المصري الديمقراطي يرفض استبعاد مرشحين من انتخابات البرلمان ويدعو الهيئة الوطنية لتصحيح قراراتها    جامعة عين شمس تستقبل المدير الإقليمي لفرع الجامعة السويسرية في إسبانيا    استطلاع ل رويترز يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.6% في 2025-2026 مع تراجع التضخم    أكذوبة إسرائيلية    تشغيل مطار الخرطوم الدولي بدءًا من الأربعاء    إنزاجي يعلن غياب ثنائي الهلال السعودي عن مباراة السد القطري    حبس طبيب و5 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار في التبين    هيفاء وهبي تتعاون مع حسام حبيب بأعمال غنائية جديدة    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد معامل ومدرجات الطب البيطري لمتابعة أعمال التطوير    روني: لن أتفاجأ برحيل صلاح عن ليفربول    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    مصرع وإصابة 8 أشخاص فى حادث مرورى بالمنيا    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    حوار| وائل جسار: مصر بلد الفن.. ووجودى فيها تكريم لمسيرتى الفنية    يسرا تشعل الجونة برقصها على "جت الحرارة "وتتصدر التريند    إسراء عصام: أشارك للسنة الثانية في مهرجان الموسيقى العربية.. وأغني "أنساك" تكريمًا لكوكب الشرق    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    غدًا.. أساتذة طب الفيوم يناقشون أمراض الحنجرة والتهابات الأذن    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    المغرب يستضيف بطولة للكرة النسائية بمشاركة تاريخية لمنتخب أفغانستان    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يوضح    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كفاح أمة:
قناة السويس.. تاريخ من المغامرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 08 - 2015

هناك شخصيات وأحداث وأيام وقرارات لها تاريخ يظل قابعا في وجدان الشعوب مهما مرت السنون، نظرا لمحورية تأثيرها على أوضاع دول ومصائر مجتمعات وموازين قوى دولية وخطوط تحالف إقليمية. وتعد المسارات المرتبطة بقناة السويس، سواء الحفر في أيام سعيد أو الافتتاح في عهد إسماعيل أو الاستدانة في مرحلة توفيق، أو التأميم في عصر الرئيس عبدالناصر، أو الإغلاق حتى منتصف حقبة السادات، أو التطوير والتدشين للفرع الجديد في بداية حكم الرئيس السيسي، مرتبط بتجاوز مرحلة والدخول لمرحلة أخرى مغايرة، غير أن نظما سياسية وحكومات متعاقبة في مصر، سواء خلال حكم أسرة محمد علي أو بعد قيام ثورة 1952، شهدت فرصا تنموية ضائعة، لم يتم استغلالها بالشكل الأكثر رشادة، بما يعزز مناعة الجبهة الداخلية.
فموقع وموضع مصر، بتعبير الجغرافي الفذ د.جمال حمدان، يمثل دوما ضرورة حياة لها، وهو ما يستلزم بلورة سياسات واستراتيجيات وخطط فعلية للتعامل مع ما يترجم ذلك، سواء كان الأمر يتعلق بدرء تهديدات أو تعظيم منافع أو تأكيد توجهات أو توجيه رسائل، بشأن كفاح أمة، وهو ما يعيد إلى الاذهان أحد التعبيرات الشهيرة التي صكها الراحل د.حامد ربيع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "الدولة الكفاحية"، وهي تلك الدولة التي يحدث تلاق مشترك والتفاف عام بين أبنائها حول إنجاح مشروعها الوطني، وهو ما ينطبق جليا على مشروعي قناة السويس القديمة والجديدة، حيث ازداد رأس المال الاجتماعي القائم على ثقة المصريين في التزام الدولة ممثلة في القوات المسلحة في تسليم المشروع في موعده المحدد.
وهنا، فإن قصة القناة مع مصر تمثل رحلة أجيال متعاقبة عاشتها بحلوها ومرها، على نحو ما تشير إليه لحظة قرار تأميم القناة الأولى في يوليو 1956. وفي هذا السياق، تستكمل الأهرام عرض الأفكار الرئيسية لفصل "قناة السويس.. تاريخ من المغامرة" الذي كتبه د.عماد أبوغازي الأستاذ بكلية الأداب بجامعة القاهرة ضمن فصول كتاب "قناة السويس: التاريخ والمصير والوعد"، وهو إصدار تذكاري علمي تحليلي وثائقي تقدمه مؤسسة الأهرام لقارئها بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، وكتب التقديم له الأستاذ محمد حسنين هيكل وشارك في كتابة بقية فصوله أ.أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام، ود.إيمان عامر أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، وأ.أحمد السماحي الكاتب الصحفي بالأهرام، وأ.سيد إبراهيم غبيش الذي قام بتجميع أكبر عدد من الوثائق الخاصة بالقناة.
وينطلق د.عماد أبو غازي مؤلف الفصل الذي نقوم بعرض أفكاره في تلك الحلقة بشكل غير مباشر من بعض أدبيات العلاقات الدولية التي ركزت على أثر النسق العقيدي للقائد السياسي (جمال عبدالناصر) على عملية اتخاذ القرار، إذ إن رؤية عبدالناصر كانت ترمي من خلال قرار التأميم إلى تأكيد الدور الاستقلالي لمصر، وتعظيم عملية الاعتماد على الذات لتدعيم هذا الدور، وهو ما أكدته كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل ودراسات د.محمد السيد سليم ومذكرات د.مصطفى الحفناوي وروايات علي الغتيت، لأن ثمة إدراك لدى عبدالناصر بأن المساس بشركة قناة السويس ينطوي على مغامرة بل مخاطرة سياسية نظرا لارتباط الشركة بالقوى الاستعمارية الغربية.


في السادس والعشرين من يوليو من كل عام تحتفل مصر بذكرى قرار تأميم شركة قناة السويس، ذلك القرار الذي غير تاريخ مصر والمنطقة العربية، بل يمكن أن نقول بلا مبالغة إنه كان قرارًا مؤثرًا على المستوى العالمي، بحيث يمكن أن نعتبره حدثًا من أهم أحداث القرن العشرين، ومازالت آثار هذا القرار ماثلة بيننا إلى الآن.
القرار- الحلم
لقد منح قرار التأميم لعبد الناصر صاحب القرار المغامرة شعبية جارفة وشرعية جماهيرية لم تتحقق له قبل ذلك اليوم، فلم يلق إجراء من الإجراءات التي اتخذها مجلس قيادة الثورة أو الحكومات المتعاقبة التي توالت على مصر منذ وصلت حركة الضباط الأحرار إلى السلطة من التأييد مثلما لقي قرار تأميم قناة السويس. لقد حقق عبد الناصر بذلك القرار الحلم الذي ظل يراود المصريين قرابة تسعين عامًا، لذلك فقد رحب المصريون بالقرار رغم ما كان متوقعًا من سخط الدول الغربية على مصر بسببه، ورغم ما كان متوقعًا من أن يجلبه على البلاد من «عواقب وخيمة».
وقد جاء رد الفعل الغربي بعد شهور قليلة عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي الغاشم الذي بدأ في الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر من السنة نفسها باحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء، وأعقبه احتلال إنجليزي فرنسي لمنطقة القناة بدعوى تأمين القناة والفصل بين الطرفين المتحاربين.
نعود إلى قرار التأميم، ففي يوم 26 يوليو 1956، وبمناسبة الذكرى الرابعة لمغادرة الملك فاروق لمصر بعد تنازله عن العرش، تلك المناسبة التي كان قادة نظام يوليو يحتفلون بها في الإسكندرية التي غادر منها فاروق البلاد، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر في كلمات محددة ضمن خطابه الذي ألقاه في ميدان المنشية قرار تأميم شركة قناة السويس وتحويلها إلى شركة مساهمة مصرية.
الشعب البطل
لم يكن قرار تأميم شركة قناة السويس نهاية المطاف في قصة مصر مع القناة، بل كان بداية لمرحلة جديدة من الكفاح دفاعًا عن القناة عاشها أبناء جيلنا كاملة وما زلنا نعيشها إلى اليوم، كما لم يكن بالطبع بداية القصة فتاريخنا مع القناة طويل ممتد، وكله تاريخ من المغامرة والمقامرة، كان الشعب المصري دائمًا بطلها.
أولا: الأموال والسواعد والدماء المصرية وراء حفر القناة
عبرت المذكرة الإيضاحية لقرار التأميم عن هذا التاريخ الطويل مع القناة في عبارة موجزة جاء فيها: «بالدماء المصرية شُقت قناة السويس لتخدم الملاحة البحرية»، وهذه حقيقة تاريخية عادت المذكرة ففصلت ما أجملته لتبرهن عليها: «إنه من عام 1859 حتى عام 1864 مضت خمس سنوات سخر فيها المصريون دون أجر أو شكر لحفر القناة، وأن ستين ألفًا من المصريين كانوا يُخصصون شهريًا لهذه الخدمة في وقت لم يتجاوز فيه تعداد جميع المصريين أربعة ملايين، ولقد مات من هؤلاء العمال تحت الانهيارات الرملية ما يزيد على المئة ألف دون دفع أي تعويض عنهم أو جزاء.
كما قامت الجهود المصرية في كل من ترسانة القاهرة وترسانة الإسكندرية بإعداد المشروعات اللازمة لإكمال حفر القناة، ووُضعت جميع وسائل النقل البري والنهري في خدمة الشركة بالمجان، ومنحتها الحكومة جميع الأراضي والمناجم اللازمة، ولم تكتف الحكومة المصرية بذلك، بل ساهمت مساهمة جبارة في تمويل عمليات حفر القناة، فقد بدأت الشركة برأس مال لا يتجاوز نصف مليون من الجنيهات، بينما تكلف إنشاء القناة ما يزيد على الستة عشر مليون جنيه، وتحملت مصر بهذا الفرق جميعه».
لقد كانت تلك مبررات أوردتها المذكرة الإيضاحية لقرار التأميم الذي أيده الشعب رغم ما حمله من مخاطر وما كان واضحا فيه من روح المغامرة، فكيف تكون لدى المصريين الإحساس بأهمية هذا القرار وضرورته؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب العودة إلى الوراء أكثر إلى بداية مشروع القناة.
ثانيا: عقد الامتياز.. نموذج لسذاجة عملية اتخاذ القرار
بدأت قصة مشروع قناة السويس في عهد سعيد باشا، عندما حصل المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس في 30 نوفمبر 1854 على عقد امتياز تأسيس شركة عامة لحفر قناة السويس واستثمارها لمدة 99 سنة تبدأ من تاريخ افتتاح القناة للملاحة، وكانت شروط العقد مجحفة بمصر.
قطاع طولى للقناة القديمة
ويروي ديليسبس كيف حصل على امتياز القناة من صديقه القديم سعيد باشا عقب توليه حكم مصر، بعد شهر من تقديمه للمشروع، عندما عرض عليه الفكرة أثناء رحلة عبر الصحراء من الإسكندرية إلى القاهرة، فيقول: «بعد أن قبل سعيد باشا المشروع استدعى قواد جنده، ودعاهم إلى الجلوس أمامه، وقص عليهم الحديث الذي دار بيننا، وطلب منهم أن يبدوا رأيهم في مشروع صديقه، فلم يكن من هؤلاء المستشارين وقد فاجأهم هذا الاقتراح، وهم أقدر على إبداء الرأي في مناورات الخيل منهم في التكلم عن مشروع عظيم لا يستطيعون فهم مراميه، إلا أن نظروا إلي بملء أعينهم، كأنما يريدون إفهامي أن صديق مولاهم الذي رأوه يقفز على الحواجز ممتطيًا جواده بمهارة فائقة لا يمكن إلا أن يدلي إلا بآراء صائبة، وكانوا أثناء الحديث يرفعون أيديهم إلى رءوسهم بين آن وآخر».
وكان ديليسبس أثناء رحلته مع سعيد باشا من القاهرة إلى الإسكندرية قد أبدى مهارة في ركوب الخيل واجتياز الموانع الطبيعية في الصحراء وهو ممتطيًا جواده، مما أثار إعجاب حاشية سعيد باشا وقادة جيشه بالصديق الأجنبي لمولاهم. وفي موضع آخر يذكر ديليسبس أثر إعجاب هؤلاء القادة بفروسيته على قرارهم بالموافقة على مشروعه، تلك الموافقة التي لم تستغرق سوى أسابيع قليلة من الدراسة، لم تصل إلى شهر، في بلد كانت تتميز بيروقراطيته ونخبته العسكرية بالبطء القاتل في اتخاذ القرار، فما سر هذه السرعة المذهلة؟
الامتياز العظيم
يقول ديليسبس: «جمع سعيد باشا قواد جنده، وشاورهم في الأمر، ولما كانوا على استعداد لتقدير من يجيد ركوب الخيل ويقفز بجواده على الحواجز والخنادق أكثر من تقديرهم للرجل العالم المثقف انحازوا إلى جانبي، ولما عرض عليهم الباشا المشروع بادروا إلى القول بأنه لا يصح أن يرفض مشروع صديقه، وكانت النتيجة أن منحني الباشا ذلك الامتياز العظيم».
بهذه البساطة حصل ديليسبس على امتياز شق القناة، بهذه البساطة كانت النخبة الحاكمة تتخذ قرارًا يحدد مصير الوطن لسنوات طويلة. رغم أنه نفس المشروع الذي رفضه محمد علي باشا قبلها بسنوات عندما عرضه عليه السان سيمونيون، وهم أتباع حركة إصلاحية ذات توجهات اجتماعية استعان بهم الباشا في تحديث مصر وفي مشروعات إقامة البنية الأساسية الحديثة في البلاد، وكان مبرره في الرفض الخوف من أن تزيد القناة من المطامع الدولية في مصر، الأمر الذي تحقق بالفعل.
وبعد انتهاء مرحلة الدراسات التمهيدية للمشروع التي استغرقت عامًا وبضعه أسابيع تم تعديل عقد الامتياز في 5 يناير 1856 بشروط أكثر إجحافًا بمصر. وفي 25 إبريل 1859 توجه ديليسبس بصحبة أعضاء مجلس إدارة الشركة إلى شاطئ البحر المتوسط بالقرب من الفرما، عند الموقع الذي أُنشئت فيه مدينة بورسعيد بعد ذلك، وفي احتفال كبير ضرب الرجل أول معول في الأرض إيذانا ببداية حفر قناة السويس، الحفر الذي استغرق أكثر من عشر سنوات، ضرب فيها مئات الآلاف من الفلاحين المصريين ملايين المعاول، في ظروف عمل غير إنسانية وأوضاع قاسية، سقط عشرات الآلاف من الفلاحين، وتكبدت الخزانة المصرية أعباءً مالية جسيمة بلغت أكثر من ستة عشر مليون جنيه.
تكالب استعماري
بعد تلك السنوات العشر افتتح الخديوي اسماعيل قناة السويس في احتفال تاريخي بدأ من مدينة بورسعيد يوم 16 نوفمبر 1869، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ مصر وعلاقاتها الدولية. ولقد أعاد مشروع قناة السويس مصر إلى قلب الصراع الدولي، فبعد أن كانت أمور البلاد قد استقرت في أعقاب معاهدة 1840، عادت مصر مرة أخرى مسرحًا للتنافس الاستعماري وصراع المصالح بين الدول الأوروبية الكبرى. وقد دفع هذا الوضع كثيرًا من الساسة والمؤرخين المصريين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى القول بأن مشروع القناة كان نقمة على البلاد، بل إنه كان المسئول الأول عن أزمة الديون التي انتهت بالاحتلال البريطاني لمصر.
ثالثا: القناة تعيد مصر إلى بؤرة الصراعات الدولية
منذ الإعلان عن عقد الامتياز تنبه القنصل الإنجليزي في مصر مستر بروس إلى أن حفر القناة «سيؤدي إلى ازدياد المواصلات التجارية بين أوروبا وبلاد الشرق، وسيترتب على ذلك أن تنشأ مراكز قانونية للدول الأجنبية في هذه البلاد، وسيؤدي هذا الوضع إلى أن تحدث منازعات بين تلك المراكز وشعوب الشرق، وسوف تكون هذه المنازعات ذريعة تتيح للدول الأوروبية التدخل المسلح والاحتلال الدائم للبلاد..». وقد صدق بالفعل توقع القنصل الإنجليزي، فبدأ التنافس البريطاني الفرنسي على مصر من جديد، وبدأ التدخل الأجنبي في شئون البلاد، ذلك التدخل الذي انتهى بالاحتلال البريطاني لمصر عام 1882.
بل إن القناة لعبت دورًا مهمًا في نجاح القوات البريطانية في احتلال مصر، فبعد الهزائم المتوالية التي تلقاها الجيش البريطاني على الجبهة الشمالية الغربية بين الإسكندرية وكفر الدوار، بدأ القائد البريطاني ولسلي يخطط للانقضاض على مصر من جهة الشرق، عبر قناة السويس، وكانت بريطانيا قد مهدت للهجوم من جبهة الشرق عندما تحججت بترميمات طابية الجميل بالقرب من بور سعيد لتقتحم إحدى سفن أسطولها القناة من جهة الشمال وتخترقها حتى بحيرة التمساح في الأسبوع الأخير من يوليو 1882، وبعدها بأيام كانت سفن الأسطول البريطاني القادمة من الهند قد بدأت تلقي مراسيها في السويس لتكمل احتلال المدينة في الثاني من أغسطس، تحتلها باسم الخديوي الخائن الذي باع البلد من أجل عرشه.
دومينو القناة
لكن التحرك الكبير في اتجاه احتلال القناة بدأ مع توالي الهزائم في كفر الدوار، فخلال ثلاثة أيام من 20 إلى 22 أغسطس احتلت القوات البريطانية منطقة القناة بالكامل وأغلقتها أمام السفن التجارية، وسيطرت على السكة الحديد بين السويس والاسماعيلية وعلى الترعة التي تغذي المنطقة بالمياه العذبة. وبعد السيطرة على القناة لم يضع الإنجليز وقتًا، فبدأ زحفهم تجاه الغرب من يوم 23 أغسطس، وتساقطت المواقع المصرية بسرعة موقعًا بعد موقع، إلى أن تم احتلال القاهرة في 14 سبتمبر 1882.
رابعا: خديعة وخيانة ديلسيبس واحتلال مصر
وقع أحمد عرابي في خطأ فادح بعدم قيامه بسد القناة أو إغلاقها وتعطيل الملاحة فيها، لقد صدق عرابي وعد ديلسيبس له بالحفاظ على حياد القناة وعدم السماح للقوات البريطانية بدخول مصر عبرها، ولم يأخذ عرابي بنصيحة معاونيه وأركان جيشه، ولو كان عرابي أغلق القناة لأعاق تقدم الجيوش البريطانية، ويقول جون نينيه رئيس الجالية السويسرية في مصر وصديق عرابي في كتابه «عرابي باشا»:
أخطاء عرابي
«إن بساطة عرابي جعلته يرتكب أغلاطًا كبيرة ظهرت عواقبها فيما بعد، فبمقدار ما بذل من الهمة في الدفاع عن الإسكندرية وتحصين خطوط الدفاع في كفر الدوار بحيث امتنعت على الإنجليز، قد أظهر منذ بداية المعارك غفلة بالغة إذ استمع إلى النصائح الكاذبة التي خدعه بها المسيو فردينان ديلسيبس حين زعم أن الإنجليز لا يمكن أن يتعرضوا للعمل الفرنسي، فامتنع عرابي عن سد القناة في الوقت المناسب واستمسك برأيه رغم ما كانت تحتمه الخطط الفنية الحربية، ورغم ما ارتآه زملاؤه وما ارتأيته أنا، وكررته عشر مرات، تارة بالقول القارس وطورًا بالكتابة في وجوب سد القناة، ورغم كل ذلك أصر عرابي على رأيه، فمهد للجنرال ولسلي نصرًا من أسهل ما عرف في تاريخ المعارك».
وطوال سنوات الاحتلال التي جاوزت السبعين سنة، وخلال كل المفاوضات التي دارت بين الحكومات المصرية المتعاقبة والحكومة البريطانية كانت قناة السويس وحماية الملاحة الدولية فيها من القضايا الشائكة المعقدة التي تؤدي دومًا بالمفاوضات إلى طريق مسدود.
بؤرة الصراعات
لقد كان مشروع قناة السويس في رأي الكثيرين سببًا في وضع مصر في بؤرة الصراعات الدولية منذ منتصف القرن التاسع عشر، فهل كان هذا أمرًا جديدًا بالنسبة لمصر؟ وهل كانت فكرة ربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وليدة الفكر الأوروبي في العصر الحديث، في مرحلة الثورة الصناعية؟ أو لم يكن لمصر امتياز الموقع منذ عصور تاريخها القديم؟ أو لم يدرك المصريون قيمة موضع بلدهم وموقعها ويفكروا في استغلاله؟
الواقع أنه منذ ظهر مفهوما النظام الإقليمي والنظام العالمي، ومصر تحتل موقعًا محوريًا ضمن المنظومتين الإقليمية والعالمية بمعايير الإقليمية والعالمية في ذلك العصر البعيد، والتي كانت تتغير من عصر إلى عصر؛ فبعد عدة قرون من بدء الحضارة المصرية وتكوين الدولة الواحدة الموحدة في الوادي والدلتا أدرك المصريون أنهم يشكلون جزءًا من نظام أوسع يتخطى حدودهم، وبدء اتصالهم بالعالم المحيط بهم.
وفي إطار ذلك العالم القديم الذي كان محددًا في البداية بمراكز أكثر تطورًا، تلك التي شهدت ميلاد الثورة الزراعية وشكلت مركزًا متقدمًا لهذا العالم، في مصر وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى، وأطرافًا أقل تطورًا في المحيط الأوسع في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وشرقها ووسط آسيا، كانت مصر تحتل موقعًا متوسطًا في ذلك العالم، وتعد نقطة ارتباط بين أطرافه، ومن هنا تولدت لدى المصريين أفكار حول ربط أطراف ذلك العالم بعضها ببعض. فما قصة تلك الأفكار؟ وهل تحولت إلى مشروعات في الواقع؟
خامسا: الوقائع والأساطير حول تاريخ القناة
إننا نعرف جميعا قصة مشروع قناة السويس الحالية ودور ديلسيبس فيها، كما نعرف أن فكرة ربط البحرين الأحمر والأبيض سابقة على ديلسيبس، فقد جاء علماء حملة بونابرت على مصر ومعهم مشروع لقناة تربط البحرين، لكنهم أحجموا عن تنفيذ المشروع لخطأ الحسابات الناتج عن حجم المعرفة العلمية المتاحة وقتها من ناحية، ولما أصاب أوضاع الحملة في مصر من اضطراب من ناحية أخرى، كما نعرف كذلك أن مشروعًا آخر لشق القناة طرحه مهندسون أوروبيون من رجال الحركة السانسيمونية على محمد علي في النصف الأول من القرن التاسع عشر، لكن الباشا رفض المشروع لإحساسه بأنه سيضع مصر في بؤرة الصراعات الدولية، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن المشروع الذي ظهر إلى الوجود في القرن الماضي كان في الأصل مشروعًا مصريًا قديمًا.
مشروع قديم
ففكرة الربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط فكرة قديمة راودت المصريين قبل عشرات القرون، بل تحققت بالفعل في بعض عصور التاريخ المصري، فعندما خطط ديلسيبس لحفر قناة السويس كان يحيي مشروعًا قديمًا للغاية، ففي زمن ما في الماضي البعيد كان البحر الأبيض المتوسط متصلًا بالبحر الأحمر عبر نهر النيل، فقد كان خليج السويس يصل إلى الموضع الحالي لمدينة الاسماعيلية، حيث كان يتصل هناك بأحد الفروع القديمة للنيل الذي كان يتجه من الدلتا نحو الشرق. وتؤكد الدراسات الچيولوچية لتلك المناطق هذه الحقيقة، فقد تركت المياة المتراجعة أثرها في الأرض، وآخر هذه الآثار وادي الطميلات وبحيرة التمساح والبحيرات المرة.
وقد أوحت المنخفضات الطبيعية التي تمتلئ بها المنطقة للمصري القديم بالمسار الذي يمكن له أن يحفر فيه قناة تصل ما بين نهر النيل وقمة خليج السويس، وقد كانت لدى المصريين القدماء دوافعهم لإعادة شق طريق مائي صناعي يحل محل المجرى الطبيعي الذي طُمر مع مرور الزمان.
لقد ارتبطت مصر منذ أقدم العصور بعالم البحر الأحمر، فكان للمصريين تجارتهم المستمرة مع المناطق الجنوبية والشرقية، وقد سجلوا تفاصيل رحلاتهم تلك في النقوش على جدران المقابر والمعابد، وكان شق مثل تلك القناة يمكن أن يوفر عليهم رحلة شاقة في الصحراء الشرقية ثم في صحراء سيناء فجزيرة العرب، أو في الصحراء الشرقية إلى الموانئ المصرية الجنوبية على شاطئ البحر الأحمر، فعبر تلك القناة كان يمكن أن تنتقل سفن الأسطول المصري مباشرة من وادي النيل إلى البحر الأحمر.
إذًا فلم يكن قصد المصريين القدماء من وراء شق هذه القناة هو ربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، بل مجرد ربط النيل بالبحر الأحمر وتوفير القدرة للأسطول المصري على أن يجوب البحر الأحمر منطلقًا من منف على رأس وادي النيل، لكن نتيجة هذا المشروع الضخم كانت تحقيق إمكانية الانتقال ما بين البحرين بسهولة ويسر، وربط طرق التجارة في العالم القديم بطريق بحري متصل. وتحفل المصادر التاريخية القديمة وكذلك النصوص الأدبية سواءً في ذلك المصادر الإغريقية أو الفارسية أو الرومانية أو العربية بالعديد من الروايات التي تغلفها كثير من الأساطير، وتلك الروايات مختلفة في تفاصيلها وإن اتفقت في مضمونها حول حفر هذه القناة ووجودها.
ووفقًا لما تقوله تلك الروايات وما تحمله من قصص تجمع بين الحقيقة والخيال ترجع بعض المصادر الإغريقية حفر قناة تربط النيل بالبحر الأحمر إلى عصر الدولة الوسطى، وعلى وجه التحديد إلى عصر سونسرت المعروف لدى الإغريق باسم سيزوستريس، حيث يقول أرسطوطاليس في كتابه «علم الظواهر الطبيعية»: «نحن نعتبر أقدم البشر هؤلاء المصريين الذين تظهر كل بلادهم قاطبة من عمل النيل ولا تعيش إلا به. وهذه الحقيقة تفرض نفسها على أي فرد يجوب هذه البلاد، ولدينا شاهد ظاهر نجده في إقليم البحر الأحمر، والواقع أن أحد الملوك شرع في القيام بحفر البرزخ لربط النيل بالبحر، وجعل هذا الممر صالحا للملاحة، وكان له فائدة عظيمة، والظاهر أن سيزوستريس هو أول الملوك القدامى الذين تبنوا هذا العمل ولكنه لاحظ أن مستوى الأراضي كان أكثر انخفاضًا عن مستوى البحر..». ولا تقتصر الروايات التي تعود بقصة حفر تلك القناة إلى زمن الدولة الوسطى على ما ذكره أرسطوطاليس، بل نجد لها أصداء في ملحمة الأوديسا التي تنسب إلى هوميروس، وعند الجغرافي إسترابون والمؤرخ الروماني بليني القديم، كذلك ترجع المصادر العربية بهذه القناة إلى نفس الفترة في تاريخنا المصري القديم.
وبالرغم من أن هناك شواهد أثرية كثيرة تؤكد علاقة مصر بعالم البحر الأحمر منذ هذه العهود البعيدة فإنه لا توجد أدلة مؤكدة على حفر القناة الملاحية، لكن بعض علماء المصريات المحدثين يذهبون إلى أن العلاقات التجارية والحربية القوية بين مصر وشواطئ البحر الأحمر الشرقية والجنوبية، والتي ترجع إلى عصر الدولة الوسطى على الأقل، ما كان لها أن تقوم دون وسائل مواصلات مباشرة وسهلة، كما تشير الأدلة الأثرية إلى وجود أطلال لمدن يرجع بعضها إلى عصر الدولة القديمة في مواقع مختلفة بالمنطقة التي يفترض أن تلك القناة اخترقتها، ويستنتج هؤلاء العلماء احتمال وجود قناة تمد المناطق الواقعة شرق دلتا النيل بالماء العذب منذ عصر الأسرة الثانية عشرة في الدولة الوسطى. وتؤكد الشواهد الأثرية على وجود تلك القناة في وادي الطميلات زمن الدولة الحديثة إبان عصر رمسيس الثاني.
أما الروايات شبه المؤكدة فترجع البدء في مشروع القناة الملاحية إلى العصر الصاوي، حوالي القرن السابع قبل الميلاد، حيث تؤكد رواية المؤرخ الإغريقي هيردوت الذي زار مصر في زمن الاحتلال الفارسي، أي في فترة قريبة من العصر الصاوي، على أن صاحب المشروع هو الفرعون المصري نخاو الثاني، أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين، وقد حكم مصر في الفترة ما بين سنتي 610 و595 قبل الميلاد على الأرجح، ورغم أن الآثار المادية لهذا الفرعون قليلة إلا أن المصادر التاريخية القديمة والنصوص الدينية المتأخرة لليهود تحفل بالكثير عن عصره.
فقد قام نخاو بهزيمة الملك يوشيا ملك يهوذا وسحق جيشه خلال إحدى حملاته الحربية التي قادها بنفسه في فلسطين، وسيطرت مصر في بداية عصره على مناطق واسعة من فلسطين وسوريا ولبنان، وحاول أن يتصدى للنفوذ البابلي الصاعد لكنه فشل في ذلك بعد هزيمته في موقعة قرقميش التي تراجعت مصر بعدها إلى حدودها الطبيعية، وتنسب إلى هذا الفرعون مشروعات ضخمة مثل الرحلة التي قام بها أسطول مصري فينيقي للدوران حول قارة أفريقيا بدءًا من البحر الأحمر بمحاذاة الساحل الشرقي للقارة حتى رأس الرجاء الصالح، ثم الصعود شمالًا بمحاذاة الساحل الغربي حتى المضيق المعروف الآن بمضيق جبل طارق والدخول عبره إلى البحر المتوسط للعودة إلى مصر مرة أخرى. كما ينسب إليه المؤرخ الإغريقي هيردوت الشروع في حفر القناة التي تصل بين النيل والبحر الأحمر، حيث يقول: «كان للملك بسماتيك ابن يدعى نخاو خلفه على العرش، وكان هو أول من بدأ حفر القناة التي تجري لتصب في البحر الأحمر، وكان دارا ملك الفرس ثاني ملك اهتم بها، وكان طولها أربعة أيام بالسفينة، وكانت تتسع لسير سفينتين فيها متحاذيتين، وكان ماؤها يخرج من النيل من فوق مدينة بوبسطة بمسافة قليلة، وتمر بمدينة باتوم، وتسير لتصب في البحر الأحمر، وهكذا فإن هذه القناة الطويلة التي تجري من الغرب إلى الشرق مخترقة الأودية الصغيرة حتى الخليج الغربي، وفي أثناء انشغال نخاو بالقناة المذكورة مات فيها مائة وعشرون ألف مصري، وقد أمر بوقف العمل بسبب ذلك، وكذلك نزل عليه وحي معترضًا سير العمل فيها قائلًا: إن همجيًا سينجزها».
وقد أُنجزت هذه القناة أو ربما أعيد افتتحها في عهد الملك الفارسي دارا الأول حيث تشير إلى ذلك لوحة تذكارية ترجع إلى عام 518 قبل الميلاد. وقد كان الفرس أثناء احتلالهم لمصر يحتاجون إلى مثل هذه القناة لربط مصر بالعاصمة الفارسية بطريق بحري متصل. وأعيد حفر تلك القناة عدة مرات في عصور البطالمة والرومان والعرب إلى أن طمر الجزء الأكبر منها في بداية عصر الدولة العباسية كما يذكر المقريزي، ولم يعد المشروع إلى الوجود إلا مع ديلسيبس. تُرى من هو الهمجي المقصود في نبوءة نخاو من هؤلاء الذين حفروا القناة؟
ومشروع نخاو في ضوء رحلة الأسطولين المصري والفنيقي حول القارة الأفريقية كان يهدف بلا شك إلى ربط البحرين الأبيض والأحمر وليس النيل والبحر الأحمر فقط، وهكذا فعندما تم حفر قناة السويس التي تعد اليوم من أهم طرق الملاحة العالمية، كان ذلك إحياءً لمشروع مصري قديم عمره من عمر مصر.
وإذا كانت مصر في عصورها القديمة قد عرفت مشروعات لربط البحرين الأبيض والأحمر عبر النيل، فإن هذه المشروعات قد تجددت مرة أخرى بعد دخول العرب إلى مصر في القرن السابع الميلادي، ومصدرنا عن هذه المشروعات كتابات المؤرخين العرب، التي تتحدث عن الخليج الذي كان يعرف باسم خليج أمير المؤمنين، وتعود تلك الكتابات بأصول المشروع إلى قناة سيزوستريس التي تذكرها المصادر الإغريقية، وترجع المصادر العربية بهذا المشروع إلى فترة مبكرة جدًا في الحقبة العربية من تاريخ مصر، إلى عصر أول الولاة العرب عمرو بن العاص.
هذا وتحفل الروايات التاريخية العربية بكثير من الاضطراب فيما يتعلق بحفر القناة في عصور الحضارة المصرية القديمة، وربما أتى الاضطراب نتيجة انقطاع صلة المؤرخين العرب بالتراث المصري القديم، ورغم ما تحمله تلك الروايات من خلط بين الأساطير والخرافات والوقائع التاريخية فإنها روايات لا تخلو من دلالة على وجود هذه القناة وأهميتها في ربط مصر بجزيرة العرب تجاريًا منذ أقدم العصور، فماذا يقول تقي الدين المقريزي شيخ مؤرخي مصر في القرن الخامس عشر الميلادي عن هذه القناة؟
في خططه المعروفة ب"كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار" يتحدث المقريزي عن الخليج المسمى بخليج أمير المؤمنين نسبة إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فيقول: «هذا الخليج بظاهر القاهرة من جانبها الغربي فيما بينها وبين المقس».. والمقس منطقة تقع ما بين ميدان رمسيس وبولاق أبو العلا الآن، كانت بها إدارة جباية الرسوم الجمركية على البضائع الواردة للقاهرة، حيث كان ميناء بولاق يعد الميناء الشمالي للمدينة، وكلمة مقس أو مكس غير عربية تعني الضريبة وكانت تستخدم للرسوم الجمركية خاصة، ومن هنا يتكرر إطلاق اسم المكس على الأحياء المجاورة للموانئ، كما كانت كلمة مكس وجمعها مكوس تحمل معنى آخر له دلالة سلبية حيث يشير بها الناس في العصور الوسطى إلى الضرائب غير الشرعية.ونعود مرة أخرى لشيخنا المقريزي الذي قال عن الخليج: «عرف في أول الإسلام باسم خليج أمير المؤمنين، ويسميه العامة الخليج الحاكمي وخليج اللؤلؤة، وهو خليج قديم أول من حفره طوطيس بن ماليا أحد ملوك مصر الذين سكنوا مدينة منف، وهو الذي قدم ابراهيم الخليل صلوات الله عليه في أيامه إلى مصر، وأخذ منه امرأته سارة وأخدمها هاجر أم اسماعيل صلوات الله عليهما، فلما أخرجها ابراهيم هي وابنها اسماعيل إلى مكة بعثت إلى طوطيس تعرفه أنها بمكان جدب وتستسقيه، فأمر بحفر هذا الخليج وبعث إليها فيه بالسفن تحمل الحنطة وغيرها إلى جدة، فأحييا بلد الحجاز».
ومن المفترض أن ترجع وقائع تلك القصة إلى زمن يقابل عصر الدولة الوسطى في تاريخنا المصري القديم، الزمن الذي شهد وفود العديد من القبائل السامية من مناطق غرب آسيا إلى مصر، والتي تسجلها النقوش المصرية القديمة، خاصة نقوش مقابر بني حسن بالمنيا. ويسترسل المقريزي في تتبع تاريخ القناة في العصر الروماني فيقول: «ثم أن أندرومانوس الذي يعرف بإيليا أحد ملوك الرومان بعد الإسكندر بن فيلبس المقدوني جدد حفر هذا الخليج، وسارت فيه السفن، وذلك قبل الهجرة النبوية بنيف وأربعمائة عام» وينتقل بعد ذلك إلى مشروع تجديد القناة عقب دخول العرب إلى مصر قائلا: «ثم أن عمرو بن العاص رضي الله عنه جدد حفره لما فتح مصر، وأقام في حفره ستة أشهر وجرت فيه السفن تحمل الميرة إلى الحجاز، فسمي خليج أمير المؤمنين، فإنه هو الذي أشار بحفره، ولم تزل تجري فيه السفن من فسطاط مصر إلى مدينة القلزم (السويس الآن)، وكان يصب ماء النيل في البحر عند مدينة القلزم إلى أن أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بطمه في سنة خمسين ومائة، فطم وبقى منه ما هو موجود الآن»... ومن رواية المقريزي التي سعى فيها للتأصيل التاريخي لتلك القناة تبدو بوضوح محاولته للربط بين القناة التي حفرها ملك مصر لإمداد السيدة هاجر بالطعام وقناة أمير المؤمنين، فللقناتين نفس الهدف، إمداد الحجاز بقمح مصر وخيراتها، لكن الحقيقة أيضًا أن قناة أمير المؤمنين يفترض أن لها نفس دوافع قناة دارا الفارسي، أي ربط ولاية جديدة بمركز الإمبراطورية.
الغريب في الأمر أن مصر في عصر المقريزي، أي القرن الخامس عشر الميلادي وفي ظل حكم المماليك الجراكسة كانت مركزًا رئيسيًا لطرق التجارة العالمية، وكانت تجارتها الخارجية مزدهرة، بل كانت عوائد تجارة المرور تشكل المصدر الثاني لموارد الدولة بعد الزراعة، وكان هناك تحالف استراتيجي بين سلطنة المماليك وجمهورية البندقية أساسه مصالحهم التجارية المشتركة في السيطرة على تجارة العالم القديم، وكانت بقايا خليج أمير المؤمنين لا تزال موجودة، وتاريخ الخليج وفكرته معروفة، فلماذا لم تقم مصر المملوكية بمشروع لإعادة شق خليج أمير المؤمنين لتربط طرق التجارة بين الشرق والغرب، خاصة بعد أن بدأت الكشوف الجغرافية التي قام بها الأسبان والبرتغاليون تؤتي ثمارها في كشف طريق بحري مباشر إلى شرق آسيا بالدوران حول رأس الرجاء الصالح؟
المتتبع لمشروعات ربط النيل بالبحر الأحمر بقناة صناعية يكتشف أن الفكرة لم تغب عن المصريين منذ زمن الدولة الوسطى على الأقل، وأن هذه المشروعات أدت بطريق غير مباشر إلى ربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر معًا عبر النيل. لكن الغريب في الأمر، أنه بعد ردم خليج أمير المؤمنين في بدايات العصر العباسي لم تتكرر المحاولة مرة أخرى لإعادة حفر قناة جديدة، حتى في ظل عصور الاستقلال زمن الفاطميين والمماليك، رغم أهمية هذه القناة لمصر، والغريب في الأمر كذلك أن آخر من كتب عن هذه القناة المؤرخ تقي الدين المقريزي، الذي توفي قرب منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، والذي عاش في ظل حكم المماليك الجراكسة، كان معاصرًا للزمن الذي كانت مصر فيه مركزًا رئيسيًا لطرق التجارة العالمية.
فقد كانت تجارة مصر الخارجية مزدهرة حتى أواخر القرن الخامس عشر، وفي ذلك الزمن كانت عوائد تجارة المرور التي تعبر الأراضي المصرية تشكل المصدر الثاني لموارد الدولة بعد الزراعة، وتشكل مصدرًا مهمًا لموارد سلاطين المماليك الشخصية في ظل سياسة الاحتكار التي اتبعوها منذ عصر السلطان الأشرف برسباي، وكانت سلطنة المماليك في حلف استراتيجي مع جمهورية البندقية أقوى الدول التجارية في ذلك العصر، وقد قام هذا الحلف على أساس المصالح التجارية المشتركة ومواجهة التهديدات القادمة من الشرق ومن الغرب لمصالحهما المشتركة، فكان هناك العدو الواحد الذي بات يشكل تهديدًا لكلا الدولتين، أعني الدولة العثمانية الصاعدة، وكانت هناك من ناحية أخرى مهمة مواجهة طموح دول غرب أوروبا الصاعدة خاصة أسبانيا والبرتغال بكشوفهما الجغرافية الساعية للوصول إلى الشرق الأقصى عبر طريق بحري مباشر، يمكنهما من إنهاء الاحتكار المملوكي البندقي لتجارة الشرق.
كان هناك سؤال دائم: لقد كانت بقايا خليج أمير المؤمنين لا تزال موجودة ومعروفة لدى الناس باسم الخليج الحاكمي، وتاريخ الخليج وفكرته معروفة على الأقل لدى النخبة المحيطة بالسلطة، كما نستنتج من رواية المقريزي، فلماذا لم تقم مصر المملوكية عندما واجهت الأخطار الناجمة عن كشوف الأسبان والبرتغاليين البحرية، والتي كانت معروفة أيضًا لدولة المماليك كما يتبين ذلك من قراءة ابن إياس المصري مؤرخ عصر سقوط دولة المماليك، بالتفكير في مشروع لإعادة شق خليج أمير المؤمنين لتربط طرق التجارة بين الشرق والغرب، ولتحبط مشروعات البرتغاليين والأسبان؟
ولماذا لم تفكر جمهورية البندقية الحليف التجاري القوي حتى ذلك الوقت في ذلك المشروع؟
إن المصادر التاريخية المعاصرة لتلك الفترة سواء المصرية منها أو الإيطالية تشير إلى سعي جمهورية البندقية لمواجهة منافسة دول جنوب غرب أوروبا من خلال شرح الموقف الصعب الذي تتعرض له المصالح المشتركة للطرفين بسبب نجاح البرتغاليين والأسبان في الوصول إلى الهند والشرق الأقصى، والضغط على سلطنة المماليك في مصر لتخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على التجارة التي تمر عبر الموانئ المصرية، ومناشدتهم التخفيف من العوائق التي يواجهها تجار البندقية في مصر.

تلك العوائق كانت ناتجة عن الفساد والبيروقراطية، كذلك طالب البنادقة من سلطان مصر مخاطبة حكام الهند المسلمين ومناشدتهم عدم التعامل مع البرتغاليين والأسبان، وشرح مخاطر هذا التعامل على مستقبل الهند، وكنت أتصور دائمًا أن أيًا من المصريين أو البنادقة لم يفكر في الحل الحاسم المتمثل في إعادة استكمال شق القناة الواصلة بين النيل والبحر الأحمر ليتصل بذلك الطريق مباشرة بين موانئ إيطاليا والهند عبر مصر، ويفقد بذلك كشف فاسكو دا جاما لطريق رأس الرجاء الصالح قيمته وأهميته.
هل عجز المماليك والبنادقة عن الإمساك باللحظة التاريخية، ولم يفكروا في مواجهة الأخطار المحيطة بهما بأكثر الطرق مباشرة، بمشروع «ثوري» لربط البحرين الأبيض والأحمر، في أعلى لحظة احتياج لهذا المشروع؟
ظل هذا السؤال يلح على دارسي التاريخ لماذا لم يفعلوها أو حتى يفكروا فيها؟ روى الدكتور أحمد يوسف المهتم بتاريخ القناة قصة اكتشاف لوحة تثبت أن البنادقة عرضوا على السلطان الغوري فكرة شق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، يقول أحمد يوسف: «في سبتمبر عام 2000 طلبت إدارة شركة السويس الفرنسية العالمية ثالث أكبر شركة في صناعة الكهرباء والطاقة النووية في العالم، وهي شركة حفيدة للشركة العالمية لقناة السويس البحرية التي أممها جمال عبد الناصر في 26 يوليو 1956 مني ومن آخرين إبداء الرأي في لوحة ثمينة تعرضها شركة سوسبي العالمية للمزادات في لندن، تعود اللوحة لعام 1869 لفنان إيطالي اسمه جولين كالين 1830 1887، وكانت المفاجأة ان اللوحة تمثل تجارًا أو سفراء من فينسيا يقدمون لسلطان مصر خريطة توضح بعناية أن الإيطاليين يعرضون على مصر مشروعًا لربط البحر الابيض بالبحر الأحمر. فمن أين أتي كابلين بهذه الفكرة للوحاته التي رسمها ولا شك بمناسبة احتفالات افتتاح قناة السويس في نوفمبر 1869؟
عيون موسى لوحة للرسام ادوارد (( ريو))
تروي الوثائق الفينيسية أن مصر أرسلت بعثة استطلاعية إلى فينسيا 1506/1507 مكونة من 20 شخصية في مجالات العلم والتجارة والسياسة، وهو ما يرويه السفير مارينز سانود ومن المؤكد أن مشروع تحديث النقل البحري والبري عبر المتوسط ثم السويس على البحر الأحمر تم تداوله في هذه الزيارة، فقد أرسلت البندقية واحدا من سفرائها الأسطوريين إلى مصر وهو دومينيكو تريفيزانو عام 1512 لمقابلة السلطان الغوري وبحث مشروع حفر قناة تربط البحرين الأحمر بالمتوسط وهو ما يرويه تريفيزانو في مذكراته التي خصصها لرحلته في مصر والموجودة بالمكتبة الوطنية في باريس. يبدو إذًا ان الفنانين المصورين لديهم حاسة تاريخية حادة وهو ما جعل جوليو كارلين يرسم هذه اللوحة المرفقة ويمكن للقارئ أن يتخيل المذكرة التي رفعها لشركة السويس طالبا أن تشتري اللوحة بأي ثمن وهي اللوحة التي يجدها الزائر للمقر التاريخي لشركة السويس في قلب باريس اليوم». إلى هنا ينتهي كلام الدكتور أحمد يوسف.
أسئلة افتراضية
وهنا يطرح سؤال رئيسي، ماذا لو فعلها المصريون والبنادقة يومها؟ كانت إجابات اساتذة التاريخ دومًا: إن مثل هذه الأسئلة غير واردة في دراسة التاريخ، فالتاريخ بمفهومه التقليدي لا يعرف سؤال ماذا لو كان؟ التاريخ دراسة ما كان بالفعل فقط، وليس دراسة ما كان يمكن أن يحدث!
لكن لعبة السيناريوهات الوهمية والأسئلة الافتراضية في التاريخ لعبة ممتعة، لا يمكن مقاومتها. لنفكر معا لماذا لم يقم المماليك والبنادقة بمثل ذلك المشروع؟ ربما كان ذلك بسبب الغزو العثماني للشام ومصر الذي أنهى دولة المماليك تمامًا بعد أقل من خمس سنوات على طرح الفكرة، لكن الحقيقة أن السنوات الخمس لم تشهد أي شروع جدي في تنفيذ الفكرة وتحويلها إلى واقع. أو ربما يرجع إلى الأزمة السكانية التي كانت تعيشها مصر، فقد فقدت البلاد أكثر من نصف سكانها في سلسلة من الأوبئة والمجاعات منذ الفناء الكبير في أواخر عصر دولة المماليك البحرية لم تعد هناك أيد عاملة تكفي لزراعة الأرض، فما بالنا بحفر قناة مات في حفرها بعد أربعة قرون عشرات الآلاف، وربما يرجع إلى ضعف الإمكانيات المالية للدولة، وربما يرجع إلى أن الدولة كانت تعيش أزمة النهاية التي فقدت فيها طاقاتها الإبداعية ومثل هذا المشروع كان يحتاج لعقلية مغامرة لا تمتلكها دولة شاخت وهرمت، وما ينطبق على دولة المماليك ربما ينطبق بدرجة أو بأخرى على جمهورية البندقية، التي سرعان ما زال مجدها بعد سقوط دولة المماليك بفترة ليست بالكبيرة. لنطلق لخيالنا العنان ونتصور مصير العالم لو أنهم فعلوا ذلك، حقًا لو فعلوها لتغير تاريخ مصر والمنطقة العربية بل وربما تاريخ العالم! لكن التاريخ لا يعرف كلمة لو، التي «تفتح عمل الشيطان» حسب المأثور الديني، والتي هي «حرف شعلقه في الجو» حسب المأثور الشعبي.
كتاب : قناة السويس
التاريخ والمصير والوعد
تقديم : الاستاذ محمد حسنين هيكل
المحرر : أحمد السيد النجار
الناشر : مؤسسة الأهرام
تاريخ النشر: أغسطس 2015



ملخص الحلقة السابقة
تناولت مشروع القناة الجديدة باعتبارها من المشروعات الكبرى أو العظمى في تاريخ مصر، والذي يمكن أن يدشن ملامحه مختلفة لمستقبل البلاد، بإعطاء دفعة قوية للاقتصاد المصري عبر خلق فرص عمل وتأسيس مشروعات صناعية وخدمية، واستقطاب الاستثمارات الصناعية من مناطق مختلفة من العالم، ومضاعفة تمرير السفن ذات الحمولات العملاقة بما يتيح تحقيق زيادة كبيرة في إيرادات المرور، وفي حصة القناة من التجارة العالمية، على نحو يؤدي إلى مواجهة التهديدات المحتملة التي كانت تواجهها القناة سواء كان التهديد الإسرائيلي أو المسار التنافسي الروسي. وأخيرا، سلطت الحلقة الضوء على خيارات التمويل والتنمية لمشروع القناة الجديد، سواء تمثلت في الاستثمار المحلي للمستثمرين المصريين المقيمين أو العاملين بالخارج، أو بالمشاركة المباشرة مع مستثمرين عرب أو أجانب، مع عرض لنماذج من المشروعات. وتختتم الحلقة باستخلاص مفاده أن القناة يمكن أن تكون بوابة حقيقية لمستقبل اقتصادي يليق بقيمة وقامة مصر.

الحلقة المقبلة
«نبض شعب: قناة السويس.. الحلم والتاريخ والمشروع»
لقد كان الوجود العسكري البريطاني حول قناة السويس بدعوى تأمينها أمرًا مرفوضًا من المصريين الذين رأوا دائمًا محقين في ذلك أنهم قادرون على حماية القناة والدفاع عنها، وكان المطلب المشروع الذي رفعته الحركة الوطنية في مصر: «أن تكون القناة لمصر لا أن تكون مصر للقناة»، الأمر الذي لم يتحقق إلا يوم التأميم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.