يعتبر موسم عيد الفطر من أقصر مواسم السينما المصرية، وأغزرها إيرادات، الذى تميز خلال السنوات الأخيرة بسيطرة أفلام الكوميديا عليه، واعتماده على الأفلام الخفيفة، إلا أن الموسم الحالى يشهد تنوعاً فى نوعيات الأفلام المطروحة، لتتحول الكوميديا للطرف الأضعف فى المعادلة، مع تنافس 5 أفلام ليس من بينها إلا فيلما «نوم التلات» لهانى رمزى، و«حياتى مبهدله» لمحمد سعد، اللذان لم يتصدرا المراكز الأولى كعادة أفلام الكوميديا فى هذا الموسم، بل كانت الصدارة لأفلام الحركة الذى يندرج تحتها فيلما «شد أجزاء» لمحمد رمضان، و«ولاد رزق» لأحمد عز والمخرج طارق العريان، فى الوقت نفسه يحلق فيلم «سكر مر» خارج السرب، الذى يمثل عودة حميدة للمخرج هانى خليفة، بعد غياب 12 عاماً، منذ فيلمه الأول «سهر الليالى»، بفيلم اجتماعى يراه البعض غير مناسب لطبيعة موسم عيد الفطر الذى تغيرت ملامحه، فبعد أن كانت «عيدية» الجمهور تذهب لصناع الضحك، تحولت إيرادات العيد لصناع أفلام «الأكشن». يقول الناقد نادر عدلى إن فيلم «سكر مر» للمخرج هانى خليفة يُعد تنويعة جديدة ومختلفة تماماً عن فيلم «سهر الليالى»، حيث يتناول الفيلم مجموعة من العلاقات تتنوع بين الحب والصداقة بين فتيات ورجال، وهو ما يختلف عن التجربة السابقة فى تكنيك العرض والمعالجة، فيعتمد على مسار يتنوع بين «الفلاش باك» فى السنوات الأخيرة من خلال ليلة رأس السنة، وتابع «عدلى» فى حديثه ل«الوطن»: «يعتمد الفيلم معالجة فنية جديدة وأسلوباً متميزاً فى اختيار زوايا الموضوع، والديكورات وأداء الممثلين، مما حقق نوعاً من التكامل بين العناصر المختلفة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على علاقات مجتمعية تبدو مشوهة إلى حد كبير بسبب الوضع السياسى للبلد الذى يميل إلى عدم الاستقرار، كما خلقت البطولة الجماعية نوعاً من الثراء الفنى فى توليفة جمعت بين ممثلين جدد وآخرين قدامى ووجوه جديدة كانت على مستوى كبير من التميز فى تجربة ناجحة على المستوى الفنى». وفى نفس السياق يرى الناقد الفنى طارق الشناوى أن فيلم «سكر مر» يُعتبر حالة إبداعية مختلفة على مستوى السيناريو والإخراج فى موسم عيد الفطر، فالكاتب محمد عبدالمعطى استطاع أن يقدم حبكة درامية عالية، والمخرج هانى خليفة خلق جواً عاماً وتفاصيل الانتقال بالزمن بمنطقية وسلاسة شديدة بعد أن درس الشخصيات، ويُعد الفيلم خطوة موفقة للمخرج بعد ابتعاد عن السينما دام 12 عاماً بعد «سهر الليالى»، وأشار الشناوى إلى أن توقيت عرض الفيلم ظالم له، خاصة أن فترة الأعياد جمهورها السينمائى يتمتع بخصوصيات معينة، ومنها ما يؤكد أن الفيلم سيحظى بالمشاهدة التى يستحقها بعد إجازة الأعياد. وتابع «الشناوى» خلال حديثه ل«الوطن»: «تحول محمد رمضان فى فيلم شد أجزاء من البلطجى إلى الضابط البلطجى فى دور قريب إلى عبده موتة، ولكن نحن بصدد نجم جماهيرى من الطراز الأول، فبالرغم من أن الفيلم يُعد توليفة تقليدية إلى حد كبير وتم تقديمها أكثر من مرة فإن سر نجاحها يتمثل فى محمد رمضان، فهو للعام الرابع على التوالى يكتسح شاشات العرض السينمائى ليستحق لقب نجم الجماهير الأول فى هذا الجيل من خلال عدد من العناصر منها لياقة بدنية عالية وكاريزما فنية، أما على المستوى الفنى فقدم المخرج حسن المنياوى تجربة أفضل من خلال مسلسل عد تنازلى». وعلق «الشناوى» على فيلم «ولاد رزق» للفنان أحمد عز والمخرج طارق العريان قائلاً: «أسمع جعجعة ولا أرى طحناً»، موضحاً: «اعتمد الفيلم على جميع العناصر التى تضمن للفيلم نجاحاً تجارياً من خلال تنوع الشخصيات، ضرب، جنس ومخدرات، وقدم المخرج كل ما يمكن تقديمه على المستوى التجارى إلا أن الفيلم خرج فى النهاية بشكل متواضع فنياً، خاصة بعد أن أصبح أحمد عز غير قادر على الجذب بعد فقدانه جاذبيته الفنية، وهو شىء غير متعلق بأزمته الراهنة مع الفنانة زينة كما يتخيل». وفى الوقت نفسه يرى «الشناوى» أن فيلم «حياتى مبهدلة» للفنان محمد سعد ما هو إلا جزء ثان من فيلم «تتح»، فأصبحت شخصياته من المحفوظات العامة دون تجديد أو ابتكار، وأن حالة التردى التى وصل لها هانى رمزى من خلال فيلم «نوم التلات» هى التى أنقذت محمد سعد من أن يصبح فى ذيل القائمة بعد فشل المنافس الأول له. وعلى الجانب الآخر ترى الناقدة ماجدة خير الله أن اختيار جودة الأفلام يعتمد بشكل أساسى على المخرج، حيث إن المخرج الجيد يضمن وجود الحد الأدنى من الاحتراف والأدوات الفنية والتمثيلية، مشيرة إلى رفضها التام لفيلمى «حياتى مبهدلة» للفنان محمد سعد و«نوم التلات» للفنان هانى رمزى نظراً للتردى الواضح فى مستواهما الفنى، وتابعت «ماجدة» حديثها ل«الوطن» قائلة: «سكر مر» يُعد تجربة جديدة للمخرج هانى خليفة رصد من خلالها عدداً مهماً من القضايا الاجتماعية والإنسانية الخاصة بين الرجل والمرأة فى المجتمع الشرقى بشكل عام من خلال طرح أكبر عدد ممكن من العلاقات المتنوعة بين الحب والصداقة والزواج فى سياق حديث وشريحة اجتماعية لا تعانى من مشاكل الفقر، وبالرغم من عدم التشابه مع «سهر الليالى» فإننى لم أستطع إبعاد ذهنى عن التفكير فيه، خاصة أن الأجواء قد تكون مشابهة، ونجح المخرج والكاتب من خلال الفيلم فى خلق مساحات واسعة للشخصيات، ولعل من أبرز المشكلات التى طرحها الفيلم أزمة الطلاق لدى زوجين مسيحيين والتطرق إلى صعوبة الحصول على الطلاق فى الإطار الدينى، وبشكل عام يُعد الفيلم عودة مميزة لهانى خليفة، وتناولاً مختلفاً قدمه الكاتب للعلاقات العاطفية والإنسانية من منظور جديد. وفيما يتعلق بفيلم «ولاد رزق» تقول ماجدة خير الله إن «المخرج طارق العريان قدم مستوى جديداً من خلال الفيلم يكاد يكون الأفضل منذ فيلم تيتو، خاصة أن الفيلم قدم مساحات كبيرة للشخصيات ظهرت من خلالها إمكانيات وأدوات تمثيلية كبيرة، فالفيلم لم يكن ملك أحمد عز فى ظل وجود مساحات تمثيلية مهمة ومتساوية، مثل أحمد الفيشاوى الذى قدم دوراً جيداً والفنان محمد ممدوح، وأحمد داود، بالإضافة إلى الفنان سيد رجب، فجميعها كانت أدواراً مهاممة ومؤثرة فى السياق الدرامى للفيلم ومتميزة على الجانب الفنى». نادر عدلى: «سكر مر» تجربة جديدة تنقل تشوهات اجتماعية