رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة :"يزور القاهرة حاليا وفد صينى يمثل 25 جمعية صينية غير حكومية تعمل فى مجال السلام ونزع السلاح". كان ذلك محتوى الرسالة المقتضبة التى قفزت على شاشة تليفونى المحمول لتثير لدى الكثير من التساؤلات. فلماذا يحضر وفد صينى "غير رسمى" إسما لكنه "رسمى فعلا ورسالة" من خلال رسالته الرسمية التى حملها إلى المنظمات غير الحكومية فى مصر وفى مقدمتها "منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية"، وعدد من صفوة الدبلوماسيين المصريين والكتاب والصحفيين. لقد كانت الرسالة التى حملها الوفد الصينى متعلقة برغبة ملحة (تصل إلى حد اللهفة) فى الترويج السريع لمشروع رسمى هو "الحزام الإقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن ال21" وهو المشروع الصينى القومى الدولى الكبير الذى يتبناه الرئيس الصينى شى جينبينج منذ عام 2013. أما الرسالة الحقيقية التى بعث بها الوفد الصينى بشكل "ملهوف" فكانت الرغبة الصينية فى إيجاد الرابط وتدعيم التعاون بين المشروع الصينى، الذى لم يتحول من فكرة إلى واقع ملموس حتى الآن، ومشروع قناة السويس الجديدة الذى تم الإنتهاء منه وسيفتتح عالميا يوم 6 أغسطس 2015. لقد مثلت الرسالة التى حملها وفد "جمعية الشعب الصينى للسلم ونزع السلاح" وتمثل رابطة تضم 25 منظمة غير حكومية فى الصين مؤشرا واضحا على مدى نجاح مشروع قناة السويس الجديدة بل وعلى النجاحات الكبيرة المتوقعة له فى المستقبل المنظور والمتوسط والبعيد. وقد ظهر مشروع إحياء طريق الحرير التاريخى بين الصين وأوروبا فى ثوب جديد من خلال مشروعين تبناهما الرئيس الصينى وهو "الحزام الإقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى". ووفق الوثائق الصينية فإن المشروع الجديد يهدف إلى إتخاذ أساليب جديدة لتوثيق الإتصالات بين شتى الدول الآسيوية والأوروبية والأفريقية ورفع التعاون المتبادل فيما بينها إلى مستوى تاريخى جديد. وكان الإهتمام مُنصبا بشكل كبير على التعاون الصينى الأوروبى وبالتالى كان التركيز بشكل أكبر على الطريق الممتد من الصين إلى شرق أوروبا وغربها عن طريق المرور فى أراضى آسيا الوسطى وروسيا. واليوم جاءت قناة السويس الجديدة لتفرض رؤية جديدة. فالطريق التجارى عبرها سيكون أقصر وبالتالى سيحقق المزيد من الوفر فى الوقت والجهد والمزيد من الصادرات والواردات. أى أن القناة الجديدة فتحت بوابة جديدة لإنقاذ التجارة العالمية من كبوتها فى السنوات الماضية من جانب وبوابة جديدة لراغبى التفوق الإنتاجى والتجارى فى العالم. وحاليا لا يوجد من هو أكبر ولا أسرع من الصين فى مجال السعى الحثيث نحو إعتلاء قمة الدول المنتجة فى العالم وقمة الإقتصاد العالمى على وجه التحديد. فاقتصاد الصين هو ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد اقتصاد الولاياتالمتحدة وهو يزحف بقوة نحو القمة. وبالتالى جاء الصينيون سريعا إلى القناة التى حجزوا بالفعل مناطق إستثمارية فى محيطها. وهكذا عاد المصرى ليؤكد من جديد أنه صاحب العقل والفكر الحضارى المتفوق الذى أعطى للعالم والبشرية الزراعة والعلوم منذ قديم الزمان وأنه يعود اليوم ليوفر للعالم طريقا لمستقبل تجارى وإقتصادى مشرق عبر قناة السويس الجديدة التى ليست سوى مشروع واحد فقط من بين عدة مشاريع قررت مصر أن ترد بها على دعاة الظلام والشر وتخريب الحضارات محليا وعالميا. دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت . لمزيد من مقالات طارق الشيخ