شرع الإسلام الولاية علي اليتيم من الناحية النفسية والمالية, وأرشد الولي إلي فعل ما فيه الخير والصلاح له في حاضره ومستقبله, فأوجب عليه أن يبذل كل ما في وسعه لإصلاح ماله ونفسه, فيصلح نفسه بالتعليم والتربية والعطف و الحنان, ويحفظ ماله بالحفظ والتنمية, وفي ذلك يقول الله تعالي: وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا.. ويري الدكتور الأحمدي أبو النور عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن منح الأيتام كافة الصلاحيات للتصرف في أموالهم له ضوابط وشروط منها أن نختبر عقولهم ومعرفتهم بالتصرف وبعد أن نتبين مدي رشدهم نرد إليهم أموالهم من غير تأخير أو نقص, ووسيلتنا في هذا أن نستثمر أموالهم ونكون أمناء عليها, دون أن نطمع فيها بالإنفاق أو نسيء إنفاقها فتتبدد قبل أن يأخذوها, ويضيف أبو النور قائلا: إن اليتيم وديعة عند الوصي عليه, فإذا احتاج الوصي إلي بعض هذا المال فإنما يأخذ من الاستثمار دون أن يأخذ من رأس المال, ولنعامل اليتيم كما لو كان ابنا لنا دون أن ننتهزها فرصة ونطمع في ماله, وقد حذر الله الأوصياء علي أموال اليتامي وذلك في قوله تعالي وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا, ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( إنك إن تترك ورثتك أغنياء خيرا من أن تذرهم عالة يتكففون الناس), ويضيف بأن علي المجتمع أن يرقب الله في مال اليتيم يزيده ولا ينقصه يستثمره ولا يبدده, وأن يعني بتربيته وأن يتقي الله في الإنفاق والمنهج في هذا قوله تعالي:.. ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف, وهذا المنهج ينفع الحاكم علي رعيته, كما كان يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة والي اليتيم إن استغنيت استعففت وان افتقرت أكلت بالمعروف وإذا أيسرت قضيت, أي أن يكون ذلك منهج المسلم في حياته كلها. من جانبه يؤكد الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أهمية المعاملة الحسنة لليتيم, ويقول الله عز وجل في حديثه القدسي:( إذا سمع بكاء يتيم يقول: يا جبريل انزل الأرض وأعلم من أبكي يتيما غيبت عنه أباه وكل من يفرحه له مكان في الجنة), ويضيف بأن الله حذر من أكل أموال اليتامي ظلما, فيقول تعالي: إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا وهذه الآية نزلت في رجل ولي مالا لأخيه وهو صغير فأكله باطلا وكان بذلك من الظالمين, وقد أوحي الله إلي النبي داود عليه السلام:( يا داود كن لليتيم رحيما وكن للأرملة كالزوج الشفيق, واعلم إنك كما تزرع تحصد), أي كما تفعل يفعل معك, إذ لا بد أن تموت ويبقي لك ولد يتيم وأرملة, وقد جاءت أحاديث نبوية كثيرة تنذر في التشديد في أموال اليتامي وتحذر الناس عن هذه الفاحشة الوخيمة المهلكة, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( اجتنبوا السبعة موبقات, قالوا: يا رسول الله وما همي؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم). ويضيف الدكتور علوي أمين إنه يجب مراجعة القوانين المتعلقة باليتيم فورا وتصحيحها, فما يسمي بالمجلس الحسبي الذي توضع فيه أموال اليتامي هو كارثة بكل المقاييس, لأنه لا يقوم بتنميتها ولا يعطيها للوصي لينميها ويستثمرها, بل يحفظها عنده كما هي, ولك أن تتخيل أن يتيما ورث مبلغا معينا من المال وبعد عشرين عاما أخذه كما هو فهل ستصير له قيمة بعد مرور كل تلك السنوات,كما يدعو المؤسسات والجمعيات الخيرية إلي المزيد من الاهتمام باليتيم. ويدعو أصحاب المال إلي كفالة الأيتام والاهتمام بهم.