تفجير مقر القنصلية الإيطالية بالقاهرة الذى تم السبت قبل الماضى وإعلان داعش - " تنظيم " الدولة الاسلامية " - مسئوليتها عنه فى بيان تفصيلى على النت يجعلنا نفكر مليا فيه. فقد تعودنا من سياسة داعش التى تحرص دائما على بث العنف والارهاب أنها تستهدف رجال الشرطة والجيش والقضاء واحيانا مصالح بعض رجال الاعمال، وان كان يؤدى هذا التفجير بأرواح ابرياء لاذنب لهم اثناء تواجدهم بموقع الانفجار، الا ان التفكير بأمر تفجير القنصلية الايطالية فى القاهرة يؤكد لنا أن الجماعة الاسلامية باتت تتخذ نهجا جديدا فى سياستها داخل مصر، الا وهو استهداف المصالح الأجنبية في إطار تصميمها على الوصول بضرباتها إلى عمق العاصمة. الغريب الذى استوقفنا عند سماع الخبر هو استهداف مقر القنصلية الايطالية الكائن بوسط البلد دون غيره من السفارات والقنصليات التى عليها حراسات مشددة ، فالمقر فى حد ذاته قديم وشبه مهجور ليس به من الأجانب ما يتعدى على اصابع اليد ويقوم بحراسته حوالى 4 أفراد من الامن، فما الفائدة من تفجيره إذا ! ،علاوة على انه تم يوم السبت الذى يكون عطلة رسمية فى الدولة وصحيح أنه تم مبكرا وهذا عادى فقد تعودنا منهم ان تكون الانفجارات داخل القاهرة فى أوقات يكثر فيها الازدحام ، فى الصباح الباكر أوفى العاشرة صباحا مثل التفجير الذى تم امام وزارة الخارجية أو تفجير النائب العام هشام بركات وغيرها من التفجيرات التى لاتراعى حرمة ولادين . صحيح ان تفجير القنصلية والحمد لله لم ينتج عنه خسائر فى الارواح الا حسب ما ذكر بيانهم مقتل شخص واحد وهوعكس مفهومنا عن التنظيم الذى يستهدف زهق العديد من الارواح وكونه يتم فى يوم أجازة داخل العاصمة هو نظام جديد لم نتعوده من التنظيم بعد ، لكنى أكرر لماذا هذا المبنى القديم للقنصلية الايطالية بالذات رغما عن وجود مبنى أخر جديد لها ورغما عن انتشار السفارات والقنصليات المختلفة فى مصر. ربما يكون ذلك ردا سياسيا من داعش على ايطاليا حيث اعلنت الاخيرة عن استعدادها للتدخل في ليبيا لمواجهة "تنظيم الدولة" الذى نجح فى السيطرة على مدينة "سرت"، وباتت على بعد مئات الأميال من السواحل الإيطالية، وخرجت وقتها روبرتا بينوتي وزيرة الدفاع الايطالية لتصرح بأن إيطاليا مستعدة لإرسال آلاف الرجال إلى ليبيا، وتولي قيادة ائتلاف يضم دولا أوروبية وأخرى من المنطقة للتصدي لتقدم التنظيم في ليبيا، وهذا ما جعل بعض أعضاء التنظيم يُعلنون أن استهداف القنصلية الإيطالية رسالة تحذير للحكومة الإيطالية من التدخل العسكري في ليبيا؛ حيث أوضح التنظيم في تغريدة له على إحدى صفحاته بتويتر: أن عملية القاهرة تحذير لروما التي تقوم بتحركات مشبوهة لإقناع دول أوروبية بالتدخل العسكري في طرابلس. واطرح هنا تساؤلا هل هو نوع جديد من العنف تنتهجه الجماعات الاسلامية فى مصر ، فبعد عزل الرئيس مرسى فى يوليو 2013 اقتصرت العمليات الإرهابية على استهداف رجال الجيش والشرطة، والمؤسسات الحكومية والمرافق العامة خاصة أبراج الكهرباء، لكنها المرة الأولى التي يستهدف من خلالها التنظيم تفجير مقر دبلوماسي تابع لدولة أجنبية فى مصر . وهذه الدولة هى ايطاليا الى تعد أبرز حلفاء مصر فى اوروبا . هل يستهدف التنظيم بفعلته الشنعاء هذه إثارة حالة من الذعر والخوف داخل قلوب الحكومات الاجنبية خوفا على رعاياهم فى مصر ولاثبات ان مصر ليست بلد الامن والامان والاستقرار مما يشوه صورتها فى الخارج من خلال وسائل الاعلام الاجنبية المساندة لهم ويضرب بالتالى مصالحها فى مقتل واذا كان الامر كذلك فعلى الحكومة المصرية زيادة تشديد الاجراءات الامنية على السفارات والقنصليات الاجنبية لتفويت الفرصة عليهم حرصا على مصالح مصر فى الخارج. لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى