دشنت مصر وأمريكا أمس، من خلال حوار استراتيجى معمق بقيادة وزيرى الخارجية سامح شكرى والأمريكى جون كيرى، وعلى مدى يوم كامل بمقر وزارة الخارجية على كورنيش النيل مرحلة جديدة من العلاقات بينهما. وتناول الوزيران الملفات السياسية ثنائيا وإقليميا ودوليا، وحظى ملف مكافحة الإرهاب بنصيب وافر من النقاش. وأكد الجانبان أنهما يتشاركان فى التصدى للإرهاب بقوة. فى الوقت نفسه، بحثت لجنتان من الخبراء الملفات الثنائية ورفعتا توصياتهما لوزيرى الخارجية واللجنة العامة فى نهاية اليوم. وهى تؤصل لمرحلة جديدة وانطلاقة فى التعاون على مخلتف الأصعدة. وفى بداية الاجتماعات، أكد سامح شكرى وزير الخارجية أن الحوارالإستراتيجى يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات المصرية - الأمريكية، بحيث تسمح للجانبين بتحقيق مصالحهما المشتركة ومواجهة مختلف التحديات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط خاصة تنامى ظاهرة الإرهاب التى يتسع نطاقها يوما بعد يوم بشكل بات يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، متمنيا أن يرسخ هذا الحوار لمفهوم العلاقة الإستراتيجية بين البلدين واستثمار التعاون الوثيق فى مجال التعاون العسكرى وهو ما يضمن الاستقرار الإقليمى والدولي، مؤكدا أن الحوار يمثل فرصة جادة للطرفين لمراجعة الجوانب المختلفة للعلاقات سياسيا وعسكريا واقتصاديا . وأكد شكرى أن مصر تدرك دور الولاياتالمتحدةالأمريكية كقوة دولية مؤثرة كما تدرك الإدارة الأمريكية دور مصر كقوة إقليمية فى المحيط الإقليمى العربى والإفريقى والإسلامي، وتثبت الأوضاع السياسية فى الشرق الأوسط ان مصر ستظل محور ارتكاز فى المنطقة. ومن جانبه قال جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى إن مصر تلعب دورا رئيسيا فى منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه قام بزيارة مصر عدة مرات فى عدد من الأحداث المختلفة ولديه رسالة واحدة لم تتغير وهى أن الشعب الأمريكى ملتزم بأمن ورفاهية المصريين. وشدد كيرى على أن العلاقات الإستراتيجية بين مصروالولاياتالمتحدة قائمة على الفرص وليس التهديدات وكلما زادت قوة مصر زادت فرصة التعاون من أجل مكافحة الإرهاب. ورحب كيرى - خلال كلمته - بالخطوات التى يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لدعم الاقتصاد المصرى وتحسين الفرص أمام رجال الأعمال. وقدم كيرى تهانيه على الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، حيث أنه مشروع ضخم سيكون له أثر عظيم على الإقتصاد المصرى وهو يعدإنجازا عظيما حققته مصر. وأكد كيرى أن أمريكا ستواصل تقديم الدعم والتدريب للعسكريين المصريين من أجل تحقيق الأهداف القصوى للقوات العسكرية المصرية. وفى ختام المباحثات، عقد الوزيران المصرى والأمريكى مؤتمرا صحفيا مشتركا، اوضح فيه شكرى ان الحوار أسهم فى مراجعة أوجه العلاقات الثنائية المختلفة و طرح أفكارا جديدة تحدد مسار العلاقات بين مصر و الولاياتالمتحدة مستقبلا خاصة فى المجالات العسكرية و الأمنية فضلا عن المجالات الاستثمارية والتنموية بما فيها الطاقة وتنمية محور قناة السويس والمشروعات الصغيرة والمتوسطة تكنولوجيا المعلومات والتعليم والثقافة لافتا الى ان الحوار تناول أيضاً الاهتمام المشترك بقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان لافتا الى اهتمام مصر بهذه القضايا باعتبارها تلبى طموحات الشعب المصرى و تطلعاته نحو التقدم و العمل مع مراعاة الأبعاد المختلفة المرتبطة بحقوق الإنسان سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية بدرجة متساوية مع ضرورة إذكاء سيادة القانون فى كافة مناحى ادارة الدولة و تنظيم المجتمع باعتباره التزاما لا حياد عنه. و اشار الى التقليد الذى توليه الحكومة لعمل منظمات المجتمع المدنى و إسهامها فى الارتقاء بالمجتمع و تقدمه لافتا الى ان المنظمات فى مصر بلغت ما يقرب من 45 الف منظمة تمارس نشاطها وفقا لإطار قانونى و تشريعى يقتضيه المجتمع و يضمن تلبيتها لاحتياجاته و بما يسهم فى توفير الحماية لها من خلال تقنين أوضاعها و يضمن قيامها بمسئولياتها بكامل الشفافية . و اوضح وزير الخارجية فى كلمته أن مصر تتابع و عن كثب التطورات العلمية من اجل حماية و تعزيز حقوق الإنسان فى كافة دول المجتمع الدولى بهدف الاستفادة من التجارب الناجحة و تجنب الإخفاقات التى مرت و تمر بها الدول الأخرى لافتا الى انه لم تصل اى دولة على مستوى العالم حتى الان الى المستوى المثالى فى ممارسات حقوق الإنسان حالات الإخفاق ماثلة للجميع مما يحتم ضروة مضاعفة الجهد و السعى نحو الوفاء بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان و قال شكرى ان هناك قاعدة أساسية تسمح للجانبيين باستخلاص مصالحهما المشتركة وتمكنهما من مواجهة التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط مشيرا الى اتفاق الجانبين على مضاعفة الجهد لمكافحة الإرهاب و التطرف و العمل على توزيع نطاق العمل المشترك لمواجهة التنظيمات الإرهابية لما تمثله من خطر يتهدد الامن و السلم الدوليين كما تناولت اعمال الحوار الاستراتيجى الضرورة القصوى لاستئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطينى و الإسرائيلى ودور البلدين فى دفعها وصولا الى سلام شامل عادل وفقا للأسس التى جرت عليها عمليه السلام و فى إطار المبادرة العربية .لافتا الى تناول الحوار الازمة الليبية والجهود المبدولة فى إطار الحل السياسى ودعم مصر الكامل للجهود الدولية و الاممية للتوصل لحل سياسى للازمة الليبية و تنفيذ اتفاق السخيرات بشكل فورى و تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون احدى أولوياتها مكافحة الإرهاب فضلا عن اعادة تأهيل الاقتصاد اللبيبى و اعادة إعمار المدن الليبية كما أكد على تأكيد مصر اهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية المتمثلة فى الحكومة و البرلمان الشرعيين وذلك لحين تشكيل حكومة وحدة وطنية وفقا لاتفاق السخيرات و اكد الجانبان المصرى و الأمريكى على اهمية وجود حل سياسى فى اليمن بما يضمن سلامته الاقليمية ووحدة أراضيه و يصون مقدرات شعبه وفقا لقرارات الشرعية الدولية فى هذا الشأن و فيما يتعلق بالأزمة السورية قال شكرى ان الجانبين المصرى و الأمريكي توافقا على اهمية إيجاد حل سياسى للازمة السورية و الحفاظ على وحدة الاراضى السورية و تناول الحوار الاتفاق الذى تم الإعلان عنه مؤخراً بين الدول الغربية و ايران حيث اكدت مصر اهمية تحقيق السلام و الاستقرار فى الشرق الأوسط و ان يكون التنفيذ الدقيق له يحول دون انتشار او حيازة الأسلحة النووية لاى دولة فى المنطقة و يسهم فى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الاسلحة النووية و تنفيذ القرار الصادر من مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووى الصادر عام 1995 و الذى يمثل جزءا أساسيا من معاهدة عدم الانتشار النووى حفاظا على مصداقية المعاهدة و إسهاماتها فى تحقيق الامن و السلام الدوليين ومن جانبه وجه جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية الشكر لكل من الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى على الترحيب بالمناقشات الدائرة بين الجانبين المصرى والامريكى ووجود أجندة تدمج كافة النواحى خاصة الأمن والإصلاح الاقتصادى. وأكد ان مصر لعبت دورا هاما فى منطقة الشرق الأوسط وعلى مستوى القضايا الدولية مشيرا الى حتمية استمرار مصر فى لعب هذا الدور . وأكد كيرى عدم وجود أى شجاعة فى القيام باى عمل إرهابى والعمل على نشر الفوضى والدمار، بل ما يحتاج شجاعة حقيقية هو السير فى عملية سياسية ووضع أجندة من ِشأنها تحسين حياة المواطنين ، وفى الوقت الحالى يحتاج العالم إلى أفكار بناءة حول كيفية تفادى دورات التطرف. ونظرا لأهمية قضية مكافحة الإرهاب فقد تم وضع هذه القضية على رأس المناقشات بين الجانبين . وأضاف الى ان الجانبين المصرى والأمريكى ناقشا الاتفاق النووى الإيرانى الأخير معبرا عن شكره لالتزام مصر بتنفيذ بنود اتفاقية معاهدة منع الانتشار النووى، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة ومصر متفقان على أن إيران ضليعة فى القيام بأعمال من شأنها زعزعة استقرار الوضع فى المنطقة لذا لابد من العمل على ضمان أن تظل ممارسات إيران فى المنطقة سلمية. وأشار إلى أنه سيقوم بعقد لقاءات مع مجلس التعاون الخليجى للتشاور حول تأمين المنطقة وضرورة تنفيذ بنود اتفاقية فيينا حتى تكون المنطقة أكثر أمانا. وأكد كيرى أنه فى حالة عدم التزام إيران بالاتفاق الأخير فيمكن للولايات المتحدة العودة مرة أخرى للخطوات السابقة التى اتخذتها على مدى السنوات الماضية والتى كان من شأنها الوصول لمثل هذا الاتفاق، فإذا التزمت إيران ببنود الاتفاق سيحقق الاستقرار والامن فى المنطقة بأكملها، وهناك اقتناع بأن الخطوات التى تم اتخاذها ستجعل مصر وإسرائيل ودول الخليج أكثر أمانا مع وجود إجراءات للتفتيش وفقا للاتفاق الحالى ومن ثم لن يكون هناك مجال لان تقوم دول أخرى بامتلاك أسلحة للدمار الشامل فى المنطقة. وأشاد كيرى بمشروع قناة السويس الجديدة باعتباره إنجاز عظيم له أهمية إستراتيجة شاملة حيث سيعمل على تحسين مناخ الإستثمار وخلق مزيد من فرص العمل. وعن الانتخابات البرلمانية المقبلة أكد كيرى أنه شعر بالتزام من الجانب المصرى لإجراء الانتخابات البرلمانية باعتبارها خطوة هامة فى طريق الديمقراطية وأن هناك اتجاه لعقدها فى الخريف المقبل . وأكد كيرى أن الحوار الإستراتيجى بين الجانبين بناء ويؤكد وجود تحول فى العلاقات بين الجانبين خاصة فى مجال الأمن فقد قامت الولاياتالمتحدة بزيادة المساعدات العسكرية الى مصر وكان آخرها طائرات إف 16 ومعدات أخرى وتتم كل هذه المساعدات فى إطار مساعدة مصر على مواجهة الإرهاب. وتحدث الجانبان حول زيادة التعاون على الحدود مع ليبيا وفى مجال التدريبات لمواجهة الإرهاب والعودة لبرنامج برايت ستار وزيادة عدد المنح الدراسية للمصريين فى أمريكا. وأكد كيرى حرص الولاياتالمتحدةالأمريكية على زيادة استثماراتها فى مصر حيث تصل استثماراتها لنسبة خمس الاستثمارات المباشرة فى مصر ، وهناك متابعة للأستثمارات الأمريكية التى تمت فى مجال الطاقة والتى كان من شأنها مساعدة مصر على تخطى أزمة الكهرباء التى كانت تواجهها . وقال كيرى انه بالفعل يوجد بعض التوتر فيما يتعلق ببعض القضايا خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وكيفية الحفاظ عليها مع الرغبة فى محاربة الإرهاب مؤكدا أن ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكية مع مصر خلال الفترة السابقة جاء بناء على إدراك كامل بضرورة العمل معا لتحقيق التحول الاقتصادى المطلوب وتوفير بدائل اقتصادية للناس حتى لا يلجا أحد للإرهاب والعنف. وعن الوضع فى ليبيا قال جون كيرى ان الازمة الليبية تصدرت جزءا هاما من الحوار بين الجانبين المصرى والامريكى، حيث اتفق الجانبان على أن ليبيا تمر حاليا بلحظة حرجة وهناك دعم للخطوات التى يقوم بها مبعوث الأممالمتحدة لليبيا برناردينو ليون، وقامت مصر من جانبها بتقديم مساهمة هامة وكبيرة فى الشأن الليبى وعلى جميع الأطراف القيام بدعم العمل الدولى لوضع حد للازمة فى ليبيا.وشدد على اهعمية وجود حكومة معترف بها فى ليبيا تعمل على بناء القدرات وتحقيق النمو الاقتصادى وتكون قادرة على التصدى للمليشيات والافراد الذين يلجأون للعنف. وقال إنه يتم العمل على مراجعة بعض الاحتمالات والخيارات لتقديم دعم لمبادرة الأممالمتحدة على أن ينسحب من قاموا بأدوار من قبل بالإنابة والعمل على سحب مبادراتهم الفردية ، فلا يمكن السماح بوجود جماعات تخريبية لم تحقق أهدافها حتى الآن من خلال الصراع ومازالت تعمل على هدم العملية بأكملها.