سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن اليوم 8 أكتوبر    ارتفاع في أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 8 أكتوبر    محافظ أسيوط يوجه بسرعة إصلاح محطة المراغي للصرف الصحي    ويتكوف وكوشنر يصلان إلى شرم الشيخ للمشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة    بوتين: روسيا تسيطر على 5 آلاف كيلومتر مربع في أوكرانيا هذا العام    البيت الأبيض يحذر من الإغلاق الحكومي الأمريكي| خسائر اقتصادية تقدر ب15 مليار دولار أسبوعياً    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 8-10-2025 والقنوات الناقلة.. مواجهات قوية في تصفيات كأس العالم    طقس خريفي معتدل نهارًا وأمطار متفرقة على بعض المناطق اليوم الأربعاء    وزير التعليم للرئيس السيسي: 88% من طلاب الثانوية التحقوا بالبكالوريا    إخلاء سبيل «عصام صاصا» و15 آخرين في مشاجرة «ملهى المعادي»    ضبط المتهم بالتعدي على شقيقتين أثناء سيرهن بأحد شوارع القاهرة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق مخزن الأخشاب بطوخ    باسم يوسف: مصر وحشتني.. وخايف أرجع لها أحس إني غريب    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    توقف حركة القطارات بقنا بسبب مشاجرة بالأسلحة النارية بين عائلتين في دشنا    ولي العهد السعودي والعاهل الأردني يستعرضان هاتفيا جهود تحقيق الأمن والاستقرار إقليميا    زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب تايوان    أسعار الفراخ اليوم 8 أكتوبر.. اعرف التسعيرة من بورصة الدواجن    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    أسعار الحديد في الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عاجل - محاولة اغتيال رئيس الإكوادور    مواقيت الصلاة في الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    في اليوم العالمي للفتاة.. كوبتك أورفانز تحتفي بفتياتها المُلهمات    هل يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد عضو مجلس النواب العامل في الدولة؟    الخريطة الكاملة لأماكن ومواعيد قطع الكهرباء عن محافظة الدقهلية «اعرف منطقتك»    أوقاف المنيا تعقد 45 ندوة علمية ضمن برنامج المنبر الثابت    بشرى للمعلمين 2025.. موعد صرف حافز 1000 جنيه الجديد بعد اجتماع الرئيس    «صحح مفاهيمك» تنشر الوعي وتتصدى للظواهر السلبية بالمنوفية    مباحث أسوان تكثف جهودها لكشف ملابسات مقتل أم وابنتها داخل منزلهن    العثور على جثة طفل داخل المقابر في قنا    افتتاح أول نادي للفتيات بالرزيقات قبلي بالأقصر.. خطوة جديدة نحو تمكين المرأة في الصعيد    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    باسم يوسف: فقدت أهلية إني أكون طبيب.. من 15 سنة ما حطّتش إيدي على عيّان    «لو أنت قوي الملاحظة».. اعثر على الوجه المخفي في 10 ثوان    مستقبل وطن يدفع بعدد 5 مرشحين على المقاعد الفردية بالمنوفية    «خيار مناسب».. ميدو يعلق على اقتراب ثورب من تدريب الأهلي    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    آخر موعد للتقديم في منحة أشبال مصر الرقمية 2025.. منحة مجانية وشهادة معتمدة لطلاب الإعدادية والثانوية    مخاطر انخفاض حمض المعدة وطرق العلاج    لمنع احتراق البقايا والحفاظ على طعم المأكولات.. خطوات تنظيف الفرن بلا مجهود    الأكثر العادات الغذائية ضررًا.. كيف يفتك هذا المشروب بصحتك؟    هشام نصر: الزمالك في حالة جمود.. ورحيل مجلس الإدارة وارد    مواعيد أهم مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    حكاية ضريح مسجد سيدي عمر الإفلاقي في دمنهور بالبحيرة (صور)    عاجل- قوائم تبادل الأسرى تكشف أسماء بارزة.. ومصر تكثف تحركاتها لضمان نجاح اتفاق خطة ترامب وتهدئة الأوضاع في غزة    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    "هزم السرطان".. سائق بالبحيرة باكيًا: ربنا نجاني بدعوات الأهالي وقررت أوصل المواطنين أسبوع بالمجان (فيديو)    حفل إطلاق النسخ المترجمة لكتابى أحمد أبو الغيط «شهادتي» و«شاهد على الحرب والسلام»    حكايات يرويها - سامح قاسم: النصر في عيون السينما والأدب والفن التشكيلي    صراع ثلاثي على صدارة هدافي الدوري الإيطالي قبل التوقف الدولي    محمد عز: فوز الأهلي 2009 على بيراميدز جاء عن جدارة واستحقاق    د. عمرو عبد المنعم يكتب: الإخوان والمزايدة الرخيصة على حماس    وجبات عشاء صحية في لمح البصر.. حضّرها في 10 دقائق فقط    المؤلفان زاك بايلين وكيت سوسمان يكشفان ل"اليوم السابع" كواليس مسلسل Black Rabbit    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور
رؤية لن تغيب
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2015

المبدعون حقا لاينبغى أن يتم رثاؤهم، فهم فى العادة لايغادرون حياتنا إلا بالجسد، بينما الروح تظل تتحلق بنا ومن حولنا، تمنحنا القدرة وجبروت تحدى اللحظات الفاصلة، ولعلها فى الأصل تسكن مجمل حياتنا، بما خلف هؤلاء من أعمال نابعة من الواقع بحلوه ومره، وعلى قدر شقائها أونزقها، كما يبدو من تجربة راحلنا الكبير، الفنان القدير «نور الشريف» ،
فإنها بفضل صفاء موهبته ونقاء سريرته ستبقى أثرا خالدا فى نفوسنا بما خلفته من قيم الحرية ومعانى الوفاء والوئام والحب، وستظل فينا أبد الدهرتنتقل من جيل إلى آخر مع سريان «نهر النيل» الذى يحمل سرالخلود المصرى، وعلى جناح النبل والإبداع المستمد من روح الفراعين العظام، يبقى بفيض «نوره» واحدا من القناديل الباعثة على النهضة والأمل.
صحيح أن الجسد الواهن الذى اعتل بمرض عضال لصاحب الإحساس الرفيع "نور الشريف" ربما خبا الآن تحت التراب، راقدا فى سلام أبدى مابين حالة الصمت والجمود، لكن تبقى الروح العظيمة والمتجددة تحظى بذات الحضورالطاغى حتى وهو يطل برأسه من تحت التراب فى استحياء على الشاشة الفضية، إنها نفس الروح التى توجته 40 عاما على قمة هرم التمثيل المصرى الحديث، كما هو لوحظ لنا بما قدمه من أعمال تعد علامات بارزة فى المسرح والسينما والتلفزيون، بل إنها هى الزاد نفسه الذى لايفنى، بفضل تألقه غير المعهود على مقام الدهشة الإبداعية، ما جعله ليس نجما سطع قليلا ثم هوى برحيله المر عن عالمنا، لكنه ظل شمسا مشرقة، عبر مشوار فنى طويل بدأ منذ عام 1967 ، واستمر حتى 2013 ، عابرا بثقة من بوابة لأخرى، وفى ثبات لا تخلو من اللحظات النورانية الباعثة على الأمل فى قلب العتمة التى تكاد بين الحين والآخر تعصف برسالة الفن الجميل، فتراه متألقا بجبروته الإبداعى، وبسلاسة وأريحية نادرة يملك مفاتيح اللعبة المجنونة فى الأداء التمثيلى بالجسد، بصوت خفيض يبعث على الشجن، أو مع صوت أجش غليظ يجسدا قمة المعانى الدرامية فى عمر شخصيات هى فى الواقع نماذج إنسانية حية من لحم ودم.
ومن محطة لأخرى تبدو تجلياته المرعبة فى التماهى مع الناس والحياة، والذوبان شيئا فشيئا فى حيوات هؤلاء البشر، مهمشين كانوا، أو نبلاء فى مجتمع الوحوش، يقوى نور الشريف بخبرته وحنكته وقدرته الفذة فى فن التمثيل على أن يغزل بخيوط الدراما أروع قطعة من نسيج فنى محلى بالألوان والزخارف المبهرة على خشبة المسرح تارة ، أو تارات كثيرة على شاشتى السينما والتلفزيون، ولعل أجمل مافى تلك القطع الفنية أنها ستظل داخل ذواتنا وبين جوانحنا ببريقها الآخاذ، لأنها ببساطة تشكل جزءا من ماضينا وحاضرنا، وربما مستقبلنا أيضا بما تملكه من قيم فنية ومعان إنسانية راقية.
فقدان جسد "نور الشريف الذى وورى الثرى الآن، لا يعنى افتقاد مساحة إنسانية سهلة كانت قد بسطت نفوذها على التراب المصرى بطول البلاد وعرضها ، بحيث لا يمكن لشخص آخر غيره - حتى ولو قدر له أن يسير على ذات الدرب - أن يملأها، فقد كان فى حد ذاته دائرة معارف حية وحقيقية فى كل فنون الحياة، وليس التمثيل أو الإخراج وحدهما، بل كانت صلته مربوطة بحبل سرى بمجمل التجربة المصرية كلها على المستوى الساسى برؤى عميقة وصائبة، أو على المستوى الاجتماعى فى قدرة غير عادية على التأثير والتأثر مع الآخرين وبهم ، حتى يمكننا القول إنه أصبح حارسا أمينا على ديوان الحياة المصرية، اتساقا مع ما تم تدوينه داخل أفلامه السينمائية التى انصهرت فيها كل نضالات وكفاح المصريين من أبناء الطبقة الوسطى، وأولئك الكادحين فى الأزقة والشوارع والدكاكين جنبا إلى جنب مع شاهبندر التجار العاشقين، ورمز "الفتونة" وسط أجواء حرافيش نجيب محفوظ.
لقد كان الراحل العظيم على إدراك كامل، بل لديه يقين ثابت بأن الموهبة مهما كان حجمها ستتلاشى، إذا لم يتزود صاحبها بالعلم والدراية، لهذا كان بيته ومكتبه عامرا بالكتب والصحف والمجلات، حتى لتشعر إنك طوال الوقت وأنت فى حضرته فى صحبة حكيم وفيلسوف ومفكر مثقف حقيقى - دون زيف - وفى ذات الوقت يبدو سمحا جدا، ورغم شغفه وعشقه الأبدى للفن بكل أنواعه وأشكاله، تراه متابعا لأحدث الأعمال العالمية، سينمائية أو مسرحية أو تليفزيونية، وكأنه دوما على أهبة الاستعداد لأعمال تواكب متغيرات الدنيا، وتقلبات حركة الحياة والكون من حوله.
هى رحلة إذا تجمع بين اليتم والألم والأمل والتألق والبريق، توجتها رحلة عمل شاقة واجتهاد، جعلته منه زاهدا فى محراب الفن الرفيع، ولم يغرد يوما خارج سرب الإبداع الحقيقى، فتعالوا معى نخوض فى بعض تفاصيل وكواليس اللحظات الحلوة والمرة فى حياة راحلنا العظيم الفنان القدير "نور الشريف" الذى أمتعنا بفنه الراقى لأربعة عقود من العطاء والتحدى حتى أسلم الروح لبارئها منذ أيام قلائل والألم يعتصره على حال مصر التى يراها منارة الفن والعلم التى علمت الدنيا كلها فن الحياة والخلود .. فإلى جنة الخلد أنت مع الصديقين والشهداء والأبرار، بقدر عطائك الإبداعى الرفيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.