات الاحتواء والاختراق التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسية وشركات المصالح المحلية التي تحتكر انتاج وتسويق تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وعلي الأخص أدوات الإنتاج الصحفي( الأحبار الورق المطابع الكومبيوتر) هذا فضلا عن الاختراق النفطي والاختراق الأمريكي الصهيوني لبعض النخب الصحفية. 5 إلغاء التناقض وغياب التنسيق بين اختصاصات المجلس الأعلي للصحافة وصلاحياته الواسعة وبين المسئوليات المهنية والأخلاقية لنقابة الصحفيين مما يشكل عقبة تحول دون تفعيل حرية إصدار صحف جديدة وحماية الحقوق الاقتصادية والمهنية للصحفيين وبالتالي رفع مستوي الأداء المهني والمجتمعي للصحافة المصرية والعربية. 6 إعداد لائحة مالية تتضمن الحقوق الاقتصادية للصحفيين في مختلف المؤسسات ويتم تفعيلها تحت إشراف نقابة الصحفيين. 7 إنشاء مركز تعليم وتدريب نقابي علي الوسائل التكنولوجية المتقدمة لإفادة الصحفي في تعامله مع المعلومات والمصادر والتأكد من دقتها وصدقها. 8 ضرورة إعداد لائحة جديدة للأجور الصحفية تتلاءم مع الظروف الاقتصادية الحالية وارتفاع تكاليف المعيشة.