بفيلم واحد جعل المخرج هانى خليفة من اسمه علامة، فنجاح «سهر الليالى» الكبير وقت عرضه فى عام 2003، كان أحد الأسباب التى جعلته متخوفا من دخول تجارب جديدة أو كما يقال يبدو أن النجاح الكبير يعقبه خوف كبير، وبعد 12 عاما من الابتعاد عاد هانى خليفة بفيلم «سكر مر» الذى كتبه المؤلف الشاب محمد عبد المعطى ولعب بطولته احمد الفيشاوى وهيثم زكى وشيرى عادل وسارة شاهين وامينة خليل وناهد السباعى، وتغوص أحداثه فى كثير من الحكايات والقضايا التى يتعرض لها الشباب من علاقات عاطفية زائفة ومتشابكة ومتقاطعة، مع كشف حاله اللخبطة التى مر بها شباب المدن الكبرى خلال السنوات الأخيرة وتأثير وانعكاس اللخبطة السياسية عليهم.التقينا المخرج هانى خليفة وسألناه عن فترة الابتعاد وقرار العودة واتجاهه للتمثيل ورأيه فى مشاكله مع الرقابة وموقفها من الفيلم ؟ فى البداية توقف البعض عند استخدام مصطلح مخرج فيلم «سهر الليالى» كدعاية لفيلم «سكر مر» كيف رأيت ذلك؟ هذا نوع من الترويج الإعلانى وربما يكون محاولة للفت الانتباه وانا لم اكن « حابب» نوع الدعاية دى فالفيلمان لى «سهر الليالى» وسكر مر، وسبب تخوفى أن مثل هذه الدعاية ستخلق فكرة المقارنة بين الفيلمين ومن المؤكد ان محمد عبد المعطى كتب سيناريو محكما واعجبت بطريقة الحكى الجدية والجذابة، فهو اختار 5 سنوات ما حدث فيهما من لحظات متناقضة والعلاقات السريعه وزمن هذه العلاقات استمر سنوات، ولهذا فهو يختلف تماما عن سهر الليالى فهذا زمن غير الزمن واجيال غير الاجيال ومشاكل غير المشاكل والثنائيات هنا مفككة ومتناقضة وبها مشاكل وتعقيدات اعتقد انها ملموسة وربما معينة ولكنها موجودة. السؤال التقليدى الذى يردده الجميع لماذا ابتعدت 12 عاما ولكن اسألك هل نجاح سهر الليالى سبب لك أزمة الابتعاد والخوف ؟ النجاح أزمة وأيضا الفشل أزمة، وممكن يكون الابتعاد ليس له علاقة بشىء الا بطبيعتى الشخصية فأنا أحب التأني، أنا تخرجت فى عام 1993 واخرجت أول فيلم سهر الليالى فى 2003 فقد أخدت عشر سنوات حتى اقدم أول فيلم وعلى فكرة «سهر الليالي» ليس أول سيناريو ولكن كانت هناك أفكار أخرى وعملت على إنجازها ولم تتحقق، وهذا استمر نحو 5 سنوات لاننى توقفت عن عملى كمساعد اخراج بعد فيلم «ارض الخوف»، واخدت فترة تفكير وتأن، انا استاذى المخرج الكبير داود عبدالسيد وكان دائما يقول لا تقدم اى عمل لمجرد إضافة «رتبة» المخرج قبل اسمك ، عندما تختار عملا لابد ان تضيف شيئا فكنت ابحث عن عمل احس به واحاول اسعاد الناس، وفى سكر مر بذلنا فيه مجهود ولم ادخر ذرة من الجهد والاخلاص ليخرج بافضل صورة واتمنى ان يصل للناس ويحقق رد فعل إيجابي. الفيلم أظهر حالة «اللخبطة» التى اصابت المجتمع وتحولات من تدين الى لا تدين، والعكس ومن عدم التزام الى التزام تحت مسمى شرعى فهو شخصيات شبه الاحداث التى مرت بها مصر فى اخر 5 سنوات؟ السيناريو لفلت انتباهى لاننى رأيت الشخصيات تشبه الاحداث، وفعلا الاحداث التى مرت بها مصر عملت نوعا من التوتر والفزع ، كانت هناك اشياء كبرى تحدث، ولكن اقصد التركيز على إظهار شخصيات او متناقضات بعينها فهذا حدث فعلا ، فالتغير الذى حدث للشخصيات حدث بلا مقدمات ومن غير دوافع درامية، المهم ان الفيلم فيه حركة وتحول فى المجتمع لا احد ينكرها ،اما عن الربط السياسى الذى تواكب مع الاحداث كنا نستخدمه كخلفية وعلامة زمنية للاحداث التى تعترض الشخصيات فى علاقتها العاطفية، فالسياسة هنا هى جزء توثيقى للحالة العاطفية وكيف كانت حالة الناس فى هذه الفترة. اقتربت من رصد الواقع؟ هو فيلم اجتماعى واقعى وليس تسجيليا وهل عدد الشخصيات اعطى للفيلم بعدا أوسع ونظرة شمولية؟ 10 شخصيات فى الفيلم يعنى اننا نرصد حالة عامة وليس نظرة فردية أو ثنائية، فانا احكى عن حياة كل الظروف وليس عن فرد واحد هناك اشياء تحدث فى المجتمع ونطلق عليها حاله عامة، و «سكر مر» اعتقد انه نجح فى اظهار وكشف الإخفاقات والعلاقات وكيف نفكر فى الماضى، والامل فى غدا أفضل فهناك ناس تتصالح مع نفسها وناس تتمرد وناس متوازنة واخرون يعيشون بالامل فمهما مر بك من مكاسب وخسائر واخفاقات دائما فيه امل ولابد أن نحاول ونسعى لنكون أفضل. فى سنوات اللخبطة كيف كنت تنظر للفن ؟ الفنون لرفاهية الشعوب ولإحداث نوع من التأمل والبهجة وتنشأ فى مجتمعات متقدمة ، وعندما مررنا بالاحداث ومر العالم باحداث كبرى قلت الفن « مالهوش» لازمة، فكيف نتسلى وسط الصراع والصخب والتناحر، فعلا ساعتها بدأت اشك فى حسابات القيمة، ولكن هذا لاينفى وجود محاولات فردية، انما لايمكن ان تقوم صناعة سينما فى دول فيها تناحر ودول فيها حرب اهلية، الفن متعة وتسلية ولا وجود له ولا تأثير الا فى الاستقرار. فيلم «سكر مر» ليس به شيء يجعل الرقابة تضعه تحت الاشراف العائلى وانا تعمدت أن يظهر الفيلم بتشويه الرقابة وحذفهم لكلمة متدوالة فى الشارع لكى اقول اننا نعيش فى حالة تشويه لكل شيء. هل انت راض عن سكر مر؟ علاقة الناس بالفيلم هو الشيء الذى انتظره ، قدمت فيلما بحب واخلاص ومكمل والحياة تستحق ان نعيشها وانصح كل انسان واقول اعمل ما تحب بلا تشوية ولا تشويش وابتعد عن الخوف لتنجح انظر للمستقبل فالحياة تستحق ان نعيشها.